نشأ على حب الكتاب والكلمة، وعلى نهج السعي الدائم نحو المعرفة والوعي، وتَشَرب من مؤسسة والده الملك سلمان، حفظه الله، تمسكاً عميقاً بالتراث والوطن، وعندما لاحظ فراغاً في بعض المؤسسات الثقافية حرص على أن يسهم في رفعتها وتعزيز دورها، وكان التراث محط اهتمامه الرئيسي، إن كان من خلال منصبه السابق كرئيس للهيئة العامة السعودية للسياحة والتراث الوطني حتى عام 2018م، أو من خلال مؤسسة التراث -والتي أسسها قبل توليه الهيئة بأربعة أعوام- في عام 1996م، لتكون من أولى المؤسسات غير الربحية التي تعنى بالتراث في المملكة العربية السعودية والمنطقة، وتختص بنشر الوعي بأهمية التراث والحفاظ عليه، وحمايته وصونه ونقله بصورة جميلة من جيل إلى جيل.
إنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي يترافق اسمه أيضاً مع أحد أول الإنجازات العربية في الفضاء، كونه أول رائد فضاء عربي وأول رائد فضاء مسلم، وبنى في ذلك القطاع خبرة كبيرة؛ ليصبح أول رئيس مجلس إدارة للهيئة السعودية للفضاء منذ تأسيسها وحتى منتصف عام 2021 م، وتكثر الإنجازات ويطول الحديث عنها.
سباق مع الزمن
في لقاء جديد، خصّ به "سيدتي"، خلال تدشينه جناح مؤسسة التراث غير الربحية في معرض الرياض الدولي للكتاب 2024، قال سمو الأمير سلطان بن سلمان: "نحن في سباق مع الزمن".
في البداية استعدنا مع الأمير حواراً حلّ فيه ضيفاً عزيزاً على "سيدتي" خلال معرض الرياض الدولي للكتاب العام الماضي، تحدث فيه عن علاقته بالملك سلمان، حفظه الله، وتأثره به ثقافياً وفكرياً، وقال فيه حينها: "الملك سلمان رجل أدب وثقافة، وحياته كلها قراءة ومكتبات".
بعدها تحدث سموه عما تشهده مختلف القطاعات في المملكة من تطور كبير، ومن بينها القطاعات الثقافية، قائلاً: "كل مسارات الدولة تسابق الزمن، ومنها مسار الثقافة والنشر والكتب، الذي يشهد تطوراً كبيراً وطموحات كبيرة، فبالنسبة لمعرض الكتاب مثلاً؛ الهدف لدى هيئة الأدب والنشر ليس فقط إقامة معرض بعد معرض، وإنما محتوى هذه المعارض والتطورات التي تطرأ عليها عاماً بعد عام".
كتاب "الملك سلمان"
بالنسبة لمواكبة مؤسسة التراث غير الربحية لكل ذلك، قال سموه: "تأسست مؤسسة التراث عام 1996 لذا فهي سَابَقت الزمن".
وأشار الأمير إلى أن مؤسسة التراث حققت عدداً كبيراً من المشاريع والأعمال مؤخراً، من أبرزها كتاب تم تدشينه بالتعاون مع أرامكو السعودية، يحمل اسم "الملك سلمان"، وهو كتاب قام بمراجعته خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بنفسه".
وقال الأمير سلطان: "كتاب الملك سلمان، حفظه الله، دشنته مؤسسة التراث وأرامكو السعودية بمناسبة اليوم الوطني السعودي 94، وهو يغطي حياة الملك سلمان، حتى هذه السنة، والعمل على الكتاب بدأ في عام 2007م، واستغرق تجهيزه وقتاً طويلاً؛ لأن المشروع يتضمن ما بين 10 آلاف و20 ألف صورة، وخرج في النهاية بـ506 صور تاريخية نادرة، بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز ووزارة الإعلام والعديد من الجهات التي لها علاقة بموضوع النشر".
وتحدث باعتزاز عن مراجعة الملك سلمان بنفسه لمحتوى هذا الكتاب، قائلاً: "الملك سلمان، والدي ووالد الجميع، حفظه الله، راجع الكتاب بنفسه، وهناك مذكرة نشرناها في هذا الكتاب، كتب عليها بخط يده، الابن سلطان لقد أجريت اللازم، وهي شهادة أعتز بها حقيقة، لأن الملك سلمان قام بمراجعة كل الأسماء والناس والأحداث، وطويل العمر، سلمه الله، من أهم المؤرخين في المملكة، ولذلك نحن سعداء بإطلاق الكتاب، وتم تدشينه في حفل جهزنا له في أسبوعين أو ثلاثة فقط، لذلك نصف الأمر بالمعجزة، وأقول هنا إن أرامكو السعودية تعرف كيف تصنع المعجزات".
طموحات كبيرة
أشار الأمير سلطان إلى أن هناك كتاباً ثانياً يحمل اسم "سلمان" يأتي على نسق سلسلة كتب الملوك السابقين، رحمهم الله جميعهم.
وتحدث سمو الأمير، ختاماً، عن طموحات المؤسسة قائلاً: "مؤسسة التراث الآن لديها طموحات كبيرة جداً، ونحاول أن نجاري طموحات الدولة في تطوير قطاع الثقافة وقطاع النشر، وتطوير الوسائط والوسائل التي تصل فيها المعلومات للناس".
وأكد: "ما يحدث في المملكة العربية السعودية اليوم استثنائي للغاية، في شتى المجالات إن كان في التركيز على مجال التراث الحضاري، أو الثقافة والنشر، ولا نعني بالنشر الكتب فقط، فالنشر اليوم يشمل الكثير من الوسائل"، مشيراً إلى أن "مؤسسة التراث ستقوم في نهاية هذا الأسبوع إن شاء الله، وخلال معرض الكتاب، بعرض كامل لتصوراتها ومشاريعها المستقبلية، والتي تجاري من خلالها كل التطورات، ومنها موضوع الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح أمراً مهماً جداً".
وختم سموه حديثه بالقول: "أنا سعيد جداً حقيقة بالعمل الكبير للإخوة في هيئة النشر، والذي يتم بطريقة هادئة ومنضبطة للغاية".
في سياق الحديث عن التراث أيضاً قد يهمكم الاطلاع على ندوة في معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 لتعزيز الهوية الوطنية والمحافظة على التراث