«إنت فاكرني واحدة ست.. ده أنا بـ100 راجل»..
هو من حقق أمنية بعض النساء بالانتقال إلى عالم الرجال وارتداء عباءتهم وتحمل مسؤولياتهم الثقيلة.. لم يكن للسينما المصرية أن تحلق نحو موضوعات شائكة كقضية التحول الجنسي إلا من خلال سينما مخرجها الراحل رأفت الميهي، في فيلمه الذي أثار ضجة كبيرة «السادة الرجال» بطولة معالي زايد ومحمود عبدالعزيز.
وها هو رأفت الميهي يرحل أخيراً وحيداً مريضاً عن عمر يناهز الـ75 عاماً. لم يأت زملاؤه النجوم لوداعه في جنازته، إلا أن روح المخرج الكبير كانت تحلّق في سينما الفن السابع، التي لن تطفأ نجاحاته وانتصاراته في ذاكراتها.
ولد رأفت الميهي عام 1940، وهو مخرج وكاتب للسيناريو، دخل إلى عالم السينما من بوابته الواسعة؛ من خلال شراكة أكثر من ناجحة مع المخرج كمال الشيخ، بعد أن كتب له سيناريو أفلام مثل «غروب وشروق» من بطولة سعاد حسني ورشدي أباظة، الذي قدم من خلالها موضوع الثورة والحب والخيانة. أيضاً قدما معاً فيلم «شيء في صدري» من بطولة رشدي أباظة وهدى سلطان، وفيلم «على من نطلق الرصاص» عام 1975.
من بعدها توالت أفلام رأفت الميهي المهمة، التي أكدت موهبته في عالم الكتابة، بل هي الورقة الرابحة في فضاء السيناريو السينمائي في أفلام مثل: «أين عقلي؟» للمخرج عاطف سالم، ومن بطولة سعاد حسني ومحمود ياسين.
درس رأفت الميهي اللغة الإنجليزية في كلية الآداب. لم يحلم يوماً بدخول عالم السينما. انحصرت أحلامه في عالم الكتابة، وأن يصبح يوماً ما روائياً أو قاصاً. إلا أن سحر السينما وعشقها دفعه لاستكمال هذا المسار الذي بدأه في ستينات القرن العشرين، ومعه توالت أفلام ذات أبعاد رمزية نجح في إسقاطها على قضايا حساسة في المجتمع المصري.
بعد ذلك قرر رأفت الميهي الخروج من عباءة السينما الواقعية، التي ميزت حقبة الثمانينات، راسماً مساراً خاصاً به في أفلام اجتماعية خارجة عن السياق الاعتيادي العام، مثل «سيداتي آنساتي» من بطولة محمود عبدالعزيز ومعالي زايد وعبلة كامل، في إسقاط على معضلة العنوسة، وقرار 4 صديقات الزواج من رجل واحد في نفس الليلة!
دخل بعدها رأفت الميهي إلى فضاء التجريب على صعيد الموضوع، في أفلام فانتازيا لم تحقق النجاح، مثل «تفاحة» من بطولة ليلى علوي، «ميت فل» من بطولة شريهان وهشام سليم. أما آخر أفلامه فهو «عشان ربنا يحبك» من بطولة أحمد رزق وداليا البحيري، الذي لم يحقق أي نجاح في السينما، وكال له النقاد نقداً لاذعاً. أما في الدراما التلفزيونية، فلم يقدم رأفت الميهي سوى مسلسل واحد وهو «وكالة عطية».
قرر رأفت الميهي بعد تلك المرحلة أن يدخل منعطفاً آخر في حياته؛ حيث أنشأ «أكاديمية الميهي» لتعليم فنون الفيلم لاكتشاف مواهب جديدة، فأعاد ترميم «أستوديو جلال» وأنشأ بلاتوهات للتصوير، وكلية للإخراج.
وبالتوازي مع هذا الأمر، أراد رأفت الميهي في سنواته الأخيرة تحقيق حلمه الأثير في الحياة؛ ألا وهو كتابة رواية، حيث أصدر عمله «سحر العشق»، تلك الرواية التي أراد بطبيعة الحال تحويلها إلى فيلم يحمل الاسم نفسه، إلا أن مديرية الرقابة على المصنّفات الفنية رفضت سيناريو الفيلم.