متمسِّكةً بقيمِ التنوُّعِ والشمولِ لضمانِ فرصٍ متكافئةٍ للجميع، تطلُّ الشيخةُ بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيسةُ الجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة، ورئيسةُ مركز الشارقة لريادة الأعمال والرئيسة السابقة لاتحاد الدولي للناشرين، وغيرها من الأدوارِ المهمَّةِ التي تقومُ بها في المحافلِ الأدبيَّة العالميَّة، ساعيةً إلى تقديمِ محتوى ثقافي إماراتي وإقليمي، يُثري المشهدَ الفكري في المكان، ويأخذه إلى بُعدٍ أكثر عمقاً، فيه حالةٌ من التوقِ للتواصلِ مع شعوبِ المنطقةِ والعالم. مسيرةٌ ثريَّةٌ، أحدثت علامةً فارقةً بمبادراتها في محيطِ النشرِ الإماراتي والعربي والعالمي. التقيناها في هذا العددِ من مجلَّة «سيدتي»، فحكت لنا عن كيفيَّة إلهامِ العقولِ الشابَّة، وعن حلمِها الكبيرِ برؤيةِ عالمٍ، يسودُه السلامُ، وتُحلُّ فيه النزاعاتُ بالتفاهمِ والحوار.
حوار | لمى الشثري Lama AlShethry
مديرة إبداعية ومنسّقة الأزياء | ساره راكستونSarah Ruxton
تصوير | بين كوب Ben Cope
مكياج | ماورو د. هيرنان Mauro D Hernan
شعر | كارولينا كوركوويكا Karolina Kurowicka
مساعد المصوّر | سكار سالاريو Scar Salario
إنتاج | إيتشو دوكاو Icho Ducao
تصفحوا النسخة الرقمية لـ أكتوبر2024 من مجلة سيدتي
لنبدأ الحديثَ بالتعرُّف على منصبكِ الأحدث رئيسةً لمجلسِ الأمناء، ورئيسةً للجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة؟
شرفٌ عظيمٌ لي أن أتولَّى منصبَ رئيسةِ الجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة، ورئيسةِ مجلسِ الأمناء عامَ 2023، لكنَّ ذلك وضع على عاتقي في الوقتِ نفسه مسؤوليَّاتٍ كبيرةً، فالجامعةُ الأمريكيَّة في الشارقة، التي أنشأها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وأرسى أسسها الصلبةَ، بنت إرثاً عريقاً، وسجلاً حافلاً ومتميِّزاً، لذا مواصلةُ هذا المسارِ، ليست بالمهمَّة السهلة. وانطلاقاً من قناعتي الثابتةِ بأهميَّة وقيمةِ الجامعة بالنسبةِ إلى مدينة الشارقة، ودولةِ الإمارات والمنطقةِ عموماً، أركِّزُ جهودي الآن على ترسيخِ هذه الأسس، والحفاظِ على هذا الإرثِ التعليمي العريقِ لضمان مضي الجامعةِ نحو مزيدٍ من النموِّ والتطوير، مع التمسُّك بالقيمِ والمُثل الأساسيَّة التي شكَّلت عنوان نجاحها وتميُّزها.
أتطلَّع إلى تعزيزِ ثقافةِ الابتكار وريادةِ الأعمالِ في الجامعة، والارتقاءِ بالتجربةِ الشاملة للطلاب. هدفنا الأساسُ تزويدهم بالمعارفِ، الأدواتِ، والمهاراتِ اللازمة للتكيُّف مع عالمٍ دائم التغيُّر. نستمرُّ في العملِ على ترسيخ مكانةِ الجامعة في صدارةِ مؤسَّسات التعليمِ العالي عالمياً من خلال إطلاقِ برامجَ أكاديميَّةٍ وبحثيَّةٍ جديدةٍ، وتعزيزِ علاقاتنا مع شركائنا، وبناءِ شراكاتٍ استراتيجيَّةٍ إضافيَّةٍ، والمشاركةِ في الحوارِ العالمي حول التعليم. كما نحرصُ على التمسُّك بقيم التنوُّع والشمولِ لضمان فرصٍ متكافئةٍ للجميع.
