شخصيَّةٌ رياضيَّةٌ سعوديَّةٌ، ورائدةُ أعمالٍ في المجالِ الرياضي، ومؤسِّسةُ نادي Pulse Studios في جدة. منصَّاتها على مواقعِ التواصلِ الاجتماعي، تنبضُ بطاقةٍ إيجابيَّةٍ، تسعى "الدخيل" إلى إيصالها لمتابعيها، وحثِّهم على التعلُّقِ بالرياضةِ بوصفها نمطَ حياةٍ، وليس هدفاً مؤقتاً، كما تُشاركُ من خلالها كثيراً من اللحظاتِ الحُلوةِ التي تجمعها بأسرتها وأطفالها، وغالباً ما تكون الرياضةُ الموضوعَ المحوري فيها.
اليوم، في مناسبة اليوم الوطني السعودي 94، تُخبرنا هالة الدخيل عن التأثيرات النفسية والجسدية للرياضة، ضمن سلسلة حوارات ملهمة أجرتها "سيدتي" مع شخصيات شبابيَّةٍ سعوديَّةٍ متميِّزةٍ.
ساهمت في الإعداد: ولاء حداد
طاقة إيجابية
قلَّةٌ هُم الذين يحوِّلون شغفهم إلى مهنةٍ، ترافقهم يومياً، ويستمتعون بها، كيف تمكَّنتِ من رسمِ هذا الطريق؟
بدايةً، الموضوعُ لا يدورُ فقط حول أن شغفي، هو عملي، بل إنه الأمرُ الذي غيَّر حياتي تماماً. بدأتُ بعملِ ذلك بعد دخولي الجامعة، مع العلمِ أنني قمتُ بتغييرِ مجالِ تخصُّصي، حيث بدأتُ بدراسةِ علمِ النفس، لأنني رغبتُ في مساعدةِ الناس، وحثِّ الجميعِ على أن يكونوا أكثر إيجابيَّةً، وأن يتخلَّصوا من مشكلاتهم، والأمورِ التي تُشعرهم بالضيقِ. عندما دخلتُ مجالَ الرياضة، صرت أُدركُ أن الإنسانَ ليس مُجبراً على التحدُّث عن مشكلاته للشعورِ بالارتياحِ، والإيجابيَّةِ، والتخلُّص من كلِّ ما يحمله من مشاعرَ سلبيةٍ. الحركةُ، سبحان الله، و"الجمعاتُ"، والمدرِّبون والمدرِّبات، كلُّ هذا يُشكِّل فرقاً في حياةِ الشخص. أنا أحبُّ الرياضة، لذا أُشجِّع صديقاتي والناسَ من حولي دائماً على أن يمارسوها معي قبل أن أصبح مدرِّبةً. قلتُ لنفسي: يمكنني أن أقومَ بالأمرِ نفسه، وأن أكون أكثرَ سيطرةً على الأمور عبر أدواتِ التدريب، وطريقةِ كلامي معهم، ونصائحي الموجَّهةِ لهم، وطاقتي الإيجابيَّة، وأن أساعدهم على التخلُّصِ من المشاعرِ السلبيَّة، والأمورِ التي تُضايقهم، ليصبحوا أكثر صِحَّةً وقوَّةً. وعندما بدأت، فعلتُ ذلك لأنه كان يُشعرني بالسعادة، ولأنني أردتُ أن أستثمرَ وقتي، ولم يكن في بالي أبداً أن أصلَ إلى ما أنا عليه اليوم، والحمد لله.
