نظمت جمعية جمع المؤنث لقاءً ثقافياً بمقر الجمعية بالرباط، وذلك لتقديم كتاب «الآلام النائمة» الذي كتبته الراحلة حياة دينيا، خلال حياتها، وأنهته مع آخر أيام حياتها في صراعها مع المرض وأوصت بطباعته بعد رحيلها.
صدر الكتاب بـ لغة فرنسية أنيقة، ليحكي مسار حياة المرأة المثقفة، هي أستاذة لمادة التاريخ بجامعة الرباط والجمعوية، وهبت جزءاً من ميراثها لتؤسس مركزاً للثقافة والمعرفة والتواصل.
اجتمع حول الكتاب مجموعة من الأساتذة والكتاب، ومن أصدقاء الراحلة الذين قرأوا الكتاب، الذي يقدم وجه حياة المرأة المثقفة الملتزمة بأصالتها، والمنفتحة على العالم في الوقت نفسه، التي تتبعت مسار عائلتها «دينيا»، و من خلاله تاريخ عائلات أندلسية نزحت إلى الرباط بعد أزمة الموريسكيين في الأندلس، و حاولت أن تؤرخ لحيوات عريقة في الرباط عاشت في كنف التقاليد الأصيلة، معتزة بالهوية العربية والأندلسية والإسلامية، مع الانفتاح على العالم والنهل من المعرفة والفن، فعرفت الكاتبة الراحلة حياة، مساراً استثنائياً لامرأة راهنت على الثقافة والتغيير الناعم، بتعزيز هويتها و انتمائها، مع التطلع إلى مختلف ثقافات العالم.
استحضار الماضي وربطه بالحاضر
كانت جلسة جمع المؤنث بمذاق الحنين والذكريات، تحذوها روح الإثارة لاكتشاف عوالم الخفية للكاتبة، وحكاياتها مع تاريخ عائلة دينيا، حيث مثلث العائلة في تكريم خاص وتاريخي بإسبانيا، حيث جذور العائلة التي تنتمي لمنطقة دانيا بالأندلس.
حضر الجلسة عدد من أصدقاء جمع المؤنث، ووجوه من الثقافة والفن، وسيرت الجلسة الدكتورة زكية العراقي، وشارك فيها كل من السياسية أمينة أوشلح، والطبيب النفسي فريد المريني، والدكتور المدغري العلوي، والفرنسية «أني دوڤيرنيا»، والناشر الكاتب رشيد خالص.
وقالت كوثر دينيا شقيقة الراحلة أن الكتاب جاء على مراحل بين 2000 - 2010، ويعود إلى الماضي من خلال تاريخ عائلة دينيا في الرباط خلال القرن الماضي، وتساءلت كوثر عن سبب تعاطي حياة للكتابة في هذه الفترة بالذات، هي التي كانت غارقة في قراءة كتب الآخرين بنهم، لعله كما تقول تكريم للعائلة وللنجاحات والإخفاقات، وللتعبير عن جيل من نساء تنتمي إليهن، لقد استحضرت الماضي في علاقته بالحاضر، فقد تعاطت مع الكتابة كما تعاطت مع قدرها في صراعها مع المرض الذي أنهى حياتها العام الماضي. فهل هو تحدي ومقاومة للموت؟ لا توجد أجوبة للأسئلة لكن ما هو أكيد أن زيارة ذكرياتها وملامسها واستفزازها منحها متعة كبرى باستحضارها هذا الاستحضار الذي سنجده نحن أيضاً في "الآلام النائمة" بعد طول غياب.