أدرجت مجلة «سي إي أو» اسمها ضمن قائمتها لأكثر النساء تأثيراً لعام 2021. لمبادراتها الإنسانية، التي ألهمتها جهود والديها لخوض غمارها، هي سيدة الأعمال الإماراتية منى عيسى القرق، التي تعدّ نفسها محظوظةً للعمل مع مؤسسة بيل وميليندا جيتس الخيرية، فهذا ساعدها على تطوير طريقة العمل في هذا المجال في المنطقة. وللتنويه، فقد تم إجراء المقابلة وجلسة التصوير قبل وفاة عيسى صالح القرق، والد منى، صاحب الرؤية الاستثنائية الذي رحل تاركاً إرثاً طيباً وسجلاً رائداً في عالم الأعمال وإسهامات فاعلة في بناء أسس الإمارات العربية المتحدة. وفي حديث هاتفي قبل نشر الحوار، قالت منى القرق عن والدها الراحل: «كان والدي بشخصيته الاستثنائية قدوة يُحتذى بها ومنارةً أضاءت لي الدرب في كل خطوة من مسيرتي. يغمرني حزن وأسى عميق لغيابه اليوم، مع أن ذكراه ستبقى إلى الأبد حاضرةً في قلوبنا».
أطلقت منى أول منحة دراسية في كلية لندن للأعمال عام 2016 خصيصاً للنساء العربيات الراغبات في الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال. وهي تستعد في المستقبل القريب لإطلاق مؤسستها الخاصة الهادفة إلى تمكين النساء والفتيات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تصف نفسها قائلة: «تجاربي في الحياة رسمت ملامح شخصيتي بصورة إيجابية، وأشعر بالامتنان لنشأتي في بيئة حاضنة تشجّع العمل الدؤوب بدعم كبير من والدي، كما أنني من الداعمين للمرأة في قطاع الفنون وريادة الأعمال، وأرى أن إمكانات السيدات غير محدودة لكنها بحاجة للدعم الكافي». اعتادت منى أن تذكر نفسها كل صباح بثلاثة أمور تشعر بالامتنان من أجلها. حيث يساعدها هذا الطقس اليومي على التفكير الإيجابي المستمر بغض النظر عن المصاعب والتحديات التي تعترض طريقها.
قلبت كفة الميزان
ترأس سيدة الأعمال منى مجلس إدارة القيادات العربية الشابة، فهي تؤمن بأن القيادة الحقيقية تكمن في دعم الآخرين ومساعدتهم على إدراك إمكاناتهم. تستدرك قائلة: «إدارتي نجحت في قلب كفة الميزان لصالح السيدات اللواتي يشكلن 70% من مجلس إدارة المنظمة حالياً، بعد أن كان أغلب أعضائه من الرجال».
تنصب جهود منى الخيرية في مجالين رئيسين، أولهما مع مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية، والثاني ضمن مبادراتها الإنسانية الشخصية، تتابع منى: «المؤسسة متخصصة بمبادرات التعليم والصحة، وقد تبرعت مؤخراً لجمعية الإمارات لمتلازمة داون لدعم الكونغرس العالمي لمتلازمة داون، إذ تولي مؤسستنا أصحاب الهمم اهتماماً خاصاً وتسعى لتعزيز اندماجهم في المجتمع، وتوفير بيئة حاضنة وآمنة لهم». ضمن مبادراتها الشخصية أطلقت منى مؤخراً منحةً مالية طويلة الأمد لدعم البرامج الرامية إلى تعزيز الإمكانيات الاقتصادية للمرأة في الشرق الأوسط، وإطلاق العنان لقدراتها وتغيير المجتمعات نحو الأفضل.
