لا يتمتع الشعور بالوحدة بسمعة جيدة، فعندما يتحدث الناس عن الوحدة، تكون المحادثة مُحاطة بهالة سلبية لا يمكن تخطيها، حتى أن فكرة قضاء بعض الوقت بدون صحبة يولد شعوراً بالرفض لدى عدد كبير من الناس. مما خلق العديد من الخرافات والأساطير حول شعور الوحدة ولقرون طويلة، تم استخدام الوحدة كشكل من أشكال العقاب، لذلك ليس من المستغرب أن نهرب منها اليوم.
بالسياق التالي "سيدتي" تحدثك عن خرافات حول الشعور بالوحدة.
هل الوحدة تعني المعاناة دائماً؟
في البداية تؤكد تسنيم عبدالرحيم استشاري تنمية بشرية ودعم نفسي لسيدتي؛ أنه في حين أنه المعروف أن الوحدة قد تُولد الكثير من المعاناة، خاصة لو كانت مفروضة أو إجبارية، في حين أن كونك وحيداً ليس دائماً مرادفاً للحزن أو العزلة أو الخوف، ومن ثمّ لا ينبغي فهم الوحدة بمصطلحات كل شيء أو لا شيء. وهذا يعني أنه يمكننا الجمع بين قضاء وقت ممتع مع الآخرين وبين الرعاية الذاتية. وهكذا، على الرغم من أنه لا يوجد شك في أننا كائنات اجتماعية ونحتاج إلى الآخرين للبقاء على قيد الحياة، إلا أن هذا لا يتعارض مع الاستمتاع بوقتنا في العزلة، وفي الواقع، يمكن أن يكون للشعور بالوحدة فوائد عديدة للصحة العقلية.
هل للشعور بالوحدة فوائد؟
تقول تسنيم: "على الرغم من أن التغلب على حاجز الخوف من الوحدة يمكن أن يكون مهمة صعبة في كثير من الحالات، إلا أن الحقيقة هي أنه بمجرد تحقيقه"، ويمكن للفرد استشعار الكثير من الفوائد:
- يمكن أن يساعدنا البقاء بمفردنا في الاستمتاع بلحظات من المتعة.
- تساعدنا الوحدة على التعرف على أنفسنا بشكل أفضل.
- تساعدنا الوحدة على النمو كأشخاص والتعلم.
- يمكن للوحدة أن تحسن للمرء رفاهيته، والعيش بطريقة أكثر استرخاءً.
- تُساعدنا الوحدة في تكوين علاقات أكثر صحة مع الآخرين دون مجال للإفراط والتبعية.
مساوئ الشعور الوحدة
عندما نعيش في مجموعة دون الاحتفاظ بلحظات صغيرة من العزلة نجد أيضاً بعض المساوئ:
- فعندما نكون منغمسين في الجماعة من السهل أن نفقد القدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل.
- مع الجماعة لن نتمكن من القيام بالأنشطة والاستمتاع بها بشكل مستقل.
- لن نتمكن من عيش الحياة كما نود حقاً، لأننا سنجد أنفسنا متصلين بالآخرين، وأحياناً مضطرين لمجاراتهم ومن ثمّ اتباع ذات نهجهم بالحياة، حتى لا نخرج عنهم أو نكون "نشاز" أو منفصلين عنهم.
أهم الخرافات المرتبطة بالوحدة
خرافة 1: الوحدة أمر يُصيب كبار السن
عندما يتم الحديث عن الوحدة فالكثيرون يعتقدون أنها تتعلق بكبار السن. وعلى الرغم من أن كبار السن يكونون في وضع ضعيف خلال هذه الفترة من الحياة، حيث تحدث العديد من التغيرات الأسرية والاجتماعية التي إلى جانب المشاكل الصحية والشيخوخة، تجعل العديد من كبار السن يعيشون في عزلة غير مختارة. ومع ذلك، هذا لا يعني أن الشعور بالوحدة هو شيء مرتبط بالشيخوخة. يمكننا جميعاً أن نشعر بالوحدة في أي وقت في حياتنا، سواء في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو البلوغ. كذلك فالوحدة لا علاقة لها بعدد الأشخاص القريبين جسدياً، بل بالشعور بالدعم والتواصل مع من حولنا.
