أنواع الصداع وأسبابها بالإضافة إلى الأعراض والعلاجات، تجدينها في الموضوع المفصّل الآتي:
بالنسبة إلى البعض، فإنَّ الصداع إزعاج عابر ومن السهل علاجه، وبالنسبة إلى آخرين فإنه مرض يسبب التعطل والآلام الشديدة.
1. صداع التوتر
على الرغم من أنه الصداع الأكثر شيوعًا، إلا أنّ سببه يبقى غامضًا إلى حدّ ما. وحيث إنّ عددًا قليلًا من الناس يستشيرون الطبيب لعلاج هذا النوع من الصداع، بالتالي تبقى الدراسات حول هذا الموضوع قليلة. ويوضح الأطباء أنّ صداع التوتر سببه تقلص عضلات منطقة الرقبة ومؤخرة الجمجمة ،أو حتى عضلات الفكين عند التعرّض إلى التوتر والإجهاد. ويؤدي هذا التوتر إلى تهيج الأعصاب في الرأس والرقبة ويسبب الصداع.
الأعراض
يؤدي هذا الصداع إلى الشعور بالألم في جميع أنحاء الرأس. يشعر الشخص بالألم في خوذة الرأس من الأعلى أو حول عصابة الرأس، أو يشعر بالشدّ في الرأس بأكمله، وقد تتراوح شدّة الألم من خفيف إلى متوسط، ولا يصاحب هذا النوع من الصداع أعراض أخرى مثل الغثيان أو القيء. كما لا يقتضي هذا النوع من الألم، النوم في الفراش. وقد يستمر هذا النوع من الصداع من 30 دقيقة إلى أسبوع.
مثيرات صداع التوتر
التوتر والأجهاد هما السبب الرئيسي لإثارة صداع التوتر. كما قد تؤدي وضعية الجسم السيئة إلى فترة طويلة إلى حدوث التوتر في منطقة الرقبة والجمجمة، وتثير الصداع. كما أنّ التغييرات الهرمونية أثناء الحيض والحرارة والجفاف، من العناصر الأخرى التي يمكن أن تثير صداع التوتر.
العلاجات
عندما يصيبنا هذا النوع من الصداع نلجأ في العادة إلى تخفيف الألم بأخذ المسكنات التي تباع من دون وصفة طبية مثل الإيبوبروفين (آدفيل) أو أسيتامينوفين (تايلينول). ولكن من أجل التخلص من هذا النوع من الصداع على المدى البعيد، يجب القضاء على التوترات التي تسببه وذلك بتأدية تمارين الاسترخاء والتنفس وممارسة اليوغا اللطيفة، أو التأمل على سبيل المثال. وعلينا أيضًا أن نراجع نظام النوم الصحي الخاص بنا. فالنوم الكافي يضمن استرخاء جميع العضلات حول الرقبة والجمجمة، ومن شأن ذلك أن يسمح في الغالب بتحسين الوضع. كما أنّ ممارسة الرياضة وتمارين التمدد علاج جيد أيضًا.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا لم يعد بإمكاننا السيطرة على الصداع، أو أنه يعيق أعمالنا ووظائفنا، فيجب استشارة الطبيب.
2. الصداع النصفي
الصداع النصفي هو مرض عصبي معقد. وهو صداع من الصعب تحمّله وتخفيفه، وقد يعيقنا عن العمل والأداء. وليس من السهل تحديد السبب بالضبط للإصابة بالصداع النصفي، ولكن يمكننا القول إنّ الأشخاص الذين يصابون بالصداع النصفي، لديهم استعداد وراثي جزئيًّا، الأمر الذي يجعل أدمغتهم تتفاعل بقوة أكثر من المتوسط، مع بعض المثيرات وبعض الحالات التي تسبب الصداع النصفي.
