لاشكَّ أنَّ ولادة طفل جديد في العائلة أمرٌ عظيمٌ ومثيرٌ للانتباه، حيث يخلق هذا المخلوق الصغير حالةً من البهجة والفرح بين أفراد الأسرة، خاصةً عند الأجداد والإخوة.
لكن هناك حالاتٌ بعد الولادة، تدخل فيها الأم مرحلة اكتئابٍ شديدة، حيث يسيطر عليها القلق، والنفور من مولودها، وتعاني من تقلبات في المزاج، مع صعوبة في النوم، والدخول في نوبات بكاءٍ طويلة ناتجةٍ عن مضاعفات الولادة.
هو أيضاً
الغريب في الأمر، وما لا يعلمه أغلب الناس، أن الأب أيضاً قد يعاني من هذا النوع من الاكتئاب نتيجة قلقه على تأمين مستقبل ابنه الجديد، وكيفية التعامل معه، والخوف من عدم القدرة على تحمَّل مسؤوليته، ما يؤدي إلى شعوره بالتوتر والحزن، وبالتالي الدخول في حالة اكتئابٍ.
هذا ما أشارت إليه مؤخراً دراسة بريطانية جديدة، محدودة النطاق، حيث أوضحت أن الأب والأم على حدٍّ سواء قد يعانيان من اكتئاب ما بعد الولادة "PPD"، لكنَّ الملاحظ في أغلب الأحيان، أن الجميع يهمل حالة الاكتئاب التي يمر بها الرجل.
"غير مرئيين" :
كشفت الدراسة، أن الرجال غالباً ما يكونون "غير مرئيين" فيما يتعلق بمفاهيم العامة لاكتئاب ما بعد الولادة.
كما نوَّه الباحثون فيها إلى ضرورة أن يكون هناك وعي أكبر بهذا الشأن، لأن اضطراب الصحة العقلية يمكن أن يحدث عند أي من الوالدين لمدة قد تصل إلى سنة بعد الولادة.
وإلى الآن، لم تتناول الدراسات بشكل موسَّع نظرة شريحة عريضة من المجتمع إلى اكتئاب ما بعد الولادة عند الأبوين، حيث ركَّزت أغلب الدراسات التي تناولت هذا الموضوع على حالة الأم.
حالات الاكتئاب :
يأتي هذا الأمر على الرغم من أن معدلات الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة تكون متقاربة بعض الشيء بين الزوجين، حيث تتراوح بين 6% و13% لدى الأمهات الجديدات، و8% و11% لدى الآباء الجدد، لكن في أكثر الأحيان يتم تشخيص حالة الأم فقط مع إهمال حالة الأب.
صدمات نفسية :
أكد الباحثون، أن الآباء الجدد مثل الأمهات تماماً قد يعانون من القلق والاكتئاب، وقد يمرُّون بصدمات نفسية، كونهم يكافحون أيضاً من أجل الارتباط بأطفالهم، لكن يتم إهمال تشخيصهم بشكل صحيح، بالتالي يُحرمون من العلاج المناسب لحالاتهم.