لكل من الزوجين المصممين أحمد المرشدي وسالي نجم، جزء يربطهما بالتصميم منذ الطفولة، فأحمد يمتلك عينين حادتين، تمعنان بالتفاصيل، وتغوصان في الخطوط الهندسية والأفكار الإبداعية، بينما سالي، كما أخبرها المحيطون بها، ولدت فنانة، تدور طفولتها حول الجمع بين رسومات البنايات واختيار الألوان، ثم انتقل الحلم الخيالي لهذين الطفلين إلى مستوى أكثر نضجاً عندما التقينا للمرة الأولى في كلية الهندسة بمصر، فخاضا التدريبات والأنشطة المشتركة في فن الهندسة. «سيدتي» التقت المصممين الشابين أحمد وسالي، اللذين ترعرعا في حي قاهري، تتناغم مبانيه القديمة بنقشاتها التراثية، مع المباني المشيدة حديثاً في مزيج أثّر في ميولهما الفنية في سن مبكرة، ثم تخرجا واستقرا في دبي، وافتتحا استديو Peristylia في حي دبي للتصميم.
بالنسبة إلى أحمد، كانت زيارة المتاحف القديمة والمعابد ذات الطراز الفرعوني، هي أعجوبة حياته، فطالما تساءل عن كيفية بناء هذه الفن، في زمن الغياب التقني الذي نعيشه نحن في عصرنا، وهذا ما أجج أفكاره بحثاً عن سر هذا التفوق المعماري الساحر.
أما سالي، المؤسسة والمديرة الإبداعية، فكانت مغرمة بالمباني التراثية والأماكن التي تم تجديدها لتكون مناطق جذب للسياحة، تراقب مزيج الألوان بين الجدران والأثاث والأسقف العالية والأنماط الغنية واللوحات الجذابة على المعابد التي تناقل الأجيال عمق ثقافتها وجمالياتها.
مظلة البساطة الأنيقة
المزاج الانتقائي هو الذي يعطي أحمد وسالي مصدر قوتهما، فهما يفضلان التصميمات المعاصرة مع لمسة فاخرة تراثية وأصيلة، بشكل يجعل حياة العميل أكثر سهولة وتواصلاً مع ثقافات العالم، يتابع أحمد: «نجمع في تصاميمنا بين الزخارف المصرية، والإيحاءات الإماراتية، وطرق النحت الآسيوية، نحن نترجم هذا الجمال الثقافي المشترك في مساحات فاخرة وأصيلة، تتناسب مع نمط حياة الإنسان المعاصر».
هنا علّقت سالي: «إضافة إلى جمعنا بين الثقافات، فإن الأصالة والتفرد هما من شروط استديو Peristylia للتصميم، الذي يستهدف المشاريع الراقية، التي يقدرها الإنسان، الذي يحب العيش بفخامة.. كما أن التصميم الفاخر لا يتعارض مع صنع الجمال، ونحن نستند إلى الأسلوب المفاهيمي، الذي يحلل حاجات المشروع ووظائفه وميزانيته، لتخرج تصاميمنا من مظلة البساطة الأنيقة الخاصة بنا».
من عالم الديكور نقترح عليك قراءة اللقاء مع المهندس سام سعادة: الإضاءة تترجم طابع المشروع وجوّه
احترام هوية المصمم
يأخذ الأثاث الداخلي حيزاً واسعاً من تصاميم أحمد وسالي، وهذا يشمل الأثاث والسجاد والستائر. وهما يديران في Peristylia مصنع أثاث منزلي يتعاملان فيه مع معظم موردي المواد الفاخرة، مثل الخشب والمنسوجات، خاصة إيطاليا وتركيا والمملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة. يستدرك أحمد: «قطعنا حصرية ومصممة خصيصاً لنا، كما نختار حرفيينا بحكمة بالغة، ونتمتع باتصال قوي مع الطبيعة؛ لأن معظم الألوان التي نستخدمها، مستوحاة من البيئة المحيطة التي تعكس بقوة اللون الترابي والرملي، وهي مستدامة وخالدة، يمكن أن تتناسب مع الفترات الزمنية المتلاحقة؛ حيث يمكن تغيير كل تصميم بإضافة لمسات جمالية مختلفة.. يمكن أن تكون في أريكة زرقاء جذابة، أو وسادة حمراء، أو سجادة خضراء، أو ثريا برتقالية زاهية، بهذا، سيكون التصميم أكثر ذكاءً، ويحترم هوية المصمم في الوقت نفسه».
