شهد عام 2024 تطورات ثورية في مجالات الطب المختلفة، ويعود ذلك إلى التلاحم بين التكنولوجيا الحديثة والأبحاث العلمية ودخولهما في مسار تحسين الرعاية الصحية بشكل كبير.
على مدار العام نجحت الفرق العلمية والطبية في تقديم خيارات علاجية أكثر تطوراً، كما تمَّ طرح طرق جديدة لعلاج أمراض كانت مصنفة بـ"المستعصية" لينعكس ذلك على فرص الشفاء للمرضى حول العالم.
إنجازات طبية في 2024
الذكاء الاصطناعي كان أبرز التطورات التكنولوجية، ورغم أن التكنولوجيا بشكلها الرقمي كانت تسير في مسار مختلف عن الطب، لكن العلماء نجحوا في تحقيق عدة اكتشافات تعزى إلى تطويع أدوات التكنولوجيا لتوفير مزيد من الحماية للبشرية، في ما يلي أبرز الإنجازات الطبية التي يمكن أن تحقق ثورة:
تطويع الذكاء الاصطناعي في التشخيص الطبي
تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في تشخيص الأمراض المختلفة بدقة وسرعة. وفقاً لمجلة The Lancet Digital Health، طورت أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض القلب والرئة بناءً على الصور الشعاعية وتحاليل الدم. أحد أبرز الابتكارات في هذا المجال هو نظام يستخدم التعلم العميق لتحليل صور الرنين المغناطيسي للقلب بدقة تفوق دقة الأطباء بنسبة 15%.
علاج السرطان باستخدام تقنيات العلاج المناعي
شهد عام 2024 تطوراً ملحوظاً في العلاج المناعي كأحد أكثر الأساليب العلاجية تقدماً في مواجهة السرطان. وفقاً لتقرير نشره موقع National Cancer Institute، طُورت تقنيات تعتمد على تعديل الخلايا المناعية لجعلها أكثر فاعلية في مهاجمة الأورام السرطانية. على سبيل المثال، تكنولوجيا تسمى CAR-T، التي تم تحسينها عام 2024، حققت نجاحاً كبيراً في علاج سرطان الدم الليمفاوي وسرطان الغدد الليمفاوية. وتُشير الدراسات إلى أن هذه الطريقة تقلل من احتمالت عودة المرض بنسبة تصل إلى 70%.
اقرئي أيضاً علامات ضعف الدورة الدموية وأسبابها
الحقن الحديثة لمرض السكري
هذه الحقن الحديثة المسماة GLP1، والتي لها أسماء تجارية مختلفة، لها فائدة كبيرة جداً على المرضى الذين هم ضمن دائرة الخطر للإصابة بالسكري، وفي نفس الوقت لديهم زيادة في الوزن أو سمنة زائدة.
كأطباء، يقول الدكتور محمد صنديد، الاختصاصي في أمراض الغدد الصماء والسكري، والرئيس الإقليمي للاتحاد الدولي للسكري غدد وسكري، لـ"سيّدتي" في حوار سابق: "نلجأ إلى هذه الحقن بهدف الوقاية من الإصابة بالسكري، للأشخاص الذين لديهم استعداد للإصابة بمرض السكري.
وهذه الحقن تحقق فوائد كبيرة جداً، قد تصل إلى مئة بالمائة؛ لأنها تُسهم في إنقاص الوزن لدى المرضى المعرضين للإصابة بالسكري؛ حيث يمكن أن تعكس مسار المرض، وتحول دون الإصابة به على الإطلاق".
الطب الشخصي (الجيني) لعلاج الأمراض النادرة
شهد عام 2024 تقدماً كبيراً في مجال الطب الشخصي، حيث يُستخدم التحليل الجيني لتحديد العلاج المناسب بحسب كل مريض وتاريخه المرضي وبناءً على تركيبته الوراثية. أشارت Nature Medicine، إلى أنه تم تطوير أدوية موجهة لعلاج الأمراض النادرة مثل التليف الكيسي وغيره، حيث تعمل هذه الأدوية على إصلاح الطفرات الجينية بدقة عالية، مما يوفر علاجات أكثر أماناً وفاعلية.
