طبيعة المجتمع دائماً تفرض على المرأة بعض القيود السلبية التي تخلفها العادات البالية، فنجد أن المرأة العربية تعتبر «الطلاق» أمراً مشيناً لا تقوى على مواجهته؛ لأن المجتمع دائماً يحمّل حواء الأخطاء دون المساس بصورة الرجل.
وعن هذا الأمر أشار بحث اجتماعي، لجامعة أنتورب البلجيكية، إلى أن المرأة الأوروبية تستعيد نفسها ومشاعرها بسرعة بعد الطلاق، مقارنة بالرجل الذي يستغرق وقتاً أطول، وتعيد بسرعة ترتيب حياتها والإمساك بزمام الأمور، وذلك على الرغم من مواجهتها عثرات في الأوضاع المالية مقارنة بالرجل، إلا أنها تكون أكثر قوة وتحملاً في إعادة تنظيم الحياة، والبحث تم إجراؤه على آلاف الأوروبيات في 13 دولة.
طلاق بالجملة
توضح أ.د. منى أبو طيرة، أستاذة علم النفس الاجتماعي بآداب عين شمس، أن الوضع مختلف في المجتمع العربي، فلا يزال الاعتماد على الرجل بنسبة كبيرة من الناحية المادية، كما نجد وضع المرأة العربية أصعب بكثير ولا تطلب الطلاق، والقرار يرجع دائماً إلى الرجل، وتبين من إحصاء للجنة التنمية البشرية أن مصر تشهد وقوع نحو 6 حالات طلاق كل ساعة، وأن هناك مماطلة في حصول المرأة المطلقة على حقوقها، خصوصاً النفقة؛ بسبب تعنت بعض الرجال، وحبهم في الكيد لزوجاتهم، وطالبت اللجنة بتعديل قانون الأحوال الشخصية والنص على عقوبة حبس الزوج بعد مهلة شهر واحد فقط إذا لم يسدد النفقة، أو منعه من السفر.
الزوج بعد الطلاق
وعن أوضاع الزوج بعد الطلاق، نجد أن الزوج بعد الطلاق يمارس حياته العملية بصورة طبيعية، ولا تتأثر أوضاعه المالية سلباً، بل على النقيض قد تتحسن؛ لعدم وجود مسؤولية زوجة أو أسرة لديه، كما كان الوضع سابقاً، فهو لا يتكفل بكل نفقات الأطفال، بل تسهم فيها الأم، فيما تضطر الأم إلى العمل بعض الوقت، أو التوقف عن العمل لرعاية الأولاد، ويتراجع بذلك دخلها، ولكنها في المقابل تكون أكثر سعادة من الرجل الذي فقد الجو الأسري، وعليه أن يبحث عن سيدة أخرى تملأ هذا الفراغ.
وجهات نظر
بالإضافة إلى أن الطلاق بين الأوروبيات ليس نهاية العالم، بل بداية لحياة أخرى أفضل وأكثر سعادة، فالمجتمعات الأوروبية تسهم في احتواء المرأة المطلقة، وتتعاطف معها ولا تنبذها، لذلك لا تشعر المطلقة أنها وحدها في الحياة، كما أن الرجل الأوروبي لا يفرق بين مطلقة أو عذراء عند رغبته في الزواج، وبالتالي لا تجد المطلقة الأوروبية عناء أو مشكلة في الحصول على زوج يتقبل وضعها كامرأة سبق لها الزواج، حتى لو كان لديها أطفال من زوجها السابق، بعكس المرأة العربية المطلقة؛ التي تجد صعوبة كبيرة في الزواج مرة أخرى؛ بسبب قيود المجتمع.
واجهي بشجاعة
إذا كنتِ مطلقة فاعلمي أنه يمكنكِ مواجهة كل من حولك بشجاعة؛ لتكوني أكثر راحة، فالأطباء يؤكدون أن الزواج والعلاقة غير المستقرة وكثرة المشاحنات تهدد صحتك، وتقدم لك د. منى أبو طيرة بعض النصائح التي تساعدك على تخطي هذه الفترة:
* اكتشفي نفسك من جديد بالسفر إلى مكان لم تذهبي إليه من قبل، واقضي مع نفسك وقتاً كافياً؛ لتعيدي ترتيب أفكارك وحياتك الجديدة.
* تعرفي على مواطن القوة والضعف في شخصيتك، وحاولي التركيز على سلبياتك وأخطائك؛ لكي تتجنبيها في المستقبل.
* اندمجي مع عائلتك وأصدقائك الذين لم تتح لك فرصة التواصل معهم خلال فترة زواجك، حيث إن توسيع دائرة معارفك سوف يساعدك في التغلب على محنتك.
* مارسي الرياضة؛ لتفريغ شحنة الغضب والحزن بداخلك، واعلمي أن الألم النفسي يؤثر مباشرة على الصحة العامة.
* ابحثي عما يملأ وقت فراغك؛ بتعلم اللغات، والكمبيوتر، أو المشاركة في بعض الأعمال التطوعية، أو البحث عن هوايات جديدة.
* إن كنت ممن انقطعن عن استكمال الدراسة، فحاولي الانضمام للجامعة مرة أخرى، فالمناخ العام للحياة الجامعية سوف يساعدك على الخروج من أحزانك، ويعيد لك ثقتك في نفسك، فابدئي بالانخراط في برنامج حياتك الجديدة، وكوني قادرة على التغيير الإيجابي، وعودي إلى حياتك الطبيعية، واعلمي أنها قد تكون البداية وليست النهاية.
لا داعي للاستهتار
ولكن في الوقت نفسه لا تنسي أنك في عالم غير متحضر، ولتتجنبي القيل والقال يجب عليك مراعاة تصرفاتك بعد الطلاق، وألا تتظاهري بالاستخفاف بحدث الطلاق، وأنه في فترة وجيزة يمكن نسيان الأمر بمجرد الزواج من غيره؛ لأن ذلك يعطي صورة لاستهتار غير مقصود، فالرجال لا يميلون للزواج من امرأة تنظر للزواج والطلاق نظرة استهتار.
وحذارِ من إعلان سبب الطلاق أمام الغير؛ لأنه يفسح المجال للقيل والقال، فالتزام كلمة «ليس هناك نصيب» أوقع في نفوس الناس من سرد قصتها.
كما ينصح المتخصصون بالاعتدال والرزانة؛ لأنهما السلاحان اللذان تقتحم بهما الطريق للمستقبل الغامض، فلتكن المطلقة كالبئر العميقة التي يشهد الناس سطحها الهادئ المتزن، ويجب الاقتصاد في الحديث عن الخصوصيات وعدم الظهور بالتحرر والمدنية؛ لأنه مهما تطور المجتمع فله أصول وتقاليد يجب مراعاتها، وتفادي الهمس والغمز لا يأتي إلا باحترام النفس، وتحديد مواقف الزمالة والصداقة.
ويجب أن تعلمي أن الطلاق قد يكون بداية لحياة أفضل؛ إذا ما شعرت المرأة بأنه لا يد لها في إنهاء حياتها الزوجية، وأن تبحث في داخلها عن الأسباب التي أدت إلى الطلاق؛ لتفادي وقوعه ثانية.
يمكنك النجاح بعيداً عن الرجل
- شباب وبنات
- سيدتي - سناء الجمل
- 16 سبتمبر 2013