تمر الأم خلال مرحلة الحمل بالعديد من التغيرات الجسمية والنفسية؛ بسبب التغيرات الهرمونية التي تصاحب مرحلة الحمل، وحيث تلعب الهرمونات دوراً كبيراً في تعزيز وتثبيت الحمل من جهة، وفي تغيير جسم المرأة بحيث يتلاءم مع وجود كائن صغير، سوف ينمو بالتدريج في رحمها وما يرافق ذلك من مشاعر وأحاسيس تتراوح ما بين الفرحة بالحمل حيناً والقلق والتوتر حيناً آخر، ولذلك فمن الضروري ان تعرف الأم الحامل أن هناك تأثيرات لحالتها النفسية، خصوصاً على حملها وعلى جنينها.
يجب أن تهتم الأم بصحتها النفسية بالإضافة إلى صحتها الجسمية، فلا يمكنها أن تتعامل مع الجنين كعضو مصمت في رحمها، بل هو كائن يحس ويشعر ويتبادل معها المشاعر، ولذلك فمن الضروري أن تهتم بالاسترخاء والتأمل والحصول على قسط من الراحة الجسدية والنفسية، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها باستشارية طب النساء والولادة الدكتورة سامية موسى، حيث أشارت إلى أهمية الاسترخاء والتأمل لصحة الحامل والجنين، وتأثير الحالة النفسية عليها وعلى جنينها خلال مرحلة الحمل وبعد الولادة في الآتي:
ما هي التغيرات النفسية التي تصيب الحامل؟
- لاحظي أن الكثير من النساء الحوامل يصبن بأعراض نفسية سيئة، بحيث يصلن للإصابة بما يعرف باكتئاب الحمل، والذي يصيب واحدة من بين كل عشرة نساء حول العالم، ويكون سببها حدوث التغيرات الهرمونية منذ شهور الحمل الأولى، والتي قد تؤدي لتطور خلافات زوجية سابقة، ولكنها في النهاية تسبب للحامل ضغوطاً نفسية مع نومها المتقطع، ونقص مستوى الفيتامينات والمعادن في جسمها؛ بسبب قلة التغذية وتعرضها للغثيان الحملي وفقدانها للعناصر الغذائية الهامة في جسمها، والتي يؤثر نقصها على مزاجها العام مثل نقص الحديد وفيتيامين "د" خصوصاً.
- توقعي أن يؤدي التغير الهرموني في جسمك، مثل حدوث تغيرات في مستوى هرمونات السعادة فسيولوجيا، إلى حدوث نوبات البكاء التي تكون بلا مبرر، والإصابة بتقلبات المزاج وهي مشاعر وأعراض تلازم الحامل في الشهور الأولى من الحمل، خصوصاً كما تميل الحامل إلى الوحدة والانعزال المجتمعي، وكراهية الاختلاط بالآخرين، وقد تتطور حالتها لأن تتحدث مع نفسها بسبب ما تمر به من قلق وتوتر.
- توقعي أن تصابي بما يعرف علميًا بظاهرة "القطة القاتلة" وهذه الظاهرة نتيجة للضغوط التي تتعرض لها الحامل، مثل ظروفها المعيشية أو وجود أكثر من طفل يحتاج للرعاية، إضافة لخوفها وتفكيرها بمستقبل الطفل القادم، واللجوء إلى جلد الذات بسبب حدوث الحمل الذي تشعر ضمن تخيلاتها أنها لا ترغب فيه.
تأثير الحالة النفسية للحامل على الجنين
- لاحظي أن حالتك النفسية تؤثر على جنينك من حيث صحته الجسمية والنفسية، حيث توصلت دراسة بريطانية حديثة، أن تعرض الحامل خلال مرحلة الحمل للقلق والتوتر يؤدي لولادة أطفال أكثر عرضة للإصابة بالتوحد وفرط الحركة، وكذلك الإصابة بالوسواس القهري وأعراض القلق النفسي المزمن.
