هو بطل من أبطال طيف التوحد، أبى أن يتحول واقعه هذا إلى حجر عثرة في طريق نجاحه، جدَّ واجتهد وحصد الثمار، وهو اليوم من الذين ينقلون الرسالة بأجمل صورة ليقول للعالم إن الإعاقة الوحيدة هي في الاستسلام واليأس.
عبد المجيد المزيني، قصة نجاح مختلفة، تحديات وانتصارات، خطَّها بنفسه، وبيده، وبعقله المبدع، نستضيفه في هذا الحوار الملهم؛ ليخبرنا عن سر قوته وإصراره، وعن ميزات خاصة بذوي طيف التوحد وعن أحلام يسعى لتحقيقها.
اكتشاف مبكر للمواهب
بداية، كيف تعرف نفسك؟
عبد المجيد بن محمد المزيني من شباب طيف التوحد، وأصبحت اليوم من الشباب المبدعين في التصميم وأعمل مع أكبر الشركات المحلية كمصمم.
قلة من الناس يختارون مواجهة التحديات فيما البعض الآخر قد يستسلم، ما الذي منحك القوة والحافز؟
الحمد لله، كان لوالدي الأثر الأكبر عليَّ، اكتشف مواهبي الخاصة مبكراً ودعمها ونماها ولم يبخل عليَّ بكل ما أحتاج إليه وأهمها النصح والتوجيه، وقد وقف بجانبي دائماً وما يزال.
والدي وقف بجانبي دوماً
حدِّثنا قليلاً عن طفولتك؟ كيف أدركت أنك مصاب بالتوحد؟
والدي هو الذي اكتشف ذلك، أو لنقل إنه شك في اختلافي عن الأطفال الصغار الآخرين، وقد أيدت توقعه هذا إدارة الإرشاد بالمدرسة، ثم أخذني إلى الطبيب المختص الذي أكد هذه الحالة، التي بدل أن تكون صادمة لوالدي، جعلته يفكر سريعاً كيف يستوعب الحالة ويدعمني.
كيف يتم إيصال هذه الرسالة للطفل وما الذي يساعده على تقبلها؟
المتوحد لا يفهم حالته إن لم يتقبلها والداه ويدرسانها جيداً ويعملان بجد للاستفادة منها في اكتشاف مواهب طفلهما ودعمها وتنميتها.
ما أكثر المواقف التي أثرت بك خلال حياتك سلباً وإيجاباً؟
رغم الظروف التي مررت بها إلا أن والدي حاول بكل جهده أن يبعدني عنها، ثم رويداً رويداً شرح لي كل هذه الظروف وكيف أتعامل معها.
تطوير المهارات
سعيت خلف أحلامك وواظبت على تطوير نفسك، كيف حددت ما ترغب بفعله؟
اكتشف والدي مهاراتي منذ كنت صغيراً فوفر لي كل الإمكانات، كما وفر لي الظروف اللازمة لتطوير مهاراتي ودعمني نفسياً ومعنوياً.
كيف طوَّرت مهاراتك وما التعليم الذي تلقيته؟
لم يكن تعليمي في المعهد كافياً، وبدأت أطور نفسي، وقد ساعدتني لغتي الإنجليزية التي تعلمتها من تلقاء نفسي، وكانت المواقع والتطبيقات العالمية أهم ما استفدت منه.
اليوم أنت مصمم مبدع وصاحب مشروع، كيف وصلت لهذه المرحلة؟
كما ذكرت لولا مهاراتي الخاصة التي اكتشفها والدي وثقته ودعمه لي واستعدادي لتطويرها لما تم لي كل ما تحقق، لذلك تعلمت قيادة السيارة مبكراً بدعم من والدي، وأصبحت أصل إلى كل المواقع التي أحتاجها ولله الحمد.
حدثنا عن مشروعك؟
غير التصميم أعمل حالياً على تعلم الإخراج والمونتاج الفني، وأنا حالياً أعمل بكل جهد لمعرفة كل تجهيزاتها وأدواتها وفنياتها ومهاراتها ومدارسها.
ما التحديات التي واجهتها أثناء عملك على مشروعك؟
أكبر التحديات هي الأدوات العلمية التي توفر احتياجاتي منها، لذلك تطول معي عمليات البحث والقراءة خصوصاً المراجع الإنجليزية.
