قبل أيّام، كان الإعلامي نيشان ديرهاروتيونيان يخوض معركة على ثلاث جبهات، الأولى على جبهة القضاء والثانية على جبهة دار الإفتاء، والثالثة على جبهة مواقع التواصل الاجتماعي وهي الأقسى، فالإعلامي الذي اختار خوض غمار البرامج الاجتماعي من أصعب أبوابه، عبر برنامج "أنا هيك" الذي حوّل بعض المشاهدين إلى حرّاس للفضيلة، رسم حوله علامات استفهام، وطرح أكثر من سؤال "هل كسب نيشان التحدّي، أم غامر بصورته لزيادة نسبة المشاهدة؟".
يروي نيشان لـ"سيدتي" تفاصيل الدعوى القضائيّة التي رفعت ضدّه، واعتبرته مدنّساً للأخلاق، ضارباً عرض الحائط أعراف المجتمع وتقاليده، يقول
"خمس محامين رفعوا دعوى ضدّ البرنامج وضد تلفزيون الجديد وضدّي أنا شخصياً، بسبب حلقة المثلية الجنسيّة لدى النساء، بحجّة أنّ هذا الموضوع يسيء إلى المجتمع، ويكرّس هذه الحالات فيه، ويوسّع هامش قبولها عند الملتقي، وأنّ ثمّة قيم وأخلاقيات تتعارض مع ما نعرضه، وقامت قاضي الأمور المستعجلة ماري كريستين عيد بردّ الطلب في الليلة نفسها، وعاد المحامون واستأنفوا الطلب وفي الساعة الـ 8 والنصف ردّ الطلب من جديد، وقبل عشر دقائق من عرض الحلقة وصل كتاب من مفتي الجمهورية الأسبق محمد رشيد قباني وهو رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والأمن العام لمنع بث الحلقة لما قد تسبّبه من جنوح فكري.
المحطة قرّرت أن تبث الحلقة لأنّه لم يكن ثمّة أمر قضائي بمنعها وبثت الحلقة في موعدها".
نيشان يرفض مقولة أنّه يبحث في قضايا ثالوث السياسة والجنس والدين مستفزاً المجتمع في قيمه الأساسيّة لتحقيق نسب مشاهدة عالية، يقول "هذه المواضيع وكر للمحرمات وتثير النعرات لأنّها تخاطب الغرائز عند الإنسان، لكنّ في المقلب الآخر كل شي موجود في المجتمع يجب مناقشته على الطاولة، لا أعرف في العام 2019 ما الجدوى من مناقشة هذه الأمور بالسر".
يتابع "هذه المواضيع طرحت مراراً ولا جديد تحت الشمس، الفكرة بالأسلوب وأنا أعتمد الأسلوب المباشر، أحياناً يكون فجاً وعلمياً من دون مطيّبات لأنّي أقوله كما هو لا كما ينبغي أن يكون. بخصوص الحلقة التي أثارت الجدل، فقد أثار الأمر استغرابنا لأنّنا سبق وعرضنا حلقة تتعلّق بالهويات الجنسيّة لدى الرجل، ولم يطالب أحد بمنعها، وكأنّ الهدف هو الإيحاء أنّ نقاش المرأة لميولها هو وحده ما يثير النعرات في المجتمع".
وعن خرق المواضيع التي يناقشها للنصوص الدينيّة، وتخطّيها ما اتفق عليه أنّه مسلّمات أقلّه من الناحية الفقهيّة يقول
"أنا أعي تماماً أنّنا نعوّل على الكتب السماويّة، وأعرف موقف الديانات الثلاثة من هذه المواضيع، لذا في أبحاثنا، نستشهد بالكتب المقدّسة وبنصوصها، لكن في الوقت نفسه يوجد أناس هكذا، وحقّي المشروع في الإعلام أن أحاورهم. بخصوص المثلية هي موضوع مطروح من سنة 612 قبل الميلاد، وتمّ تناوله في التاريخ وفي كل الحضارات، وطرح الموضوع على الهواء لا يعني أنّنا كفريق برنامج نتبناه.
