كيف يعوق الخوف من الفشل آلاف الأفكار الريادية؟

الخوف من الفشل - الصورة من Adobestock
الخوف من الفشل - الصورة من Adobestock

الخوف من الفشل يحتل مرتبةً متقدمةً في قائمة المخاوف التي تعتري أي شخص في كافة المجالات خاصة في مجال الأعمال، حيث يراود رائد الأعمال ارتباك من التجربة وخوض المغامرة مع عدم التأكد من إمكانية النجاح، وهو بذلك يخشى ارتكاب الأخطاء، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى القضاء على العديد من الأفكار والتصورات الريادية المهمة.
عبر السطور القادمة تطرقنا إلى أسباب الخوف من الفشل ومصادر هذا الشعور الذي ينتاب الكثير من روّاد الأعمال، إضافة إلى بعض الأمثلة التي تتجسد بسلوكيات واضحة، وكيفية التغلب على هذا الخوف بخطوات مدروسة وفقاً لخبير إداري وموقع إلكتروني متخصص.

ثلاثة أسباب للخوف من الفشل

توقعات غير واقعية تتعلق بالأرباح السريعة - الصورة من freepik تصوير cookie studio


بداية ذكرت المنصة الأمريكية الإعلامية "Medium" ثلاثة أسباب رئيسة للخوف من الفشل وأمثلة على ذلك كالآتي:

الخوف من المجهول

إن الخوف من الفشل في الأعمال التجارية ينبع غالباً من الخوف من المجهول، فبدء مشروع جديد ينطوي على الدخول في منطقة مجهولة، حيث تكون النتائج غير مؤكدة والمخاطر مؤكدة، وقد يؤدي هذا الخوف إلى تجنب المخاطرة الضرورية أو متابعة الأفكار المبتكرة.

الكمال والتوقعات غير الواقعية

إن الكمال ووضع توقعات غير واقعية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الخوف من الفشل، وقد يصبح رواد الأعمال الذين يسعون إلى الكمال حذرين للغاية، ما يؤدي إلى تأخير القرارات المهمة وتفويت الفرص، وتخلق التوقعات غير الواقعية خاصة فيما يتعلق بالأرباح السريعة، تفكيرًا سلبيًا يشير إلى أنّ النكسات على أنها إخفاقات بدلًا من كونها حجر عثرة نحو النمو.

الضغوط الاجتماعية والرفض

غالباً ما يتغذى الخوف من الفشل على احتمالية الضغوط الاجتماعية والرفض، وقد يخشى رواد الأعمال ما قد يعتقده الآخرون إذا لم تنجح أعمالهم، مما يجعلهم يترددون في اتخاذ الإجراءات. إن الخوف من حكم الآخرين قد يمنع الأفراد من متابعة أهدافهم بشغف واحتضان الدروس المستفادة من النكسات.

أمثلة على الخوف من الفشل

تجنب المشاريع المحفوفة بالمخاطر - الصورة من Freepik

تجنب المشاريع المحفوفة بالمخاطر:

قد يتجنب رواد الأعمال متابعة أفكار الأعمال المبتكرة أو المحفوفة بالمخاطر بسبب الخوف من الفشل المحتمل، وقد يلتزمون بخيارات أكثر أماناً، ما يحد من إمكاناتهم للنمو.

التسويف:

يؤدي الخوف من الفشل إلى دفع رواد الأعمال للتسويف في تنفيذ المهام أو اتخاذ القرارات المهمة، فقد يؤجلون إطلاق منتج جديد، أو دخول سوق جديدة، أو حتى بَدْء عمل تجاري في المقام الأول لأنهم يخشون العواقب المحتملة إذا لم تسر الأمور كما هو مخطط لها.

الإدارة التفصيلية:

يندفع رواد الأعمال إلى الإدارة التفصيلية لكل جانب من جوانب أعمالهم تهرباً من الفشل، فيلجئون إلى عدم الرغبة في تفويض المهام أو الثقة في الآخرين للتعامل مع المسؤوليات المهمة، وبدوره يؤدي إلى الإرهاق وانعدام الكفاءة، ما يعوق في النهاية نمو الأعمال.

الإفراط في التحليل:

بدلاً من اتخاذ القرارات بناءً على المعلومات المتاحة وخوض المجازفات المحسوبة، قد يبالغ بعض رواد الأعمال في تحليل كل جانب من جوانب فكرتهم التجارية وظروف السوق والنتائج المحتملة، وقد يمنعهم هذا الأمر من اتخاذ القرارات في الوقت المناسب واغتنام الفرص.

