لا شيء يمكنه أن يكسر الإرادة الإنسانية، فهذا الأمر المعنوي المختبئ داخلنا، يستطيع فعل أكثر الأمور المستحيلة التي قد نواجهها في حياتناً، وإرادة اللاجئ الفلسطيني جراح الحوامدة البالغ من العمر 22 عاماً، أثبتت قوتها وصلابتها، حين قرر أن يحقق حلمه في تسلق قاعدة قمة جبل "إيفرست" أعلى قمة في العالم، رغم أنه لا يمتلك إلا قدماً واحدة، غير أنه يمتلك روحه كاملة.
بدأت الفكرة لدى الحوامدة، بأنه يريد أن يرد الجميل إلى المكان الذي علّمه الكثير، وهو مدرسته التي تعلم فيها طوال سنين عمره، التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى الـ"أونوروا"، الكائنة في منطقة "الجوفة" جنوب العاصمة الأردنية عمان، وذلك بعد أن كان هناك احتمالية كبيرة بإغلاقها جراء خفض التمويل الذي تتلقاه الوكالة، حالها كحال العديد من مدارس ومؤسسات الوكالة في الفترة الأخيرة.
المغامرة بقدم واحدة
ولإنقاذ مدرسته القديمة، قرر الحوامدة أن يقوم بمغامرة طويلة، قد يراها البعض بأنها أمر مستحيل، كونه يعيش بقدم واحدة وهي اليسرى، بعد أن فقد اليمنى جراء إصابته بـ"سرطان العظم" عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، ما أدى إلى بترها للحفاظ على حياته، وكانت المغامرة هي أن يقوم بجمع ملبغ مليون دولار لمدرسته القديمة، رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها مع عائلته، وذلك من خلال قيامه بتسلق أعلى قمة في العالم وهي قمة جبل "إيفرست".
وبعد 18 يوماً من خوض مغامرته الكبيرة، التي بدأها الحوامدة في الثاني من شهر نيسان/ أبريل الجاري، وانتهت بوصوله إلى هدفه يوم الجمعة الماضي الموافق 20 من الشهر نفسه، والتي امتلأت بالمخاطر والصعوبات، عاد الحوامدة إلى منزل عائلته في عمّان، بعد أن كان قد قطع مسافة أكثر من 17 ألفاً و500 خطوة، وبقدم واحدة فقط، حتى تمكن بعزيمته أن يصل إلى قاعدة قمة "إيفرست"، حيث صرح فور وصوله إلى البيت: "أنا سعيد جداً بعودتي إلى الأردن لأرى الأهل والأحبة، وهذا أهم شيء، وأدعو الله أن أتمكن من تحقيق الهدف بجمع مبلغ مليون دولار".
وكانت مُنظمة هذه المغامرة "رحمة الحياري" قد أكدت لوسائل الإعلام، بأن المغامر الفلسطيني الحوامدة، بصحة جيدة الآن، وبأنه ما يزال يعمل على تحقيق هدفه المتمثل في جمع مليون دولار لمدرسته في مخيم الجوفة، مشيرة الحياري، إلى أن فترة جمع المبلغ ما زالت مستمرة حتى نهاية شهر حزيران/ يونيو المقبل، وهو التاريخ الذي حدده الحوامدة بنفسه لإنقاذ مدرسة الجوفة، ويُشار إلى أن الحوامدة سبق له وأن تمكن من تسلق قمة "كليمنجارو" في شمال شرق تنزانيا، والتي تعتبر أعلى قمة بركانية في العالم، بارتفاع يصل حتى 5 آلاف و100 متر، حيث حقق هذا الإنجاز بفترة استمرت لخمسة أيام من السير المتواصل على قدمه الوحيدة، وكان ذلك خلال العام 2013.
حملة لإنقاذ اللاجئين
وتعاني وكالة الـ"أونروا" من شح كبير في التمويل، ما دفعها في شهر آذار/مارس الماضي، إلى إطلاق حملة في الأردن باسم "الكرامة لا تقدر بثمن"، لحشد الدعم للاجئين الفلسطينيين، وكانت الوكالة قد أطلقت حملة مشابهة في قطاع غزة، استجابة لتقليصات التمويل غير المسبوقة في تاريخ الوكالة، بهدف جمع 500 مليون دولار، من خلال التواصل مع الجهات المانحة التقليدية وغير التقليدية للـ"أونروا"، إلى جانب القطاعات والمؤسسات الخيرية الخاصة، بالإضافة إلى الأفراد.
وفي وقت سابق، حذر مدير عمليات الـ"أونروا" في الأردن "روجر ديفيز"، من المخاطر التي قد تنتج بسبب أي تراجع محتمل لخدمات الوكالة في الأردن، وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية "بترا": "تبرز على المحك سبل الوصول إلى التعليم الأساسي لما يزيد عن 123 ألف طالب وطالبة في 171 مدرسة موزعة بالأردن، والمساعدات المالية والغذائية الطارئة لما يقارب 60 ألفاً من الفئات الأكثر عرضة للمخاطر".
فلسطيني يتسلق "ايفرست" أعلى قمة في العالم بقدم واحدة
- قصص ملهمة
- سيدتي - محمد المعايطة
- 29 أبريل 2018