حلول مُستدامة
تسعى منى، ضمن نشاطاتها الخيرية لتزويد الأشخاص المحتاجين بالحلول المبتكرة والمستدامة، وكان آخرها التبرع لوحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مدينة جنين الفلسطينية؛ للإسهام في شراء معدات جديدة للوحدة في مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان الحكومي، تتابع منى: «أتعاون حالياً مع مؤسسة بروجكت ماجي الخيرية التي تؤمّن المياه الصالحة للشرب، على الطاقة الشمسية؛ لتسريع الوصول إلى المياه النظيفة في الريف الأفريقي وفق طرقٍ مستدامة. المشروع يوصل المياه للسكان بأسعار معقولة وعادلة، ويتم تحصيل المبالغ المالية بواسطة نظام دفع إلكتروني يدعم جوانب المحاسبة والاستدامة في العمليات».
وعي الجيل الجديد
تشكل تجارة التجزئة نسبة 20% تقريباً من نشاط مجموعة عيسى صالح القرق، التي تضم 27 شركةً و370 علامةً تجاريةً في مختلف القطاعات. ويركز قسم التجزئة في المجموعة على مجالي المنتجات المنزلية ونمط الحياة. وقد شهد القطاع تحولاً جراء الأزمة الصحية وتغير توجهات المستهلكين، وعن الحالة التنافسية، توضح منى: «الناس يرغبون بإنفاق المال للارتقاء بنمط حياتهم، حيث باتت المنازل أشبه بملاذاتٍ دائمة أكثر منها أماكن للسكن. ورغم توفر الإمكانات الواسعة لتلبية متطلبات الحياة العصرية عن بُعد، ما زال المستهلكون يبحثون عن تجارب تسوق مميزة، إذ يرغب الكثيرون بالتواصل مع خبير بالمنتجات، وخصوصاً فيما يتعلق بالأدوات المنزلية والأثاث. ولتعزيز القدرة على المنافسة، نركّز على مسألتي الابتكار والتكنولوجيا لاستقطاب المستهلكين وجعلهم عملاء دائمين». تشير منى إلى ازدياد الوعي لدى الجيل الجديد من العملاء، حيث يبحثون عن العلامات التجارية المناسبة وتأثير المنتجات ومتاجر التجزئة على المجتمع، تعلّق قائلة: «لذلك نعزز الوعي البيئي في منشآت التصنيع والتوزيع».
نصائح الموظفات
تستضيف منى جلسات حوار لتشجيع موظفات الشركة على المشاركة الفاعلة وطرح آرائهنّ، وتقديم ملاحظاتهن وتجاربهن الحياتية والاستفادة من الدروس المستقاة منها، بعيداً عن تقييد الآراء المحدودة، تتابع قائلة: «أثق بإسهام النساء أياً كانت مهامهنّ في إعادة رسم ملامح الحوار ونظرتنا إلى عالم الأعمال، لا سيما وأن مبادرة دردشة الفطور تساعدنا على تحسين المهارات وبناء ثقافة الثقة والولاء والاحترام. وأتذكر في كثيرٍ من المناسبات أني أخذت بنصيحة أو وجهة نظر إحدى الموظفات في الفريق، ما شجعني على التفكير أو تغيير طريقة فهمي للمواقف والظروف».
قرار الاستثمار
بعض استثمارات منى عيسى القرق، كانت خارج أنشطة الأعمال العائلية، فهي أول سيدة إماراتية تستثمر في شركة كريم، أكبر شركة تكنولوجية ناشئة في الشرق الأوسط، عن هذا تقول: «لطالما أثارت منظومة الشركات التكنولوجية الناشئة في المنطقة اهتمامي وحماستي، ما دفعني على مدى العقد الماضي لتطبيق الخبرات التي اكتسبتها من العمل في شركتنا العائلية في مجال تدريب رواد الأعمال. وقد رأيت في كريم شركة ناشئة ناجحة سريعة النمو، ما دفعني لاتخاذ قرار الاستثمار فيها بعد دراسة وافية للمسألة».
