يبدو الاكتئاب وحشًا يُصارعه الإنسان، جسديًّا وعاطفيًّا، ويمكن أن يصيب أفرادًا من أعمار وظروف مختلفة، فيعرقل حياتهم، ويؤثِّر أيضًا في المحيطين بهم، وغالبًا ما يصبح في مجتمعاتنا وَصْمًا، ويصبح أحد المعوقات التي يواجهها مَنْ يعانون هذا المرض هو شعورهم بأنه لا أحد يفهم حقًّا ما يمرُّون به، فما هو دور الأسرة في دعم الفرد المكتئب؟
"سيدتي" تواصلت مع ندى عثمان الحسون، أخصائي نفسي أول؛ لتوضيح دور الأسرة في دعم الفرد المكتئب، وقد قالت: "تُعَدُّ الأسرة قوةً أساسية في مجال تحقيق الرعاية، وكذلك بالطبع في عملية العلاج؛ فهي ذات أهمية في ما يتعلَّق بالتعرُّف الصحيح على هذا المرض وعلاجه، وذلك ليس في البداية فقط، بل في جميع المراحل؛ فهي التي توفِّر الرعاية برغبة منها أو بدونها".
وأضافت: "كما أن الأسرة تُسهم في خلق الجو المناسب الذي يعيشه الشخص الذي يعاني من الاكتئاب، وقد يتحوَّلُ أفرادها إلى عوامل مساعدة على الاستشفاء من المرض أو العكس. ويجب ألاَّ نغفل أن للاكتئاب تأثيرًا بالغًا على الأسرة، كما أن للأسرة تأثيرًا كبيرًا على الاكتئاب".
وبَيَّنَتْ قائلة: "يحتاج أفراد الأسرة إلى مصاحبة المريض للطبيب، وتحديد مواعيد الاستشارة، ومواعيد التحاليل الطبية إذا طلب الطبيب ذلك؛ لمراجعة هل يتناول المريضُ العلاجَ أم لا.
والمساعدة الثانية هي تقديم الدعم العاطفي للمريض، فهذا يعني القدرة على فهم المريض وفهم حالته ومعاناته، والصبر عليه، والتعاطف معه وتشجيعه المستمر حتى يجتازَ الأزمة".
كيف نتعامل مع مريض الاكتئاب؟
وأكدت الحسون أن هنالك إرشادات للأسرة للتعامل مع الشخص المكتئب، وأن تغييرَ الطريقة التي يتفاعل بها أفراد الأسرة والمقربون مع المكتئبين جزءٌ من مساعدتهم على الشفاء من اكتئابهم واكتسابهم التَّبَصُّر.
وفي هذا الصدد هناك بعض المبادئ المهمة، وهي:
- تَفَهَّمْ أن المكتئبَ يتألمُ فعلًا.
- تَفَهَّمْ أن مِحْنَةَ المكتئب حقيقيةٌ وليست مُخْتَلَقَةً، بغَضِّ النظر عما إذا كانت الظروف يبدو أنها تبرِّر استجابته أم لا.
- تعاطَفْ مع الشخص المكتئب ولا تُشْفِقْ عليه؛ فشعورك بالشفقة عليه يؤكد إحساسه المتدني باحترام الذات، بل ربما يؤدي إلى جعله يشعر بالعَجْزِ والاعتمادية.
- لا تواجِه المكتئبَ بحقائق لا تُحْتَمَلُ.
- قَدِّم الأملَ بواقعية.
- طَمْأَنَةُ الشخصَ المكتئب بإخباره بأن كل شيء سيكون على ما يرام أمرٌ مهم، ولكن يجب أن يتمَّ بحكمة.
- إذا أردتَ طَمْأَنَةَ المكتئب فاجعلْ طَمْأَنَتَكَ قائمةً على حقيقة.
- المكتئبُ شخصٌ فَقَدَ قُدْرَتَهُ على رؤية الأمور من منظور سليم، سواء مضى على اكتئابه يوم أو أسبوع أو شهر.
- شَجِّع الالتزامَ بالعلاج، ساعده على تذكُّر تناوُل الأدوية الموصوفة طبيًّا والحفاظ على مواعيدها.
- اعرض المساعدةَ؛ فقد لا يستطيع المكتئبُ القيامَ بمهام معينة بشكل جيد.
- ساعِد على خلق بيئة أقل ضغطًا، فخَلْقُ روتين منتظم قد يساعد الشخص المصاب بالاكتئاب على الشعور بالتحكم أكثر.
وفي الختام، قدمت الحسون نصيحة مهمة، قائلة: تَذَكَّرْ أن اكتئابَ أحبائك ليس نتيجة خطأ من أحد، ولا يمكنك إصلاحُ اكتئاب شخص ما، لكنَّ دعمَك وتفهُّمَك قد يساعدان في تحسين الأمور.