يمكن الاطلاع على قصة نجاح الدكتورة خلود المانع
"الأساليب المبتكرة في التعليم تلهم العقول الشابة"
التعليمُ والمعرفةُ لهما مكانةٌ كبيرةٌ في مسيرتكِ، لماذا اخترتِ هذا المسار؟
للتعليمِ والمعرفةِ دورٌ محوري في تعزيزِ النموِّ على صعيد الأفرادِ والمجتمعات. لم يكن الطريقُ الذي سلكته بعيداً عن بيئتي، ونشأتي في عائلةٍ، تؤمنُ بأهميَّة التعلُّم بوصفه ركيزةً أساسيَّةً من ركائزِ التقدُّم والنجاح. كذلك غرسَ فيَّ والداي قناعةً راسخةً بأن المعرفة، ليست مسألةً شخصيَّةً فحسب، إنها أيضاً مسؤوليَّةٌ عظيمةٌ، تفرضُ علينا الإسهامَ في تطويرِ مجتمعاتنا، ودفعَ التغييرِ الهادف. لقد شكَّلت هذه القناعةُ المحفِّز الأساسَ لكثيرٍ من أعمالي، سواءً في مجالِ النشر، أو في رحلةِ دعمِ وتمكين المرأة. أؤمنُ بأن التعليمَ اللبنةُ الأساسيَّة للتقدُّم، لذا وضعتُ نصب عينَي مهمَّةَ دعمِ وتمكينِ مزيدٍ من الأفراد، خاصَّةً الشباب، عبر تزويدهم بالأدواتِ اللازمة للنموِّ والازدهار.
من بين المحطَّاتِ المتنوِّعة التي شكَّلت رحلتكِ، ما المحطَّةُ الأقربُ إلى قلبكِ؟
الحياةُ رحلةٌ مستمرَّةٌ، ولا تقف عند وجهةٍ، أو محطَّةٍ بعينها، أو هدفٍ محدَّدٍ. سواءً في أعوامِ الدراسة، أو عند تأسيسِ مجموعةِ «كلمات»، أو قيادةِ الاتحادِ الدولي للناشرين، أو حتى عند رئاسةِ الجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة، حملَ لي كلُّ فصلٍ في هذه الرحلةِ كثيراً من المشاعرِ، ولحظاتِ الفرح والإنجاز، لكنَّ الرحلةَ لم تخلُ من التعلُّم، والدروسِ، والتحدِّيات. علَّمتني أن كلَّ تجربةٍ، كبرت أم صغرت، تحملُ لنا معاني كثيرةً إذا ما نظرنا إليها بعقلٍ واعٍ ومنفتحٍ. ما يهمُّ هنا، ليس حصدَ الألقابِ، أو الإنجازاتِ فحسب، بل وكيف نتصرَّفُ، ونتعاملُ أيضاً مع كلِّ محطَّةٍ. لقد واصلتُ طوالَ هذه الرحلة التركيزَ على أهدافي ورؤيتي، ولم أتوقَّف يوماً عن السعي لتحقيقِ تأثيرٍ إيجابي، والتمسُّك دائماً بقيمي ومبادئي. بهذه المنهجيَّة، استطعتُ المضي قُدماً على مسارِ النجاحِ والتطوُّر، وظلَّ التزامي راسخاً بتقديمِ الأفضل مهما اختلفت فصولُ الرحلة، ومهما حملت في طيَّاتها من عقباتٍ.
تُسلِّطين الضوءَ بشكلٍ مستمرٍّ على أهميَّة الأثرِ الذي نصنعه، ويمتدُّ إلى بيئتنا وكلِّ الموجودين حولنا. حدِّثينا عن الأمر؟
لطالما آمنتُ بقوَّةٍ بالمثلِ اليوناني القائلِ: «يصبحُ المجتمعُ عظيماً عندما يزرعُ الكبارُ الأشجارَ التي يعلمون أنهم لن يجلسوا في ظلِّها أبداً». إنه يعكسُ القيمَ والمبادئ التي غرسها والداي في نفسي. من أبرزِ الدروس التي تعلَّمتها منهما أهميَّةُ مساعدةِ الآخرين، والعملُ بجدٍّ لخدمة إمارتي الغاليةِ الشارقة، ووطني الحبيب، والعالمِ بأسره. كنت دائماً أقتدي بتفانيهما، وإخلاصهما من أجل إحداثِ تأثيرٍ إيجابي في المجتمع، وهو فعلياً ما أسهمَ في صياغةِ نظرتي لدوري ورسالتي في الحياة.