العلاج عن بٌعد
منذ ظهور كورونا الذي ضرب العالم وفرض على الجميع البقاء في المنزل، وبات كل شيء عن بُعد ضرورة، تطورت الأجهزة الذكية لمراقبة صحة المرضى في المنزل. وفقاً لتقرير صادر عن Mayo Clinic، تم اختبار أجهزة قادرة على قياس مستويات السكر في الدم وضغط الدم بشكل مستمر وإرسال البيانات مباشرةً إلى الأطباء عبر تطبيقات مخصصة. ونجحت بالفعل في تحقيق نتائج دقيقة. هذا التطور يعد حلاً جذرياً لأزمة الزحام في المستشفيات، كما أنه مناسب للحالات المرضية التي لا يمكنها الخروج.
تقنيات الجراحة الروبوتية المتقدمة
كان طبيعاً أن يصبح الروبوت طبيباً ماهراً خلال العام 2024 الذي شهد تطوراً حثيثاً في مجالات التكنولوجيا، وعليه تطورت تقنيات الجراحة الروبوتية لتصبح أكثر دقة وأقل توغلاً، مما يقلل من فترة التعافي والمضاعفات. في تقرير نشره Journal of Robotic Surgery، أشير إلى أن الروبوت الجراحي تم تحسينه ليشمل تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يسمح بإجراء عمليات دقيقة في مناطق معقدة مثل الدماغ والقلب.
لقاحات جديدة للأمراض المعدية
لا يمكن غض الطرف عن أن كورونا غيّرت مفهوم اللقاحات، وفي استجابة للتحديات الصحية العالمية، طُورت لقاحات جديدة ضد الأمراض المعدية. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، تم تطوير لقاح جديد لمكافحة حمى الضنك يعتمد على تقنية mRNA، وهو نفس الأسلوب المستخدم في لقاحات كوفيد-19. أظهرت التجارب السريرية فاعلية بنسبة 85% في الوقاية من المرض.
أمل جديد لمرضى الزهايمر
بعد أن كان مريض الزهايمر لا ينتظر في بقية حياته سوى الرحيل، بات هناك أمل في العلاج بفضل الأجسام المضادة المعدّلة. ذكرت دراسة نُشرت في مجلة Alzheimer’s & Dementia أن عقاراً جديداً يحمل اسم "ليكانيماب" أثبت قدرته على إبطاء تقدم المرض بنسبة تصل إلى 30% في المراحل المبكرة، ما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الزهايمر والخرف بشكل عام.
تقنية كريسبر والتعديل الجيني
خلال العام الراهن والذي شارف على الانتهاء، شاهدنا تقنية كريسبر القائمة على التعديل الجيني والتي تعد ثورةً في عالم الدواء، لا سيما في علاج الأمراض الوراثية. وفقاً لتقرير من Harvard Medical School، تم إجراء تجارب ناجحة لعلاج مرض الخلايا المنجلية باستخدام هذه التقنية، حيث تمكّن العلماء من تعديل الجينات المسؤولة عن المرض لدى المرضى بطريقة آمنة ودقيقة.
الواقع الافتراضي في إعادة التأهيل البدني والنفسي
أصبح الواقع الافتراضي (VR) أداةً رئيسيةً في إعادة التأهيل البدني والعصبي. خلال العام الراهن جرت تجارب عدة، ومن خلالها ساعدت أنظمة الواقع الافتراضي المرضى الذين يعانون من إصابات دماغية على تحسين الحركة والتوازن بنسبة 40% مقارنة بالطرق التقليدية.
علاجات ثورية لمرضى السمنة
أُطلقت في عام 2024 أدوية مبتكرة لعلاج السمنة، تعمل على تنظيم هرمونات الجوع والشبع. وفقاً لدراسة من New England Journal of Medicine، أظهرت الأدوية الجديدة مثل "تيرزيباتيد" نتائج فعالة، حيث ساعدت المرضى على فقدان ما يصل إلى 20% من أوزانهم خلال 12 شهراً. غير أن هذه العلاجات مازالت تتكشف آثارها الجانبية، لذلك يجب توخي الحذر واستشارة الأطباء.
صحيح أن عام 2024 كان ذاخراً بالاكتشافات الطبية الثورية التي رسمت أملاً جديداً للعديد من المرضى، إلا أن جميع الإنجازات هذه لا تزال في طور التطوير والتعديل، مَن ثَم لا يمكن تقرير أي علاج إلا تحت إشراف طبي معتمد وموثوق.
*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.