المصممة اللبنانية هانيا جنيد: أتبع حدسي في عالم السيراميك

المصممة هانيا جنيد
المصممة اللبنانية هانيا جنيد (تصوير: أوسكار لييفا غارسيا Oscar Leyva Garcia)

تنتمي المصمِّمةُ اللبنانيَّة هانيا جنيد إلى فئةِ المصمِّمين الذين لا تحدُّهم واسطةٌ للتعبيرِ عن أفكارهم وفنِّهم. توضحُ لـ «سيدتي»، أنها فنَّانةٌ بقدر ما هي مُمارِسةٌ أكاديميَّةٌ، وتحفرُ عميقاً في ذاتها خلال الإجابةِ عن أسئلتنا بلقائنا في الاستديو الخاصِّ بها ببرشلونة.
المصمِّمةُ هانيا متأثِّرةٌ بالألعابِ والفنِّ الياباني، لذا لا غرابةَ من امتلاكها كثيراً من الألعابِ، والأعمالِ الفنيَّة الورقيَّة، والرسومِ التي أبدعتها بريشتها، ووزَّعتها في الاستديو الخاصِّ بها بمدينة برشلونة الإسبانيَّة. في حديثها لـ «سيدتي»، شرحت عن التصميمِ ككلٍّ، وتطرَّقت إلى تجاربها، واكتشافها طرقاً خاصَّةً بها عند العملِ على مادتي الخزفِ الحراري، والبورسلين اللتَين تركِّز عليهما أخيراً في صنعِ الإكسسوارات.

برشلونة

مزهرية من مجموعة Olé

بين برشلونة الإسبانيَّة، حيث يقعُ الاستديو الخاصُّ بكِ، وبيروت، عاصمةُ بلادكِ، تتوزَّع أعمالكِ، ماذا تعني لكِ كلُّ مدينةٍ؟

عشت في عديدٍ من المدنِ حول العالم، لكنَّني في برشلونة تحديداً، وجدتُ مصدراً آخرَ للإلهام. أتذكَّر أنني عندما وصلتُ إليها، وكان ذلك عامَ 2018، شعرتُ بما يُسمَّى في الفرنسيَّة «ديجا فو»، أي كأنَّني سبق أن شاهدتُ المدينة، لذا ارتبطتُ بها على الفور، وعلى مستوياتٍ عدة مثل المناظرِ الطبيعيَّة، والهندسةِ المعماريَّة المزخرفة، وطقسِ «المتوسِّط»، والروائح. قضيتُ عامي الأوَّلَ في اكتشافها، وتعلُّم اللغة، وشيئاً فشيئاً، شعرتُ أكثر بأنني في موطني، وبدأتُ في بناءِ مجتمعي الخاصِّ، وتعلَّمتُ أن لدى هذه المدينةِ الكثيرَ لتقدِّمه من حيث الفنِّ، والحرف، فالحِرفيون هنا محترمون، ونشطون للغاية. أودُّ أن أقول: إنها مدينةٌ فنيَّةٌ للغاية، وفيها قدرٌ كبيرٌ من الطبقاتِ الثقافيَّة، والتاريخيَّة، ما يجعلها مدينةً حرَّةً، وملهمةً للغاية. وللأسبابِ عينها، أعتقدُ أن بيروت أيضاً مصدرُ إلهامٍ بالنسبةِ لي، إذا تمكِّن المرء من تحييد التوتُّر اليومي قدرَ الإمكان. بيروت، هي القلبُ والجذور.

مزهرية ثانية من مجموعة Olé

درستِ التصميمَ الداخلي، لكنَّكِ تركِّزين أخيراً على تصميمِ الإكسسواراتِ المنزليَّة، والمجوهراتِ من السيراميك، ما السببُ، وماذا تعني لكِ المادة؟

