الطالبة ميادة زعزوع، المبتعثة السعوديَّة إلى الولايات المتحدة، تخرجت ضمن أول دفعة من الطالبات الحاصلات على بكالوريس في الصحافة بالسعودية، وعملت مراسلة للقناة الثقافيَّة السعوديَّة لخمسة أعوام متواصلة، رغم محاولتها لتصبح معيدة في إحدى الجامعات المحليَّة، لكنَّها قررت الابتعاث للخارج للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه لتحقيق حلمها، وما زالت تواصل عملها الثقافي الذي أحبته. التحقت بصحيفة مكَّة، وحصلت على عضويَّة لجنة الدعم والمساندة من الملحقيَّة الثقافيَّة، وتكتب لمجلة المبتعث والنشرة الإلكترونيَّة الصادرتين عن الملحقيَّة الثقافيَّة. «سيدتي» التقتها لتروي لنا تجربتها مع الابتعاث ومسيرتها الإعلاميَّة.
• هل اخترت الابتعاث أم أجبرت عليه؟
اختيار وإجبار في آن واحد، كنت في منتهى السعادة عند تخرجي بتقدير امتياز ضمن أول دفعة من الطالبات الحاصلات على بكالوريس في الصحافة بالسعودية، توقعت أن أجد مكاناً يليق بخبرتي المتواضعة، وبعد تقديمي للحصول على وظيفة معيدة في إحدى الجامعات الناشئة وما حصل من تعامل لا يليق، قررت الهروب والحصول على شهادة الماجستير، وبعدها مباشرة الدكتوراة لأكون بذلك حققت ذاتي تماماً وأضفت لنفسي ما أحتاجه من علم مطعّم بخبرة عمليَّة جيدة ومن الخارج.
• أين تقيمين ومع من؟
أقيم في الولايات المتحدة الأميركيَّة، ولاية ميريلاند، وبعد دعم زوجي لي ووجوده معي في السنوات الأولى، أمكث وحيدة الآن بعدما اضطرته ظروف عمله للعودة إلى السعوديَّة.
• هل تأقلمت مع الحياة الأميركيَّة؟
التأقلم أسهل ما يكون مع كائن ينتمي لكل الأشياء، لم أتعرف على كائن اسمه غربة، بل كتبته فقط في يومياتي وتدويناتي كهوسي بالكتابة عن القهوة، مع العلم أنني لا أشربها.
• كيف تجدين التعامل من الآخرين؟
التعامل مع الآخرين هنا سهل ومرن جداً، والدخول في المجتمعات الأميركيَّة لا يتطلب أكثر من ابتسامة وتحيَّة كل صباح، لا شيء مخيفاً إطلاقاً، خاصة أنَّ هذا الشعب من أصدق الشعوب في التعامل ولا يأتيك منه إلا الخير طالما كانت هنالك ألفة وعشرة حسنة.
• كيف توفقين بين نشاطك الإعلامي والدراسة؟
كانت بدايتي محض صدفة، فأثناء مشاهدتي أنا وزوجي لمباراة في أحد المطاعم العربيَّة فوجئت بشعار القناة الرياضيَّة وتوجهت للمصور سائلة إياه عن العمل وآليته، لأفاجأ بحاجتهم لمراسلة للقناة الثقافيَّة التي كنت أعمل معها مسبقاً، وبعدها بيومين بدأت العمل معهم، هذه الازدواجيَّة الجميلة وإدارة الوقت نوع من الإدمان منذ الصغر، وأستطيع أن أفعلها لأنَّها غدت جزءاً من يومياتي، ودونها أشعر بالملل مهما تعبأت الحياة. واصلت في عملي مع القناة الثقافية من واشنطن عامين ونصف العام، وأخيراً انضممت لصحيفة مكة.
• هل لك مشاركات أو عمل آخر؟
أشارك في كثير من الأعمال التطوعيَّة، وأحرص على حضور دورات تدريبيَّة تقام في منطقتي في كافة المجالات، كما أحرص على حضور المؤتمرات والمهرجانات التي تقام بشكل شبه يومي للتعرف على كل ما هو جديد لم أتعلمه من قبل. إضافة لمشاركتي مع الملحقيَّة الثقافيَّة في أغلب الفعاليات التي تقدم، وكذلك السفارة السعوديَّة بالعاصمة واشنطن. وأركز كثيراً منذ بدء هذا العام على العمل مع الطلبة من الصم والبكم لإبراز أنشطتهم وتمثيلهم للدين والوطن في مختلف المحافل. وأعمل معهم على توعية الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة بحقوقهم وما لهم وما عليهم من برنامج الابتعاث ومن المجتمع الأميركي الذي يعيشونه.