مثلاً عندما طرحت موضوع خلع الحجاب، أنا أدرك أنّ الحجاب فرض في الإسلام، أنا لا أشجّع خلع الحجاب بل أضيء على الموضوع".
يتساءل البعض لماذا يضيء نيشان على مواضيع نافرة، وأين النماذج الملهمة التي تستطيع أن تقول "أنا هيك" لأنّها بفرادتها لا تشبه أحداً؟ ولماذا هذا الخرق لأخلاقيات المجتمع؟
يقول "نحن نضيء على ما نشاء، والمشاهد لديه حريّة القرار، إمّا أن يشاهد الحلقة مشكوراً، وإمّا أن يغيّرها مشكوراً.
يتابع "يزعجني أن يُتّهم البرنامج بأنّه يتسبب بانفلات أخلاقي، أنا أعمل في هذا المجال منذ ربع قرن، وأعلّم في الجامعة مادّة أخلاقيات الإعلام، أتحدّى أن يلتقط أحدهم كلمة قلتها على الهواء تخدش الحياء، أنا أتناول مواضيعي بكل احترام، وهنا أودّ أن أشير إلى كميّة التناقض، أنّ الأشخاص الذين يخاطبوننا بإسفاف في موضوع المثلية الجنسيّة، يخاطبوننا باحترام في موضوع التبنّي الذي عالجناه في البرنامج، مع أنّ الدين يمنع التبنّي، لا يمكنك نسب طفل ليس من صلبك لاسمك ودمّك في كل الأديان السماويّة، لكن بما أنّنا نعيش في صقيع العلاقات الاجتماعيّة، نتقبّل هذا الموضوع المخالف للدين أيضاً.".
نيشان الإعلامي المثقّف الذي يختار كلماته بعناية، ينمّق حديثه، ويغلّفه بغلاف مخملي، كيف غامر في اختراق وكر الدبابير الكامن في برنامج يثير الغرائز ويدفع بالمتلقّي إلى لعب دور المدافع عن الفضيلة تحت شعار أنّ الساكت عن الحق شيطان أخرس؟
"بعض الأمور لا يروق لنا مناقشتها، لكن هذا لا يعني أنّه يجب ألا نناقشها. مايك وولس الإعلامي العريق الذي كان يقدّم برنامج "60 دقيقة" طرح عليه لاري كينغ سؤالاً بما معناه ما هي المواضيع التي حرّمت على نفسك أن تناقشها، فأجابه لا يوجد موضوع لا أناقشه، ولا سؤال لا أطرحه، حقّي كإعلامي أن أطرح أي سؤال، وحقّ المجيب أن يكتفي بالصمت الصمت بحد ذاته إجابة، فنحن في مقابلة تلفزيونيّة وليس في مباراة قبول في الجامعة.".
هل يكفي وضع ملاحظة "للراشدين فقط" ليعتبر الإعلامي الذي يخوض في أمورٍ حسّاسة أنّه "عدّاه العيب"؟ "يقول نيشان "المشكلة أنّ الحلقة تعاد في اليوم التالي عند الثالثة والنصف بعد الظهر، يوجد قانون للإعلام درسته في هونغ كونغ، أنّ كل برنامج يخدش حياء الأطفال، ويذاع في أوقات يكونوا فيه حاضرين، هو برنامج يجب منعه. لكن ما يحصل اليوم أنّ القطّة خرجت من العلبة، لم يعد ثمّة شيء تحت السيطرة بوجود اليوتيوب الذي بإمكان الجميع مشاهدة ما يشاؤون من خلاله. الأنترنت خرق كل المحاذير. آخر الإحصاءات تشير إلى أنّه في العالم العربي، هناك 11 مليون شخص يقضي يومياً، أكثر من 6 ساعات في زيارة المواقع الإباحية".
