عندما يفقد الإنسان شخصاً يحبه، أو شيئاً هاماً في حياته، خصوصاً إذا كان هذا الفقد مفاجئاً، غالباً ما تصيبه حالة من المشاعر السلبية الخاصة بالفقد تُسمى الحزن أو الأسى.
قسّم العالم الأمريكي Kübler-Ross مرحلة الحزن التي تتبع الفقد إلى خمس مراحل رئيسية، بعد دراسة طويلة أجراها على العديد من الأشخاص الذين تمَّ تشخيصهم بأمراض خطيرة، وتمَّ تعميم هذه الدراسة بعد ذلك على جميع تجارب الفقد. في ما يلي شرح مبسط لمراحل الحزن المختلفة وما قد يمرُّ به الإنسان في كل مرحلة، بحسب اختصاصية الطب النفسي الدكتورة فاطمة الزهراء محمود ماجوري.
1-مرحلة الإنكار
هي أول مراحل الفقد، حيث يرفض العقل تصديق وقوع الحدث الصادم، وتجنباً للألم المفاجئ يلجأ للإنكار كوسيلة دفاعية، ويفيد الإنكار في إعطاء العقل الوقت الكافي لتلقي الحدث واستيعابه والتفاعل معه. على سبيل المثال، في حالة وفاة شخص، أو فقدان وظيفة، أو التشخيص بمرض خطير، يبدأ متلقي الصدمة بتكذيب الخبر، والاعتقاد أن الآخرين مخطئون في تقديراتهم وسيتراجعون عنها لاحقاً.
وكلما بدأ الشخص في تجاوز مرحلة الإنكار، تبدأ المشاعر السلبية التي حاول العقل إخفاءها في الظهور، مما يكون صعباً في أغلب الأحيان.
2- مرحلة الغضب
في حين اعتبار الإنكار وسيلة دفاعية، فإنَّ الغضب يعمل كغطاء لمشاعرك الحقيقية التي تحدث بداخلكِ والألم الذي تحملينه، فعادة يقوم الشخص بتفريغ غضبه على أشخاص آخرين، كأن يغضب من الشخص المتوفى، أو من مديره السابق، ويبدأ في طرح السؤال الشائع: (لماذا أنا؟) وقد يُفرغ غضبه على أشياء بدلاً من الأشخاص، فيقوم بتكسير شيء ما، وهو يعلم جيداً أن غضبه ليس في مكانه المناسب، وأن الأشياء والأشخاص لا يستحقون الغضب واللوم، ولكن مشاعره آنذاك تكون أكثر من أن تُحتمل.
مع الأسف لا يتمكن الجميع تجاوز مرحلة الغضب هذه، فيعلق بها البعض، ويحتاج بعد ذلك إلى مساعدة من متخصصين للتمكن من تجاوزها.
أما الذين يتمكنون من تجاوز هذا الغضب، فيبدأون في اختبار المشاعر الحقيقية التي يدفعونها جانباً منذ البداية، كالعجز والألم والخيبة وفقدان السيطرة.
3- مرحلة المساومة أو التفاوض
بعد تجاوز مرحلة الغضب، يكون شعور الإنسان بالعجز وفقدان السيطرة قوياً جداً لدرجة قد تدفعه لمحاولة استعادة السيطرة على الأمور واستعادة ما فقده، فيبدأ جدياً في التفكير بطرق يمسك بها زمام أموره مرة أخرى، ويظهر ذلك جلياً على شكل عبارات تبدأ بـ(ماذا لو؟)، في محاولة منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كأن يقول الشخص المريض: ماذا لو التزمت بالعلاج واتبعت نظاماً صحياً؟ أو ماذا لو كنت زرت الطبيب باكراً؟. وتعد المساومة أيضاً أحد الوسائل الدفاعية التي يلجأ إليها العقل لتأجيل وصوله لحالة الحزن ولحماية نفسه من قوة المشاعر السلبية.
تابعي المزيد ما هي أنواع الاضطرابات المزاجية وطرق علاجها؟ طبيبة نفسية تجيب
4-مرحلة الاكتئاب
الاكتئاب مرحلة ثقيلة وصامتة من مراحل الحزن، ففي حين يكون الغضب والتفاوض مرحلتين مليئتين بالأحداث والأسئلة، فإنَّ الاكتئاب يتسم بالهدوء والعزلة وقلة النشاط، ولكن هذا يجعله أكثر صعوبة، فالإنسان في هذه المرحلة من مراحل الحزن يشعر بالعديد من المشاعر السلبية، وقد يداهمه إحساس غير مبرر بالذنب، ويفقد طاقته وقدرته على الاستمتاع بما يحيط به، من الممكن أيضاً أن يتعرّض لاضطرابات في الشهية أو النوم أو بعض الآلام الجسدية.
ويحتاج الإنسان في هذه المرحلة بشدّة إلى مساعدة مختص إذا داهمته أفكار حول التخلص من حياته أو رغبة مستمرة في الموت، أو إذا استمر فترة طويلة عالقاً في هذه المرحلة ولم يستطع تجاوزها بمفرده.
5-مرحلة التقبل
عندما يصل الإنسان إلى المرحلة الأخيرة من الحزن، وهي التقبل، لا يعني ذلك بالضرورة أنه يكون شخصاً سعيداً، فالتقبل يعني فهمكِ لما حدث بشكل واعٍ ومحاولة إيجاد طرق فعّالة للتعامل معه، لقد تغيرت حياتكِ الآن بشكل جذري بعد ما فقدتِ، هذا ما حدث ولا مجال لتغييره أو الرجوع عنه، ومن الأفضل لكِ أن تبحثي عن طرق مختلفة للتأقلم، وأن تتعلمي كيف تتقبلين الخسارة، فقد يكون هناك شيء جميل بانتظارك.
وفي النهاية، الحزن والألم شعور حتمي، لا مجال لتجنّبه أو العيش بدونه، ولا يعني أنكِ ضعيفة أو فاشلة، فلا يوجد شخص على وجه الأرض لم يشعر بالألم والحزن ولم يختبر الفقد، ولا سبيل للإنسان لتغيير هذه الحقيقة. وما يملك الإنسان فعله حقيقة هو اختيار تخفيف معاناته، وتقبل حقيقة الخسارة، إضافة إلى امتلاك الشجاعة الكافية لطلب المساعدة من المختصين عند الحاجة، فالألم حتمي، ولكن المعاناة اختيار.
ملاحظة من "سيدتي نت": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.
تابعي المزيد ما هي متلازمة انعدام الحافز وطرق علاجها؟.. اختصاصية تجيب