يعتبر الأدب حصيلة التجارب والأفكار التي يمر بها كاتبها دوماً، وفي كثير من المرات يقتبس الأدباء من حياة الأخرين ومن خيالاتهم، حيث يعتبر الأدب إحدى أهم أنواع التعبير الانساني بل أرقاه على الإطلاق، ولكن كيف إن كان من يقف خلف الكلمات المكتوبة، انسان يتمتع بشفافية وحكمة، حديثنا اليوم عن أحد قادة النهضة الفكرية والثقافية في زمنه هو المفكر والمسرحي والقاص والشاعر والكاتب والناقد ميخائيل نعيمة.
حياة ميخائيل نعيمة
ولد نعيمة في جبل صنين وتحديداً في بسكنتا(والتي تعني باللغة السريانية بيت العدل) في لبنان، في تشرين الأول/أكتوبر من عام 1889، وأكمل تحصيله الدراسي في مدرسة (الجمعيّة الفلسطينيّة) هناك، وتوجّه بعدها إلى أوكرانيا ليتابع دراسته الجامعيّة، وأثناء دراسته الجامعيّة استطاع الاطلاع على الأدب الروسي عبر قراءته العديد من المؤلفات، ومن ثم توجّه للولايات المتحدة الأميركيّة لإكمال دراسة الحقوق فيها، وقد استطاع الحصول على الجنسيّة الأميركيّة في تلك الفترة. انضم نعيمة إلى (الرابطة القلميّة) التي أسّسها الأدباء العرب في المهجر، وعُيّن نائباً لجبران خليل جبران فيها. في عام 1932م، عاد نعيمة إلى مسقط رأسه في لبنان، ووسّع نشاطه الأدبي هناك، وقد أطلق عليه لقب (ناسك الشخروب).
ناسك الشخروب.. لقب ميخائيل نعيمة
سمي ناسكاً بسبب حبه للعزلة والتأمل. وكان غالباً ما ينعزل ما في مكان قريب من الشلال حيث يفكر في كتابة مؤلفاته الكثيرة وفلسفته حول الانسجام بين الطبيعة والانسان والله، وأتت كلمة الشخروب من قرية الشخروب الجبلية الواقعة قريباً من بلدة بسكنتة" مسقط رأسه" التي تتصف بطبيعتها الساحرة ومناظرها الخلابة.
أدب ميخائيل نعيمة
يُعتبر نعيمة من أوائل الأدباء العرب المحدثين الذين اطلعوا على الثقافة الغربيّة، وعلى وجه الخصوص على الأدب الروسي والأميركي، بحيث أدى هذا الأمر إلى تميّز نتاجه الأدبي الذي اتسم ببعده عن أي تعصبٍ مذهبيّ وديني. بالإضافة إلى ميله الشديد للطبقات المهمّشة والكادحة، ودعا إلى حمل هموم الأمة ومشاكلها والسعي في تحقيق كل ما من شأنه أن ينهض بالأمة ويرفع من شأنها. كان نعيمة ميّالاً إلى النزعة الصوفيّة في أعماله، بنقاء النفس وبساطة العيش، ويعود هذا الأمر لدراساته العميقة للديانات المسيحيّة والإسلاميّة وغيرها من الديانات، وتميّز ببساطة ووضوح الأسلوب، وكان ميّالاً إلى التفاؤل في أسلوبه، ومبشِّراً بالحب والجمال والخير.
نتاجه الأدبي
لنعيمة العديد من الأعمال القصصيّة والشعريّة، و نذكر منها:
الأعمال القصصيّة: كانت أولى مجموعاته القصصيّة تحمل عنوان (سنتها الجديدة)، تغيب فترة طويلة عن الكتابة القصصيّة وعاد بأعظم قصصه الموسومة والتي حملت عنوان (مرداد).
الروايات: ألف نعيمة رواية وحيدة أطلق عليها اسم (مذكرات الأرقش).
المسرحيّات: ألف نعيمة مسرحيّة (الآباء والبنون) بالإضافة لمسرحيّة (أيوب).
المؤلفات الشعريّة والقصائد: ولنعيمة مؤلف شعري واحد هو عبارة عن مجموعة شعريّة أطلق عليها اسم (همس الجفون)، ونظم قصيدة (النهر المتجمد).
المقالات والدراسات ومن أهمها: جبران خليل جبران، وقد عرّب كتاب (النبي) لجبران خليل جبران.
من أقوال ميخائيل نعيمة وحكمه:
- عجبت لمن يغسل وجهه عدة مرات في النهار، ولا يغسل قلبه مرة واحدة في السنة.
- متى أصبح صديقك بمنزلة نفسك فقد عرفت الصداقة.
- عندما تصبح المكتبة ضرورة كالطاولة والسرير والكرسي والمطبخ؛ عندئذ يمكن القول بأننا أصبحنا قوماً متحضر ...
- من كان لا يبصر غير محاسنه ومساوئ غيره فالضرير خير منه.
- الهم والغضب واليأس أعدى أعداء الإنسان.
وصية ميخائيل نعيمة الأخيرة ووفاته
توفي ميخائيل نعيمة في قرية الشخروب بيوم 22 من شهر فبراير عام 1988م بعد أن ناهز المئة من عمره.
وطلب في وصيته الأخيرة بأن يبقى باب ضريحه مفتوحاً إلى الأبد!! بسبب حبه لفتاة روسية أثناء دراسته بالجامعة وعدم استطاعتهما الزواج فوصى بذلك لعلها تصل.