تعدُّ من أبرزِ مدرِّبات اليوغا في لبنان حالياً، وتمتلكُ المركزَ الوحيد المتخصِّص بها في مدينة جبيل، وتجولُ دولاً عربيَّةً وأجنبيَّةً لتدريب الطلاب والأساتذة عليها، لكنها تصرُّ على العودةِ إلى لبنان، والبقاءِ في وطنها على الرغمِ من مؤهلاتها التي تخوُّلها العملَ في الخارج.
نسرين خوري، في حديثها لـ "سيدتي"، أوضحت أن اليوغا، تحقِّق التوازنَ عبر التدريب الجسدي، وتنعكسُ إيجاباً على قدرتنا في التعبيرِ عن مشاعرنا ومواقفنا.
تحويل الشغف إلى مهنة
نسرين، هي مؤسِّسةُ مركزِ بيبلوس لليوغا والفنون Byblos Center for Yoga & Arts (BCYA) . بدأت مغامرتها في مجالِ الفنون المسرحيَّة في سنٍّ مبكِّرةٍ، مدفوعةً بشغفٍ عميقٍ بالرقص والمسرح. مع ذلك، جاء تعرُّفها على اليوغا بفضل صديقٍ مقرَّبٍ، قدَّمها إلى أوَّلِ فصلٍ دراسي له، ما شكَّل لحظةً تحوُّليَّةً في حياتها.
تقولُ خوري: "لقد وقعتُ في حبِّها على الفور. بعد أعوامٍ من صقلِ مهارتي، اتَّخذت قراراً بتحويلِ شغفي إلى مهنةٍ، فسافرتُ إلى تايلاند، وهناك حصلتُ على شهادةِ تدريسِ اليوغا لمدة 200 ساعةٍ من مدرسةِ برايسBryce Yoga School . بعد عودتي إلى لبنان، أسَّستُ BCYA، أوَّلُ استديو يوغا مملوكٌ للإناثِ في مدينة جبيل، أو بيبلوس. استمرَّ بحثي عن المعرفة، وتشرَّفت بتمثيلِ بلدي في برنامجٍ تدريبي دولي للعلاج باليوغا، نظَّمته سفارة الهند، ثم حزمتُ حقائبي مرَّةً أخرى، وسافرتُ إلى ألمانيا، لتلقِّي تدريبٍ مهني في مدرسةِ فريمان تايلور FreemanTaylor school of Yoga".
تضيفُ: "حالياً، أهتمُّ بمجالِ الدعمِ النفسي والاجتماعي حيث أجمعُ بين اليوغا والحركة، والمساعدةِ العاطفيَّة للمجتمعاتِ المهمَّشة المحتاجة. بعد التزامي مدى الحياة بزوجي أفيديس كالباكليان، متسلِّق ومرشد الجبال، قرَّرنا الجمعَ بين شغفنا، الجبالُ والعافية، في شركةِ جولاتِ المغامرات الجديدة الخاصَّة بنا Summit Souls، إذ نقدِّم تجاربَ رائعةً في مجال العافيةِ وتسلُّقِ الجبال للأفراد والشركات".
وحول دورِ الموسيقى في اليوغا، والعلاقةِ بينهما لضخِّ الطاقةِ الإيجابيَّة، والتخلُّص من السلبيَّة، تجيبُ نسرين: "الموسيقى تلعبُ دوراً كبيراً في ممارسةِ اليوغا إذا تمَّ اختيارها بشكلٍ صحيحٍ وسليمٍ. يجب ألَّا تُشتِّت الموسيقى الأفكارَ الموجودةَ داخل ذهن الشخصِ الذي يخضع لجلسةِ اليوغا، ومن المهمِّ معرفةُ التوقيتِ المناسبِ لتشغيلها في الجلسة سواءً في بدايتها، أو خلالها، أو في نهايتها. من الضروري ألَّا تطغى الموسيقى على أهميَّة التمرين، وأهميَّة التركيز، وهما ما تعملُ اليوغا على وصولِ الشخص إليهما".
وتستطردُ: "بالطبع الموسيقى تضخُّ دائماً طاقةً إيجابيَّةً، وقد أثبتت دراساتٌ عدة، أن تجاربَ الإنسان مع الموسيقى، كانت فاعلةً جداً، وإيجابيَّةً، وذاتيَّةً. الموسيقى المستخدمةُ في جلساتِ اليوغا، هي ثانويَّةٌ، وتتماشى مع نمطها، وتخلقُ جواً من السلامِ لتهدئةِ الجهاز العصبي لدى الإنسان، لذا أقولُ إن الموسيقى تُستَخدم لبعثِ شعورٍ جميلٍ، وطاقةٍ إيجابيَّةٍ في الوقت نفسه".
الموسيقى لخدمة الطاقة الإيجابية
وتؤكِّد نسرين عدمَ وجودِ موسيقى محدَّدةٍ لليوغا. تقولُ في هذا الجانب: "هناك الموسيقى الصوتيَّة مثل الأصواتِ التي تُعطي ذبذباتٍ مختصَّةً في بدايةِ الجلسة، وتبعثُ الهدوءَ في النفس، إضافةً إلى الموسيقى الناتجةِ عن الآلاتِ الحديدية المستخدمةِ في جلساتِ اليوغا، والموسيقى الناتجةِ عن آلةِ الجيتار. هناك أنواعٌ عدة من الموسيقى لليوغا، وتناسبُ الأجواء السائدة، ومن هنا أشدِّد على مبدأ أن تكون الموسيقى أساسيَّةً، وأن تنسجمَ مع الجلسة، ليحصل المشاركون على الطاقةِ الإيجابيَّة".