كذلك أستمدُّ الإلهامَ من تعاليمِ ديننا الحنيف التي تؤكِّدُ أهميَّة العطاءِ والبذلِ ومساعدةِ الآخرين. صحيحٌ أن الحياةَ فانيةٌ، لكنْ تأثيرنا، وعملنا الصالحُ، يبقيان إلى الأبد، وإرثنا الطيِّبُ يدومُ حتى بعد رحيلنا عبر تهيئةِ الطريقِ للأجيال القادمة، والإسهامِ في تشكيلِ عالمٍ مستدامٍ ومزدهرٍ.
ما الذي يحتاجُ إليه الشبابُ فيما يخصُّ تطويرَ التعليم؟
نحيا اليوم في عالمٍ سريعِ التغيُّر، بالتالي ستختلفُ طريقةُ العيش، ومكانُ العمل مستقبلاً عمَّا يعيشه شبابنا أثناء دراستهم حالياً، وعلى الرغمِ من أهميَّة اكتسابِ المعارف إلا أنني أؤمنُ بضرورةِ التركيزِ بشكلٍ خاصٍّ على المهاراتِ الحياتيَّة العمليَّة مثل التكيُّف، والتفكيرِ النقدي، والتواصلِ الفاعل، والمثابرةِ، والإبداعِ، والذكاءِ العاطفي، لأنها أدواتٌ أساسيَّةٌ، تساعدُ الشبابَ في اللحاقِ بركب التغيير، ومواصلةِ النجاحِ والتميُّز. يجبُ أن يركِّز التعليمُ على صقلِ هذه المهاراتِ إلى جانب بناءِ المعارف النظريَّة حتى يكون شبابنا على جاهزيةٍ تامَّةٍ لمواجهةِ تحدِّيات المستقبل بمرونةٍ وثقةٍ، ولإعدادِ قادةٍ وروَّادٍ في الابتكار، يحقِّقون أهدافهم، ويخدمون مجتمعاتهم.
"رحلة النجاح لها سحر خاص وطاقة معدية "
لديكِ اهتمامٌ بارزٌ بريادةِ الأعمال، من خلال رئاستكِ مركزَ «شراع»، ما دوره في دعمِ القطاع؟
تأسَّس مركزُ «شراع» لتلبيةِ الحاجةِ المتزايدة لمساحةٍ، تسمحُ للشبابِ في إمارةِ الشارقة باستكشافِ طاقاتهم الإبداعيَّة، وتحقيقِ تطلُّعاتهم، والحصولِ على الدعم للإسهامِ في النموِّ الاقتصادي بفاعليَّةٍ، وتحويلِ الأفكارِ والإمكانات إلى مشروعاتٍ وحلولٍ رائدةٍ.
تحوَّل المركزُ منذ إنشائه إلى محرِّكٍ رئيسٍ للابتكارِ في المنطقة، وأصبح بيئةً شاملةً، يزدهرُ فيها التنوُّع. منذ تأسيسه، دعمنا نحو 180 شركةً ناشئةً، جمعت 171 مليون دولارٍ من رأس المال، وحقَّقت 248 مليون دولارٍ من الإيرادات. أيضاً، أسهمت برامجنا في تطويرِ مهاراتِ أكثر من 18.000 شابٍّ وشابَّةٍ، ودعمنا نحو 500 رائد ورائدة أعمالٍ متميِّزين. الأمرُ اللافت، أن 52% من الشركاتِ الناشئةِ التي دعمناها، تقودها شخصيَّاتٌ نسائيَّةٌ، ما يعكسُ جهودنا المستمرَّة لبناء بيئةٍ شاملةٍ وداعمةٍ لريادة الأعمال.
ما يميِّزُ «شراع»، إلى جانبِ إنجازاته الاستثنائيَّة، نهجُه القائمُ على الابتكارِ والمرونة، وهما ما نغرسه في الأجيالِ القادمة. هدفنا إرساءُ ثقافةِ ريادةِ الأعمال بما يسهمُ في إحداثِ تأثيرٍ مستدامٍ، يدعمُ اقتصادَ إمارةِ الشارقة والمجتمعِ ككلٍّ.