تعرفوا معنا إلى شخصيات سعودية أخرى تركت بصمة في المجال الرياضي، منهن 10 لاعبات سعوديات في سجلات تاريخ الألعاب الأولمبية
استثمار الوقت
"كيف تروين قصّتكِ إذا كنتِ امرأةً عاملةً، وأماً بالوقتِ نفسه؟" طرحتِ هذا السؤالَ، وأجبتِ عنه بفيديو للحظاتٍ جميلةٍ، تجمعكِ بأطفالكِ. هذا التحدِّي اليوم، تواجهه كلُّ نساءِ العالم، في رأيكِ ما أسهلُ طريقةٍ للموازنةِ بين الدورَين؟
دورُ الأمِّ مع الطفلِ لا يقتصرُ فقط على الأوقاتِ التي تقضينها معهم. كثيرٌ من الأمَّهاتِ اللواتي يعملن، يواجهن هذه المشكلة، حيث يراودهن شعورٌ بأنهن لا يقضين وقتاً كافياً مع أطفالهن بسببِ بقائهن أغلبَ الوقتِ في العمل. من جهتي، أرى أن الأمَّ، خاصَّةً العاملة، لا يجب أن تُغرِقَ نفسها بهذا الإحساسِ، وأقصدُ إحساسَ الذنب، وأنها مقصِّرةٌ تجاه أسرتها، فهناك أمَّهاتٌ موجوداتٌ دائماً في المنزل، لكنَّهن لا يمنحن أطفالهن الاستثمارَ القيِّمَ والصحيحَ للوقتِ، والانتباهَ اللازم! قد تكونين في البيتِ، لكنَّ تركيزك، يكون مُنصبّاً على الهاتفِ، أو التلفازِ، أو جلساتِ الصديقات. إن الوقتَ الذي تعطينه لطفلكِ، والانتباه، والأهميَّة، بالنسبة لي هو الأهمُّ، ومن الضروري جداً أن يرى أطفالي أنني أعملُ، وأمارسُ الرياضةَ حتى يتعلَّموا مني، ويشعروا بـ"الحياةِ الصحيحة"، ويعيشوا بالطريقةِ نفسها.
في نظامكم الأسري، تتشاركون نمطَ حياةٍ صحياً، واهتماماتٍ، وتجاربَ مختلفةً، حدِّثينا عنها؟
هناك عديدٌ من الألعابِ، والنشاطاتِ التي يمكن أن تتشاركها العائلة. من المهمِّ أن يقومَ الأبُ والأمُّ بتشجيعِ أطفالهما على ممارسةِ الرياضة، وأن يشاركاهم فيها؛ مثل المشي، والجري، والرياضاتِ التي يحبُّها الأطفال، إذ إن لديهم طاقةً، لا بدَّ من تفريغها، وعلى الأهلِ مساعدتهم في ذلك، لا أن يكتموا هذه الطاقات، لأن ما سينتجُ عن ذلك، هو تعوُّدهم على الكسلِ، وتجنُّبِ فعلِ الأمورِ التي يريدون فعلها، كونهم تربُّوا على هذا الأمر. عليه، يجبُ أن نتحرَّك معهم، وأن نلعبَ معهم، وأن نساعدهم في اكتشافِ الهواياتِ التي يحبُّونها مثل التنسِ، والسباحةِ، وكرةِ القدم، وكرةِ السلة، والرياضات الأخرى. اليوم، نحن نرى كيف أن السعوديَّة، تسيرُ وفقَ هذا المسارِ، ونشاهدُ كيف تدعمُ الألعابَ المحليَّة، والرياضاتِ الأولمبيَّة، وعلينا تعزيز هذه الصورةِ أكثر لدى أطفالنا، ودعم طموحاتهم وأحلامهم، وجعلهم يؤمنون بأنفسهم، وأن في استطاعتهم خوضَ هذه البطولاتِ في المستقبل. الأجيالُ السابقةُ، مع الأسف، لم تحظَ بكلِّ هذا.
كونوا قدوةً جميلةً لأطفالكم ليقولوا: عندما أكبر سأصبحُ مثل أبي، أو مثل أمي. ادعموهم ليكون لديهم هدفٌ في الحياة، ويكتشفوا أنفسهم، ويعرفوا مقدارَ الجهدِ الذي عليهم بذله. ولو جرَّبوا هوايةً ما، ولم يقتنعوا بها، قوموا بتشجيعهم على تجربةِ هواياتٍ واهتماماتٍ أخرى.
