تقلا شمعون فرج الله شخصية فنية حملت في أدائها خطوط الدراما وحبكتها بحرفيّة وثقافة ممثلة. فهي تعرف تماماً أدواتها التمثيلية. وكل مسلسل تشارك فيه لابدّ من أن يكتسب نسبة مشاهدة عالية ونجاحه مضمون النتيجة. متصالحة مع نفسها، تعرف ما تريده، جريئة وتبحث دوماً عن المفاجآت. فهي ليست استباقية في أحكامها إنما راصدة لكل خطوة تقوم بها. لبلدة تقلا "جوار الحوز" مكانة خاصة في قلبها حيث استقبلت "سيدتي" التي التقطت لها صوراً عفوية بين أحضان الطبيعة.
من هنّ الممثلات من الجيل الجديد اللواتي «يشتغلن صح» في مجال الدراما؟
ضحكت تقلا عند سماعها السؤال ثم سكتت لتقول: «أنا مازلت أرصد بعض الممثلات ولا أستطيع أن أعطيهنّ credit. كما لا أستطيع أن أسمّي أحداً منهنّ، ربما تكون خطواتهنّ في التمثيل «فلتة شوط» (حظ) أو تكون خطواتهنّ التمثيلية مسيرة حقيقية. وهناك مبدأ عام في التمثيل متأثّر به الجيل الجديد بشكل خاطئ».
ما هو هذا المبدأ الخاطئ المتأثر به الجيل الجديد من الممثلات اللبنانيات؟
ما زلن ينظرن إلى الشخصية التمثيلية التي يردن أداءها من الشكل الخارجي دون غوصهنّ في الشخصية من الداخل للتعرّف على خيوطها وأدواتها. لذلك، معظم ممثلات الجيل الجديد يلعبن أدوارهنّ في أداء الشخصية فقط من الخارج من حيث الشكل والصورة. فهنّ يعملن مقاربة للشخصية التي يؤدّينها فقط بالشكل ويلتهين فيه أكثر. فأين هنّ من أداء الدور من الداخل؟ ومعظمهنّ يقلّدن بعضهنّ البعض.
سمّي لي ممثلات من الجيل الجديد قد لا يكنّ «فلتة شوط» في التمثيل ولديهنّ مسيرة فعلية في هذا المجال؟
لن أسمّي أحداً. أخاف أن أذكر اسماً ويكون تمثيله مجرّد «فلتة شوط». لذلك، ما زلت أرصدهنّ لكي ألمس من منهنّ تخطّت المقاربة الخارجية والشكل للشخصية التي تؤدّيها واقتربت من الغوص في الشخصية من الداخل.
أفهم من كلامك أن ممثلات الجيل الجديد مازلن مأخوذات بدور البطولة في أي مسلسل درامي يشاركن فيه؟
تردّدت وكأنها تجول بالسؤال في رأسها قبل إجابتها وموافقتها المبدئية على ما ذكرته مضيفة: «نستطيع القول إنّ ما قلته في السؤال صحيح، علماً أنني هنّأت العديد من الممثلات على أدوارهنّ. فقد هنأت كلاً من سيرين عبد النور على دوريها في «روبي» و«لعبة الموت» ونادين نجيم على دورها في «لو» وورد الخال في «عشق النساء». بينما دورها كأم في مسلسل «أسمهان» لم يقنعني لأنها كانت شابة على الدور، وسنّها صغيرة. ولمست حقيقة صدق نادين الراسي في مسلسل «آماليا». فأنا مازلت أرصد، لكنني أقول إن ممثلات جيلي «عرقن» وتعبن على المسرح ولم يهمّهنّ شكلهنّ الخارجي مقابل أداء دورهنّ بحرفيّة عالية. بينما ممثلات الجيل الجديد يهتممن بمن يلبسهنّ ومن يهتم بشعرهنّ وماكياجهنّ. كلّ اهتمامهنّ هذا أتى على حساب أدائهنّ للشخصية وأدوارهنّ في المسلسل. وهذا الاهتمام الخارجي لدى الجيل الجديد من الممثلات أتى على خلفية تأثّرهنّ بالفنانات المغنيات، على عكس الجيل الماضي حيث كانت الممثلة تأتي إلى مكان التصوير بكثير من الخفر والخجل. فالممثل إذا لم ينسَ أنه نجم «أكلها» (قالتها باللهجة اللبنانية أي وقع فنياً).