أحمد المرشدي: أفكارنا تتيح للناس غلق الأماكن المفتوحة شتاء أثناء حرارة الصيف
قصص الكثبان الرملية
تعدّ الإضاءة من أقوى العناصر في إبداعات المصممين أحمد وسالي؛ حيث يمكن، برأيهما، للقطع الزخرفية مثل الثريات والشمعدانات ومصابيح الطاولة أن تأخذ المشروع إلى مستوى آخر، من خلال بناء قصة وراء كل مشروع وإنشاء مفاهيم فريدة، تعلّق سالي: «نحب ربط بعض القطع المميزة بهذه القصة. وذلك من خلال جعل الإضاءة كبيرة الحجم جاذبة للعين، وعادة ما نستلهم قطعها من الكثبان الرملية، والطبيعة الإماراتية، والأحجار الكريمة، وأي مصدر يمكن أن يؤثر في التفاعل مع المساحات، وبما أن الروح والتباين والنسب هي أساس تصاميمنا، فكل عنصر تصميمي يحقق تلك الأسس الثلاثة؛ حيث تعد اللوحات والمنحوتات الجدارية مصدراً للأساسات الثلاثة إذا تم اختيارها جيداً. فهم يضيفون القصة الرئيسية لهوية التصميم، سواء كانت شرقية، أو معاصرة، أو تتبع الخط التجريدي.. كل هذه الأنماط يمكن أن تلوح بإحساس التصميم وأجوائه».
حلول واقعية
معظم القطع الفنية التي يقرر المصممان اقتناءها، لتحيي أفكار تصاميمهما، مصنوعة يدوياً بواسطة فنانين موهوبين محليين أو من جميع أنحاء العالم، كما تبرز في مشاريعهم قطع نادرة يقتنيها العملاء، تمحورت فكرة التصميم عليها، يتابع أحمد: «نحن منفتحون على إلهامات جميع الثقافات، وهذا ما يضيف إلى فريقنا أفكاراً وتحديات جديدة كل يوم، وقد نختلف أحياناً في طرحها، لكن ما نستقر عليه لا يخرج عن طابع Peristylia التصميمي؛ حيث يتمثل الجزء الأكبر من التحدي في تحليل حاجات العميل وتطبيقها على أرض الواقع. وعلى الرغم من أن المساحات قد تكون أضيق من الحاجات، ولكننا تعودنا إيجاد حلول واقعية في المساحات لا تخلو من الإبداع».
يعد العمل بأسقف عالية أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها ويتعامل معها المصممان دائماً، فهي تتطلب نسباً مناسبة من التصميم للارتقاء بالمظهر الكبير، وتصميم الإضاءة التفصيلي، وطرق الألوان الخاصة لملء المساحات بعناصر غير عادية، مثل الثريا الضخمة.
تابعي اللقاء الخاص مع المصممة كارن شكرجيان: الفنون والحرف كانت منقذة لي
خلق التناغم
عند سؤالهما عن نسبة إبداعات النساء في شركة التصميم، مقارنة بالرجال، اتفق المصممان على أن المبدعات في شركات التصميم الداخلي مشهورات بأذواقهن المتطورة، وهن أكثر دقة في اختيار الألوان والتفاصيل وربط أحاسيسهن بالتصميم نفسه، إنهن حريصات أكثر على الجزء العاطفي من المشروع الذي يعكس روح المساحات.
تستدرك سالي: «لا أستطيع أن أقول إن الإناث يبدعن أكثر من الرجال، لكنهن يمتلكن سحراً خاصاً في بعض الأدوار التي لا يمكن تحقيقها بأفضل طريقة من دونهن. وقد يتفوقن في اختيار المفروشات، وتصميم الإكسسوارات، واختيار المواد الأولية مثل المنسوجات. نحن بصفتنا إناث قادرات على خلق تناغم فريد بين الألوان والقوام، وبداياتنا بصفتنا فتيات صغيرات يحاولن تنسيق ألوان ملابسهن مع بعصها، هو مؤشر لمصممة محترفة».