تميز إبداعي وعلمي
تقول إن الاعاقة ليست جسدية وإنما هي بطريقة التفكير: ما الذي يعنيه ذلك؟
صحيح الإعاقة الجسدية لا تمنع التعلم والابداع، فالكثير من العلماء والمبدعين كانت لديهم إعاقات جسدية مثل بيتهوفن الذي كانت عنده إعاقة سمعية وعالم الفيزياء ستيفن هوكينغ الذي كان لديه شلل رباعي مع إعاقات أخرى.
أعطنا 5 ميزات يمتاز بها المصابون بالتوحد؟
- الاستعداد للتعلم
- النقاء والشفافية والصدق
- القدرة الخاصة على الإبداع
- تقبل التوجيه
- وأهم خاصية تميزه عن الآخرين هي تميزه العقلي إبداعياً وعلمياً لو تم اكتشافه مبكراً
متى تقول لنفسك أحسنت؟
أنا لا أقول لنفسي أحسنت، بل أذكر نفسي بأنني أستطيع أن أبدع أكثر وأقوم بعمل أفضل.
وما هو الأمر الذي تشعر أنك لا تستطيع تحقيقه؟
مجالي الإبداعي والفني، أشعر أنني سأحقق ما هو أهم وأفضل.
جهود مشكورة
كيف ترى اليوم الدعم الذي تقدمه الجهات لذوي الاحتياجات؟
هي محاولات يشكرون عليها، ولكن يحتاجون إلى بذل جهود أكبر لاكتشاف احتياجاتهم الحقيقية، بالذات المعنوية.
هل يستثمر ذوو الاحتياجات هذا الدعم جيداً؟
متى يصلون إليهم يستفيدون، المشكلة في التواصل معهم، يحتاجون من الجمعيات المعنية بالإعاقة الوصول إليهم وبحث احتياجاتهم وتوفيرها لهم.
هل ترى اليوم أن اندماج ذوي الاحتياجات في المجتمعات بات أسهل؟ وهل تتوفر العناصر المساعدة لذلك؟
نعم وبالأخص اليوم مع توفر تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث يستطيعون الوصول والتعبير عن أنفسهم.
ما هي المجالات التي يمكن لذوي الاحتياجات أن يبرعوا فيها ويحققوا النجاح؟
كل شيء بلا استثناء لو وجدوا منْ يكتشف مهاراتهم ويدعمها، والدليل أن عدداً من العلماء الكبار متوحدون.
وفي سياق الحديث عن الجهات الداعمة والجمعيات اقرؤوا: "سعي" تحتفي بشركائها في الرسالة وأبطالها من ذوي الاحتياجات الخاصة
أحلام وتطلعات
هل تفكر بالارتباط وتأسيس عائلة بكل ما يحمله ذلك من مسؤوليات ومجهودات؟
بالتأكيد، هذه سنة الحياة، سأسعى لتأسيس أسرة جميلة.
أنت اليوم رائد أعمال بقدرات مميزة، ما هي أحلامك المستقبلية؟
أن أحقق كل ما أصبو إليه.
نصيحة تقدمها للشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة؟
أنصحهم دائماً ألا يستهينوا بقدراتهم الخاصة، فهم أصحاب الهمم والقدرات المختلفة.
نصيحة للأهل في كيفية التعاطي مع الظروف الخاصة لأطفالهم؟
أولاً ألا يحزنوا أو يبدوا الضيق والتشكي، كي لا يشعر المتوحد أنه عالة عليهم، بل عليهم أن يشعروه بأهميته ويكتشفوا مواهبه ويدعموه.
في اليوم العالمي للتوحد ما هي الرسالة التي تحب توجيهها للعالم؟
أن ينظروا إلى ذوي طيف التوحد نظرة مختلفة، فهم ليسوا معاقين أو مرضى، بل هم مختلفون بالتفكير والقدرة على الإنجاز فلا يستهينوا بهم وبقدراتهم.
نستعيد هنا حديثنا مع الأمير سعود بن عبد العزيز بن فرحان والذي تحدث فيه عن مؤتمر تطوير خدمات التوحد الذي أقيم في الرياض لتبادل الخبرات وتقديم خدمات ذات جودة عالية