ما رأيك بالتعرف على المهندسةُ منى القويز
بوصفكِ امرأةً لها نشاطٌ كبيرٌ في تمكينِ النساء عبر تعزيزِ اكتسابِ المعرفة، وإتاحةِ الفرص، كيف تصفين رحلتكِ الشخصيَّة في هذا الجانب؟
تمكينُ المرأة، ليس مجرَّد هدفٍ، إنه رسالةٌ ساميةٌ بالنسبة لي، والتزامٌ، قطعته على نفسي لتمهيدِ الطريقِ للأجيال القادمة. لقد نشأتُ في بيئةٍ، تزخرُ بنماذجَ نسائيَّةٍ قويَّةٍ وملهمةٍ، علَّمتني أهميَّة المعرفةِ والعلمِ، وضرورةَ اغتنامِ الفرص. أيقنتُ أن النساءَ حينما يحصلن على الأدواتِ، والمواردِ المناسبة، يصنعن التغييرَ الإيجابي في كافةِ مناحي الحياة، لذا دأبتُ طوال مسيرتي على تهيئةِ مساحاتٍ داعمةٍ للمرأة سواءً في قطاعاتِ الأعمال، أو النشرِ، أو التعليم. لا يكفي أن نعطي المرأةَ صوتاً فقط، بل علينا أيضاً ضمانُ قدرتها على التأثيرِ، ورسمِ ملامح المستقبل. وانطلاقاً من قناعتي بأهميَّة بناءِ القيادات، وتعزيزِ التكافؤ بين الجنسين، نلتزمُ بالجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة بتمكينِ المرأة من خلال مبادراتٍ مختلفةٍ، إذ أبرمت الجامعةُ أخيراً شراكةً مع مؤسَّسة «نماء» للارتقاءِ بالمرأة، وأطلقنا كرسي أستاذيَّة جواهر بنت محمد القاسمي لقيادةِ المرأة، وهي مبادرةٌ للبحثِ العلمي، وتطويرِ القيادات، ومناصرةِ حقوق المرأة بغية تمكينِ الجيل القادمِ من الرائدات.
أنتِ ثاني امرأةٍ تشغلُ منصبَ رئيسِ الاتحادِ الدولي للناشرين منذ تأسيسه عامَ 1896، وأوَّلُ امرأةٍ عربيَّةٍ تتولَّى المنصب، كيف تصفين تجربتكِ في هذه المهمَّة؟
تولَّيتُ رئاسةَ الاتحادِ الدولي للناشرين في بدايةِ أزمة كورونا، وهي أزمةٌ عالميَّةٌ غير مسبوقةٍ في التاريخِ الحديث. كانت المهمَّةُ شبه مستحيلةٍ نظراً للإجراءاتِ الصحيَّة المعقَّدة، والقيودِ المفروضةِ على تحرُّكات الأفرادِ والبضائع، بما في ذلك الكتب. كان الخيارُ الوحيدُ أمامي إظهارَ الشجاعةِ، والمرونةِ القياديَّة لمساعدةِ جميع أعضاءِ الاتحاد في التكيُّف مع الظروفِ العالميَّة الجديدة، ولم تكن المهمَّةُ سهلةً، لكنَّني بفضل لله، تحمَّلتُ المسؤوليَّة، وتمكَّنت بالتعاونِ مع فريقي من إطلاقِ مبادراتٍ عدة، ساعدت الناشرين وأعضاءَ الاتحاد في التخفيفِ من آثارِ الجائحة، وضمانِ استمراريَّة العمل وتوزيعِ الكتب.
لقد أثبتت هذه التجربةُ مرَّةً أخرى، أن النساءَ قادراتٌ على تحمُّل الصعاب، وتولِّي المهامِّ القياديَّة المعقَّدة بنجاحٍ. أنا أفتخرُ بكوني ثاني امرأةٍ على مستوى العالم، وأوَّلَ امرأةٍ عربيَّةٍ مسلمةٍ تشغلُ هذا المنصب. لم تقتصر مهمَّتي فقط على تمثيلِ النساءِ في منطقتي، بل وكنت أيضاً صوتاً للطامحاتِ في تولِّي مناصبَ قياديَّةٍ بصناعاتٍ، كانت تاريخياً حكراً على الرجال.
