صداقات الطفولة لماذا هي الأصدق والأكثر استمراراً؟

صداقة منذ الطفولة
صداقة منذ الطفولة

هناك شيء سحري حول صداقات الطفولة، بغض النظر عن عدد السنوات التي تمرّ أو عدد التغييرات التي تحدث في الحياة، عندما نعيد الاتصال بصديق الطفولة، يبدو الأمر كما لو أن شيئاً لم يتغير، لم تستطع التحدث لمدة عقد من الزمان، ولكن مكالمة هاتفية عشوائية واحدة تعيد الذاكرة إلى تلك الأيام الجميلة كما وكأنكما التقيتما بالأمس.

لكن لماذا يحدث هذا؟ لماذا غالباً ما تستمر صداقات الطفولة لفترة أطول من تلك التي نكونها في وقت لاحق من الحياة؟

السر وراء صداقات الطفولة

الحنين إلى الماضي في صداقات الطفولة

إليك الشيء المتعلق بصداقات الطفولة: إنها حقيقية وخام وغير مصفاة. لم يكن أحد يحاول إقناع أي شخص في ذلك الوقت، لم يكن عليك أن تكون "الشخص المضحك" أو "الرائع" أو الحفاظ على بعض الصور المثالية بعناية، أصدقاء الطفولة أحبوك لصفاتك الطبيعية، وفق موقع Medium.
قد يهمك متابعة أبرز أسباب الخلافات بين الصديقات

غالباً ما تتطلب الصداقات في الكلية أو مكان العمل القليل من طرح الأسئلة، أنت لا تظهر دائماً شخصيتك الكاملة لأن هناك مستوى من الاحتراف أو اللياقة الاجتماعية في اللعب.

إذاً، لماذا غالباً ما تدوم صداقات الطفولة أكثر من تلك التي نكونها في وقت لاحق من الحياة؟ لأنها مبنية على الأصالة والثقة والنمو المشترك، كان هؤلاء الأصدقاء هناك عندما كانت الحياة بسيطة، عندما كان التحدي الأكبر هو معرفة كيفية التسلل إلى المطبخ دون أن تلاحظ والدتك، لقد عرفوك قبل أن تصبح الحياة معقدة وأحبوك على حالك.

الحنين إلى الماضي: السلاح السري لصداقات الطفولة

دعونا لا ننسى الحنين إلى الماضي، هل تعرف هذا الشعور الدافئ والغامض الذي تشعر به عندما تفكر في ذكريات الطفولة؟ هذا هو عقلك الذي يجعلك تشعر بالارتباط بماضيك والأشخاص الذين كانوا معك.

الحنين إلى الماضي قوة جبارة، وفقاً لدراسة أجرتها جامعة "نورث وسترن"، فإن التفكير في ذكريات الطفولة الإيجابية يقوي تلك الصداقات، لهذا السبب يمكنك إعادة الاتصال بصديق طفولة بعد سنوات والمتابعة من حيث توقفت، تقربك الذكريات المشتركة للأوقات الأبسط، حتى عندما تجذبك الحياة في اتجاهات مختلفة.

كيف ينظر أهل الاختصاص إلى صداقات الطفولة؟

فريال عبدالله حلاوي، دكتورة محاضرة ومستشارة في تقدير الذات تشرح وجهة نظرها حول صداقات الطفولة وتقول:

لا شك أن الطفولة هي مرحلة مهمة جداً في حياة الإنسان، ونحن اليوم على ما كنا عليه في طفولتنا، فكل ما يمرّ علينا في طفولتنا نحمله معنا، سواءً من لحظات حلوة أو من أزمات نفسية، الطفولة مرحلة مهمة جداً خصوصاً للصحة النفسية والجسدية، ولذلك بناء الصداقات هو إحدى المراحل المهمة جداً التي يجب أن يمرّ بها الطفل لتعزيز الانتماء عنده والشعور بالتقدير.
كذلك، تساعد الصداقات على أن يصبح الشخص محبوباً ويستطيع التفاعل والتعبير، ما يؤكد على أهمية صداقات الطفولة لتعزيز صحة الطفل النفسية، ليكون كائناً مرحباً به ضمن الآخرين، ويمكنه التعبير عن رغباته.
تسأل حلاوي لماذا تدوم هذه الصداقات لفترة طويلة؟ وتؤكد على أنّ طفولة كل طفل هي مرحلة وهي التي تعلّم الأكثر في حياته، وهي التي يحمل منها كل الصور والذاكرة عندما يصبح شاباً.

العلاقات التي يبنيها الطفل في مرحلة قصيرة جداً هي صداقات بريئة خالية من المصالح، وتتميز بالبراءة التي تتحكم بتكوين الصداقات والحفاظ عليها.

يتعلق الطفل هو وصغير بصداقات، ويحتاج إلى أن يجد مكانه في المجتمع، ومن بعد مرحلة الطفولة تبدأ النظرة الضيقة للآخر والتمييز ضده.

وبرأي حلاوي، الطفل القادر على بناء علاقات وصداقات إيجابية منذ المراحل المبكرة في حياته سيصبح فرداً قادراً أكثر من غيره على التعاون مع ضغوطات الحياة، ومع أزمات الحياة وسيكون شخصاً أقل توتراً ويتعلم التعاون مع الأزمات والأقران والآخرين أكثر من غيره.

لذلك يجب تشجيع الطفل منذ السنوات الأولى على التفاعل مع الآخرين، والتواصل بشكل إيجابي معهم لأن هذه الصورة هي التي سترافقه، حيث إنه سيبني مهارات عالية ببناء أواصر الألفة والتواصل مع الآخرين.

وتضيف حلاوي: الأطفال القادرون على استجلاب الصداقات منذ الطفولة هم أطفال يتمتعون بتقدير الذات، لا يجب أن ننسى أن هناك أطفالاً يعتبرون أنهم غير قادرين على تكوين صداقات ويفتقدون شعور تقدير الذات، لذلك علينا متابعة الصداقات منذ الطفولة كي تُكوَّن بشكل إيجابي، علينا أن ننتبه من تعرضه للتنمر أو رفضه ضمن المجموعات.
ما رأيك بالاطلاع على كيفية اختيار الصديقات المناسبات لبناء علاقة إيجابية وداعمة

صداقات الأطفال تقدم لهم دعماً اجتماعياً وعاطفياً، وتساعدهم على التعبير أمام أصدقائهم ومشاركتهم شعورهم ونشاطاتهم اليومية، على الطفل أن ينخرط بين مجموعات، وألا يكون منعزلاً للحفاظ على مهارات التواصل.