تشيدين بالدعمِ الذي تحظين به من زوجكِ، كيف أثَّر ذلك في مسيرتكِ، إضافةً إلى وجودِ البيئةِ الداعمةِ من حول المرأة، ما السببُ الرئيسُ في نجاحها في رأيكِ؟
زوجي، هو شريكُ حياتي، وأقومُ باستشارته دائماً في أي خطوةٍ. نحن ندعمُ بعضنا، ونبحثُ عن الأفضلِ لعائلتنا، ونشجِّعُ، ونشدُّ على أيدي بعضنا. لا يقولُ لي أبداً: لن تستطيعي فعلَ هذا الأمر. ولا أقولُ له ذلك، بل أشجِّعه، وأؤكد له أنه قادرٌ على النجاح، لأننا نريدُ الأفضل لبعضنا، وأن نكون في مراكزَ أعلى، وأن ننجحَ أكثر. هنا عليَّ التوضيح أن الأمرَ لا يقتصرُ فقط على دعمِ الزوجِ والزوجة، فالدعمُ الأسري من الأمِّ، والأبِ، والأخِ، والأخت مهمٌّ أيضاً، لأنه يؤثِّر إيجاباً في الحالة النفسيَّة للشخص، ويجعله يؤمنُ أكثر بنفسه، وأنه قادرٌ على النجاح.
هرمون السعادة
إلى جانبِ دورها الصحِّي، تتحدَّثين دائماً عن التأثيرِ النفسي للرياضة، أعطينا أسباباً ضروريَّةً للتوجُّه نحو الرياضةِ الآن؟
بدايةً، سبحان الله، يُفرِزُ الجسمُ "هرمونَ السعادة"، كما يُقالُ عنه، تماماً كأن يتناولُ شخصٌ ما أدويةً معيَّنةً لتمنحه هذا الإحساس، والرياضةُ من الأفعالِ التي تمنحنا هذا الشعور، ليس فقط لمدةٍ محدَّدةٍ مثل الدواءِ الذي ينتهي مفعوله عند التوقُّفِ عن تناوله، إذ يعودُ الشخصُ إلى نقطةِ ما قبل العلاج. الرياضةُ تجعله يشعرُ بالقوَّةِ، والنشاطِ طوالَ اليوم، وتحفِّزه على الإنجازِ في البيتِ، والعملِ، وعلى الالتزامِ بنمطِ حياةٍ صحِّي مثل تناولِ المأكولاتِ الصحيَّة التي تتناسبُ مع المجهودِ الذي يبذله في ممارسةِ الرياضة. كل هذا يأتي تلقائياً، ودون خطَّةٍ محدَّدةٍ، ويجعلُ الشخصَ يشعر بالرضا عن نفسه.
أقولُ دائماً: إن الرياضةَ، لا تُمارس للوصولِ إلى هدفٍ معيَّنٍ، ثم يتمُّ التوقُّف عنها! وأعطي مثالاً هنا، تنظيفُ الأسنان، فالالتزامُ بتنظيفها، يجعلُ الأسنانَ بيضاءَ وصحيَّةً، لكنْ لو توقَّفنا عن ذلك، ستتسخُ، وتضعفُ، وتتضرَّر. الأمرُ نفسه ينطبقُ على الرياضة، فكلَّما عملَ الشخصُ على تقويةِ جسده، كانت فرصه أكبرَ في عدمِ التعرُّضِ لمشكلاتٍ صحيَّةٍ عند الكبر، وسيحمدُ الله على أنه بدأ بالرياضة مبكراً، واستمرَّ في ممارستها.