المخاوف المالية:

يُشكّل الخوف من الفشل المالي مصدر قلق كبير بالنسبة للعديد من رواد الأعمال، فقد يخافون من نفاد أموالهم، أو عدم قدرتهم على تأمين التمويل، أو مواجهة الإفلاس إذا لم تنجح أعمالهم كما هو متوقع.

الملاحظات السلبية:

قد يخشى رواد الأعمال تلقي انتقادات أو ردود فعل سلبية من العملاء أو المستثمرين أو المنافسين، وقد يمنعهم هذا الخوف من طلب ردود الفعل، وتكرار أفكارهم، وتحسين منتجاتهم أو خدماتهم في نهاية المطاف.

العزلة:

يمكن أن تكون ريادة الأعمال رحلة وحيدة، والخوف من الفشل يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشاعر العزلة، لذا فقد يتردد رواد الأعمال في طلب الدعم أو التوجيه من الآخرين، خوفاً من الحكم أو النقد، ما قد يعوق قدرتهم في التغلب على التحديات وتحقيق النجاح.
اطلعوا أيضاً على بعض الإجراءات الإدارية التي تُدمّر الموظفين.

كيفية التغلب على الخوف من الفشل

الفشل جزء طبيعي من رحلة ريادة الأعمال - الصورة من Pexels المصور anntarazevich


محمدالحربي، الخبير الإداري والمختص في إدارة المشاريع، شاركنا رأيه قائلاً: "من المهم أن يُدرك الفرد أن الفشل جزء طبيعي من رحلة ريادة الأعمال ويمكن أن يوفر هذا الفشل تجارب تعليمية قيمة" وفي هذا السياق أشار "الحربي" إلى بعض الخطوات اللازم اتخاذها من أجل التغلب على خوف الفشل وهي:

تحديد توقعات واقعية والاستعداد للانتكاسات:

عند إطلاق مشروع ناشئ، يجب تحديد أهداف واقعية عبر مقاييس مثل المبيعات والتكاليف والجداول الزمنية، وتقبل حدوث الانتكاسات وتجنب التوقعات المتفائلة بشكل مفرط والتي قد تؤدي إلى خيبة الأمل. في هذا الإطار يجب الإشارة إلى أنّ التخطيط للطوارئ يُتيح لك توقع المشكلات، جنباً إلى جنب مع تقسيم الأهداف إلى مراحل أصغر قابلة للتحقيق.

تعلم من أخطائك وقم بتعديل نهجك:

تحتوي الأخطاء والإخفاقات على رؤى مفيدة لتوجيه الإستراتيجيات الأفضل في المستقبل، لذا قم بتحليل أوجه القصور بشكل محايد لاستخلاص الدروس الرئيسية، ومن ثم قم بتعديل إستراتيجياتك بناءً على الدروس المستفادة، لذا استخدم التجارب الصعبة لاكتشاف مجالات التحسين دون إصدار أحكام.

تصور النجاح والحفاظ على تحفيز رؤيتك:

التواصل بانتظام مع الرؤية الأصلية التي أشعلت فكرة البداية، فتخيل شركتك وهي تصنع الفارق المطلوب يوفر الحافز خلال الفترات الصعبة. وبناء على ذلك، اكتب المعالم القصيرة والطويلة الأجل التي تدل على نمو الشركة والتأثير المجتمعي والتركيز على "السبب" الذي تسعى شركتك إلى إحداثه في حياة الناس.

اتبع مجموعة من المبادئ التوجيهية للبقاء متوافقاً مع قيمك:

تحديد القيم الأساسية التي توجهك في كيفية إدارة أعمالك، مثل النزاهة والشفافية وتقدير الموظفين، قم بتطوير مبادئ للشركة وسياسات بما يتماشى مع هذه القيم، ومن ثَم قم بمراجعتها بانتظام للتأكد من أن القرارات الكبرى تتوافق مع المبادئ الثقافية المرغوبة، ويُمكن للمبادئ التوجيهية القائمة على القيم أن تُرسخ الجهود الريادية، وتبعاً لذلك استخدم قيمك كبوصلة لاتخاذ القرارات.