اخترن المواجهة
لم تعد السيدات، كما تجد منى، على استعداد لقبول التعريفات المفروضة عليهن بناءً على قواعد وضعها الآخرون. لذلك تنصحهن قائلة: «لا تقبلن أن يحد العمر، أو الظروف، أو المجتمع، أو توقعات الآخرين من قدرتكن على النجاح. ارفعن سقف أحلامكن ولا تحمّلن أنفسكن ما لا تحتمل في الوقت ذاته. واخترن المواجهة عند الشدائد، فالظروف تتغير مع الوقت. ويستطيع كُلٌّ منا أن يؤدي دوره الأساسي في رسم ملامح عالم تزدهر فيه المساواة بين الجنسين». تختصر منى النقاط التي يجب على سيدات الأعمال العمل عليها وتطويرها، وأولها: المهارات القيادية، تستدرك قائلة:
«أُقصيت الفتيات والسيدات اليافعات من الأدوار القيادية. لكن الآن تم دمج قوة الرجل والمرأة معاً في شراكة تدعم العمل... وعلينا الاستثمار في البرامج التي تغيّر العقلية السائدة بين الرجال والسيدات على حد سواء. ويمكن لأقسام الموارد البشرية اتخاذ قرارات عادلة تمنح الفرص المتكافئة لكلا الجنسين». تجد منى أن سد الفجوة بين الجنسين لم يعد واجباً أخلاقياً فحسب، بل أثّر على النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، أشارت منى إلى دراسة أجراها معهد بيترسن للاقتصاد الدولي برعاية مؤسسة رنست ويونغ في عام 2016، إلى أنّ «الشركات التي تحظى بتمثيل نسائي يصل إلى 30% في المناصب القيادية قادرة على تحقيق زيادة بنسبة 6% في هوامشها الصافية». تسعى منى في مشروعها المستقبلي لاعتماد المبادرات العلمية ودعم جهود البحث والتطوير وإيجاد التطبيقات التجارية لما تتميز به من اكتشافات واختراعات. تتابع قائلة: «نُصنف حالياً ضمن المستخدمين النهائيين للكثير من المنتجات التي تجري صناعتها في مختلف أنحاء العالم، غير أنّنا لا نقوم بصناعة أو تطوير الكثير من المنتجات بقدراتنا الذاتية».
من حياتي
تشير منى إلى أن الكاتبة والطبيبة المصرية نوال السعداوي، هي مصدر لإلهامها الحقيقي، تعلّق قائلة: «هي رائدة المساواة وحقوق المرأة في العالم العربي».
أجمل يوم في حياة منى، كما تجده على الصعيد المهني، هو عندما أقرّ مجلس إدارة مجموعة عيسى صالح القرق في بداية عام 2020 زيادة إجازة الأمومة لتُصبح تسعين يوماً مدفوعة الأجر، بدلاً من 45 يوماً تعتمده الشركات الأخرى في الإمارات، تعلّق قائلة: «هو السبب الرئيس في عدم عودة السيدات إلى العمل بعد الإنجاب، وقد سعيت لتنفيذ القرار بعد حصولي على عضوية «نادي الـ 30%»، وهي حملة عالمية تهدف إلى زيادة التنوع الجنساني على مستوى مجلس الإدارة والمستويات الإدارية العليا».
ليس لدى منى القرق ذكرى محددة تتمنى عدم تكرارها مجدداً، لكنها كما تقول: «لا أود عيش ألم الفقدان الناجم عن وفاة الأحبة».
منى تعشق السفر إلى الوجهات البعيدة، ويعود هذا إلى مفهومها حول الامتنان، تعلّق قائلة: «سواء كنت في جبال البرازيل أو شواطئ زنجبار، أحرص دوماً على التفاعل مع الطبيعية والتعبير عن كامل امتناني».