سالي نجم: المصممات حريصات على الجزء العاطفي من المشروع الذي يعكس روح المساحات
جائزة لامست أحلامنا
ما يثير استغراب أحمد، هو أنه على الرغم من الطقس الحار في الإمارات، لكن يبدو أن الناس منفتحون على الأفكار الجديدة عندما يتعلق الأمر بإنشاء مناطق داخلية وخارجية في منازلهم. يتابع قائلاً: «كان لا بد لنا من ابتكار أفكار تتيح للناس استخدام المساحات المفتوحة في الشتاء مع حمامات سباحة واسعة وأشجار فريدة ومقاعد فاخرة، ولكن في الصيف يمكن تغييرها لتصبح مناطق مغلقة بالكامل. وأخيراً، حاز الاستديو الخاص بنا على جائزة أفضل مشروع سكني فاخر في دبي. ومع أن لكل مشروع قصته، لكننا نحب أن نقول إن المشروع الحائز على جائزة قد لامس أحلامنا».
لفنون الشرق في العمارة تاريخ يلهم جميع الفنانين والمصممين والمهندسين المعماريين في جميع أنحاء العالم. لذلك يدأب كل من سالي وأحمد على دمج الأجواء الشرقية الدافئة، بالتصميم الانتقائي الذي يمكن أن يعيش لفترة أطول. وقد استخدما التكنولوجيا في شركتهما منذ سنوات، بدءاً من الرسم التخطيطي التفصيلي إلى AutoCAD؛ حيث ثم نقل الرسومات الملونة إلى برامج مثل 3Dsmax وPhotoshop. فهما يدركان تماماً أنها تجعل خدمتهما أكثر احترافية وتفصيلاً. لكنهما يؤكدان أن هذه التقنيات لا تستطيع أن تقدم للعميل ما يحتاج إليه من دون تدخل الإبداع البشري المهني، ليعطي روحاً للتصميم، كما أنهما ومن خلال عملهما، أبدعا في التصاميم المستدامة، التي يمكن استخدامها وتجديدها بدءاً من تقسيم المساحات، تعلّق سالي: «كان ذلك بدءاً من اختيار المواد لتكون مستدامة وصديقة للبيئة، والتشطيبات الداخلية التي يسهل صيانتها وتركيبها بذكاء، ودراسة الهندسة الكهربائية والميكانيكية بالتنسيق مع الاستشاريين والمقاولين، وإنشاء مساحات خضراء داخلية لتحقيق جودة هواء أفضل، ومفتوحة لاستخدام تقنية الأنظمة الذكية لتوفير الطاقة».
نصائح لكل زوجين
عند اختيار زوجين لأثاث منزلهما، يقدم أحمد وسالي هذه الاقتراحات لتكون داعمة لخياراتهما:
- ابدآ بإعداد قائمة لجميع حاجاتكما الرئيسية، حتى لو كان المشروع صغير الحجم.
- خذا قياسات كل مساحة من المنزل، حتى تتأكدا من أن الأثاث الذي يعجبكما يتناسب مع المكان.
- قوما بجولة في متاجركما الخاصة، واحصلا على مجموعة من الخيارات قبل قرار الشراء.
- تجنبا قطع الأثاث الثقيلة؛ لأنها صعبة التنظيف والتحريك.
- يمكنكما اعتماد الألوان التي تناسب ذوقكما، لكن هذا لا يمنع أخذ النصيحة من البائعين في المتجر.
- ننصحكما بالميل إلى الألوان الفاتحة والجديدة، خاصة في اختيار القطع الصغيرة.
- لا تنسيا إضافة المساحات الخضراء وبعض الإكسسوارات واللمسات الجميلة إلى أثاث منزلكما.
- إذا كان مكان سكنكما كبيراً، فيفضل استشارة الخبراء للتأكد من أن جميع الخيارات تسير معاً بشكل مثالي.
ما برأيك بمتابعة اللقاء مع المصممة الأردنية العنود النابلسي: أبحث عن التنوع في اختيار المواد من جميع أنحاء العالم