- حافظي على هدوئك النفسي، فليس تعرضك للقلق يعني أن تصابي أنت فقط بالضرر، ولكن تبين من خلال دراسة اجريت في كلية "كينجز" البريطانية، تظهر على جنينها تغيرات في المادة البيضاء المسؤولة عن تكوين الجهاز العصبي لدى الجنين، وحيث يتسرب هرمون التوتر وهو الكورتيزول إلى الجنين من خلال المشيمة، مما يسبب أضراراً للجنين، سواء خلال وجوده في الرحم أو بعد الولادة وقد ظهرت نتائج هذه الدراسة بعد أن أجريت على ما يزيد عن 250 امرأة حامل يواجهن مشاكل نفسية وعائلية سيئة.
- اهتمي بأن تمارسي تمارين الاسترخاء؛ لكي تحصلي على نفسية رائقة وهدوء ومزاج حسن؛ لأن التوتر والقلق الذي تعيش به الأم الحامل يؤدي بها إلى الولادة المبكرة ما بين الأسبوع الثالث والعشرين إلى الأسبوع الثالث والثلاثين من أسابيع الحمل وتؤدي الولادة المبكرة لمضاعفات لدى الأجنة خاصة فيما يخص تكوين الرئتين والدماغ.
قد يهمك أيضاً: الحمل والتعامل مع الاكتئاب
نماذج لتمارين الاسترخاء والتأمل للحامل
- قومي بممارسة عدة تمارين للاسترخاء والتأمل من أجل صحتك وصحة جنينك، ومن هذه التمارين المقترحة تقنية تعرف بال "كي كونغ" وهي تقنية تقليدية معروفة منذ القدم في الطب الصيني، وهي تجمع بين تمارين مختصة بالتنفس، وحركات بطيئة تساعد الأم الحامل على الحفاظ على هدوئها من الداخل، وفي نفس الوقت تفك التشنجات وتعلمها الاسترخاء وتوقظ طاقتها الحيوية وتمنحها أيضاً التوازن والتصالح مع الجسم.
- مارسي بعض جلسات اليوغا المخصصة للحوامل، طالما أنك لا تعانين من ارتفاع في درجة حرارتك مثلاً، ويمكنك أن تبدأي هذه الجلسة وأنت تقفين، وذلك لكي ترسخي هيئة الجسم والتركيز على هذه الهيئة، ثم واصلي عبر اتخاذ هيئة الربوض على القدمين ثم الركبتين ثم التمدد أرضاً، ويمكن أن تنهي مثل هذه الجلسة بنوع آخر من اليوغا تدلك عليه مدربة مختصة تعرف بيوغا "نيدرا" وهي تجمع بين الاسترخاء بعمق وإيقاظ الوعي في نفس الوقت.
- مارسي بالشراكة مع زوجك ما يعرف بالتأمل الواعي، حيث تعرف هذه الممارسة بأنها ممارسة حديثة عقلية؛ لأنها تدور في داخل الشخص، بحيث يركز على الحاضر وما يحيط به، وكذلك ما يحدث في داخله وخارجه، وبالتالي يسمح مثل هذا التمرين للمرأة بالقدرة على مواجهة الظروف الصعبة التي قد تواجهها خلال مرحلتي الحمل والولادة، ويمكن لهذه الجلسة أن تتم بأن تجلسي في هيئة مريحة، مثل أن تجلسي على كرة مطاطية وترتدين الملابس المريحة الواسعة، ولكن يجب أن تكون ملابس رياضية ويقوم المدرب بتخصيص بعض الوقت للتنفس، بحيث يساعدك على تخصيص وقت للتركيز على الهواء الصادر والداخل لجسمك "شهيق وزفير" ثم يوجهك المدرب بعد ذلك إلى فكرة ومن خلال صوته، بحيث تكون هذه الفكرة أدق عما يحيطك، ويساعد مثل هذا التمرين في استرجاع الهدوء الداخلي خاصة حين تواجه المرأة الحامل بعض الضغوط النفسية ولا تعرف كيف تواجهها.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.