كان العلماء، حتى وقت قريب، يظنون أنّ البيئة هي التي تؤثّر على نظام المناعة لدى الشخص، أكثر من عوامله الوراثية وجيناته. ولكن في حقيقة الأمر العكس هو الصحيح.
فقد اثبتت الدراسات والابحاث ، ان الانسان حين يصاب بالمرض، فإنَّ الجسم يتعلم الدفاع عن ذاته ضد مسبّبات الأمراض، ويحاربها بواسطة نظام المناعة. وقد اكتشف العلماء حديثاً أنَّ نظام المناعة لدى الشخص هو في الأساس وراثي. والاختلافات بين الأشخاص- من حيث أنهم لا يستجيبون بالطريقة ذاتها، إلى أي عدو خارجي للجسم- تأتي في الأساس من العوامل الوراثية وليس من البيئة، وكانت هذه مفاجأة للباحثين من كلية كينغ في لندن، والذين كانوا يعتقدون قبل ذلك أنّ العوامل البيئية هي التي تؤثّر بشكل أكبر على نظام المناعة . وفي الواقع، فإنَّ الأسباب البيئية تلعب دوراً في ذلك، بما فيها النظام الغذائي المتّبع، ولكن حوالى ثلاثة أرباع دفاعات الجسم ضد مسبّبات الأمراض تأتي من عوامله الوراثية.
نحو إيجاد علاج موجّه بشكل شخصي
من أجل إجراء دراستهم التي نُشرت في مجلة Nature Communications، قام الباحثون بتحليل أكثر من 23 ألفاً من خصائص المناعة لدى 497 من التوائم البريطانيين، إذ إنّ البحث والعمل على التوائم، يكون أسهل عند مقارنة العوامل الوراثية وظروف المعيشة، والتي تكون متشابهة في الغالب. وقد وجد العلماء أنّ العوامل الوراثية تلعب دوراً رئيسياً في المناعة المكتسبة، أي المناعة التي يتعلّمها الجسم عندما يواجه مسبّبات أمراض جديدة مثل الفيروسات والجراثيم. وفي المقابل فإنَّ ردود الفعل المناعية البسيطة، والتي يمكن مقارنتها بنظام المناعة الرئيسي في الشخص الناضج، تكون أكثر صلة بالعوامل البيئية.
وهذه النتائج التي اكتشفها الباحثون، سوف تساعد على فهم نظام المناعة بشكل أفضل، وتوجيه الأبحاث المستقبلية نحو أدوية أكثر دقة، أو موجّهة بشكل شخصي. والهدف هو تكييف العلاج لأيّ مرض، نحو كل مريض على حدة، مع الأخذ بعين الاعتبار خصائصه الشخصية، مثل عوامله الوراثية.