كثيرون -هم- الآباء الذين لم ينجبوا سوى طفل واحد، وكثيرون منهم -أيضاً- يتلقون الانتقادات حول الرعاية الزائدة التي يقدمونها لطفلهم الوحيد، أو التدليل الزائد الذي يصل إلى حد إفساد الطفل، وجعله شخصية أنانية، وأقوى هذه الخرافات هي؛ متلازمة الطفل الوحيد، وتعني أن الطفل الوحيد أناني، متسلط، وحيد، مدلل، غير اجتماعي، مهتم بنفسه فقط، انطوائي ويجد صعوبة التأقلم مع الآخرين؛ واليوم تؤكد البحوث الحديثة أن هذا الكلام حول طبيعة شخصية الطفل الوحيد خرافات وليس له أي أساس من الصحة، بدليل تفوق الطفل الوحيد في الإنجازات، الشخصية، الذكاء، وعلاقته بالأسرة. اللقاء مع الدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة طب النفس وخبيرة الشؤون الزوجية؛ للتعرف إلى حقيقة تلك الخرافات.
خرافات شخصية الطفل الوحيد
- يحتاج آباء الطفل الوحيد إلى التأكد من أن طفلهم يتماشى مع أقرانه في المدرسة، ومراقبة أنه يشارك التجمعات الاجتماعية؛ لينفوا خرافة تدليل الطفل الوحيد ومشاعره السلبية، وهي الخرافة الأولى، في حين أن الأطفال -أنفسهم- يتعلمون بسرعة ويندمجون بوسائل بسيطة.
- بل ويعرفون أنه يمكن استبعادهم من هذه التجمعات ودوائر الأصدقاء إذا ظهرت نوبات غضبهم، أو إذا تحولوا إلى أطفال عدوانيين ومتسلطين، فكانوا يتعاملون معهم مثل أي طفل لديه شقيق.
- كما أن بعض الآباء يعتقدون أن طفلهم الوحيد في حاجة دائمة إلى الحصول على مساعدتهما عاطفياً أو جسدياً، نظراً لغياب الأشقاء، وهي ثاني الخرافات، ولكن على العكس فهم يتفاجؤون بأن طفلهم يعتمد على نفسه بصورة أكبر، وفي بعض الأحيان يكون أكثر استقلالية من غيره العاديين.
الوحيد مدلل وتُلبَّى كل طلباته
- الطفل الوحيد بسبب الاهتمام الزائد والتركيز الكامل من الوالدين عليه؛ لأنه طفلهم الوحيد، اعتقد الكثيرون من علماء الأطفال والعامة أن هذا الطفل يملك الكثير من الصفات السلوكية السلبية، وهي الخرافة الثالثة.
- والحقيقة أنه لا يوجد فرق بين الطفل الوحيد والطفل الذي نشأ بين إخوة في الصحة العقلية، على الأقل في الأطفال تحت سن الخامسة.
- منذ الصغر يحكمون على الطفل الوحيد بأنه مشكلة؛ فهو خجول ومنعزل وانطوائي، وأنه لا يمكن أن يشعر بالسعادة لعدم وجود إخوة له، وهي مجموعة من الخرافات التي أحيطت بشخصية الطفل الوحيد، وصدقها كثيرون.
- ولكن هذا الأمر ليس صحيحاً، وعلى الوالدين أن يتعاملا مع هذه الحال، بتوفير الفرصة لطفلهم الوحيد للاختلاط مع أطفال آخرين، وتكوين صداقات تجدّد له حياته، وتشغل فكره ووقته.
التخوف على الطفل الوحيد
- ومن الخرافات التي تطلق على الطفل الوحيد بسبب القلق والحماية والتخوف الزائد الذي يشعر به الآباء، وتستقر بعقل وقلب كل من الأب والأم، ويمارسونها على طفلهم الوحيد؛ ما يشكّل مصدر إزعاج للطفل ويكون سبباً في حدوث الكثير من الضغوط النفسية عليه، ولكن مع مرور الوقت واحتكاك الطفل بزملاء المدرسة والمعلمين يتدارك الطفل هذا القلق، ويعبره فيزول تدريجياً.
- الطفل الوحيد ليس مشكلة بالشكل الذي يتصوره كثيرون من الناس، لو اتّبع والداه طريقةً سليمةً في أسلوب تربيته، وهناك عوامل عدّة تؤثر في هذه التربية: منها شخصية الوالدين وطبيعة علاقتهما الزوجية، ومستواهما التعليمي ووضع الأسرة المادي، وكذلك سمات الشخصية التي يريدون تطبيقها على طفلهم، ويستطيع العيش بها وسط أقرانه بالمدرسة والنادي والجامعة بلا خجل وبلا أي إحساس بالنقص.
تعرّفي إلى المزيد: صعوبات التعلم: الأسباب والأعراض وطرق العلاج
الطرق السليمة في تربية الطفل الوحيد
- مشكلات الطفل الوحيد تتركز في تلبية الأبوين لكلّ طلباته ورغباته، ما قد يجعله أنانياً في كثير من الأحيان؛ حيث يعرف حقوقه أكثر من واجباته، ولكن حينما يتمّ منعه من بعض الحاجات، ينشأ تنشئةً صحيحةً متوازنة وبدون شبهة الحرمان.