ويتميز دماغ الأشخاص الذين يعانون الصداع النصفي على سبيل المثال، بعدم كفاية نشاط السيروتونين وهو الهرمون الذي يعمل بشكل خاص على تهدئة نظامنا العصبي. هذا الهرمون هو الذي يضع دماغ الشخص المصاب بالصداع النصفي في حالة شديدة الحساسية. وفي مرحلة ما يصبح الدماغ متحمسًا جدًّا لدرجة لا يعود معها يعمل بشكل جيد، وهذا يثير رد فعل التهابي للأعصاب في الرأس، ويؤدي إلى الصداع النصفي.
الأعراض
الصداع النصفي هو صداع مؤلم شدته تتراوح بين المتوسط إلى الحادّ، يشعر به المريض في منطقة محددة من الرأس (على سبيل المثال فوق الجبهة أو في منطقة الصدغ، أو فوق العينين). إنه ألم يمنع بشكل عام التركيز أو العمل.
ويصاحب الصداع النصفي كذلك سلسلة من الأعراض الأخرى، مثل شدّة الحساسية تجاه الضوء والأصوات والروائح، فضلًا عن الاضطرابات المعوية مثل الغثيان أو القيء، ويشعر بعض الأشخاص بالألم مثل نبضات القلب، ولكن في الرأس، وحوالى 20 في المئة من الأشخاص المصابين بالصداع النصفي يعانون الهالات، والتي هي مشاكل في الرؤية (ومضات وبقع ساطعة ورؤية متشابكة) تسبق حدوث الصداع النصفي . يدوم الصداع النصفي من 4 ساعات إلى 72 ساعة، ويتكرر مع مرور الوقت. وللحصول على تشخيص للصداع النصفي يجب أن يصاب الشخص بما لا يقل عن 5 حالات خلال حياته (أو مرتين مع الهالات).
مثيرات الصداع النصفي
إنّ أدمغة الأشخاص المصابين بالصداع النصفي لا تحب التغييرات المفاجئة. وهناك سلسلة من العوامل التي يمكن أن تثير نوبة الصداع النصفي وخصوصًا:
• التوتر والانفعالات القوية.
• نقص النوم.
• التغييرات الهرمونية المرتبطة بالدورة الشهرية، وما قبل مرحلة انقطاع الطمث (الأمر الذي يفسر جزئيًّا سبب إصابة النساء بالصداع النصفي أكثر من الرجال).
• الروائح القوية.
• الضجيج العالي والضوء الشديد.
• التغييرات المناخية.
• الجوع، أو تفويت الوجبات، أو الجفاف.
• شرب الكحول.
بعض الأشخاص قد ترتبط مثيرات الصداع النصفي لديهم أيضًا ببعض الأطعمة، ولكن ذلك ليس شائعًا جدًّا. على سبيل المثال الأسبارتام (محلي صناعي)، وأحادي غلوتومات الصوديوم (وهذه موجودة في الأطعمة الصينية) والنترات والكبريتات قد تثير أحيانًا الصداع النصفي. ولكل شخص ميزته الفردية في ذلك، وليس بالضرورة أن تسبب المثيرات ذاتها الصداع النصفي له . وإذا عرف الشخص هذه المثيرات واستطاع أن يتجنبها، فبإمكانه تقليل وتيرة الصداع النصفي.
العلاجات
ليس هناك علاج للصداع النصفي، ولكن يمكن تخفيف الألم وتقليل النوبات. ومن أجل حماية الدماغ الحساس يجب على الأشخاص الذي يعانون الصداع النصفي، تفادي المثيرات التي تؤدي إلى حدوث النوبة ومراجعة نمط حياتهم. وفي ما يلي ما يمكنهم فعله:
• اتّباع عادات نوم جيدة والنوم بشكل كافٍ.
• اتّباع نظام غذائي صحي ومتوازن وتناول الأكل في ساعات منتظمة.
• إيجاد الوسائل الكفيلة بالسيطرة على التوتر وتفادي الإرهاق في العمل.
