الشيروفوبيا.. متلازمة تأجيل السعادة مع المعالجة النفسية ندين كالوش

تؤثِّرُ الفوبيا من السعادةِ بشكلٍ كبيرٍ في صحَّة الشخصِ النفسيَّة
تؤثِّرُ الفوبيا من السعادةِ بشكلٍ كبيرٍ في صحَّة الشخصِ النفسيَّة

قد لا يُصدِّق بعضهم أن هناك فوبيا من السعادة، تُعرَفُ باسم الشيروفوبيا! وهي حالةٌ نفسيَّةٌ، تتَّسمُ بخوفٍ كبيرٍ وغير منطقي من الشعورِ بالسعادة. وعادةً، يواجه الأشخاصُ الذين يعانون من هذه الفوبيا قلقاً، أو شعوراً شديداً بعدمِ الراحة، يدفعهم إلى تجنُّب المواقفِ، أو الأنشطةِ التي قد تجلبُ لهم السعادةَ لاعتقادهم أن تجربةَ الفرح، ستؤدي إلى عواقبَ سلبيَّةٍ، أو خيبةِ أملٍ! وهي ليست مجرَّد تردُّدٍ مؤقَّتٍ، وإنما خوفٌ دائمٌ، يؤثِّر في قدرةِ الشخصِ على الاستمتاعِ بالحياةِ بالكامل، كما تبيِّن ندين كالوش، المعالجةُ النفسيَّة، في حديثها لـ «سيدتي».

المعالجة النفسية ندين كالوش

السعادة والصحة النفسية

تؤثِّرُ الفوبيا من السعادةِ بشكلٍ كبيرٍ في صحَّة الشخصِ النفسيَّة، لكنْ تجدر الإشارةُ هنا إلى أن فوبيا السعادة، لا تُعدُّ مرضاً نفسياً في علمِ النفس، وإنما حالةٌ موجودةٌ، نراها في العيادةِ، والمجتمع.

ما هي أعراضها؟

يتجنَّبُ الأشخاصُ الذين يعانون من فوبيا السعادة المواقفَ، أو الأنشطةَ، أو الفعالياتِ التي تجلبُ لهم الفرح. على سبيل المثال، قد يرفضون الدعواتِ إلى لقاءاتٍ اجتماعيَّةٍ، أو يبتعدون عن الأنشطةِ التي كانوا يستمتعون بها سابقاً خوفاً من أن تؤدي هذه التجاربُ إلى نتائجَ سلبيَّةٍ. كذلك يختبرون شعوراً بالقلقِ، أو عدمِ الراحة لدى توقُّع أنهم سيعيشون السعادة! وقد يشعرون بالخوفِ، أو الانزعاجِ عند التفكيرِ في مشاعرَ إيجابيَّةٍ، أو اختبارها، فيكون من الصعبِ عليهم الاسترخاءُ، والاستمتاع.
ومع مرورِ الوقت، يمكن أن تؤدِّي فوبيا السعادة إلى خَدرٍ عاطفي، وقد يشعر هؤلاء بالانفصالِ عن مشاعرهم، ويجدون صعوبةً في اختبارِ الفرح، أو الرضا حتى في المواقفِ الإيجابيَّة، وذلك بوصفه وسيلةً دفاعيَّةً منهم، ليتجنَّبوا المخاطرَ التي يعتقدون أنها مرتبطةٌ بشعورهم بالسعادة. وقد يشارك مَن يعانون من هذه الفوبيا بسلوكيَّاتٍ، تؤدِّي إلى تدميرِ الذات مثل تقويضِ نجاحهم، أو سعادتهم لمنعِ «العواقبِ السلبيَّة» جرَّاء ذلك، حسبَ اعتقادهم.
يمكنكِ متابعة الموضوع في النسخة الديجيتال على هذا الرابط

ما الأسباب الكامنة وراء فوبيا السعادة؟

الأسبابِ الشائعةِ لفوبيا السعادة هو تاريخٌ من الأحداثِ المحبطة


أحدُ الأسبابِ الشائعةِ لفوبيا السعادة، هو تاريخٌ من الأحداثِ المحبطة. إذا كانت السعادةُ في الماضي قد تلتها تجاربُ سلبيَّةٌ، أو خسارةٌ فقد يطوِّرُ الأفرادُ اعتقاداً أن الفرح، يؤدِّي إلى نتائجَ ضارَّةٍ. وتجعلهم هذه القناعةُ، التي تنشأ من تجاربَ متكرِّرةً، حذرين من اختبارِ السعادةِ في المستقبل.
وغالباً ما تشملُ فوبيا السعادة اعتقاداتٍ عميقةَ الجذورِ بأن السعادةَ غير آمنةٍ، أو أن تجربةَ الفرح، ستؤدِّي حتماً إلى أمرٍ سيّئ. ويمكن أن تنشأ هذه الاعتقاداتُ من مصادرَ مختلفةٍ، بما في ذلك التربيةُ، أو التجاربُ الشخصيَّة، أو التأثيراتُ الثقافيَّة التي تربطُ السعادةَ بالمخاطر. هذا ما نراه أحياناً في أقوالٍ شعبيَّةٍ سائدةٍ في مجتمعاتنا مثل: «اللي بيضحك الجمعة بيبكي الأحد!».
قد يهمكِ الاطلاع الى الخوف من الأعياد أو الهوليفوبيا: هل أنت مصابة به؟.