تحرر من أفخاخ المقارنة وركز على رحلتك الفريدة:

كل رائد أعمال لديه رحلة فريدة مليئة بالتحديات والبركات المختلفة، لذا غالباً ما تؤدي مقارنة نفسك بالآخرين إلى الوقوع في فخاخ ذهنية غير مفيدة، لذا تجنب التركيز على الإنجازات التي حققها روّاد أعمال آخرون، وبدلاً من ذلك، ركز على رؤيتك الشخصية وأهدافك التجارية، احتضن نِقَاط قوتك ومواهبك الفريدة واحتفل بإنجازاتك، مهما كانت صغيرة.

اتخاذ مخاطرات محسوبة والخروج من منطقة الراحة:

تجاوز الحدود ومحاولة تطبيق أساليب غير مجربة أمر لا غنى عنه للابتكار ومزاولة ريادة الأعمال. لذلك فكر في المخاطر بعناية واجمع البيانات لتقييم الجدوى والتأثير، وابدأ على نطاق صغير بمشاريع تجريبية ومنتجات قابلة للتطبيق على أقل تقدير وخطط لطرق خاضعة للرقابة لاختبار تلك الأفكار ومن المهم تذكر أنّه لا بد من احتضان حالة عدم اليقين باعتبارها جزءاً ضرورياً من النمو.

التركيز على التقدم بدلاً من الكمال للحفاظ على استمرار الزخم:

تقبل النقص باعتباره جزءاً طبيعياً من العملية التجارية. إذ إنّ مقاومة تأجيل إطلاق منتجك إلى أن تتوصل إلى الإستراتيجية "المثالية" أو المنتج المثالي فكرة غير صحيحة على الإطلاق، وذلك لأن هذا الأمر غير موجود، فالإنجاز أفضل من الكمال في ريادة الأعمال، وعلى هذا الأساس، قم بطرح الإصدار الأدنى القابل للتطبيق، واجمع تعليقات المستخدمين، واعمل على تحسينه بشكل متكرر، فالحفاظ على الزخم والانطلاق إلى الأمام حتى لو كان النمو تدريجياً هو الأمر الصائب، وآنذاك ستكتشف العيوب والضعف بمرور الوقت.

إعداد خطة احتياطية للتخفيف من الخوف من أسوأ السيناريوهات:

قم بتقييم المخاطر السلبية بشكل شامل وصياغة خطط الطوارئ في حالة حدوث انتكاسات، إذا كنت تنوي إطلاق منتج جديد، فاحرص على وضع إستراتيجية توزيع بديلة في حالة فشل قناتك الرئيسة، وحدد الموردين أو الشركاء الآخرين حسب الحاجة، ثم اعمل على إعداد سيناريوهات لمواجهة العجز في الإيرادات، أو الاحتفاظ بالموظفين الرئيسين في حالة انخفاض التمويل، أو التعافي من الكوارث.

تعامل مع التحديات بعقلية موجهة نحو الحلول:

نادراً ما تتوافق حقائق الأعمال مع الافتراضات والتوقعات الأصلية، لذا الحفاظ على ذكائك واستعدادك لتعديل الجوانب الأساسية مثل ميزات المنتج وشرائح العملاء وقنوات التسويق أمر ضروري إذا كانت البيانات تدعم ذلك، فتغيير المسار ليس رد فعل على الفشل، بل هو إعادة تنظيم استباقية لتحسين قابلية الأعمال للاستمرار على أساس أدلة جديدة، وبناءً على ذلك احرص على تنمية ثقافة مرنة وإبداعية قادرة على تغيير الاتجاهات ومراقبة اتجاهات السوق وردود أفعال العملاء عن كثب. وعند مواجهة النكسات، تجنب الوقوع في دوامة الشلل في تحليل المشكلة، إذ بمجرد تحديد القضايا الرئيسية، قم بتحويل الانتباه إلى العصف الذهني وتقييم الحلول القابلة للتنفيذ.

مقاومة إغراء الإدارة التفصيلية:

قاوم إغراء إدارة كل شيء باعتبارك المؤسس. يمكن منع الفشل الناتج عن توزيع المسؤوليات على نطاق واسع بواسطة التفويض القائم على الثقة، راجع قدرات الفريق وتسليم المهام المناسبة للاستفادة من نقاط القوة التكميلية، وقم بإنشاء أنظمة شفافة للمساءلة مع منح الاستقلالية وبناء عليه ابني جدولك الزمني للتركيز على الأولويات الإستراتيجية عالية المستوى.
تعرفوا أيضاً إلى إدارة الموارد البشرية الخضراء.