مرض باركنسون هو اضطراب عصبي تنكسي ومتقدم (يتطور) يصيب حوالي 6.3 مليون شخص حول العالم. وفي الوقت الحاضر، يستهدف علاج المرض تقليل وتخفيف الأعراض من دون أن يوقف تقدم المرض بحد ذاته، وقد تسبب العديد من تلك الأدوية آثارا جانبية خطيرة جداً وغير مرغوبة (مثل الغثيان وانخفاض ضغط الدم والنعاس والهلوسات وغيرها).
يتمّ تشخيص مرض باركنسون في حوالي سن 58 عاماً. وإذا كانت الأعراض المعروفة لهذا المرض أكثر ما يكون هي الرعشة، إلا أنه يؤدي كذلك إلى تصلب العضلات بدرجة عالية، وإلى بطء الحركة (بطء في الحركة أو غيابها على الإطلاق)، وإلى عدم الاستقرار الوضعي – عدم توازن الجسم عند الوقوف أو الجلوس أو الحركة أو غيرها.
تابعي المزيد: تشخيص مرض باركنسون من العيون !
وفي دراسة أخيرة نشرتها مجلة الكيمياء الحيوية Journal of Biological Chemistry، اكتشف باحثون أمريكيون أن السيتوكروم CYP2D6 وهو انزيم يوجد في الجسم، يؤدي إلى ابتكار علاج جديد فعّال ضد مرض باركنسون.
قبل أكثر من ثلاثين عاماً، اكتشف العلماء أنّ ثمة منتج كيميائي موجود في أشباه الأفيونيات يسمى MPTP، يسبب أعراضاً تشبه أعراض مرض باركنسون. وأوضح البروفسور نارايان أفادهاني من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أجرى الدراسة قائلاً: "خلال السنوات العشرة الأخيرة حاول الباحثون إثباط العمليات التي كانوا يعتقدون فيها أن المنتج الكيميائي المسمى MPTP يتم استقلابه بنجاح على نحو أقل أو أكثر. ونحن نعتقد اليوم أن السيتوكروم CYP2D6 هو المفتاح للتوصل إلى علاج يعالج مرض باركنسون مجهول السبب".
للتوصل إلى هذه النتائج درس نارايان أفادهاني وفريقه عن كثب البيتا كاربولين والإيزوكينولين والسموم الشبيهة بـالمنتج الكيميائي المسمى MPTP على الفئران، والتي ينتجها الجسم من المواد الموجودة في تبغ التدخين والكحول وبعض أنواع الأطعمة. وبناء عليه اكتشفوا أنه وعلى النقيض مما كان يعتقد العديد من العلماء، أنّ حالة الميتوكوندريا في انزيم CYP2D6 وليس MAO-B هي التي تنشط البيتا كاربولين والإيزوكينولين داخل الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين. وطريقة التنشيط هذه تؤدي إلى تلف الخلايا العصبية والإجهاد التأكسدي، وهي الأعراض التي تظهر لدى الإصابة بمرض باركنسون.
تابعي المزيد: الزهايمر: اكتشاف عنصر جديد يؤخر المرض
مثبط يوجد في النبتة المستخدمة في الهند لعلاج مرض الفصام – الشيزوفرينيا
يوضح أفادهاني قائلاً: "من المعروف أنّ CYP2D6 يؤثر على نشاط عدد كبير من الأدوية. ومنها دواء الأجماليسين- Ajmalicin - وهو مثبط لـ CYP2D6، وهو من عائلة ريسيربين Reserpine، وهو مادة شبه قلوية - الألكولايد- موجودة في نبتة (جذر الثعبان الهندي - Rauvolfia serpentina ) المستخدمة منذ قديم الزمن في الهند لعلاج الأمراض العقلية، والتي منها الخوف المرضي والفصام، والذي استخدم كمثبط لتفادي تطور المرض لدى الفئران. وبناء عليه فإنَّ تقييد الميتاكوندريا في هذه المركبات سيكون فعّالا على الأرجح في علاج المرضى المصابين بمرض باركنسون، وهذا ما سوف تتضمنه استراتيجيتنا في المستقبل".
نأمل أن ألا تلتهم العلاج الذي سوف ينجح الباحثون في تطويره، الميكروبات المعوية للمرضى. لأنه وفقاً لدراسة أخرى نشرت من قبل، فإنَّ ميكروبات التمثيل الغذائي قد تكون هي أصل عدم فعالية بعض أنواع الأدوية التي تستهدف علاج مرض باركنسون. والسبب هو أنّ الكائنات الحيّة الدقيقة في الأمعاء يمكن أن تأكل الأدوية، وقد يؤدي ذلك إلى آثار جانبية خطيرة. وقال العلماء: "يمكن ألا يصيب الدواء هدفه في الجسم، وربما يصبح سامّاً وربما يكون أقل فائدة مما نعتقد".
تابعي المزيد: تصرفات مريض الزهايمر.. اكتشفيها باكراً |