وفي الوقتِ الذي ركَّزنا فيه على إطلاقِ مبادراتٍ لدعم الناشرين خلال الجائحة، وتعزيزِ التعاونِ فيما بينهم، تمكَّنتُ أيضاً من قيادةِ محادثاتٍ مهمَّةٍ حول التنوُّع والشمولِ بين الجنسَين في قطاعِ النشر. كذلك ظلَّ دعمُ وتمكينُ المرأةِ أولويَّةً بالنسبةِ لي، خاصَّةً النساءَ في المناطقِ الأقلِّ تمثيلاً، إذ سعيت لإعطائهن فرصاً أكبر للتميُّز والريادةِ في هذا القطاع.
أيضاً، شكَّل منصبي منصَّةً مثاليَّةً لبناءِ جسورِ التواصل بين الشرق والغرب، مع التركيزِ على أهميَّة التبادلِ الثقافي في عالمٍ مترابطٍ بشكلٍ متزايدٍ. كانت تجربةً مثمرةً بحق، عملتُ فيها مع ناشرين من مختلفِ أنحاءِ العالم، واستفدتُ من وجهاتِ نظرهم لمساعدتهم في الترويجِ للكتب، وإيصالِ أصواتٍ، لم تحظَ بفرصٍ كافيةٍ للتعبيرِ على الساحة العالميَّة، ما أسهمَ في إثراءِ المشهدِ الأدبي العالمي، وتعزيزِ التبادلِ الثقافي بين ثقافاتٍ متنوِّعةٍ.
في نهايةِ المطاف، شكَّلت رحلتي بوصفي رئيسةً للاتحادِ الدولي للناشرين فصلاً مميَّزاً في مسيرتي، وأتمنَّى أن تكون هذه التجربةُ مصدرَ إلهامٍ للنساء، خاصَّةً من العالمِ العربي، لتولِّي أدوارٍ قياديَّةٍ، فبأصواتهن، وجهودهن، سيسهمن في تشكيلِ مستقبلِ أي قطاعٍ.
يمكنك أيضًا الاطلاع على هذا اللقاء مع مديرة فندق Novotel Riyadh Sahafa حصة المزروع
ما حلمُكِ الكبيرُ؟
حلمي الكبيرُ رؤيةُ عالمٍ، يسوده السلامُ، وتُحلُّ فيه النزاعاتُ بالتفاهمِ والحوار. أتطلَّع إلى رؤيةِ كلِّ طفلٍ، بغضِّ النظر عن مكانِ ولادته وعيشه، يحصلُ على تعليمٍ عالي الجودة، يُمكِّنه من تقديمِ كامل إمكاناته، وأسعى إلى بناءِ مجتمعاتٍ، تتيح فرصاً متساويةً للجميع، ما يوفِّرُ للأفراد كلّهم الازدهار. أحلمُ بتعزيزِ التفاهمِ الثقافي، والاحترامِ بين كلِّ الشعوب، وألتزمُ من خلال جهودي في مجالاتِ عملي، ومبادراتي بالإسهامِ في تحويلِ هذا الحلم إلى حقيقةٍ. هذا هو المستقبلُ الذي أطمح إليه، عالمٌ متَّحدٌ، عنوانه التنوُّعُ والاحترامُ المتبادل، ويعيشُ في تناغمٍ وسلامٍ، ويستنيرُ بالعلمِ والمعرفة.
كيف تواجهين التحدِّياتِ في حياتكِ؟
أرى في التحدِّياتِ فرصاً كامنةً، وخطواتٍ، تساعدنا في تحقيقِ إنجازاتٍ أهمَّ وأكبر. أواجه تلك التحدِّيات بالتركيزِ على أهدافي وقيمي، وأتعاملُ مع كلِّ عقبةٍ بالشكر والامتنان. قد أواجه أوقاتاً صعبةً، وحينها أذكِّرُ نفسي بأننا قد لا نتغلَّبُ على جميع العوائق، وأن بعضها يُعلِّمنا الدروس، وأخرى تُذكِّرنا بأن نتواضع، بينما يسهمُ بعضها في تطوُّرنا والارتقاءِ بنا نحو الأفضل. في هذه الأوقاتِ، ألجأ إلى الصبرِ، والمرونةِ، والاستعدادِ لتقبُّل التغيير، ولا أغفلُ أهميَّة الحصولِ على دعمِ الآخرين، إذ إن التعاونَ، وتبادلَ وجهاتِ النظر أفضلُ طريقٍ لإيجاد الحلول.