اكتشفتُ المادةَ هنا في برشلونة، وبدأت في أخذِ دوراتٍ مكثَّفةٍ مع حِرفيين محترفين. هذه الخامةُ مرنةٌ للغاية، وحيويَّةٌ، وتسمح لي بترجمةِ أفكاري في لحظتها، ما يجعلها ذات مفعولٍ إدماني، ومجزيةً. صحيحٌ أنني درستُ التصميم الداخلي، وحصلتُ على درجةِ الماجستير في التخصُّص بلندن، في Royal College of Art، لكنني أعتقدُ أنني في أعماقي فنَّانةٌ بقدرِ ما أنا مُمارِسةٌ أكاديميَّةٌ. أعرِّفُ عن نفسي بأنني متعدِّدةُ التخصُّصات، لكوني مولعةً بالماديات، وأعبِّر عن أفكاري من خلال عديدٍ من الوسائط، من بينها الرسمُ، والوسائطُ المختلطة، ومادة السيراميك، والأثاثُ، والمساحاتُ أيضاً. القائمةُ تطول. أكره اتِّباع القواعد، وأرتجلُ دائماً، وأتبعُ حدسي، ويسمح لي كلٌّ من الخزفِ الحراري، والبورسلين، هاتان المادتان اللتان أستكشفهما في الوقتِ الراهن، بذلك.

مادة السيراميك

مزهرية مصنوعة يدويّاً

هل تلاحظين صعودَ مادةِ السيراميك أخيراً، وإلى ماذا يرجعُ الأمر؟

أعمال من مجموعة Olé

هذا التخصُّص آخذٌ في الازديادِ بالعالمِ العربي، ومنطقةِ الشرق الأوسط، وشمالِ إفريقيا، ويرجع السببُ إلى أنه يحتاج إلى بنيةٍ تحتيَّةٍ بسيطةٍ. هذا التخصُّص لطالما كان حاضراً في العصورِ القديمة في شكلِ قطعٍ طينيَّةٍ بعديدٍ من الحضارات، ولاحقاً في القطعِ الفخَّاريَّة «الطين الحراري» بالصين والثقافاتِ الآسيويَّة، إضافةً إلى ما جلبته الحضارةُ الأندلسيَّة إلى شبه الجزيرةِ الإيبيريَّة من تحقيقاتٍ في المادة، وجماليَّاتها، ووظائفها، ما أدى إلى اهتمامٍ إسباني وبرتغالي بهذا التخصُّص بشكلٍ كبيرٍ.

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال  هذا الرابط

الاكتشاف الذاتي

من أعمال من مجموعة Olé

ماذا يعني لكِ التجريبُ، وهل تقومين بذلك أم تفضِّلين اتِّباع خططٍ محدَّدةٍ في العمل؟

أطباق من مجموعة Lips

أحبُّ الابتكار، وأعتقدُ أنني أسيرُ على الطريقِ الصحيح، ومتيقنةٌ من أن هناك دائماً مجالاً للاكتشاف الذاتي، والتحسينات. لدي فهمٌ حدسي لأسلوبي. أتبعُ أسلوباً ما، وأطوِّعه حسبما يُناسبني. أبدأ بفكرةٍ، لكنْ فكرتي تتحوَّر، وتأخذ أشكالاً وصيغاً مختلفةً. هذا ما أحبُّه. إنه تطوُّرٌ مستمرٌّ، ولا أخشى المحاولة.

حدِّثينا عن مجموعتكِ الأخيرة لنواحي الألوانِ، والأشكالِ، والإلهام؟

مزهرية من مجموعة Traces

مجموعتي الجديدة، تحملُ اسمَ Traces، وهي عبارةٌ عن أوان مصنوعة من الخزف الحراري، تترجمُ فكرةَ الحدود، والحريَّة بطريقةٍ سُرياليَّةٍ. أثناء عمليَّة البناءِ اليدوي للمجموعة، يمكن دائماً أن تجدوا أثرَ يدَي في الإناء. إنها قطعٌ مصنوعةٌ بيدٍ بشريَّةٍ، وتخاطبُ قلبَ الإنسان مباشرةً. لا أحبُّ الكمال، لأنه يدمِّرُ الجانبَ الإنساني في الكائن. لستُ إنساناً كاملاً، وكذا هي أعمالي الفنيَّة. أحبُّ أن يرى المستخدمُ النهائي بوضوحٍ هويَّة الفنَّان «الصانع»، ولمسته. أؤمنُ بأنني شخصٌ معبِّرٌ، ولستُ متصنِّعةً على الإطلاق، فأوعيتي، وتصاميمي ملوَّنةٌ، ومثيرةٌ، ومبهجةٌ في الغالب، مع لمسةٍ من الألوانِ، والبريقِ الذهبي عندما يتعلَّق الأمرُ بالسيراميك.