ونحو المزيد عن الوحدة يمكنك متابعة الرابط: العزلة الاجتماعية تسرّع الشيخوخة.. دراسة تكشف التفاصيل الصادمة
خرافة 2: الوحدة دائماً سلبية
هناك الكثير من الناس الذين يشعرون بالوحدة في العالم. ومع ذلك، فمن المهم التمييز بين الشعور بالوحدة الطوعية التي تختارها بنفسك، والوحدة الإجبارية أو غير المختارة. فعندما نتخذ قراراً بقضاء بعض الوقت مع أنفسنا، فهذا ليس شيئاً سلبياً على الإطلاق. في الواقع، كما ذكرنا سابقاً، فإن الشعور بالوحدة أمر بالغ الأهمية للصحة العقلية الجيدة. ومع ذلك، فإن الوضع يتغير عندما نتحدث عن الشعور بالوحدة غير المختارة. أي عندما نشعر بالوحدة الفرضية أو المفروضة علينا وليس برغبتنا. حتى اللحظات التي تكون فيها الوحدة غير مرغوب فيها، فإن هذا الشعور يدفعنا إلى إعادة التواصل مع الآخرين وإعادة الاندماج في المجموعة الاجتماعية.
تؤكد تسنيم أن الوحدة تكون شيئاً سلبياً عندما تستمر مع مرور الوقت وتجعلنا نعيش في متاهة لا مخرج لها، وفي هذه الحالات يكون الأمر ضاراً وخطيراً، لأننا نتعرض لخطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية والجسدية بسبب الضغط الشديد الناجم عن عدم وجود دعم اجتماعي. فالبشر بطبيعتهم كائنات اجتماعية وهذه الطبيعة تجعلهم بحاجة إلى الآخرين من أجل أن يعيشوا حياة كاملة ومرضية.
خرافة 3: الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية
في كثير من الحالات، يتم إلقاء اللوم بشكل غير عادل على الشخص نفسه بسبب شعوره بالوحدة. حيث يُعتقد أن أولئك الذين يعانون من الوحدة غير المرغوب فيها يفعلون ذلك بسبب عدم قدرتهم على التفاعل الاجتماعي بنجاح. وهذا قد يكون منافياً للحقيقة، فالعديد من الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم تماماً يجدون أنفسهم في هذا الموقف لأسباب عديدة، بعضها قد يكون خارجاً عن سيطرتهم. على سبيل المثال، قد يكون أصدقاؤك قد ماتوا أو قد يعيش أقرب أقربائك في مدينة أخرى. أو قد تكون أنت انتقلت لمكان جديد، لذلك فإنه بغض النظر عن عدد المهارات الاجتماعية التي يمتلكها الشخص، قد يكون هناك ما يمنع أو يعوق تكوين صداقات.
خرافة 4: الوحدة مرادفة للعزلة الاجتماعية
غالباً ما يتم الحديث عن الوحدة والعزلة الاجتماعية على أنهما نفس المعنى على الرغم من أن كلا المصطلحين مختلفين تماماً، فالشعور بالوحدة يمكن تحديده من خلال عدد الأشخاص الموجودين حولنا جسدياً. وبالتالي، فإن الأشخاص الذين يفتقرون إلى الرفقة هم وحدهم الذين يمكنهم أن يشعروا بالوحدة.
وقد يكون الواقع أكثر تعقيداً عندما يشعر بعض الناس بالوحدة العميقة على الرغم من كونهم دائماً محاطين بالناس. وبالمثل، هناك من يجدون أنفسهم معزولين جسدياً، ومع ذلك لا يشعرون بالتخلي أو الانفصال عن أحبائهم.
تؤكد "تسنيم" أن الشعور بالوحدة الحقيقية ينشأ عندما نشعر أنه لا أحد يشعر بنا أو يفهمنا حتى لو كنا مع أشخاص آخرين، كذلك قد تنشأ الوحدة إذا كانت علاقاتنا بهؤلاء الأشخاص سطحية، لذلك فمن المتوقع أن نشعر بالكثير من الوحدة في أعماقنا عند لقائهم.
خرافة 5: الشعور بالوحدة ينتج عن تأثير التكنولوجيا
مع تقدم التقنيات الجديدة، يقرر الكثير من الناس إلقاء اللوم عليها باعتبارها سبب كل الشرور. وبهذا المعنى، هناك كثيرون يؤكدون أن التكنولوجيا كانت حافزاً قوياً للشعور بالوحدة الحالية. في حين أن الحقيقة أن التكنولوجيا ساهمت في ربط العالم بشكل مفرط. فبفضل الشبكات الاجتماعية، أصبح بإمكان العديد من الأشخاص الذين كانوا بمفردهم في السابق الاستمتاع بمزيد من فرص التنشئة الاجتماعية. وفي بعض الحالات، كان الإنترنت بمثابة منصة لتكوين علاقات شخصية مُرضية للغاية. ولذلك فإن إرجاع الوحدة إلى استخدام الأجهزة هو تفسير لا أساس له من الصحة.
هل تعلم أن الوحدة قد تدمر حياتك؟ يمكنك التعرف على المزيد من العادات التي تدمر حياتك بدون أن تدرك.