التفاخر بالتوتر: هل أصبح وسام الشرف الجديد في العمل؟

كيف تحوّلت الضغوط النفسية من عبءٍ إلى وسام يُحتفى به في بيئات العمل؟
كيف تحوّلت الضغوط النفسية من عبءٍ إلى وسام يُحتفى به في بيئات العمل؟ - المصدر: freepik by wayhomestudio


في عالم اليوم، أصبح التوتر الزائد رمزاً للالتزام، وبدأ البعض يعاني مما يُعرف بـ"التفاخر بالتوتر"؛ إذ يسعون لإثبات تفانيهم وأهميتهم من خلال استعراض الضغوط الهائلة التي يتحملونها، وكأنهم أبطال الفريق الذي يعتمد عليهم في كل كبيرة وصغيرة، يروي هؤلاء قصصهم عن ليالٍ بلا نوم، واجتماعات لا تنتهي، وأعباء ينوء بها كاهلهم وحدهم، في محاولة لإظهار مدى قدرتهم على التحمل والإنجاز، لكن، وفقاً لدراسة حديثة، قد يأتي هذا السلوك بنتائج عكسية، حيث يُفسد الصورة المهنية لهؤلاء بدلاً من تعزيزها؛ مما يجعلنا نتساءل: هل التفاخر بالتوتر وسامٌ حقيقي أم مجرد قناع يخفي مشاكل أعمق؟ حيث تجيب الخبيرة آثار عثمان، الخبيرة في مجال التربية الخاصة وعلوم النفس في جامعة فيينا عن هذه التساؤلات.

التفاخر بالتوتر: وسام إنجاز أم ثقافة سامة؟

يعد التفاخر بالتوتر بمثابة ميل بعض الأشخاص إلى إظهار مقدار الضغط والتوتر الذي يعانونه، والتباهي بتحملهم لضغوط العمل والحياة، وكأنه إنجاز أو دليل على التفاني والجدية. في سياق العمل، يتفاخر البعض بعدد ساعات العمل الطويلة، والاجتماعات المتواصلة، والتحديات التي يواجهونها دون توقف، لإبراز التزامهم وأهميتهم، ومع أن الهدف هو إثبات القدرة على التحمل والإنتاجية، إلا أن هذا السلوك قد يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة النفسية والجسدية، ويؤثر على بيئة العمل بشكل عام.
فالتوتر أصبح، للأسف، رمزاً يُحتفى به في بعض الثقافات، وكأنه يشير إلى مدى أهمية الشخص وإنتاجيته، يميل الناس للاعتقاد بأن القدرة على تحمل التوتر والضغط مؤشر على الأداء العالي، ولكن الحقيقة هي أن هذا السلوك قد يكون مؤذياً، التفاخر بالتوتر يجعل الشخص يعتاد على العيش تحت ضغوط غير مبررة، ويضع صحته النفسية والجسدية في خطر، من الناحية المهنية، يمكن أن يُظهر هؤلاء الأشخاص وكأنهم يتحملون أعباء إضافية ليست مطلوبة منهم؛ مما قد يُفهم كحالة من "دراما العمل" التي لا تساهم فعلاً في تعزيز إنتاجيتهم أو تطوير صورتهم المهنية.
هل أنت مستعد؟ 5 خطوات لإدارة المحادثات الصعبة في العمل بثقة

5 أساليب لإدارة ضغوط العمل بفاعلية:

  1. الخطة المنظمة: ابدأ يومك بتحديد المهام الأكثر أهمية ووضع جدول زمني واضح، حيث يساعد التخطيط على تجنب التشتت ويمنحك رؤية أوضح للمهام، يمكنك تقسيم العمل إلى مهام صغيرة قابلة للإنجاز خلال فترات زمنية محددة؛ ما يقلل الشعور بالإرهاق ويزيد الإنتاجية.
  2. التفويض الذكي: عند العمل ضمن فريق، قم بتوزيع المهام القابلة للتفويض بحيث يتولى زملاؤك إنجازها، خاصة تلك التي تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، التفويض بذكاء لا يخفف الضغط عنك فحسب، بل يعزز روح التعاون، ويسهم في إتمام العمل بكفاءة أكبر.
  3. الراحة المتقطعة: أخذ فترات راحة قصيرة خلال اليوم، مثل خمس إلى عشر دقائق كل ساعة، يساعدك على تجديد الطاقة وتقليل التوتر، يمكنك المشي قليلاً، أو ممارسة التنفس العميق، أو الابتعاد عن المكتب لتصفية الذهن؛ ما يزيد من قدرتك على التركيز والإبداع.
  4. قول "لا": لتجنب الإرهاق، تعلم كيفية رفض المهام الإضافية التي قد تؤثر على أداء عملك، رفض العمل الإضافي غير الضروري يمنحك مساحة للتركيز على ما هو ضروري فعلاً، ويساعدك على إدارة وقتك بفاعلية أكبر وتحقيق نتائج أفضل.
  5. التوازن في الحياة: احرص على تخصيص وقت للراحة والأنشطة الشخصية خارج العمل، سواء كانت رياضة، أو هواية، أو لقاء الأصدقاء، الحفاظ على هذا التوازن يعزز صحتك النفسية، ويمنحك طاقة إضافية للتعامل مع الضغوط اليومية في العمل بمرونة وهدوء.

4 خطوات للتعامل مع الشخص المتفاخر بالتوتر:

خطوات عملية للتعامل مع الأفراد الذين يتفاخرون بالتوتر - المصدر: freepik

استمع بتفهم

عند التفاعل مع شخص يتفاخر بالتوتر، ابدأ بالاستماع إليه بإنصات، قد يشعر بأنه مُشغول للغاية أو محبط، لذا من المهم أن تُظهر اهتمامك بما يقول، الاستماع الفعّال يمكن أن يساعد في بناء الثقة ويشعر الشخص بأن مشاعره محترمة، مما يفتح المجال لمناقشة أعمق حول تجاربه.

قدم الدعم بدلاً من النقد

بدلاً من انتقاد سلوكه أو التفاخر، حاول تقديم الدعم الإيجابي، يمكنك طرح أسئلة مثل: "كيف يمكنني مساعدتك في تخفيف الضغوط التي تشعر بها؟" أو "هل فكرت في طرق للتخفيف من هذا الضغط؟" هذا النوع من الدعم قد يُشعره بأنه ليس وحده في مواجهة التحديات، ويشجعه على التفكير في حلول بدلاً من الاستمرار في ثقافة التفاخر بالتوتر.

شارك تجاربك الشخصية

شارك تجاربك الشخصية مع إدارة الضغوط بشكل إيجابي، قد تكون لديك طرق فعّالة تساعدك على التكيف مع التوتر؛ مثل أساليب تنظيم الوقت أو تقنيات الاسترخاء، ذلك يمكن أن يُشجعه على إعادة التفكير في سلوكه، ويمنح له فكرة عن كيفية التعامل مع الضغط بشكل صحي.

اقترح الحلول العملية

بدلاً من التركيز على مشاعر التوتر، حاول تقديم حلول عملية، يمكنك اقتراح استراتيجيات مثل تقسيم المهام الكبيرة إلى خطوات أصغر، أو استخدام أدوات لإدارة الوقت، من خلال عرض هذه الحلول، قد تُساعد الشخص على تغيير سلوكه والنظر إلى التوتر كشيء يمكن التحكم به بدلاً من مصدر للفخر.
تجاوز الصعوبات، وتعرّف إلى: ماذا أفعل؟ كيف أخبر الموظف عن سوء أدائه دون إحراجه؟