الثقة بالنفس لا تنبع من الشخص وحده بل قد تكون إرثاً ينتقل عبر الأجيال. وبالنسبة لبياجيو علي والش، حفيد الأسطورة محمد علي كلاي، فإن الثقة قد نُسجت في نسيج تاريخه وإرثه. ومع تقدمه في عالم الفنون القتالية المختلطة (MMA)، لا يحمل معه اسم وروح جده فحسب، بل يحمل درساً قيّماً في الإيمان بالنفس. من تحوله من لاعب كرة قدم أمريكية إلى مقاتل MMA، وصولاً إلى مشاركته القادمة في أضخم بطولة للفنون القتالية المختلطة، والتي تقام في الرياض يوم 24 فيراير الجاري ضمن فعاليات موسم الرياض، يُظهر بياجيو أن الثقة بالذات تعمل كبوصلة توجّه الفرد خلال ضغوط التوقعات وسعيه لاكتشاف مساره الخاص. انضموا إلينا ونحن نستكشف كيفية توجيه الثقة بالنفس الكامنة داخلكم، مستلهمين من مسيرة بياجيو علي والش وارتقائه من تحت ظل أسطورة إلى صياغة إرثه الخاص في ساحة الفنون القتالية الرياضية الشرسة.
حوار: عمرو جمال
بياجيو علي لـ"سيدتي": أعتقد أنني أمتلك الإمكانية لأصبح مقاتلاً رياضياً عظيماً
بدايةً، مرحباً بك بياجيو مع "«سيدتي"، دعني أسألك أولاً، كيف شعرت بعد الانضمام إلى PFL؟
مرحباً بـ"سيدتي"، حسناً.. أنا أشعر بالامتنان والحماس بالتأكيد، والحقيقة أن PFL ترى أن لديّ الإمكانيات التي تؤهلني أن أصل إلى القمة في هذه اللعبة، وهذا يعني الكثير بالنسبة لي، أعتقد أنني حصلت على فرصة بسبب اسمي، لكن أيضاً اسمي وحده لن يكفي إذا لم يكن لديَّ أي مهارة أو إمكانيات، لكن أعتقد أنني أمتلك الإمكانية لأصبح مقاتلاً رياضياً عظيماً، ومنظمة PFL تعرف ذلك، لهذا وقّعوا معي.
دعنا نبدأ بمسيرتك في هذه اللعبة، الفنون القتالية المختلطة. ما الذي دفعك لاستكمال مسيرة في الفنون القتالية المختلطة، والتحول عن مسار جدك، الذي كان ملاكماً أسطورياً؟
في البداية، لم أكن أعرف ماذا أفعل في حياتي عندما انتهيت من لعب كرة القدم الأمريكية، كنت مفتقداً لنفسي تماماً. لم يعجبني نمط الحياة الذي كنت أعيشه، أصابني الحزن والاكتئاب، أيضاً كنت غاضباً لأن مسيرتي في كرة القدم الأمريكية لم تكن مثالية على الرغم من أني كنت أظن أنني سأكون ناجحاً فيها.
بعدها حصلت على وظيفة في إحدى العلامات الرياضية العالمية الشهيرة، حاولت أن أضع حياتي في نظام الحياة مثلما يفعل معظم الأشخاص عندما ينتهون من ممارسة الرياضة التي لعبوها لفترة طويلة.
لكن، يمكنني أن أقول إن الشيء الوحيد الذي كان يُشعرني بالسعادة خلال تلك الفترة هو الذهاب إلى التدريب في النادي الرياضي (الجيم).
أدركت بعد ذلك أن الشيء الوحيد الذي يجلب لي السعادة هو الرياضة. لذا قلت لنفسي، "سأضع كل ما أملك من بيض في هذه السلة"، وقررت أن أتخذ الرياضة بجدية على قدر استطاعتي وأرى إلى أي مدى يمكنني الوصول. وها نحن الآن، كل شيء على ما يرام.
هل يمكنك وصف لحظة أو تجربة في تدريبك التي زادت قناعتك باتخاذ قرار ممارسة الفنون القتالية الرياضية بشكل احترافي؟
نعم، كانت هناك لحظة، في البداية كنت أتدرب فقط للبقاء في لياقة بدنية جيدة عندما انتهيت من لعب كرة القدم، وبعدها كنت أتدرب على فنون الدفاع عن النفس، لكي أشغل نفسي، وكان هناك تدريب لإحدى فرق الهواة وحينها سألت المدرب، قلت: "مرحباً، هل من الممكن أن أنضم إلى فريقكم الهواة؟" تعرف، كنت أريد فقط الحصول على بعض الشركاء للتدريب الأفضل. وقال: "نعم، نعم، لا مشكلة". لذا كنا في التدريب يوماً ما وكنت أهزم كل شخص في ذلك اليوم، وبعد التدريب مباشرةً، اقتربت من المدرب وكان لدي وجه يعبر عن رغبتي في التحول إلى الاحترف، فقال لي المدرب حينها : "أنت تريد القتال، أليس كذلك؟"، قلت: "نعم، أريد القتال. هذا شيء أريد فعله الآن". أعتقد أن تلك اللحظة كانت نقطة تحول كبيرة في مسيرتي، وهي اللحظة التي علمت فيها أنني أريد أن أصبح مقاتلاً رياضياً.