هل أسهمت الأمومةُ في قياسكِ أثرَ التعليمِ من خلال أبنائكِ ونموِّهم المعرفي؟
لا شكَّ أن تجربةَ الأمومة، غيَّرت نظرتي للتعليم، إذ أدركتُ أن التعليمَ لا يقتصرُ على التقدُّم الأكاديمي فقط، فهو أيضاً إعدادٌ للأطفال لمواجهةِ تحدِّيات الحياة الواقعيَّة. من خلال تجاربي مع أطفالي، اكتشفتُ أن لكلِّ طفلٍ أسلوبَه الخاصَّ في التعلُّم، وأن الأهمَّ اكتسابُ المرونةِ، وحبُّ الاستطلاعِ، وتطويرُ مهاراتٍ حياتيَّةٍ مثل التفكيرِ النقدي، والتكيُّف، والذكاءِ العاطفي.
وبصفتي أماً ومعلِّمةً، أكرِّسُ نفسي للإسهامِ في بناءِ وترسيخِ منظومةٍ تعليميَّةٍ، تتمحورُ حول تعزيزِ الهويَّة الثقافيَّة، والتنمية الشاملة، وتمكينِ كلِّ طفلٍ من تحقيقِ كامل إمكاناته، والإسهام بشكلٍ فاعلٍ في بناءِ مجتمعنا العالمي.
"غرس فيّ والداي قناعة راسخة بأن المعرفة، ليست مسألة شخصية فحسب، إنها أيضاً مسؤولية عظيمة"
كيف يمكن تشجيعُ الأجيالِ الشابَّة على الاستمتاعِ باكتسابِ المعرفة في عصرٍ، تهيمنُ فيه الوسائلُ الرقميَّة، لا سيما تطبيقاتُ التواصل، وألعابُ الفيديو؟
من المهمِّ في عصرنا الرقمي اليوم، أن نتفهَّم الشباب، وأن نتحدَّث لغتهم، وبدلاً من التركيزِ على النواحي السلبيَّة للوسائطِ الرقميَّة، يمكننا استخدامها أداةً قيِّمةً لتسهيل اكتسابِ المعارف، وجعلها تجربةً ممتعةً وأكثر تفاعلاً. من خلال دمجِ المحتوى التعليمي في التطبيقاتِ، والفيديوهاتِ، والألعاب، يمكننا جذبُ انتباه الشبابِ بما ينسجمُ مع اهتماماتهم.
من الضروري أيضاً، أن نوفِّر الفرصَ للأطفالِ للاستمتاع بتجاربِ الحياة بعيداً عن شاشاتهم. هم يحتاجون إلى التفاعلِ مع الطبيعةِ، ومع محيطهم، وتعلُّمِ الأشياءِ من خلال الأنشطةِ العمليَّة. يمكننا كذلك تشجيعُ التعلُّم من خلال تسليمِ الشبابِ مسؤوليَّاتٍ في مدارسهم وجامعاتهم مثل تنظيمِ الفعاليات، والتفاوضِ مع الإدارةِ بشأن بعض القضايا، والتطوُّع، وحضورِ المؤتمرات. هذه التجاربُ ستعلِّمهم مهاراتٍ حياتيَّةً مهمَّةً، وستعزِّزُ فرصَ اكتسابهم المعرفة بطرقٍ عمليَّةٍ وهادفةٍ. الأهمُّ هنا، هو تحقيقُ التوازنِ الصحِّي بين التكنولوجيا، والتجاربِ الحياتيَّة الواقعيَّة.
بالجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة، نحرصُ على تحقيقِ هذا التوازنِ عبر دمجِ التعلُّم الأكاديمي بالتجاربِ الواقعيَّة، ما يعزِّزُ المهاراتِ التقنيَّة والاجتماعيَّة والشخصيَّة على حدٍّ سواء لإعدادِ الطلاب لرحلةِ التعلُّم مدى الحياة. كذلك توفِّرُ الجامعةُ بيئةً شديدةَ التنوُّع، إذ يمثِّل طلابها أكثر من 90 جنسيَّةً مختلفةً، ومن خلال لعبِ أدوارٍ قياديَّةٍ، وتنظيمِ الفعاليات، والتبادلِ الثقافي، نساعدهم في تشكيلِ نظرتهم للعالم. أيضاً نحرصُ عبر تشجيعِ المسؤوليَّة، والمشاركةِ الفاعلة على حصولِ طلابنا على المهاراتِ الحياتيَّة اللازمة للنجاحِ في عالمٍ مترابطٍ وسريعِ التطوُّر.
