جرت عاليا نحو أمها وجلست بجانبها، وكان طارق قد سبقها؛ فهو موعد حكاية قبل النوم، التي اعتادا على سماعها بعد انتهاء عمل واجباتهما، وتناول عشائهما، وتنظيف أسنانهما استعداداً للنوم.
الأم أيضاً لم تخلف ميعادها؛ أتت متحمسة ومتشوقة لقص حكاية جديدة، وكانت قد اختارت القصة ورتبت أحداثها، بعد أن شاهدت عاليا وطارق يعدان حقيبتهما لمرافقتها لمزرعة الجد... القصة تحت عنوان قصص للأطفال: "شجرة الجوافة".
قصة بقلم: خيرية هنداوي
تسارعت الأيام سعياً وراء نسمات الربيع المُشبعة برائحة الفل والياسمين، ومعها كانت تتسابق عاليا وطارق، وراء حلم قضاء إجازة الربيع وسط ربوع الطبيعة الجميلة في ظل دفء وحب الأجداد في بيتهم الريفي -مزرعتهم الصغيرة- الذي تحتضنه أشجار الكافور الوارفة والأخرى المثمرة من كل جانب.
وما إن وطأت أقدام عاليا وطارق الصغيرة للمكان، حتى تذكرا شجرة الجوافة؛ وكانا قد ساعدا جدهما وعمهما الأكبر في زراعتها منذ ما يقرب من 3 أعوام، وقبل أن ينساها، أخبرهم جدهم في رسالة أن موعد جني ثمار شجرة الجوافة قد حان، فكانت فرحة عاليا وطارق كبيرة بعد أن أعطوا الشجرة الحياة، وحان دورها لترد العطاء بعطاء.
هل تعلمين أن قصص قبل النوم توسع خيال طفلك وتقوي لغته؟
تفاجأ الجميع بحجم الشجرة وفروعها المتشابكة وأوراقها الخضراء الكبيرة تظلل المكان، وتنبعث من أوراقها رائحة أزهار ذكية، ومنها تتدلى بعض الثمار الناضجة، وكأنها تنادي أصدقاءها لجمعها وتذوق حلاوة طعمها وفجأة تحول المكان إلى خلية نحل نشطة؛ الجد والجدة والآباء والأحفاد، كل منهم يبحث عن الثمرة الناضجة ليضعها في صندوقه وكأنهم في سباق من يجني أكثر؟
وفي منظر آخر تعالت أصوات عاليا وطارق فرحاً بسماع صوت الطائر المغرد الذي كان يحوم في دوائر صغيرة حول الشجرة؛ ليتفقد أفراخه الصغيرة بالعُش، ليطمئن على وجودهم بأمان وأنه لم يعبث بهم الأصدقاء، أو يخطفهم طائر شرير -الحدأة- الذي يسعى دائماً لتناول غذائه طازجاً وطرياً.
وفي اللحظة التالية وبعد أن فرغا من جمع الثمار وسماع صوت الطائر المغرد انتابت عاليا وطارق الدهشة؛ وتعالت أصواتهما خوفاً، فقد شاهدا شيئاً ما، ألوانه جذابة، يزحف بسرعة على فروع الشجرة، وأخبرهم الجد بأنها سحلية ملونة تشبه التمساح، ولكنها صغيرة الحجم وذات أربعة أرجل ولون جلدها يتلاءم ولون أوراق شجرة الجوافة، وهي تتسلق الفروع للاختباء بالشجرة؛ حتى تستطيع اصطياد أحد العناكب الصغيرة المتدلية من بين الفروع.
وها هو عطاء جديد تقدمه شجرة الجوافة المثمرة لغيرها؛ فمع هبوب نسمات الربيع وتحرك الأوراق والأغصان، يظهر ضيف آخر، يحلق حول ورق أزهار الجوافة، إنهن الفراشات الملونة التي تنتقل من زهرة إلى أخرى، حاملة معها حبوب اللقاح؛ لتحول الأزهار إلى ثمار يسعى إليها النحل ليمتص رحيقها ويحوله في مملكته إلى عسل شهي بطعم الجوافة ليطير بعدها في دوائر منظمة تخلب العقل وتسر النظر.
جلس الجميع في النهاية مستظلين بأوراق شجرة الجوافة، وأخذوا يلتقطون أنفاسهم ويروون عطشهم ويتناولون ما حملوه معهم من الخبز والفطائر وشرائح الجبن والفاكهة، وكلما مرت عليهم نسمة من نسمات الربيع تذكروا ألا يتكاسلوا في الاهتمام بما يقومون به، حتى وإن كانت نبتة صغيرة، فغداً ستكون ملاذاً آمناً لصاحبها ولمن حوله من الأهل والأصدقاء وحتى الطيور والفراشات والزواحف الصغيرة.
قصص الأطفال من4-8 سنوات عن ذكاء الحيوان لا تفوتك مطالعتها
الهدف من القصة يا صغيري
"إن الحياة مثل الشجرة، إن اهتممت بها وأعطيتها حقها من الرعاية والاهتمام، أعطتك ثماراً ناضجة شهية، والعطاء ليس لك وحدك، إنما يتسع ويمتد لينعم به كثيرون".
ما رأيك في الإطلاع على أجمل القصص العالمية ؟
سؤال وابحث عن الإجابة:
- ما نوع الشجرة التي زرعها طارق وعاليا مع الجد والعم؟
- كم ضيفاً استفاد من الشجرة؟
- ما هي ألوان الفراشات، وهل تستطيع رسم واحدة؟
- متى تنوي زراعة شجرة أخرى؟
- هل تهتم بمذاكرتك وتعطيها الاهتمام؟
- هل تعجبك حكايات قبل النوم ؟