• أخذ الوقت الكافي للاسترخاء وممارسة الأساليب التي تجلب الراحة (التدليك أو اليوغا أو كي غونغ أو تاي – تشي أو الوخز بالإبر أو غيرها).
• ممارسة الرياضة بانتظام (المشي لمدة 20 دقيقة كل يوم).
كما أنّ مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الأسبرين أو الإيبوبروفين يمكن أن تهدّىء الالتهاب العصبي، وتوقف ألم الصداع النصفي. ولكن إذا لم تكن كافية يمكن وصف أدوية التريبتان والتي لها فائدة كبيرة، حيث إنها تعمل على السيروتونين في الدماغ، وعندما تكون نوبة الصداع النصفي مؤلمة جدًّا، يمكن وصف دواء التريبتان مع مضادات الالتهاب من أجل المزيد من الفعالية ضد الألم.
متى يجب استشارة الطبيب
إذا لم يستطع الشخص تخفيف ألم الصداع، وأصبح للصداع النصفي تداعيات على حياتنا الشخصية أو الاجتماعية أو المهنية، يجب استشارة الطبيب. وإذا عانى الشخص 4 نوبات من الصداع النصفي في الشهر، يجب كذلك مراجعة الطبيب.
3. الصداع النصفي المزمن
يعاني بعض الأشخاص الصداع النصفي المزمن، وهو شكل حادّ من المرض. وهذا يعني أنهم يصابون بالصداع النصفي أكثر من نصف الوقت (أكثر من 15 نوبة صداع نصفي في الشهر). فلا عجب إذًا أن يكون الصداع النصفي السبب في الحد من أنشطتهم المهنية، وهؤلاء الأشخاص أكثر عرضة إلى خطر المعاناة من اضطرابات القلق والاكتئاب.
العلاجات
بالإضافة إلى الأدوية المصممة لعلاج الصداع النصفي، هناك علاجات وقائية يمكنها تقليل عدد النوبات، ويجب أخذها كل يوم؛ فهي تعمل على تغيير كيمياء الدماغ لتجعله أكثر مقاومة ضد المحفزات والمثيرات اليومية للصداع النصفي. ويمكنها أن تقلل عدد نوبات الصداع النصفي إلى النصف. واعتمادًا على ملف المريض يمكن وصف إما مضادات الاكتئاب، أو مضادات الصرع، أو مثبطات بيتا. ولكن وهنا مرة أخرى يجب تجربة الكثير من الأنواع من أجل إيجاد الدواء الوقائي المناسب". ومنذ عام 2011 تم السماح بحقن البوتكس لعلاج الصداع النصفي.
متى يجب استشارة الطبيب
إذا عانى الشخص أكثر من 15 يومًا من ألم الصداع النصفي في الشهر ولمدة 3 أشهر، يجب زيارة طبيب الأعصاب.
4. صداع هورتون
هذا الصداع نادر جدًّا ويسبّب ألمًا غير مستدام، ويصيب أقل من نسبة 0.1 في المئة من السكان، ويصيب الرجال أكثر بثلاثة أضعاف من النساء. ويظهر عمومًا بين سن 20 إلى 40 عامًا، وسببه غير معروف بالضبط. وتشير أحدث الأبحاث إلى أنّ خللًا في منطقة ما تحت المهاد، قد يكون السبب. وتحت المهاد هي الغدة التي تسيطر على إنتاج العديد من الهرمونات والتي منها هرمونات دورة اليقظة والنوم، وتلك التي تنشّط الأعصاب المسؤولة عن الألم.