تابعوا معنا لقاء سيدتي البروفيسورة مناهل ثابت
عُرِفَ والدكم الشيخ سلطان القاسمي بشغفه بالعلم، ماذا تعلَّمتِ منه، وكيف تصفين تأثيرَ ذلك في نشأتكِ؟
أسهم شغفُ والدي العميقُ بالتعليم في رسمِ مسارِ حياتي المهنيَّة، ومنه تعلَّمتُ أهميَّة الالتزامِ بتطويرِ الإنسان، وخدمةِ المجتمع. تلهمني كثيراً مسيرةُ والدي، وتُذكِّرني بما يمكننا تحقيقه حين نجمعُ بين القيادةِ بعقولنا وقلوبنا معاً. نحن اليوم نواصلُ البناءَ على هذه الأسس، وندفعُ بالجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة نحو عصرٍ جديدٍ، يركِّز على ريادةِ الأعمال، والبحثِ العلمي، وتطويرِ القيادات.
"نحرص على التمسك بقيم التنوع والشمول لضمان فرص متكافئة للجميع"
حدِّثينا عن دارِ «كلمات» للنشر، وما الذي دفعكِ لتأسيسها؟
أسَّست مجموعةَ «كلمات» للنشر بناءً على تجربةٍ شخصيَّةٍ مع ابنتي، إذ كانت تفضِّلُ الكتبَ الإنجليزيَّة، وترفضُ قراءةَ الكتبِ العربيَّة المخصَّصة للأطفال، كونها تجدها غير جذَّابةٍ، ومملَّةً! وقد أقلقني ذلك، لأن القراءةَ باللغةِ الأمِّ ضروريَّةٌ لتطوُّر الطفل، العاطفي والمعرفي، وحين أدركتُ وجودَ فجوةٍ في السوقِ في توفُّر كتبِ أطفالٍ عربيَّةٍ عاليةِ الجودة وجذَّابةٍ، شعرتُ بضرورةِ تأمين خياراتٍ للأطفال لتعزيزِ ارتباطهم بلغتهم وتراثهم، وتصوَّرتُ قصصاً تقوِّي مخيِّلتهم، وشخصيَّاتٍ يمكنهم التعلُّق بها، ورسوماتٍ تعكسُ سحرَ ثقافتنا. بذلك أبصرت مجموعةُ «كلمات» النور، وفتحت لي الطريقَ نحو عالمٍ مميَّزٍ، يزخرُ بالفرص.
ما الأشياءُ الصغيرةُ التي تبهجكِ خارجَ نطاقِ العملِ والمهنة؟
أكثر ما يفرحني قضاءُ الوقتِ مع عائلتي. أحبُّ عيشَ أوقاتٍ هادئةٍ مع أولادي في المنزل، أو خوضَ حديثٍ هادفٍ معهم، وتبهجني كثيراً الأشياءُ البسيطةُ مثل قراءةِ كتابٍ، والمشي في الطبيعة، أو مشاهدةِ أولادي يكتشفون العالمَ من حولهم. هذا يُذكِّرني بجمالِ الحياة خارجَ نطاقِ العمل، كما يعزِّزُ داخلي شعوراً بالسلامِ والرضا.
ما يُغذِّي شغفي أيضاً رؤيةُ الأشخاصِ يتحدُّون ذاتهم لتحقيقِ أهدافٍ، ظنُّوا أنها مستحيلةٌ. مشاهدةُ نموِّ ونجاحِ الأفراد سواءً في مجالِ التعليمِ، أو الأعمالِ، أو حتى على صعيدِ التطوُّر الشخصي، يمنحني شعوراً عميقاً بالرضا والسعادة.
