جميلة كما هي رغم سنواتها الاحدى والثمانون. لم تتغير بشرتها السمراء وابتسامتها الرقيقة ووجهها المنير. شامخة فيروز بحجم الوطن. وها هو العالم العربي أجمع يحتفل اليوم بعيدها الواحد والثمانين بعد أن حفرت في وجدان من عاصرها وحتى من لم يقدر له الا سماع أغنياتها عبر الشاشة اللابتوب وتطبيقات الأغاني الحديثة حيزا جمل حياتنا بالحب. تتسلل الينا كل صباح مع زقزة العصافير حتى بتنا لا نستطع بدأ نهاراتنا دون اغنياتها. وتحتفل مدينة بعلبك التي وقفت فيروز على مسرحها الأثري الكبير منذ ستون عاما بعيد ميلادها الـ 81 حيث ستضاء قلعة بعلبك بصور فيروز وسيصدح صوتها عبر مكبرات الصوت بين أرجائها وسط حضور كبير لأهالي المدينة.
ولدت فيروز أو نهاد حداد في لبنان في 21 تشرين الثاني – نوفمبر عام 1935، وأصل والديها من ماردين السورية السريانية الأصل. عاشت فيروز في أسرة بسيطة داخل بيت مؤلف من غرفة واحدة. وعشقت الغناء منذ نعومة أظافرها. كانت تسترق سماع الأغاني على الراديو من عند الجيران كما تقول. تحفظ ما تسمعه من أغاني لترددها في اليوم التالي حتى ينزعج الجيران من غناء أغنيات أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب دون أن تدري بأن القدر يخبأ لها لقاء هؤلاء العمالقة!
كانت بداية مسيرتها الفنية عندما اكتشفها في المدرسة ملحن النشيد الوطني السوري، الا أن والدها المحافظ رفض فكرة غناء ابنته، لكن نجح فليفل في اقناعه بعد أن أكد له أنها لن تغني سوى الأغاني الوطنية. من بعدها درست فيروز الموسيقى في المعهد الوطني للموسيقى ثم حققت حلمها بالالتحاق بفرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية لتصبح معنية في الكورس.
ألف لها مدير الاذاعة اللبنانية في حينها حليم الرومي أول أغانيها لتكون انطلاقتها الحقيقية في عالم الفن عندما اكتشفها عاصي الرحباني فبدأت شراكتهما الفنية، حيث حمل صوتها أفكار الأخوين الرحباني، فأحدثت أغنياتها ثورة في الموسيقى العربية بسبب قصر مدتها وبساطتها وقوة معناها.
تزوجت فيروز من عاصي الرحباني عام 1955 وأنجبا أبناؤهما الأربعة: زياد، هالي، ليال وريما لتتطور بذلك أواصر العلاقة الفنية أكثر فازداد نجاح فيروز مع الرحباني بعد تقديم أكثر من 15 مسرحية موسيقية التي تنوعت مواضيعها بين نقد الحاكم والشعب وتمجيد البطولة والحب مثل مسرحية "ميس الريم".
وأيضا لعبت فيروز بطولة ثلاثة أفلام سينمائية هي "بياع الخواتم"، "سفر برلك"، و"بنت الحارس". وغنت للعديد من الشعراء والملحنين بعد أن قدمت أكثر من ستين ألبوم، وغنت فيروز لمدن العالم العربي حتى اعتبرت أغنيتها "زهرة المدائن" أحد أشهر الأغاني العربية المهداة للقضية الفلسطينية، فأطلق على فيروز بعد هذا النجاح العديد من الالقاب مثل "سفيرتنا إلى النجوم"، "جارة القمر"، "أسطورة العرب"، "ياسمينة الشام"، "ملكة الغناء العربي"، "عصفورة الشرق"، "الصوت الساحر"، "سيدة الصباح"، "صوت الأوطان" و"الصوت الملائكي".
وبعد وفاة زوجها عاصي الرحباني، عملت فيروز مع ابنها زياد الذي قدم لها مجموعة كبيرة من الأغاني الناجحة. وفي عام 2010 فاجأت فيروز جمهورها بعمل ألبوم غنائي بعنوان "ايه فيه أمل" الذي ضم 12 أغنية، بعد توقفها عن الغناء لعدة سنوات، وقد حقق الألبوم نجاحا مدويا في العالم العربي. الا أن هذا أيضا لم يجعلها في قلب المشهد الفني، حيث قررت بعد وفاة زوجها الابتعاد عن الساحة الفنية لتطل عليها من وقت الى آخر لتروي اشتياق الناس اليها.
نقول اليوم لمن غنت لزهرة المدائن: كل عام وأنت بخير واشتقنا لأطلالتك علينا كثيرا..