بعد أيّام من إجراء الحوار مع سيدة الأعمال منى عيسى القرق، توفي والدها رجل الأعمال الإماراتي عيسى صالح القرق، أول مصرفي إماراتي بعد مسيرة حافلة بالعطاء، وهو الذي أسس مجموعة «عيسى صالح القرق» وشغل منصب رئيس مجلس إدارتها بين 1960 و2022، كما أطلق «مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية» بعد صدور مرسوم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبرأس مال كامل من الحساب الشخصي للمؤسس، فضلاً عن وقف مجموعة من العقارات لأغراض المشاريع الخيرية التي تتبناها المؤسسة.
تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2146 من مجلة سيدتي
أطلقت منى أول منحة دراسية في كلية لندن للأعمال عام 2016 خصيصاً للنساء العربيات الراغبات في الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال. وهي تستعد في المستقبل القريب لإطلاق مؤسستها الخاصة الهادفة إلى تمكين النساء والفتيات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تصف نفسها قائلة: «تجاربي في الحياة رسمت ملامح شخصيتي بصورة إيجابية، وأشعر بالامتنان لنشأتي في بيئة حاضنة تشجّع العمل الدؤوب بدعم كبير من والدي، كما أنني من الداعمين للمرأة في قطاع الفنون وريادة الأعمال، وأرى أن إمكانات السيدات غير محدودة لكنها بحاجة للدعم الكافي». اعتادت منى أن تذكر نفسها كل صباح بثلاثة أمور تشعر بالامتنان من أجلها. حيث يساعدها هذا الطقس اليومي على التفكير الإيجابي المستمر بغض النظر عن المصاعب والتحديات التي تعترض طريقها.
قلبت كفة الميزان
ترأس سيدة الأعمال منى مجلس إدارة القيادات العربية الشابة، فهي تؤمن بأن القيادة الحقيقية تكمن في دعم الآخرين ومساعدتهم على إدراك إمكاناتهم. تستدرك قائلة: «إدارتي نجحت في قلب كفة الميزان لصالح السيدات اللواتي يشكلن 70% من مجلس إدارة المنظمة حالياً، بعد أن كان أغلب أعضائه من الرجال».
تنصب جهود منى الخيرية في مجالين رئيسين، أولهما مع مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية، والثاني ضمن مبادراتها الإنسانية الشخصية، تتابع منى: «المؤسسة متخصصة بمبادرات التعليم والصحة، وقد تبرعت مؤخراً لجمعية الإمارات لمتلازمة داون لدعم الكونغرس العالمي لمتلازمة داون، إذ تولي مؤسستنا أصحاب الهمم اهتماماً خاصاً وتسعى لتعزيز اندماجهم في المجتمع، وتوفير بيئة حاضنة وآمنة لهم». ضمن مبادراتها الشخصية أطلقت منى مؤخراً منحةً مالية طويلة الأمد لدعم البرامج الرامية إلى تعزيز الإمكانيات الاقتصادية للمرأة في الشرق الأوسط، وإطلاق العنان لقدراتها وتغيير المجتمعات نحو الأفضل.
حلول مُستدامة
تسعى منى، ضمن نشاطاتها الخيرية لتزويد الأشخاص المحتاجين بالحلول المبتكرة والمستدامة، وكان آخرها التبرع لوحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مدينة جنين الفلسطينية؛ للإسهام في شراء معدات جديدة للوحدة في مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان الحكومي، تتابع منى: «أتعاون حالياً مع مؤسسة بروجكت ماجي الخيرية التي تؤمّن المياه الصالحة للشرب، على الطاقة الشمسية؛ لتسريع الوصول إلى المياه النظيفة في الريف الأفريقي وفق طرقٍ مستدامة. المشروع يوصل المياه للسكان بأسعار معقولة وعادلة، ويتم تحصيل المبالغ المالية بواسطة نظام دفع إلكتروني يدعم جوانب المحاسبة والاستدامة في العمليات».