الرياضةُ، واللياقةُ البدنيَّة، لم تشغلكِ عن الاهتمامِ بالجمالِ، والأناقة، ما أهمُّ نصيحةٍ تُقدِّمينها عبر "سيدتي" في هذا السياق؟
ما يعرفه الجميعُ عني أنني وقبلَ أن أبدأ يومي، وقبلَ أن أُمارسَ الرياضة، وحتى لو كنت موجودةً في البيت، ووحدي أيضاً، هناك روتينٌ جمالي، أقومُ به بشكلٍ دائمٍ؛ بوضعِ الكريماتِ المناسِبة، وترتيبِ شعري، وارتداءِ ملابسَ رياضيَّةٍ، وتنسيقِ مظهري بطريقةٍ جيِّدةٍ. هذا الأمرُ أقومُ به لنفسي لأشعرَ بأنني جميلةٌ، وأن مظهري مرتَّبٌ. حتى لو كنت سأذهبُ لممارسةِ الرياضة، هذا الشعورُ بالراحةِ، والنشاط، يبدأ من الوضعِ النفسي للشخص.
أحبُّ أن أدخلَ في جوٍّ كاملٍ للرياضة، وأن أهتمَّ بنفسي، وأن أشعرَ بأنني مشرقةٌ. أحبُّ أن أتخلَّص من كلِّ الأشياءِ السلبيَّة التي يختزنها جسمي، وأهتمُّ بأن أشربَ كثيراً من الماء، فهذا ضروري جداً لجسمي وبشرتي، كما أحرصُ على استعمالِ الكريمات، وأتجنَّب وضع كثيرٍ من المكياج، لأنني أهتمُّ ببشرتي مثل اهتمامي بصحَّة جسمي. أريدُ أن أحافظَ على شبابِ بشرتي مهما تقدَّم بي العمر.
رفع الوعي تجاه الرياضة
أنتِ رائدةُ أعمالٍ أيضاً في المجالِ الرياضي، ما الذي تطمحين إلى تحقيقه كذلك؟
الخطَّةُ المستقبليَّة، أن أعملَ على توسعةِ اختصاصِ الأستوديو، وألَّا يقتصرَ وجودنا على جدة فقط، بل أن يشملَ كلَّ أنحاءِ السعوديَّة أيضاً، وفي مرحلةٍ متقدِّمةٍ يشمل دولاً أخرى، وأن يصبحَ اسمُنا من بين الأسماءِ المعروفةِ في المجالِ بالعالم، وهذا من منطلقِ رفعِ الوعي تجاه الرياضة. زرتُ عديداً من النوادي في العالمِ لأحصل على الإلهامِ منها، وكلَّما لاحظتُ شيئاً جديداً، حرصتُ على توفيره في الأستوديو، لجعل التجربةِ أفضل، وتحويلِ المكان من نادٍ رياضي إلى تجربةٍ متكاملةٍ.
اليوم الوطني
اليوم حوارنا هذا سيُنشر بالتزامن مع اليوم الوطني السعودي، هل لديك كلمة في هذا السياق؟
شرفٌ لي أن أكون ضيفة "سيدتي" في هذا الحوار. أنا أسعى دائماً إلى أن أُمثِّلَ بلدي بطريقةٍ إيجابيَّةٍ في مختلفِ المجالات التي أكون فيها، وهذه فرصةٌ بالنسبةِ لي أن أُعرِّفَ أكثر بأهميَّة الرياضة، والشابَّاتِ السعوديَّاتِ البارعاتِ في هذا المجال. وأعودُ وأقول: لا يجب ممارسةُ الرياضةِ لهدفٍ محدَّدٍ، نتوقَّف عندما نُحقِّقه، بل يجب أن تصبح جزءاً أساسياً من نمطِ حياتنا اليوميَّة.
استمتعوا بقراءة حوار آخر من حوارات اليوم الوطني، واخترنا منها: لمناسبة اليوم الوطني السعودي زارا السيف: نحظى بأفضل دعم وتقدير