وتتابعُ خوري: "جميعُ أنواعِ الموسيقى الهادئة مثل صوتِ الماء، وصوتِ الطبيعة، وما قد يشبه عمقَ الماء، تجلبُ نوعاً من السكينةِ إلى قلبِ وذهنِ المشاركين في جلساتِ اليوغا، أمَّا الأطفال فهناك نوعٌ معيَّنٌ من الموسيقى، يُنصح به لغرفهم، وهو الصوتُ الذي كان يسمعه الجنين داخل رحمِ والدته، أي صوتُ الماء، أو عمقُ الماء. هذه الموسيقى، تسهم في تهدئةِ الطفل، لأنها تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ الصوتَ الذي كان يسمعه في رحمِ أمِّه، ويسمعه حالياً في غرفته، بالتالي ليس غريباً عليه، الأمرُ الذي يعطيه أماناً وطمأنينةً. الأطفال يحبُّون الأصواتَ التي ترتبط بالطبيعةِ والأرض، وتعني لهم الكثير، لأنها تُشعرهم بالراحة".
يمكنكِ متابعة الموضوع على التسخة الديجيتال على هذا الرابط
الملجأ والأمان
وتكشفُ نسرين عن أن التدرُّب على اليوغا، منحها انضباطاً ذاتياً، لم تعهده. تذكرُ: "كلُّ شيءٍ يبدأ من الداخل، لذا صرتُ أستمع أكثر لأفكاري، وما يقوله جسدي"، مشيرةً إلى أن "اليوغا مع الموسيقى تمرينٌ، يساعدنا على التحرُّر بعقولنا عبر أجسادنا. حينما يكون عقلك قوياً، فأنت قوي. الكثيرون يعانون من كيفيَّة الإصغاء إلى أجسادهم، والإنذاراتِ، والرسائلِ التي يحسُّونها عبر مشاعرهم"، وتشرحُ ذلك بالقول :"نحن حين نتصرَّف في موقفٍ ما، لا نكون في العمقِ منطلقين من داخلنا، بل إن كلَّ فروضِ المجتمعِ وأحكامه، وكلَّ الأفكارِ المسبقة، تكون حاضرةً أكثر منَّا في تلك اللحظة! ولا يعني ذلك أن ما نكتسبه خطأ، بل على العكس. المشكلةُ ألَّا نكون أحراراً من الداخل، ودائماً تحت سيطرةٍ ما. نحن حين نرى الأمورَ من منظارٍ مختلفٍ، تتغيَّر حياتنا نحو الأفضل، وهذا ما فعلته اليوغا معي، وما أعلِّمه لطلابي. هذه إحدى الطرقِ الكثيرة لتصالح الناسِ مع أجسادهم وأفكارهم، من ثم انعكاسُ ذلك على علاقاتهم".
وتُعرِّف خوري "اليوغا مع الموسيقى بالانضباط النفسي بين العقلِ والجسد، ليصبحا مزيجاً واحداً". تقولُ: "حين تكون أفكارنا الداخليَّة مختلفةً عن تعبيرنا الخارجي، نعاني من خللٍ كبيرٍ في توازننا النفسي. اليوغا تعلِّمنا الانضباط، وهو ما ينسحبُ على علاقتنا مع أنفسنا، وأجسادنا، ومحيطنا، والمجتمع".
ومن خلال تجربتها، تشدِّد نسرين على أن "اليوغا تحقِّق التوازنَ عبر التدريبِ الجسدي، وتنعكسُ إيجاباً على قدرتنا في التعبيرِ عن مشاعرنا ومواقفنا. حين نتعلَّم السيطرةَ على أجسادنا بشكلٍ حكيمٍ ومتوازنٍ، ينعكسُ ذلك تلقائياً على عقلنا". وتصفُ الجسدَ بـ "صاحبِ الذكاء الحاد"، مبينةً أننا غالباً ما نتجاهلُ ما يقوله لنا، لأننا كائناتٌ، تعيشُ تحت سيطرةِ المجتمعاتِ، ومحيطها من الأسرةِ إلى الخارج في المدرسةِ، والجامعةِ، والعمل.
وعن الفوائد التي وجدها الطلابُ الذين تدرَّبوا معها على مدى عامين، تجيبُ خوري: "لاحظ طلابي تطوُّراً كبيراً في شخصيَّتهم، وثقتهم في أنفسهم بعد المواظبةِ على التمرين".
ولفتت في ختامِ حديثها إلى أن "اليوغا جزءٌ من طبيعةِ وغريزةِ الإنسان. اليوغا موجودةٌ داخل كلِّ شخصٍ، وهي ممارسةٌ للتأمُّل، يجب على الإنسان أن يكتشفها، ويصبَّ تركيزه على أسرارها للحصولِ على الطاقة. اليوغا على صوتِ الطبيعة الملاذُ الأوَّلُ والأخير لكلِّ شخصٍ. فيها يجدُ الملجأ والأمان بغضِّ النظر عن المشكلاتِ التي يعيشها، وعليه يجب تركيزُ الطاقةِ في مكانٍ واحدٍ، وهو الطبيعة، لأنها الانتماءُ الأوَّلُ للإنسان، وتمنحه الطمأنينةَ من خلال مشاهدةِ الجبالِ والأِشجار وغيرها، كما يستمدُّ التفاؤلَ منها".
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.