تؤثر الاضطرابات ثنائية القطب على الحالة المزاجية للإنسان، وتجعلها تتأرجح بين المزاج المرتفع والمزاج المنخفض، وكلاهما حالة مرضية فالأول يطلق عليه الهوس والثاني يؤدي إلى المعاناة من الاكتئاب، وقليل ما يمر المريض المصاب بالاضطرابات ثنائية القطب بحالة من المزاج الطبيعي ليعيش حياته الطبيعية بلا شكوى من أي اعتلال أو مرض نفسي.
أوضحت الدكتورة عبير بنت علي محمد رشيد، أستاذة مساعدة واستشارية نفسية وإشراف إكلينيكي، وكيلة عمادة السنة التحضيرية والدراسات المساندة بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، أنه تم وصف الاضطرابات ثنائية القطب في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الخامس، والصادر من الجمعية الأمريكية للطب النفسي، على أنها مجموعة من اضطرابات الدماغ التي تسبب تقلباً شديداً في مزاج الشخص ما بين (الهوس والهوس الخفيف) و(الاكتئاب) والتي تؤثر على طاقته وقدراته. والاضطراب ثنائي القطب هو فئة تشمل ثلاث حالات مختلفة، الاضطراب ثنائي القطب الأول، والثاني ثنائي القطب، واضطراب المزاج الدوري وهي على النحو الآتي:
اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول:
يعاني المريض من نوبة هوس واحدة على الأقل، قد تسبقها أو تليها نوبات الهوس الخفيف، أو نوبات اكتئاب عظمى. وفي بعض الحالات، قد تؤدي الإصابة بالهوس إلى الانفصال عن الواقع، وهو ما يعرف بالذهان، ولكنه ليس شرطاً للتشخيص، فقد لا يظهر أي أعراض ذهانية مع ذلك يصنف بالنوع الأول بسبب نوبة الهوس.
اضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني:
يصاب المريض بنوبة اكتئاب عظمى، لا تقل عن واحدة على الأقل، ونوبة هوس خفيف واحدة على الأقل، ولكن لا يصاب المريض بنوبة هوس مطلقاً أو أي أعراض ذهانية.
اضطراب دوروية المزاج
تتسم هذه الحالة المزاجية بنوبات عديدة من أعراض الهوس الخفيف على مدار عامين على الأقل، أو عام واحد عند صغار السن والمراهقين، أو نوبات من أعراض الاكتئاب، إلا أنه يكون أقل شدة من الاكتئاب الشديد.
ولقد أثبتت الدراسات أن هناك عدة أسباب لاضطراب ثنائي القطب منها: اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ لمستويات الناقلات العصبية، وهي مواد كيميائية مسؤولة عن التحكم في وظائف الدماغ (مثل: النورادرينالين، والسيروتونين، والدوبامين). كما أن للعامل الوراثي دور مهم جداً في ظهور اضطراب ثنائي القطب، إذ إن نسبة ما يقارب 80% من الأفراد المصابين باضطراب ثنائي القطب لديهم أقرباء مصابين بالاكتئاب، أو اضطراب ثنائي القطب، ومما لا شك فيه أن لظروف الحياة الضاغطة والأحداث الصادمة دور في ظهور أعراض الاضطراب.
ولأن هذا الاضطراب يتقلب ما بين والاكتئاب والهوس، فإن الأعراض تختلف باختلاف المزاج. وأعراض الاكتئاب تتمثل في الشعور المستمر بالحزن، وفقدان الأمل، والانفعال غير المبرر، ونقص الطاقة وصعوبة في التركيز وضعف الذاكرة، والشعور بالفراغ، وفقدان الاهتمام في الأنشطة اليومية، وقلة الاستمتاع بالحياة، والشعور بالذنب المستمر، وجلد الذات، وعدم الثقة بالنفس، والتشاؤم والأفكار السلبية، وصعوبة في النوم، وفقدان للشهية، بالإضافة إلى التفكير بالموت، وتوارد الأفكار الانتحارية.
نوبات الهوس
أما في مرحلة الإصابة بنوبات الهوس، فإن الأعراض تختلف جذرياً عن مرحلة الاكتئاب، إذ إن الأعراض تصبح كالآتي: الشعور المفرط بالسعادة مع الشعور بطاقة عالية جداً، الشعور بتميز الذات
الدكتورة عبير رشيد: الوعي من البيئة المحيطة وطريقة التعامل السليمة مع المريض وتوفير الدعم النفسي يسهم في التخفيف من تأثير الاضطراب
وأهميتها. التحدث بسرعة كبيرة وغير مترابطة، الشعور بوجود أفكار جديدة ومتفردة والسعي إلى تحقيقها، الهلوسة والتفكير المضطرب، بالإضافة لقلة الحاجة إلى النوم والراحة.
يتم تشخيص اضطراب ثنائي القطب بالرجوع إلى التاريخ المرضي (وقت ظهور الأعراض ومداها وحدتها وتكرارها وغيرها)، بالإضافة إلى فهم الظروف الحياتية للمريض ومراجعة التاريخ العائلي، والذي له دور كبير في تشخيص حالة المريض.
علاج الاضطرابات ثنائية القطب
ينقسم العلاج إلى قسمين، العلاج الدوائي وهو عبارة عن (مثبتات المزاج) والعلاج المعرفي السلوكي، والهدف من دمج هاتين الطريقتين من العلاج هو التخفيف من شدة وعدد التقلبات المزاجية ما بين الاكتئاب والهوس وتعزيز مهارات حياتية تساعد المريض في التعايش مع الاضطراب والوصول إلى جودة حياة مناسبة لهم.
يعتقد البعض بأنه من المستحيل على مريض اضطراب ثنائي القطب أن يعيش بسلام في حياة مستقرة والحقيقة أنه في كثير من الحالات، والالتزام بالعلاج الدوائي، والعمل باستراتيجيات العلاج المعرفي السلوكي له دور كبير في مساندة المريض كي ينعم بفترات جيدة من الاستقرار النفسي وذلك بالتخفيف من حدة الأعراض (الاكتئاب والهوس) ومما لا شك فيه بأن الوعي من البيئة المحيطة وطريقة التعامل السليمة مع المريض وتوفير الدعم النفسي يسهم في التخفيف من تأثير الاضطراب على المريض وتعزيز الهدوء والسلام له. لا شيء مستحيل خاصة إذا تلقى المريض الخدمة المناسبة في الوقت المناسب من المختص المناسب.