كان والدي بشخصيته الاستثنائية قدوة يُحتذى بها ومنارةً أضاءت لي الدرب في كل خطوة من مسيرتي
منظومة الشركات التكنولوجية الناشئة في المنطقة كانت دائماً تثير اهتمامي وحماستي
وعي الجيل الجديد
تشكل تجارة التجزئة نسبة 20% تقريباً من نشاط مجموعة عيسى صالح القرق، التي تضم 27 شركةً و370 علامةً تجاريةً في مختلف القطاعات. ويركز قسم التجزئة في المجموعة على مجالي المنتجات المنزلية ونمط الحياة. وقد شهد القطاع تحولاً جراء الأزمة الصحية وتغير توجهات المستهلكين، وعن الحالة التنافسية، توضح منى: «الناس يرغبون بإنفاق المال للارتقاء بنمط حياتهم، حيث باتت المنازل أشبه بملاذاتٍ دائمة أكثر منها أماكن للسكن. ورغم توفر الإمكانات الواسعة لتلبية متطلبات الحياة العصرية عن بُعد، ما زال المستهلكون يبحثون عن تجارب تسوق مميزة، إذ يرغب الكثيرون بالتواصل مع خبير بالمنتجات، وخصوصاً فيما يتعلق بالأدوات المنزلية والأثاث. ولتعزيز القدرة على المنافسة، نركّز على مسألتي الابتكار والتكنولوجيا لاستقطاب المستهلكين وجعلهم عملاء دائمين». تشير منى إلى ازدياد الوعي لدى الجيل الجديد من العملاء، حيث يبحثون عن العلامات التجارية المناسبة وتأثير المنتجات ومتاجر التجزئة على المجتمع، تعلّق قائلة: «لذلك نعزز الوعي البيئي في منشآت التصنيع والتوزيع».
نصائح الموظفات
تستضيف منى جلسات حوار لتشجيع موظفات الشركة على المشاركة الفاعلة وطرح آرائهنّ، وتقديم ملاحظاتهن وتجاربهن الحياتية والاستفادة من الدروس المستقاة منها، بعيداً عن تقييد الآراء المحدودة، تتابع قائلة: «أثق بإسهام النساء أياً كانت مهامهنّ في إعادة رسم ملامح الحوار ونظرتنا إلى عالم الأعمال، لا سيما وأن مبادرة دردشة الفطور تساعدنا على تحسين المهارات وبناء ثقافة الثقة والولاء والاحترام. وأتذكر في كثيرٍ من المناسبات أني أخذت بنصيحة أو وجهة نظر إحدى الموظفات في الفريق، ما شجعني على التفكير أو تغيير طريقة فهمي للمواقف والظروف».
قرار الاستثمار
بعض استثمارات منى عيسى القرق، كانت خارج أنشطة الأعمال العائلية، فهي أول سيدة إماراتية تستثمر في شركة كريم، أكبر شركة تكنولوجية ناشئة في الشرق الأوسط، عن هذا تقول: «لطالما أثارت منظومة الشركات التكنولوجية الناشئة في المنطقة اهتمامي وحماستي، ما دفعني على مدى العقد الماضي لتطبيق الخبرات التي اكتسبتها من العمل في شركتنا العائلية في مجال تدريب رواد الأعمال. وقد رأيت في كريم شركة ناشئة ناجحة سريعة النمو، ما دفعني لاتخاذ قرار الاستثمار فيها بعد دراسة وافية للمسألة».