هل يتحجّج الإعلام العربي بسهولة الحصول على المواد من الأنترنت ليعرض ما يشاء، ويخرق المحرّمات دون الشعور بتأنيب ضمير؟
يقول "ثمّة نماذج شئنا أم أبينا مختلفة عنّا، إما أن نكون بعقليّة إلغائية نرمي عليهم الكاز ونحرقهم، وإمّا أن نتقبلهم لا وجود لخيارٍ ثالث. أنا وفريق برنامجي لا نتبنّى أي نموذج، نحن لا نجيز، لا نحكم، لا نحرّم، ولا نسمح، نحن هنا نعرض واقعاً يجاهر بنفسه أنا هيك وهذه فكرة البرنامج، الإضاء على أشخاص مختلفين، وأنا أقول للمشاهد إذ كانت بنيتك الفكريّة لا تحتمل مناقشة مواضيع كهذه أرجوك شاهد غير برامج.".
نيشان الذي يتعرّض اليوم لحملة نقد عنيف، يقول إنّه بات محصّناً ولديه مناعة من النقد القاسي، يقول " في آخر سنتين كنت أرصد وضع الإعلام، فعلى مدى 23 سنة حاورت أهم المشاهير من سعيد عقل ووديع الصافي وصباح ومحمد عبده ووردة، أعرف كيف أمسك زمام البرامج الفنية وقد أُعطيت فرصاً وثقة، لذا كان في النقلة للبرامج الاجتماعية الكثير من الشجاعة والتحدي كبير، وأنا أعتبر أنّني كسبت الرهان".
ما الفارق بين محاورة المشاهير ومحاورة الأشخاص العاديين خارج دائرة الضوء، يقول نيشان "عندما تكوني تحت دائرة الضوء، ثمّة الكثير من التجمّل، هم يطلقون على الكذبة مسمّى آخر يعتبرون أنّ من حقّهم أن يتجمّلوا بالكذب، الناس العاديون يقولون الحقيقة كما هي، لا يتجمّلون، لذا هم أداءة جذب أكثر وكمية صراحتهم تدهشني".
من برامج الفن البراقة، ومحاورة أهم نجوم العالم العربي، إلى برنامج اجتماعي يبحث عن نماذج نافرة تقول "أنا هيك" ويفرضها بصورة تشبه أحياناً الصفعة، لمشاهد اعتاد ممارسة دور المدافع عن أخلاق وقيم المجتمع، هل فقد الإعلامي نيشان ديرهاروتيونيان بريقه كإعلامي مخملي، يقول "قبل عشر سنين كان من الممكن أن أناقش بنوعية القماش، اليوم بعد النضج الذي اكتسبته وثقة المحطات بي، لم تعد الألقاب تهمّني، بات لديّ قناعة أنّ صورة الإعلامي تكتمل أكثر عندما أخوض الإعلام من كافّة أبوابه. عندما كنت أقدّم برامج الفن كانت تكتب عني مقالات نقد مشابهة لما يكتب اليوم، قبل أن يصبح الأسلوب الذي اتبعته قبل سنوات في برامجي موضة اليوم. لا شك أنّ النقد الذي أتعرّض له أكبر لأنّنا لم نعد ننتظر صدور المجلات لنقرأ ما يكتب عنا في عصر الإعلام الافتراضي، لكن بالنهاية كل هذه الآراء تبقى وجهات نظر، وأنا ليس هدفي أن أكون "تراند" على تويتر يختفي بعد ساعات، بل هدفي أن أكون "براند"، وهذا ما سعيت إليه، لذا بدأت بحملة "No Block" لأزيل الحظر عن كل الحسابات التي كنت أحظرها، لأنّ البلوك إلغاء، وأي رأي لا يقتل فهو مباح.".
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستقرام سيدتي
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر تويتر "سيدتي فن"
مروان خوري لـ"سيدتي": علاقتي بـ أنغام وأسماء المنور ممتازة وهذا ما ستشاهدونه في برنامج "الزمن الجميل" |
بالفيديو: عمرو أديب يطالب بوقف "التنمر" ضد شهيرة وسهير رمزي بعد خلع الحجاب