هل ستحكم الأمم المتحدة امرأة في سابقة تعد الأولى من نوعها؟ وهل فعلاً ستنجح 53 دولة في الضغط لتكريس قناعتها في تولي امرأة منصب الأمين العام للأمم المتحدة؟، وهل سيتم تمكين إحدى المرشحات الأربعة ضمن ثمانية مرشحين من التتويج والتربع على هذا المنصب الرفيع المستوى داخل أهم منظمة عالمية على الإطلاق؟ وهل تحقق المرأة بحنكتها وخبرتها وذكائها ما لم يحققه الرجال للإنسانية من سلم وعدل ومساواة؟
صوت العدالة
مع نهاية السنة الجارية تكون عهدة الأمين العام الحالي للأمم المتحدة بان كي مون قد انتهت؛ لذا بدأ العد التنازلي باكراً، عقب ترشح 8 فرسان من بينهم أربع سيدات كي ينتخبن في أعلى منصب في هذه المنظمة العالمية، ومن بين المرشحات الأكثر حظاً حسب المتتبعين لهذا السباق «هيلين كلارك» رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة، التي ترأس في الوقت الراهن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث كشفت عن حرصها في خوض حملة قوية، مطلقة وعوداً مغرية تصب في حالة فوزها في إرساء الشفافية بشكل عميق، وتحاول الترويج لخبرتها في المجال القيادي، ومقتنعة أن حظوظها متساوية من حيث الاهتمام مع نظرائها من المرشحين الرجال، وشغلت هذه المرأة منصب رئيسة لوزراء نيوزيلندا في الفترة الممتدة ما بين عامي 1999 و2008، ولديها مسار سياسي ثري، وناصرت القضايا العادلة مثل رفضها للعنصرية بجنوب إفريقيا، والتجارب النووية في جنوب المحيط الهادي وحرب فيتنام، يذكر أن «هيلين اليزابث كلارك» ولدت بمدينة هاملتون الواقعة في مقاطعة «ويكاتو» النيوزيلندية عام 1950، في البداية عملت كأستاذة جامعية وحملت عدة حقائب وزارية، وتمت تزكيتها كزعيمة لحزب العمال، وهناك من يصفها بصوت العدالة كونها مدافعة شرسة عن المظلومين، ومناصرة للقضايا الإنسانية العادلة.
المساواة بين الجنسيين
بينما البلغارية «إيرينا بوكوفا» تعد كذلك صاحبة الحظوظ القوية في كسب غمار السباق، كونها تعرف كأول امرأة تتولى إدارة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، وقد صنف فوزها التاريخي أي كمديرة «اليونسكو» ضمن النجاح الباهر لامرأة على منافسيها من الرجال، وعكس بشكل كبير «المساواة بين الجنسين»، من مواليد عام 1952 تحصلت على الماجستير في إدارة الأعمال من معهد الدولة للعلاقات الخارجية بموسكو، ودرست بجامعتي هارفارد وميريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية، تعد مؤسسة ورئيسة المنتدى السياسي الأوروبي، سهرت على تجاوز الانقسامات في أوروبا، وحرصت على تعزيز قيم الحوار والتنوع وحماية حقوق الإنسان، لديها مسار دبلوماسي ساطع منحها الخبرة في التعاطي بنجاح مع الملفات الشائكة، على اعتبار أنها شغلت منصب سفيرة جمهورية بلغاريا في فرنسا وكذا موناكو، وعينت الممثلة الشخصية لرئيس جمهورية بلغاريا في المنظمة الدولية للفرانكفونية، إلى جانب أن الاختيار وقع عليها لتكون المندوبة الدائمة لبلغاريا لدى منظمة اليونسكو في الفترة الممتدة ما بين 2005 و2009.
الطموح والصرامة
إنها أصغر من ترشح إلى مثل هذا المنصب الريادي، تمتاز بالصرامة في عملها وتملك طموحاً كبيراً لاقتحام أسوار بيت «الأمم المتحدة»، لأن المرشحة ناتاليا شيرمان وزيرة خارجية مولدوفا السابقة من مواليد عام1969 وتحصيلها العلمي بدأ من بلدها لتواصل بجد وتميز مسارها الدراسي في «لندن»، ما أهلها مباشرة للالتحاق بالسلك الدبلوماسي، وبفضل نشاطها وذكائها تمكنت في فترة قصيرة من كسب ثقة المسؤولين في وطنها، لتعين سفيرة في العديد من الدول من بينها سفيرة «مولدوفا» بأستراليا، وترقت في اعتلاء المناصب في وقت قياسي، عندما صارت نائبة عن وزارة الشؤون الخارجية، بينما في عام2013 تحقق حلمها وحملت حقيبة وزارة الخارجية إلى غاية نهاية شهر جانفي 2016، ثم ترشحت في شهر فبراير الماضي إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة. ترى أنها تملك رصيداً لا بأس به لتساهم بخبرتها في تحقيق العديد من المكاسب ذات البعد الإنساني.
الاهتمام بشؤون المرأة
بدأت مسارها كناشطة مدافعة عن حقوق المرأة بكرواتيا، كونها درست علم الاجتماع وتميل إلى كل ما يتعلق بحواء والأسرة، وكذا خصوصية المجتمع بالتحديد، تبلغ اليوم من العمر62 عاماً، حيث شغلت المرشحة فيسنا بوسيتش منصب نائبة رئيس الوزراء ووزيرة خارجية كرواتيا بعد تعيينها في عام 2011، علماً أنها تنتمي إلى حكومة يسار الوسط، وساهمت كثيراً في مفاوضات انضمام بلدها إلى الاتحاد الأوروبي، والتزمت في حالة فوزها بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة بالسهر على ملفات صحة المرأة والرعاية الاجتماعية على وجه الخصوص، وتشعر هذه المرشحة بالكثير من الغبطة كونها دخلت هذا السباق، بالرغم من كونها ليست سياسية كبيرة، بل تميل أكثر إلى الشأن الدبلوماسي وكل ما له بعد اجتماعي ويتعلق بالمرأة.
وما يلفت للانتباه أن قائمة المرشحين نصفها نساء، وتوجد حظوظ قوية كي تتألق امرأة وتتصدر السباق، علماً أن أعلى منصب في هذه المنظمة الأممية لم تشغله سيدة من قبل، أي منذ تأسيس الأمم المتحدة قبل سبعة عقود كاملة، وتضغط في الوقت الحالي نحو53 دولة حتى يتم انتخاب أمينة عامة خلفاً للأمين العام الحالي بان كي مون، إلى جانب الحراك الذي باشرته المنظمات الجمعوية حتى تميل الكفة إلى إحدى المرشحات.
هل ستحكم منظمة الأمم المتحدة امرأة؟
- قصص ملهمة
- سيدتي - فضيلة بودريش
- 01 مايو 2016