اخترن المواجهة
لم تعد السيدات، كما تجد منى، على استعداد لقبول التعريفات المفروضة عليهن بناءً على قواعد وضعها الآخرون. لذلك تنصحهن قائلة: «لا تقبلن أن يحد العمر، أو الظروف، أو المجتمع، أو توقعات الآخرين من قدرتكن على النجاح. ارفعن سقف أحلامكن ولا تحمّلن أنفسكن ما لا تحتمل في الوقت ذاته. واخترن المواجهة عند الشدائد، فالظروف تتغير مع الوقت. ويستطيع كُلٌّ منا أن يؤدي دوره الأساسي في رسم ملامح عالم تزدهر فيه المساواة بين الجنسين». تختصر منى النقاط التي يجب على سيدات الأعمال العمل عليها وتطويرها، وأولها: المهارات القيادية، تستدرك قائلة:
«أُقصيت الفتيات والسيدات اليافعات من الأدوار القيادية. لكن الآن تم دمج قوة الرجل والمرأة معاً في شراكة تدعم العمل... وعلينا الاستثمار في البرامج التي تغيّر العقلية السائدة بين الرجال والسيدات على حد سواء. ويمكن لأقسام الموارد البشرية اتخاذ قرارات عادلة تمنح الفرص المتكافئة لكلا الجنسين». تجد منى أن سد الفجوة بين الجنسين لم يعد واجباً أخلاقياً فحسب، بل أثّر على النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، أشارت منى إلى دراسة أجراها معهد بيترسن للاقتصاد الدولي برعاية مؤسسة رنست ويونغ في عام 2016، إلى أنّ «الشركات التي تحظى بتمثيل نسائي يصل إلى 30% في المناصب القيادية قادرة على تحقيق زيادة بنسبة 6% في هوامشها الصافية». تسعى منى في مشروعها المستقبلي لاعتماد المبادرات العلمية ودعم جهود البحث والتطوير وإيجاد التطبيقات التجارية لما تتميز به من اكتشافات واختراعات. تتابع قائلة: «نُصنف حالياً ضمن المستخدمين النهائيين للكثير من المنتجات التي تجري صناعتها في مختلف أنحاء العالم، غير أنّنا لا نقوم بصناعة أو تطوير الكثير من المنتجات بقدراتنا الذاتية».
من حياتي
تشير منى إلى أن الكاتبة والطبيبة المصرية نوال السعداوي، هي مصدر لإلهامها الحقيقي، تعلّق قائلة: «هي رائدة المساواة وحقوق المرأة في العالم العربي».
أجمل يوم في حياة منى، كما تجده على الصعيد المهني، هو عندما أقرّ مجلس إدارة مجموعة عيسى صالح القرق في بداية عام 2020 زيادة إجازة الأمومة لتُصبح تسعين يوماً مدفوعة الأجر، بدلاً من 45 يوماً تعتمده الشركات الأخرى في الإمارات، تعلّق قائلة: «هو السبب الرئيس في عدم عودة السيدات إلى العمل بعد الإنجاب، وقد سعيت لتنفيذ القرار بعد حصولي على عضوية «نادي الـ 30%»، وهي حملة عالمية تهدف إلى زيادة التنوع الجنساني على مستوى مجلس الإدارة والمستويات الإدارية العليا».
ليس لدى منى القرق ذكرى محددة تتمنى عدم تكرارها مجدداً، لكنها كما تقول: «لا أود عيش ألم الفقدان الناجم عن وفاة الأحبة».
منى تعشق السفر إلى الوجهات البعيدة، ويعود هذا إلى مفهومها حول الامتنان، تعلّق قائلة: «سواء كنت في جبال البرازيل أو شواطئ زنجبار، أحرص دوماً على التفاعل مع الطبيعية والتعبير عن كامل امتناني».
بعد أيّام من إجراء الحوار مع سيدة الأعمال منى عيسى القرق، توفي والدها رجل الأعمال الإماراتي عيسى صالح القرق، أول مصرفي إماراتي بعد مسيرة حافلة بالعطاء، وهو الذي أسس مجموعة «عيسى صالح القرق» وشغل منصب رئيس مجلس إدارتها بين 1960 و2022، كما أطلق «مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية» بعد صدور مرسوم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبرأس مال كامل من الحساب الشخصي للمؤسس، فضلاً عن وقف مجموعة من العقارات لأغراض المشاريع الخيرية التي تتبناها المؤسسة.