في العاشر من يناير 2017م، توفيت كلير هولينجوورث، عن عمر يناهز 105أعوام، لتسدل الستار على سيرة أشهر صحافية في القرن العشرين، والتي كان لها السبق في إعلان نشوب الحرب العالمية الثانية، وغزو الجيوش الألمانية بولندة.
في البدء كانت كلير ناشطة في معسكرات اللاجئين على الحدود البولندية الألمانية، ثم تعاقدت مع صحيفة ديلي تلجراف اللندنية مراسلة من كاتويك- بولندة، وخلال أيام وجدت نفسها في مسرح أحداث بدايات الحرب، لتعلن استعداد جيوش هتلر لغزو الأراضي البولندية.
لاحظت كلير حركة غير عادية على الجانب الألماني من الحدود، فاحتالت للدخول إلى ألمانيا، لتتعرف إلى درجة استعدادات هتلر، استعارت سيارة دبلوماسية من صديقها القنصل البريطاني في كاتويك، اجتازت نقاط التفتيش، شاهدت آلاف الدبابات تصطف على مقربة من الحدود، فعادت بالسيارة وأعادتها إلى القنصل وأخبرته بما رأت، فبعث رسالة سرية عاجلة للخارجية البريطانية.
اتصلت كلير بمراسل تلغراف في وارسو، ونقلت له مشاهداتها، فجاءت العناوين في 29 أغسطس 1939م: «1000 دبابة تستعد على الحدود - وعشرة فيالق متأهبة لغزو الأراضي البولندية»، وخلال ثلاثة أيام زمجرت الدبابات، لتبلغ كلير سفارة بريطانيا في وارسو: «الآن بدأت الحرب».
اشتهرت كلير مراسلة عسكرية في حروب عدة، الجزائر، وفيتنام، واليمن، واليونان، وغيرها، حتى وصفها الكاتب البريطاني توم بوكوك بقوله: «لا حرب مكتملة من دون تقارير كلير».
كانت كلير تجد متعتها في ميادين الصراع، تصحب الجنود وقت الاشتباكات، وتصل إلى معاقل المتمردين في النقاط الساخنة، وتركب دراجة نارية لتعبر جسرًا في إقليم كشمير، وتتطاير من حولها القذائف، لتقول لمرافقها: «هنا، في ميادين المعارك، أجد ما يعطي حياتي قيمة».
مما روت في كتابها «في الخطوط الأمامية»: «طردني مونتجمري- في حرب العلمين- من الوفد الصحفي، كان يعادي المرأة، قال لي: «مكانك ليس هنا في الخطوط الأمامية».. لم أستسلم، انضويت في القوات الإفريقية في الجزائر تحت إمرة أيزنهاور، وأنجزت مهمتي الصحفية».
تدربت كلير على قيادة الطائرة والقفز بالمظلة، وكانت تنام على أرضية الغرفة: «لأن رمال الصحراء هي سريري خلال تغطية الحروب».
يذكر أن كلير كانت تقيم في هونج كونج منذ العام 1980م، مع ابنها بالتبني باتريك جاريث، وهو الذي أعلن خبر وفاتها مؤخرًا.