كيف يتمُّ العلاج؟

يمكن إدارةُ هذا الخوفِ من خلالِ العلاجِ المعرفي السلوكي

  • الخطوةُ الأولى في العلاج، هي تحديدُ المعتقداتِ، والأفكارِ غير المنطقيَّة المتعلِّقة بالسعادة. ويعملُ الشخصُ هنا مع معالجٍ نفسي لاستكشافِ أفكاره ومعتقداته حول الفرح، والتحقُّق ممَّا إذا كانت هذه المعتقداتُ مدعومةً بالأدلَّة. على سبيل المثال، إذا كان يعتقدُ أن السعادةَ، ستؤدِّي إلى كارثةٍ، فسيقيِّمُ مع المعالج مدى صحَّة هذا الاعتقاد.
  • الخطوةُ الثانية، هي إعادةُ هيكلةِ التفكير. وتتضمَّن هذه المرحلةُ استبدالَ المعتقداتِ السلبيَّة بأفكارٍ أكثر واقعيَّةً وتوازناً. ونحقِّقُ التوازنَ عندما نصبح قادرين على تقبُّل المشاعرِ الإيجابيَّة والسلبيَّة بوصفها جزءاً طبيعياً من حياتنا، وأن الواحدة لا تسبِّبُ الأخرى، أي أن الفرحَ، والحزنَ، وخيبةَ الأمل كلُّها مشاعرُ، سنختبرها في حياتنا، وإذا تعرَّضتُ لصدمةٍ، أشعرتني بالحزن، فهذا ليس لأنني اختبرتُ قبلها شعوراً بالفرح. من هنا، هدفنا في العلاجِ، هو الانتقالُ من فكرةِ «إذا كنت سعيداً، فسيحدث شيءٌ سيّئ»، إلى أن «السعادة جزءٌ طبيعي من الحياة، ويمكنني التعاملُ مع أيّ شيءٍ يحدث».
  • وأخيراً، نركِّزُ في العلاجِ على دفعِ الأفرادِ إلى مواجهةِ خوفهم، واختبارِ الشعورِ الذي يتجنَّبونه بشكلٍ تدريجي. ويتمُّ ذلك من خلال المشاركةِ تدريجياً في الأنشطةِ التي تجلبُ الفرح. ونعملُ هنا على نقطتَين أساسيَّتَين: الأولى تدريبُ الأفرادِ على تحمُّل المشاعرِ الإيجابيَّة، وتقبُّلها دون خوفٍ، والثانية تدريبهم على عيشِ اللحظة، أي أن يكونوا حاضرين فكرياً في المكانِ الذي يوجدون فيه، ويستمتعوا بالنشاطِ الذي يقومون به الآن، وألَّا ينتقلوا في تفكيرهم إلى رسمِ سيناريوهاتٍ مستقبليَّةٍ كارثيَّةٍ، تسبِّبُ لهم القلقَ والخوف، إذ من خلال الانخراطِ في الأنشطةِ التي تثيرُ الفرح، وملاحظةِ النتائج، يجدُ الأفراد غالباً أن مخاوفهم لا أساسَ لها.

 

من هو الأكثر عرضة للإصابة بها؟

يمكن أن تؤثِّرَ فوبيا السعادة في أي شخصٍ، لكن هناك عواملُ معيَّنةٌ قد تزيدُ من احتمالِ تطوُّرِ هذه الحالة. والأكثر عرضةً لها، هم الأشخاصُ الذين لديهم تاريخٌ من الصدماتِ، أو التحدِّيات العاطفيَّة، إضافةٍ إلى الأشخاص الذين لديهم ميلٌ نحو القلقِ والخوف، ومَن طوَّروا قناعاتٍ سلبيَّةً عن السعادةِ متأثِّرين بمواقفَ ثقافيَّةٍ، أو أسريَّةٍ، ترى السعادةَ شعوراً غير آمنٍ، ومحفوفاً بالمخاطر.

ينصح بمتابعة كيف يساعد النعناع في تقليل التوتر لدى النساء؟.


*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.