- الطفل الذي يتربّى في جو من الدلال المفرط ينشأ ضعيف الثقة بنفسه، ويميل إلى الاتكال والاعتماد على الآخرين، ويكون غير قادر على الاستقلال عن والديه، ما يشكّل للطفل عقبة أمام نجاحه، وعلى الآباء تدارك هذا ومحاولة علاج الأمر من دون تقصير في الحب أو العطاء.
- كما يخشى كثير من الآباء على طفلهم الوحيد بطريقة مبالغ فيها، ما يشعره بالقلق والضغط النفسي، ويزيد من إحساسه بالحرمان، ولذلك كثيراً ما يأمرونه: افعل ولا تفعل، بينما يجب أن يكون سلوكهما منسجماً مع التعليمات والواجبات والمسؤوليات.
مميزات الطفل الوحيد
- مع وجود طفل واحد في المنزل تعطيه الأم كل الاهتمام على مدار مراحل حياته، وتخصص له وقتاً طويلاً، فيحصل على الرعاية اللازمة سواء التغذية السليمة أو التربية الصحيحة والتعليم الجيد.
- في حالة وجود طفل واحد في المنزل، فسوف يقوم بالعديد من المهام بمفرده، مثل ترتيب الغرفة وترتيب وتنظيم أغراضه وغيرها من الأمور، وبالتالي تتطور لديه مهارة الاعتماد على النفس.
- الطفل بمفرده يسهل توفير أجواء المذاكرة الهادئة له، ولن يجد ما يشغله أو يعطله عن الواجبات المدرسية ومراجعة ما تلقاه في المدرسة، ويمكن للأم مساعدته؛ لأن لديها وقتاً لتقوم بهذا الأمر.
- الأم التي لديها طفل وحيد يسهل عليها أن تراقبه جيداً، وتلاحظ أي سلوكيات خاطئة يقوم بها، وبالتالي تتمكن من تقويمه وتحسين سلوكياته، وخاصة أن الطفل يمر بمراحل مختلفة.
- مع الطفل الوحيد يكون هناك وقت كاف لتعزيز الروابط العاطفية بينه وبين الوالدين، ويمكن للأم أن تمنحه مزيداً من العاطفة، بل وتشاركه في مختلف الأشياء المحببة إلى قلبه، وتستطيع فهمه بصورة أفضل.
- يتسم الطفل الوحيد بالاستقلالية، وذلك لأنه اعتاد على الاستقلال منذ الصغر، فلديه غرفة مستقلة، ويقوم بالعديد من الأمور بمفرده، مما يجعله أكثر تحملاً للمسؤولية، ويمكن الاعتماد عليه.
تعرّفي إلى المزيد: علامات ضعف الشخصية عند الطفل
عيوب الطفل الوحيد
- شعور الطفل بالوحدة أكثر عيب يمكن أن يواجهه الطفل الوحيد، وخاصةً إذا كان الآباء منشغلين في العمل، ما يزيد شعوره بالضيق، ويمكن أن يؤثر هذا على حالته النفسية وسلوكياته.
- التركيز مع الطفل الوحيد من قِبل الولدين، يمكن أن يشكل ضغطاً على الطفل؛ حيث يريدونه أن يكون الأفضل في كل شيء، ويتوقعوا منه الكثير من الأمور التي يمكن أن تفوق قدراته.
- في كثير من الحالات، يتحول الاهتمام الزائد بالطفل من ميزة إلى عيب؛ حيث يصبح الطفل مدللاً بشكل كبير، وذلك لأن الأب والأم لم ينجبا غيره، ويحاولان تلبية كافة رغباته، ويتغاضيان عن الكثير من أخطائه.
- كما يمكن أن يتسبب التدليل الزائد في أضرار صحية للطفل، وبالتالي يمكن أن تضر بصحة الطفل، وتسبب إصابته بالسمنة مثلاً، وما يعقبها من مشكلات صحية.
تدريب الطفل الوحيد على المواجهة
- يحتاج كل طفل إلى الاحتكاك بالآخرين حتى يبني شخصيته ويتعلم، ويعرف كيف يتصرف في المواقف المختلفة، وبالتالي فإن وجود شقيق معه في المنزل يمنحه الفرصة لتجربة هذا الأمر قبل أن يختلط بالعالم الخارجي.
- أيضاً تتسبب وحدة الطفل في شعوره بأن كل شيء ملكه وحده، ولا يمكن أن يشاركه أحد فيه، وينطبق هذا على أغراضه المختلفة، وبالتالي سوف يكون شخصاً أنانياً لا يعرف معنى وقيمة المشاركة.
- يميل الآباء الذين لديهم طفل وحيد إلى الإفراط في حماية الطفل نتيجة الخوف والقلق الزائد عليه، ونتيجة لذلك، سوف يشعر الطفل بالخوف من كل شيء ولا يجرؤ على مواجهة المواقف والمجتمع.
ملاحظة من "سيدتي نت": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.