الأعراض
يسبب هذا الصداع ألمًا مبرحًا، ويشعر المريض به في جانب رأسه فوق العين أو فوق الصدغ. وتصبح العين حمراء اللون ومنزلقة، والجفن منغلق والأنف متدفق. ويكون الألم حادًّا جدًّا، لدرجة أنّ بعض الأشخاص يميلون إلى الانتحار خلال النوبة، ولهذا السبب يطلق على هذا النوع من الصداع أيضًا الصداع الانتحاري. ويأتي هذا الصداع خلال فترات محددة من السنة، لمدة تتراوح من بضعة أسابيع إلى بضعة شهور وتستمر النوبة 30 دقيقة إلى 3 ساعات. وقد تحدث النوبة من يوم إلى يومين أو قد تتكرر إلى 8 مرات في اليوم.
مثيرات صداع هورتون
لدى الأشخاص الذين يعانون صداع هورتون، فإنَّ شرب الكحول قد يثير النوبة.
العلاجات
العلاجات من عائلة التريبتان قد تخفف النوبة، ولكن يجب أخذها على شكل حقن أو على شكل رذاذ في الأنف، لأنَّ الشكل الذي يؤخذ عن طريق الفم لا يعمل بسرعة. كما يمكن تخفيف النوبة باستنشاق الأكسجين بواسطة القناع.
يمكن وصف بعض الأدوية لمنع النوبات (مثل فيراباميل ، كربونات الليثيوم، الكورتيزون)، وفي حالات الألم الحاد الشديد يتوافر أسلوب علاجي جديد وفعّال، هو التحفيز العصبي . يعمل هذا الأسلوب بزرع أقطاب كهربائية خلف الرأس. وترسل هذه الأقطاب إشارات كهربائية تعمل على تعديل الوصلات العصبية، وبالتالي تقلل الألم. إنما هذا العلاج مخصص فقط للحالات الشديدة جدًّا المقاومة للعلاجات الأخرى.
متى يجب استشارة الطبيب
حالما يشعر المريض أنه يعاني صداع هورتون، يجب مراجعة الطبيب للحصول على استشارة خاصة بالأمراض العصبية.
أسباب الصداع الأخرى المعروفة على نحو أقل
1 - الإفراط في تناول الأدوية
وهذا صداع خفيف ومستمر نتيجة أخذ الكثير من المسكنات أو الأدوية ضد الصداع النصفي. ويشبه ذلك إلى حدّ ما اعتياد الدماغ على الأدوية: سوف يحتاج الشخص إلى جرعة أقوى وبتكرار أكثر لمعالجته، ويعود الألم عند التوقف عن أخذ هذه الأدوية. ويجب استشارة الطبيب من أجل الخروج من هذه الدائرة المفرغة. وعند الانسحاب فإنّ الاستخدام الأمثل للمسكنات والأدوية الوقائية لتقليل نوبات الصداع النصفي، قد تساعد في تلك الحالة.
2- التهاب الجيوب الأنفية
هذا الصداع هو نتيجة التهاب الجيوب الأنفية الذي يتبع الإصابة بنزلة البرد أو الإنفلونزا. وغالبًا ما تصاحبه الحمّى واحتقان الأنف، وإفرازات خضراء اللون. ولكن ينبغي الانتباه، إذ إنّ بعض نوبات الصداع النصفي تسبب ألمًا يشبه التهاب الجيوب الأنفية، ولذلك يجب مراجعة الطبيب لتأكيد الحالة.
إلى غرفة الطوارىء سريعًا!
على الرغم من أنها حالات نادرة، إلا أنّ بعض أنواع الصداع، قد تكون إعلانًا عن مشكلة خطيرة جدًّا (مثل وجود ورم، وتمدد الأوعية الدموية، والسحايا، ووجود نزيف في الدماغ). وفي ما يلي بعض العلامات التي ينبغي عند ملاحظتها الإسراع فورًا إلى غرفة الطوارىء في المستشفى:
• صداع يأتي بطريقة فجائية مثل الرعد.
• صداع يظهر بعد القيام بجهد أو تمرين.
• صداع غير عادي يرافقه أعراض أخرى (الحمى، تنميل في الجسم، فقدان التوازن).