كيف تُبقين جذوةَ الشغفِ مشتعلةً في نفسكِ للاستمرارِ في العطاء؟
أعزِّزُ شغفي من خلال حبِّ الاستطلاع، والانفتاحِ على تعلُّمِ أشياءَ جديدةٍ، وباستكشافِ وجهاتِ نظرٍ وأفكارٍ مختلفةٍ، وهو ما يساعدني في التعاملِ مع التحدِّيات بعقليَّةٍ متجدِّدةٍ. هذا التعلُّمُ المستمرُّ، يُغذِّي إصراري وعزيمتي على مواصلةِ التقدُّم. كذلك أحرصُ على الانغماسِ في تجاربَ فريدةٍ ومبتكرةٍ، تفتح أمامي الآفاقَ لفهم هذا العالم. ومن هذا المنطلقِ، تلهمني المبادراتُ مثل مهرجان تنوير لمواصلةِ هذا المسار، فمن خلال تسخيرِ سحرِ وقوَّة الموسيقى والفنِّ، يمكن تعزيزُ الفهمِ العميق للثقافاتِ المتنوِّعة، والتراثِ، والإبداعِ، وتعلُّم الحكمةِ من جميع أنحاءِ العالم، إذ يوفِّرُ المهرجانُ منصَّةً، تربطُ التعبيرَ الموسيقي بالثقافاتِ، والأديانِ المختلفة، ما يعزِّزُ قيمَ تقبُّلِ الآخر، والتفاهمِ، والتقديرِ، والاحترامِ، والسلام.
تابعي معنا الحوار مع لولوة الحمود: عشقنا هذا البلد وتشربنا من خيرها
هل من رسالةٍ توجِّهينها في اليومِ العالمي للمعلِّم؟
في يومِ المعلِّم العالمي، أودُّ أن أبدأ بشكرِ كلِّ مَن علَّمني في هذه الحياة، في كلِّ مرحلةٍ ومستوى تعليمي، بدءاً من والديَّ. اليوم، وقد أصبحت أماً، صرتُ أقدِّرُ حقاً مدى الإيثارِ والمثابرةِ المطلوبَين لتعليم الطفلِ وتوجيهه حتى يصبح فرداً مؤثِّراً في المجتمع. هذا الإدراكُ رسَّخ احترامي لكلِّ المعلِّمين الذين أثروا حياتي وحياةَ عددٍ لا يُحصى من طلابهم.
في هذه الأوقاتِ غير المسبوقة، ارتقى المعلِّمون إلى مستوى التحدِّيات الجديدة، واعتمدوا أساليبَ مبتكرةً لمواصلةِ إلهام العقولِ الشابَّة، لذا نشكرهم جميعاً في كلِّ أنحاء العالم. إن تفانيكم، وشغفكم الثابت، هما حجرُ الأساسِ لبناءِ مستقبلٍ أفضل. واصلوا المسيرةَ، وحافظوا على شغفكم فالعالمُ يحتاج إليكم الآن أكثر من أي وقتٍ مضى. وأدعو الجميع إلى أن يكرِّسوا هذا اليوم لشكرِ معلِّميهم الذين أثَّروا في حياتهم. دعونا نتوجَّه بالشكرِ والتقديرِ لمَن يضيئون طريقنا جميعاً.
كلمةٌ أخيرةٌ للقارئاتِ ومُتابعاتِ «سيدتي»؟
لا تدعي الخوفَ، أو الظروفَ الصعبة، تقفُ عائقاً أمام تحقيقِ تطلُّعاتكِ. في لحظاتٍ كثيرةٍ خلال مسيرتي، شعرتُ بأن الطريقَ أمامي أصبح صعباً وشاقاً، لكنْ من خلال التمسُّك بهدفي، والمثابرةِ لتحقيقه، اكتشفتُ أنني أمتلكُ قوَّةً كامنةً، لم أتوقَّعها. استمرِّي في المضي قُدماً، واحتفي بإنجازاتكِ مهما كانت صغيرةً، لتكون وقوداً، يُشعل إصراركِ وعزيمتكِ. ستواجهين صعوباتٍ تارةً، وفي تارةٍ أخرى، ستشعرين بأنك تحقِّقين تقدُّماً حقيقياً. نجاحنا مرهونٌ بتوافقِ نيَّاتنا مع أفعالنا، وحين يسعى كلُّ واحدٍ منَّا إلى الوصولِ لكامل إمكاناته، سيُلهم مَن حوله، فالنجاحُ له سحرٌ خاصٌّ، وطاقةٌ مُعديةٌ. نجاحكِ، هو نجاحنا جميعاً.
سيعجبك متابعة رحلة طيران غير مسبوقة مع الكابتن طيّار رهف الجديعي