بَيَّنَ الشيخُ محمد الأحمدي، أهميةَ شرحِ السُّور القصيرة للأطفال بطريقة مُبسَّطة؛ لترسخ في ذاكرتهم، وقال إن الأم يجب أن تعلِّمَهُم أنَّ القرآن مليء بالكثير من العِبَر، وهو دليل كلِّ مسلم.
ويجب اختيار آياتٍ من القرآن لتفسيرها بطريقة سهلة وتتناسب مع عمرهم، وماذا نريد أن نوضِّحَ لهم من خلالها، من حِكَم وعِظَةٍ وأوامر وواجبات.
وتابع: اليوم سنوضح لكم تفسير هذه الآيات الكريمة من سورة الجمعة، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
قبل تفسير الآيات من قِبَلِ الأم، يجب أن توضِّحَ لأطفالها المعلومات الآتية بخصوص سورة الجمعة
- سورة الجمعة هي سورة مَدَنِيَّة، وهي تتناول أحكام صلاة الجمعة، وتدعو الناس إليها، وإلى تفضيلِها على التجارة والعمل.
- على الأم أن تخبر طفلَها بأن هذه السورة لها سببُ نزولٍ، وهو ما ورد عن جابر بن عبدالله، رضي الله عنه؛ إذ قال: "بينما نحن نصلِّي مع النَّبيِّ، صلَّى الله عليه وسلّم، إذ أقبلتْ عيرٌ تحمل طعامًا؛ فالْتَفَتُوا إليها؛ حتَّى ما بقيَ مع النَّبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، إلا اثنا عشرَ رجلًا؛ فنزلت السورة".
- ولها سببٌ نزول آخر؛ وهو أنه أصابَ أهلَ المدينة جوعٌ وغلاء؛ فقدمَ دحية بن خليفة الكلبي في تجارة من الشام، وضرب لها طبلًا يُؤْذِنُ الناسَ بقدومِهِ، ورسولُ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، يخطب يوم الجمعة؛ فخرج إليه الناس ولم يَبْقَ في المسجد إلا اثنا عشر رجلًا، منهم أبوبكر وعمر؛ فنزلت السورة، وقال النَّبيُّ، صلَّى الله عليه وسلَّم: "وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَا يبْقى معي أحدٌ مِنْكُم لَسَالَ بكم الْوَادي نَارًا".
وتستطيع أن تفسِّرَها الأمُّ لأطفالها بالتسلسل الآتي
- في قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ﴾، يعني هنا النداء إذا جلس الإمام على المنبر يوم الجمعة؛ لأنه لم يكن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نداءٌ سواه، وكان إذا جلس على المنبر، أذَّنَ بلال على باب المسجد.
- والنداء هو الدعاء بأرفع الصوت وأحسنه وأعْذَبه.
- مع ضرورة التوضيح للطفل أن المقصود بالنداء هنا: الأذان والإعلام لصلاة الجمعة.
- ﴿مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾ أي الصلاة في هذا اليوم، أما الجمعة فهو يوم خُصَّتْ به لاجتماع الناس في ذلك اليوم، أي شهدوا الجمعة.
- يمكن لنا كأولياء أمور أن نوضح من خلال الأحاديث للطفل، لماذا سُمِّيَتْ جمعة؟
- ونذكر لهم من خلال حديثٍ بسيط قولَ الرسول، صلى الله عليه وسلم: روي عن سلمان قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (سُمِّيَتْ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُمِعَ فيه خَلْقُهُ).
- ويجب إشعار الطفل بأهمية هذا اليوم، والصلاة فيه، والتجمُّع بعدها مع الأهل.
- أما قوله تعالى: ﴿فَاسْعَوْا) فمعنى السعي أي الذهاب، والمقصود به امشوا إلى الصلاة دون إفراط في السرعة؛ لقول الرسول، عليه الصلاة والسلام: "إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ؛ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا".
- ونوضح للطفل أن المقصود ب (إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ هنا هو الصلاة المفروضة والعبادة.
- أما قوله تعالى: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ أي اتركوا البيع وسائر أمور التجارة؛ لأنه أكثر ما يشتغل به الناس.
- أما قوله: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فيدلُّ ذلك على الترغيب في ترك البيع في وقت الصلاة.
- أما قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾؛ أي ما هو خير لكم وأصلح.
ما هي الخلاصة في فضل يوم الجمعة والصلاة في وقتها ؟
نوضح في النهاية بعد التفسير التسلسلي للآيات باختصار للطفل، فضلَ السعي إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة إلى ذكر الله، وترك البيع خير له من البيع والشراء في ذلك الوقت واليوم، إن كان يريد أن يَعْلَمَ مصلحة نفسه وعدم ضررها.
وبهذا التفسير توضِّح الأم لطفلها أهمية هذا اليوم، وسبب نزول هذه الآيات الكريمة، وكذلك تفسيرها بطريقة بسيطة يستوعبها ويتذكَّرها كل يوم جمعة.