تستفزّني هذه الأسماء
مَن مِن الممثلين الرجال قد يستفزّك أداؤه لكي تقدّمي أمامه الأفضل من أدواتك التمثيلية؟
حقيقة استفزّني أحمد خليل في «اتهام» وهو يلعب دور رجل العصابة. وقال لي: «أنا بأدائي أدافع عن شخصية رجل العصابة». كنت حقيقة أشعر أنني أمام ممثل يعرف أدواته التمثيلية ويعرف ماذا يريد من الشخصية التي يؤدّيها وكيف يقدّم شخصية حقيقية في الدور. فكنت أسأل نفسي: هل قدّمت شخصية ليلى في «اتهام» بشكل حقيقي؟ استفزّني أيضاً حُسن أداء حسن الرداد في «اتهام» واحترافيّته واحترامه للوقت والنص والإنتاج ولكل شيء على البلاتو، فهو ممثل جدّي.
مع من الممثلين السوريين تحبّين التمثيل معه؟
لا أنكر أن الممثلين السوريين يستفزّونني بخاماتهم التمثيلية عندما أحضر الدراما السورية. التمثيل بالنسبة لهم مهنة وحرفية وليس شهرة وأضواء أو وسيلة لإظهار مفاتنهم، لأن حقيقة أغلب التمثيل اليوم هدفه الشهرة. وأنا أسأل: من قال لك أيها الممثل إن الجمهور يهمّه ماذا تأكل وماذا تشرب؟ لذلك، دائماً أجد لدى الممثل السوري حرفية عالية في الأداء التمثيلي. ويستفزّني في التمثيل كل من عابد فهد وباسل خياط وبسام كوسا وأستاذتي منى واصف التي يشبّهونني بها دائماً من حيث الشكل.
بين ميريام وكارول
شاركت في بطولة مسلسل «اتهام»، ما رأيك في ميريام فارس كممثلة؟
ميريام تستوقفني كفنانة، فهي تشتغل على نفسها. وأقول لها إذا كانت تريد الدخول إلى عالم التمثيل، عليها أن تشتغل على نفسها كما اشتغلت على نفسها كفنانة. عليها دراسة التمثيل في المعهد.
لمن تستمع تقلا شمعون من فنانات الجيل الحالي؟
مازلت أستمع للفنانين القدامى الذين تربّيت على أصواتهم: السيدة فيروز وصباح وأم كلثوم ووديع الصافي ونصري شمس الدين. اليوم اختلفت الموسيقى، وأصبح التوزيع هو الطاغي على اللحن والنص. فلم أستمع لصوت من الجيل الجديد ودفعني لأقول «آه»، إلا صوت شيرين عبد الوهاب لمّا سمعت أغنيتها «آه يا ليل». كانت أغنية جديدة لحناً ونصاً، فصوت شيرين ذو إحساس عالٍ. أحبّ كارول سماحة قبل أن تسلك طريقاً فنياً منفرداً تقول فيه أنا نجمة. كنت أتمنى ألا تلحق الموضة الفنية السائدة وتصوّر «كليبات» تشبه غيرها من اللواتي قدّمن «كليبات» قبلها فيها إغراء، فهي لم تقدّم شيئاً جديداً. أحبها عندما كانت مع الرحابنة حين كانت تقدّم أوبريت وتغني live (مباشر)، بزمن لم يكن حينها أحد غيرها قادراً على الغناء المباشر في المسرح الغنائي.
ما رأيك بكارول سماحة في مسلسل «الشحرورة»؟
كارول بالنسبة لي ممثلة خطيرة، وحرام على الغناء أن يجعلنا نخسر كارول لأنها تملك خامة تمثيلية مهمّة. كارول جعلتني أشعر أنها تقمّصت روح صباح وأدّتها بفن. ممكن أداء مرحلة الشباب في حياة صباح كان خطراً على كارول لأن الجمهور نفر منها في البداية، إذ لم يصدّق أن هذه هي صباح بعمر الـ 16 عاماً. فكان أداؤها مفتعلاً، لكن في سن صباح الحالية كانت لكارول قدرة تمثيلية عالية بأداء هذه المرحلة.
هل فكّرت تقلا بشخصية تاريخية تمثّل سيرتها الذاتية؟
أنا من محبّي الأديبة مي زيادة وكنت أتمنى تقديم سيرتها الذاتية لشعوري بأنني قريبة منها وتمسّني من الداخل. فأنا مطّلعة على أدبها وحياتها. وكنت أيضاً أحب أن أقدّم السيرة الذاتية للسيدة شمس زوجة الأمير بشير.