بياجيو علي لـ"سيدتي": سأضطر دائماً إلى تحمل ميراث جدي بطريقة أو بأخرى. سأظل دائماً حفيده، سواء كان ذلك في الفنون القتالية المختلطة أو غير ذلك
لقد ترك لك الأسطورة محمد علي بالطبع ميراثاً رياضياً ثقيلاً، لذا كيف تشعر بتحمل ميراث محمد علي في رياضة الفنون القتالية المختلطة؟
بغض النظر عن الرياضة، سأضطر دائماً إلى تحمل ميراث جدي بطريقة أو بأخرى. سأظل دائماً حفيده، سواء كان ذلك في الفنون القتالية المختلطة أو كرة القدم أو حتى التنس، بغض النظر عما أفعل، ولكن أن أكون قادراً على تحمل ذلك في رياضة الفنون القتالية المختلطة، أعتقد أنه أمر خاص جداً؛ لأنها رياضة قتالية مختلفة عن رياضة جدي، وقد شهدت الفنون القتالية نمواً كبيراً في عالمنا اليوم. أعتقد أن أهمية تحمل ميراث جدي ستبقى ثابتة في أي شيء أفعله. ولكن أنا سعيد بأنني بصحة جيدة تجعلني قادراً على المشاركة في رياضة قتالية بغض النظر عن هويتي.
بياجيو علي لـ"سيدتي": أعظم نصيحة أعطاني إياها جدي هو أن أكون متواضعاً.
حسناً، هل يمكنك إذاً مشاركة أي دروس أو حكمة معينة نقلها لك جدك وتجدها ذات قيمة لاسيما أثناء بدايتك في رحلتك الخاصة في عالم الفنون القتالية؟
نعم، أكبر نصيحة أعطاني إياها جدي هو أن أبقى متواضعاً دائماً. أنت شاهد على محمد علي وتاريخه وكيف كان يعامل الناس، لم يكن "بطل الشعب" من فراغ حيث إنه لم يكن يقول لا أبداً لطلب توقيع، بل كان الناس يعطونه أطفالهم وكان يحملهم، يأخذ صوراً، يعانقهم، كان محباً للناس حقاً. وكان أشهر شخص في العالم، لكنه كان متواضعاً للغاية، وكان يتحدث إليك كما لو كان يعرفك منذ عشر سنوات.
لذا بالنسبة لي، أعظم نصيحة أعطاني إياها هو أن أكون متواضعاً. فالتواضع يجعلك جذاباً، أما على مستوى الرياضة، فعندما كنت صغيراً، لم أكن مهتماً حقاً بالرياضات القتالية أو الملاكمة أو أي شيء من هذا القبيل؛لذلك لم أسأله أبداً عن الأشياء المتعلقة بذلك.
بياجيو علي لـ"سيدتي": ديني وإيماني هو ما يساعدني حقاً في طريقي، يمكنك فقط أن تبذل قصارى جهدك وتترك البقية على الله
مع خلفيتك وتاريخ عائلتك، ما هو النهح الذي تتبعه للتعامل مع مسيرتك الرياضية؟ خاصة مع التوقعات التي تأتي مع اسمك؟
أعتقد أن نهجي مختلف قليلاً بسبب اسمي، قد تكون هناك ضغوط أكثر بعض الشيء، فكل مقاتل يواجه ضغوطاً سواء من عائلته أو أصدقائه وممن حوله. لدي نفس الشيء، ولكن أيضاً هذا الشيء أفادني؛ فعندما كنت مقاتلاً هاوياً، كنت أحصل على فرص لا يحصل عليها معظم الهواة بسبب علاقتي العائلية.
أعتقد أنه بالنسبة لي، النهج العقلي هو إيماني. هذا هو أكثر شيء يساعدني، لقد ولدت مسلماً. وكذلك نشأت لكني لم أكن قريباً من ديني ولم أعرف لماذا كنت مسلماً أثناء نشأتي، حتى عام 2022 تقريباً، بدأت في التفكير في ديني والتعمق في معانيه والبحث في الدين الإسلامي. كان هذا متأخراً بالنسبة لي. تقريباً عندما بدأت في التدريب على الفنون القتالية، ومع بداية مسيرتي كهاوٍ، بدأت في تعلم المزيد عن ديني، ولم يساعدني ذلك فقط في القفص، بل ساعدني في كل شيء بشكل عام.
لذا بالنسبة لي شخصياً، ديني وإيماني هو ما يساعدني حقاً في طريقي لأنه يخبرني بما هو مهم حقاً. وبمجرد أن تعرف ذلك، يمكنك أن تكون هادئاً. يمكنك الثقة بالله، يمكنك فقط أن تبذل قصارى جهدك وتترك البقية على الله.
