سونية مبارك، مطربة «النخبة» في تونس، تثير زوبعة من الانتقادات والتعليقات بانتخابها مديرة لمهرجان قرطاج الدولي؛ خلفاً للدكتور مراد الصقلي، الذي أصبح وزيراً للثقافة منذ عدة أشهر، وقد سارع البعض على غرار المطرب قاسم كافي؛ للإعلان أنها ليست أهلاً لتولي إدارة المهرجان، والأمر لم يقتصر على ذلك؛ بل تعرضت لنقد لاذع بعد الثورة، وتم تصنيفها ضمن قائمة الفنانين المقربين من النظام السابق، ولكنها فضلت الصمت إلى أن مرت العاصفة؛ فمن هي سونية مبارك؟؟
فنانة جدية
عرفت سونية بوقارها على المسرح، وبانتقائها الأغاني الطربية، وبابتعادها عن الاختلاط كثيراً بالوسط الفني، وهي بصدد إعداد أطروحة دكتوراه في العلوم السياسية، لقد كانت من بين القليلات جداً من المطربات التونسيات اللاتي دخلن الجامعة، واستطاعت بأسلوبها المحافظ في اللباس والغناء، وابتعادها عن الابتذال وترفعها عن «الصغائر»، أن ترسم لنفسها ولفنها صورة مشرقة، وهي تجيد العزف على آلة العود، ولها محاولات موفقة في التلحين، وصوتها عذب، ولها أغان باللهجة التونسية وبالفصحى.
سونية الخجولة
إذا غنت أطربت، وإذا تحدثت أقنعت، يظن من لا يعرفها أنها متعالية ومتكبرة، والحقيقة أنها خجولة، تخفي خجلها وراء غلالة من الصمت والانزواء، ولكن بمرور الأعوام اكتسبت خبرة في التعامل مع الإعلام.
مديرة مهرجان قرطاج
ويصادف تسمية سونية مبارك احتفال مهرجان قرطاج الدولي بمرور 50 عاماً على تأسيسه في دورته هذا الصيف «شهري يوليو وأغسطس2014» مما يمثّل حدثاً ثقافياً وفنياً كبيراً، والجدير بالذكر أنه لأول مرة تتولى امرأة إدارة مهرجان قرطاج الدولي، الذي أسسه الشاذلي القليبي، الأمين العام لجامعة الدول العربية سابقاً، والذي كان وزيراً للثقافة عندما انطلقت أول دورة للمهرجان.
تحية للوركا
تغني سونية مبارك بالفرنسية، وسبق لها أن شاركت في مسابقة «الأوروفزيون» المخصصة للأغاني الفرانكفونية، وهي كثيرة السفر إلى البلدان الأوروبية للغناء أمام جمهور أوروبي من الذواقة للفن، ومن موقعها ساهمت في التعريف بالموسيقى العربية لدى الغربيين، وسبق لها أن كرّمت الشّاعر الإسباني الكبير، فيديريكو غارسيا لوركا، بأن غنت من أشعار شاعر غرناطة الكبير؛ من أجل استعادة تجربته الإبداعيّة من خلال رؤية عربيّة.
أندلسيات ونزاريات
ومن أجل النّفاذ إلى عوالم غرناطة عبر كلّ الأزمان؛ فإن الفنّانة سونية مبارك عملت على استعادة الموشّحات الشّهيرة للشاعر الأندلسي، ابن الخطيب، كما غنت بولع قصيدة «الحمراء» لأحد أبرز شعراء العربيّة، نزار قبّاني، الّذي عانق ماضيه بشراسة ليجده في إسبانيّة جميلة من غرناطة؛ فغارسيا لوركا حاضر بقوّة في المدوّنة الشّعريّة لجيل كامل من الشّعراء العرب المعاصرين للأندلس الجديدة الضّائعة على أرض فلسطين.
من خلال هذا العمل الموسيقي، شدت سونية مبارك بغارسيا لوركا، وعملت على إدخال نوع آخر للشّجن في الغناء العربي؛ فعبر الغزليّة والنّشيد العميق واللّوعة، سعت لاستعادة الموّال والارتجال والمقام العراقي وأشكال أخرى عربيّة في مداها العميق والمعاصر، تعبيرات عن الألم والفرح والحب والحنان.
بين التشجيع والرفض
ترفض سونية الغناء في المطاعم أو حفلات الأعراس، وهي حريصة كل الحرص على سمعتها الفنية والشخصية، وحين تم اختيارها مديرة لمهرجان الأغنية التونسية منذ سنوات، أثار ذلك لغطاً كبيراً؛ فهي أول امرأة يتم تكليفها بهذه المهمة، وقد نجحت سونية في الإعداد والتنظيم للمهرجان، وسعت لإشراك الجميع، لكن أكثر المطربين «الكبار» خذلوها، ولم يقبلوا المشاركة، وكذلك الأمر بالنسبة لأشهر المطربات، ولكن الجمهور كان سنداً لها؛ فأقبل على حفلات المهرجان الثلاث وقتها، وكان زوجها البعيد عن الأضواء يقف كل ليلة مشجعاً ومسانداً لسونية الفنانة والزوجة و...مديرة المهرجان.
ولا شك أن سونية، الأم لطفلين، ستكون بعد تسميتها مديرة جديدة لمهرجان قرطاج في دورة 2014، عرضة للكثير من النقد والانتقاد، ولكنها اكتسبت حصانة، وإنها ستقترح برنامجاً ثرياً يجمع بين الإفادة والإمتاع.
سونية المبارك.. مديرة مهرجان قرطاج وسر علاقتها بالرئيس
- قصص ملهمة
- سيدتي - الطيّب فراد
- 18 يونيو 2014