منذ أيّام قليلة مرّت الذكرى الـ19 على وفاة الزّعيم الحبيب بورقيبة أوّل رئيس لتونس، فقد تُوفّي وهو في السادسة والتسعين من عمره يوم السادس من أبريل (نيسان) -عام 2000 في مسقط رأسه في مدينة «المنستير» (160 كلم جنوبي تونس العاصمة).
وككل عام فقد أحيت تونس ذكراه معترفة له بجهاده وكفاحه في سبيل تحرير الوطن وبجليل أعماله في بناء أسس الدولة الحديثة، وقد عدّد الرئيس التونسي الحالي الباجي قايد السبسي، في هذه المناسبة إنجازات بورقيبة ومناقبه في خطاب له يوم ذكرى الوفاة.
ويقول من عرف بورقيبة عن كثب إن في شخصه يجتمع رجلان: أحدهما رجل الحياة الخاصّة لينًا ولطفًا وذكاءً، والثّاني رجل الدولة الحازم الصّارم.
وقال عنه الجنرال شارل ديغول في مذكراته: «إنه الرجل الذّي يضرب المواعيد مع التاريخ».
أسرة فقيرة
ولد الحبيب بورقيبة في 3 أغسطس (آب) 1903 في حي «الطرابلسية» في مدينة «المنستير» في وسط متواضع، وهو يؤكد بأنه عاش في عائلة فقيرة، وفي 1913 دخل المدرسة «الصادقيّة»، وواصل تعليمه بفضل التضحيات التي قدمها له أخوه الأكبر، ويذكر بورقيبة تلك الفترة قائلاً في إحدى محاضراته أمام طلبة معهد الصحافة: «كنت أرتدي لباسًا بسيطًا، وكان حذائي مثقوبًا، ورغم هندامي الرثّ أبى علي شعوري بالأنفة أن أطلب من أخي إعانتي».
دور أمّه في حياته
تأثر الطفل بورقيبة بوفاة أمه (عندما كان في العاشرة من عمره)، تأثرًا لازمه طيلة حياته، فكان كلما ذكرها في خطبه العامة يبكي بصدق، وهذا الحبّ الجّارف لوالدته هو أحد أسباب منحه للمرأة التونسية حقوقًا رائدة تمثلت في «مجلة الأحوال الشخصية» التي أقرت الطلاق في المحاكم وحددت سن الزواج.
زواجه وطلاقه
وفي 1924 سافر إلى باريس ودرس القانون والعلوم السياسية، وتزوج هناك بأرملة فرنسية تدعى «ماتيلد» ثم أسلمت وأصبح اسمها مفيدة، وأنجبت له ابنه الوحيد الذي يحمل اسمه (الحبيب بورقيبة الابن -توفي عام 2010).
وفي عام 1961 طلّقها وتزوج في نيسان 1962 من «وسيلة بنت عمار» التي لم ينجب منها أي أبناء، وهي المرأة التي أحبها منذ أن كان شابًا.
من ثم طلقها هي أيضًا عندما بلغ من العمر عتيًا.
نظافة اليد
يشهد الجميع بأن بورقيبة كان نظيف اليد ولم يملك شيئًا لا داخل تونس ولا خارجها، ولم يترك إرثًا من العقارات أو غيره إطلاقًا، ولم يملك حتى مسكنًا واحدًا، وأكمل بقية عمره في بيت على ملك الدولة التي ترأسها طيلة 30 عامًا بأكملها.