رائع. ما هي الجوانب التي تبرزها في نظام التدريب الخاص بك أثناء استعدادك لظهورك الاحترافي؟
نحن نتدرب على كل شيء، نفعل كل ما يتعلق بفنون القتال، المصارعة، الكيك بوكسينغ والملاكمة، وغير ذلك من الفنون القتالية، نقوم بذلك في كل معسكر تدريبي ونحن متحمسون للقتال في الفنون القتالية المختلطة في ٢٤ فبراير بالرياض.
يمكن متابعة تفاصيل البطولة: موسم الرياض يطرح تذاكر أول حدث ضخم لفنون القتال المختلطة لهذا العام
بياجيو علي لـ"سيدتي": أنا أمارس هذه اللعبة حتى يوماً ما أتمكن من مساعدة الناس
بأي طريقة ترى نفسك في مستقبل الفنون القتالية، سواء داخل الحلبة أو خارجها، كشخص له سيرة تاريخية عائلية في عالم الرياضة؟
أريد أن أكون ذلك المقاتل المصحوب بالإثارة. بالطبع، كل مقاتل يريد أن يكون كذلك، لكنني أريد أن أكون ذلك المقاتل الذي لديه الشيء الإضافي، الشخص الذي يعرف كيف يعامل الناس، الشخص الذي يحارب حقاً من أجل الناس، هذا ما أريد أن أكون، هذا نوع المقاتل الذي أريد أن أصبح. لن تسمعوا مني أبداً في مسيرتي أنني أقاتل من أجل المال أو أقاتل من أجل حزام. أنا أمارس الفنون القتالية حتى يوماً ما أتمكن من مساعدة الناس، مساعدة الناس الذين يمرون بما مررت به عندما انتهيت من كرة القدم أو أسوأ. الناس الذين نشأوا في منازل معنفة أو ذوي أسر أحادية الوالدين. نعم، لهذا السبب، أنا أقاتل. وأعود وأوكد أنكم لن تسمعوا مني أبداً أنني أقاتل من أجل المال أو حزام بطولة أياً كانت.
حسناً، بينما تنتقل إلى المنافسة المحترفة، ما التحديات التي تتوقع مواجهتها وكيف تخطط للتغلب عليها؟
أجل، أتوقع أن تصبح التحديات أصعب كلما تقدمت. أتوقع مواجهة الصعوبات في هذه الرياضة. لا أتوقع دائماً أن تكون الأمور سهلة، تعرف؟ أتوقع المواجهة والصعوبة، الكثير من الدماء والعرق والدموع. وأتوقع أن يزداد ذلك كلما أقدم عرضاً قتالياً. لذا، نعم، لديّ حياة واحدة فقط ولا أهتم. أحضر لي كل الضغوط في العالم، أحضر لي كل التحديات في العالم. سأكون ذكياً وأعمل بجدية للوصول إلى حيث أريد، لكنني أعلم أن الطريق لن يكون سهلاً وسيكون هناك الكثير من التحديات. لكنك تعرف، ما هو التحدي؟! عندما نحاول جميعاً الوصول إلى الله في نهاية المطاف، أليس كذلك؟!
حسناً، دعني أسألك أيضاً عن التوقعات الناتجة عن اسم عائلتك. كيف تحقق التوازن بينها وبين الحاجة إلى تأسيس هويتك ومسارك الخاص في عالم الفنون القتالية المختلطة؟
ليس هناك الكثير الذي يمكنني فعله. لم أختر أن أكون حفيد محمد علي. هذا أنا فقط. وسيقوم الناس بإرجاع ذلك إلى جدي. أي شيء أقوم به، سيتم إرجاعه دائماً إلى جدي. لذا، الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله هو فقط أن أصبح نسخة أفضل من نفسي، بمجرد محاولة تحسين نفسي كل يوم.
ما الرسالة أو الإرث الذي تأمل في تركه للمقاتلين الطامحين، خاصة أولئك الذين قد يأتون من عائلات رياضية مثل عائلتك، الذين يرغبون في النهاية في المنافسة؟
نعم، أعتقد أن الشيء الرئيسي هو الثبات. هذا أمر آخر أيضاً. يمكنك دائماً فعل ذلك. تعرف، إذا استطعت أن تكون ثابتاً وواثقاً من نفسك يمكنك الدخول إلى ذلك القفص والفوز دون أي خلفية في الرياضات القتالية على الإطلاق، أنا كنت لاعباً في كرة القدم الأمريكية والآن أنا مقاتل في MMA. أعتقد أن الثبات والحرص على التعلم دائماً والبقاء متواضعاً. هي النصائح الثلاث التي أعطيها. وتلك النصيحة الأخيرة كانت لجدي كما ذكرت سابقاً، البقاء متواضعاً دائماً؛ فالتواضع يحبه الناس.
تابعوا المزيد: تعرّفوا إلى أصول وتاريخ الفنون القتالية المختلطة