• كيف ترين العمل في الجامعة؟
حلمي الكبير أن أكون أكاديميَّة، لم أعمل حتى الآن في الجامعة، لكني أستطيع أن أشاهد المتعة الممزوجة بالتعب التي ترسم يومياً في نهاية الدوام على وجه طاقم التدريس في قسمي. وأبتسم دائماً قائلة: غداً سأفعلها.
• الطالبات السعوديات المبتعثات كيف تجدين تعاملهنَّ معك؟
في البداية والنهاية نحن أخوات نحمل ذات الهدف السامي لإكمال الدراسة والعودة إلى أرض الوطن للمشاركة في نهضته وتنميته.
• هل هناك زيارات فيما بينكنَّ أم اختارت كل منكنَّ صديقات أجنبيات؟
نعم بالتأكيد، صديقاتي من السعوديات والعربيات، والأميركيات هنَّ ملح الحياة.
• مشكلة واجهتك ولم تقدري على حلها إلا بعد حين؟
مشكلة الوقت المهدر في المواصلات العامة بين حافلة، ومترو، وقطار، وسيارة أجرة، وكذلك مشكلة الانتقال من سكن لآخر، فخلال الثلاث سنوات انتقلت من بيتي 6 مرَّات وهذا ليس سهلا أبداً. لكن الآن أشعر باستقرار كامل في منزلي وسأمتلك مفتاح سيارتي بعد عدة أيام لتنتهي مشكلة المواصلات العامَّة.
• من يساعدك عندما تكونين بحاجه للمساعدة؟
أينما وجهت بوصلتي، وجدت العون، فما نقدمه للآخرين يعود لنا أضعافاً من دون أن نحتسب. بعد توفيق الله.
• ما الفرق بين المراسلة للإعلام هنا وهناك؟
هناك، ينقصنا الكثير، وهنا أشعر بالكمال. دقة عالية، تقنيات متقدمة، فعاليات متعددة في اليوم الواحد باختلاف تخصصاتها وبطرق تناول وطرح مختلفة، أتعلم كثيراً من المعلومات الجديدة، لدي من يصحح أخطائي، من يهبني الطريق الصحيح لأداء رسالة هادفة.
• كيف ترين حضور ونشاط الطالبات السعوديات المبتعثات؟
ألومهن على الغياب، والتركيز فقط على الدراسة. نحن هنا لنستفيد من تجربة كاملة تصنع منا إنساناً جديداً، إنساناً منفتحاً على ثقافات جديدة ومعلومات جديدة تجدها حيثما تمر وتعبر، وأتمنى منهنَّ المزيد من التفاعل. ولفتني جداً من خلال الأندية الطلابيَّة واجتماعاتها حضور المرأة كرئيسة لنادٍ طلابي في جامعتها وازدياد أعداد الرئيسات ما يبشر بخير كبير.
• ما هو حال تطبيق الإسلام في حياتكنَّ هناك؟
الاسلام في قلوبنا ونعكسه بأخلاقنا وتصرفاتنا. لم يتغير شيء، بل ربما يزداد الإيمان في كل مرَّة تتعلم منها معلومة جديدة عجيبة في الديانات الأخرى. لا أجد مضايقات في منطقتي، بل أصبح الأميركان على معرفة ودراية جيدة بالمسلمين، وبالطلبة السعوديين تحديداً، وذلك لكثرة وجودهم في المنطقة. وصادفت كثيراً من المسلمين الجدد الذين يعملون بالمحال التجارية، وكثيرين من الذين لديهم شغف لمعرفة الإسلام أكثر والدخول فيه.
• ماذا تتمنين وأنت هناك؟
أتمنى أن أنتهي من مرحلة الماجستير قريباً وأحصل على قبول للدكتوراه، إما في واشنطن أو في نيويورك. وبالمناسبة مانهاتن بالنسبة لي متنفس عظيم ورئة ثالثة أهرب إليها من ضغط الحياة ورتابتها التي تنتابني أحياناً قليلة. أتمنى كذلك أن أحصل على وظيفة أكاديميَّة في هذه الفترة لأضمن بذلك أرضاً خصبة أخطو عليها خطواتي عوضاً عن الخطو على الماء الذي قد يصيب وقد يخيب.