فارسة إماراتية كبرت وهي ترقب نافذة الحلم الأولمبي أمامها على حد تعبيرها، وهي تتمسّك بذاك الرابط الغامض، بين البشر والخيل، وتأمل أن تحصل السيدات على قدر أكبر من الاهتمام الذي يحظى به الرجال في الرياضة. آمنة بني هاشم فارسة تضاعف جهودها من أجل المشاركة في كأس العالم للقفز، وتعمل لتحقيق حلم الوصول للأولمبياد في حال توافر الدعم المطلوب للتأهل، خصوصاً أن المهمة تحتاج إلى خيول بمستوى عال. التقتها «سيدتي» في هذا الحوار الشائق.
حوار I لمى الشثري Lama AlShethry
تنسيق الحوار I لينا الحوراني Lina AlHorani
إشراف وتنسيق الأزياء I رنا الطوسي Rana AlTousi
مساعدة تنسيق | Icho Ducao Maestrado
تصوير فوتوغرافي | عامر محمد Amer Mohamad
شعر ومكياج | جوليا رادا Julia Rada
تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2159 من مجلة سيدتي
كيف دخلتِ عالم الفروسية وقفز الحواجز؟ صفي لنا علاقتك بالخيل؟
تذكرت لحظاتٍ قصيرةً جربت فيها ركوب الخيل في طفولتي، وقررت تجربتها من جديد، وهكذا بدأت رحلتي مع الفروسية. كانت أولى المرات التي ركبت فيها الخيل في إسطبلات ريم العبار، وكانت مدربتي سيدة قوية جداً، وفارسة موهوبة تعشق عملها إلى حد جعل الجميع من حولها يشعر بشغفها وظهر جلياً في ركوبها للخيل. لن أنسى أبداً كيف علمتني قيادة الخيل والركوب، إنها ذكرى محفورة في ذهني. ومن هنا بدأ شغفي.
أحب ركوب الخيل بسبب الرابط الغامض بين البشر والخيول، فهو رابط يصعب شرحه، ولكنه واضح ومحسوس بكل قوة. علمتني الخيول الكثير عن نفسي، وجعلتني أفضل من ذي قبل، وهذا سبب آخر يجعلني أحبها.
ما أهم ثلاثة عناصر لا بد من وجودها في فارسة قفز الحواجز؟
وجود علاقة جيدة مع الخيل، والحفاظ على هدوء الخيل واتزانه.
يجب أن يكون الخيل في حالة جيدة ولياقة تسمح له بالقفز؛ حيث يستطيع رفع قائمتيه الأماميتين إلى صدره، ويتعلم القفز بقائمتيه الخلفيتين بالشكل الصحيح. يجب أن يتمتع الخيل باللياقة وقوة الجسم ليتمكن من إجراء القفزة بالشكل الصحيح.
ما الحالة الذهنية والمشاعر التي تهيمن عليك أثناء ممارسة القفز، خاصة في المنافسات والبطولات؟
أهدئ نفسي قبل أية مسابقة وأعدّها بالصلاة صباحاً، وحينها أشعر بالتركيز الكامل على حصاني ولياقتي. وعندما أستقر في المسار، أشعر بالسلام والسكينة مع كل قفزة، وبخاصة عندما تسير الأمور على ما يرام.
هل يوجد فارس أو رياضي ترين بأنه أيقونة للنجاح؟
بالنسبة إليّ فإن الفارس بن ماهر هو أيقونة للنجاح، فهو فارس مميز مثّل بريطانيا في الأولمبياد مرات عدة.
أحب ركوب الخيل بسبب الرابط الغامض بين البشر والخيول، فهو رابط يصعب شرحه
سعدت للغاية بظهور المرأة العربية في البطولات العالمية، لقد قطعنا شوطاً كبيراً على طريق الإنجازات
دعم الرياضيات
كيف ترين دور الأهل والمجتمع في دعم الرياضيات في الخليج العربي؟
أؤمن بأن للأسرة والمجتمع دوراً بالغ الأهمية في دعم الرياضات والتعليم بشكل عام في دول الخليج العربية؛ حيث يمكنها أن تُرسي الأسس منذ سن مبكرة للغاية، وترسخ لدى الأطفال حب التعليم منذ نعومة أظفارهم، وتوفر لهم الموارد اللازمة للتفوق والنجاح. يمكننا بوصفنا مجتمعاً العمل معاً من أجل رفع إمكانات الأطفال في دول الخليج العربية، وأن نكون قدوة لهم.
ما التحديات التي واجهتها في هذه الرياضة التي يغلب عليها عنصر الرجال؟
يقلل الكثيرون من قدرة المرأة في الرياضة عموماً، وهذا أمر لا يقتصر على الفروسية وقفز الحواجز فقط. كما أن السيدات وفرق السيدات لا تحظى بالرعاية بالقدر الذي يحصل عليه الرجال في هذه الرياضة. بصراحة، هناك الكثير من العقبات، وما زالت السيدات بحاجة إلى مزيد من الدعم والرعاية للتمكن من المنافسة في الفئات الاحترافية؛ لأن هذه الرياضة تعتمد على الموارد المالية بشكل كبير.
ما رأيك بحضور المرأة العربية في البطولات العالمية، خاصة بعد وصول اللاعبة التونسية أنس جابر إلى نصف نهائي ويمبلدون؟
سعدت للغاية بظهور المرأة العربية في البطولات العالمية، لقد قطعنا شوطاً كبيراً، ولدينا الكثير مما نقدمه ليس فقط في الفروسية وقفز الحواجز، بل في كافة الرياضات المختلفة؛ حيث نرى المزيد من السيدات في المنطقة يتألقن بفضل مواهبهن، وهذا أمر ملهم للغاية.
خفايا العالم تثير فضولي
تعملين مهندسةً ميكانيكيةً خلال أيام الأسبوع.. حدثينا عن تأثير هذه الجوانب المختلفة على شخصيتك؟
لطالما كنت من محبي العلوم! في طفولتي كانت مختلف جوانب العلم وخفايا العالم تثير فضولي واهتمامي، وكنت أرغب في معرفة كل ما يحدث في الكون، وكيف يحدث. ولهذا كان من الطبيعي أن أدرس الهندسة الميكانيكية في الجامعة.
حرصت دوماً على الانضباط واحترام الوقت، وأدركت مدى قيمة الوقت وأهمية إنفاقه في أمور مثمرة. لدي الكثير من الطموحات، ولا بد لي من الاستفادة من وقتي بالشكل الأمثل كي أتمكن من تحقيقها.
لدينا جميعاً الوقت للقيام بكل ما نريد، ولكن يتوقف الأمر على مدى جديتنا في ذلك.
ما نصيحتك للشابات المقبلات على رياضة الفروسية؟
أنصحهنّ بالحفاظ على الهدوء دوماً، وبذل أقصى الجهد في الوقت ذاته، فالأفعال أعلى صوتاً وأكبر أثراً من الكلام!
عليكنّ الإيمان بأنفسكنّ وبرؤيتكنّ، وهذا هو مفتاح الاستمرار عندما تصعب الأمور. وفي قفز الحواجز، تتاح الفرصة للفتيات للوصول إلى مستويات متقدمة إن واصلت العمل بجدّ، وكان لديها العزم والتصميم الكافيان.
تابعي المزيد:مديرة الحوكمة للعلاقات الحكوميّة في شركة Meta سمر بنت عبد المحسن السّلطان: الهوية الأصيلة لا تتأثر بالمتغيرات
خلال مساري الرياضي، ارتكبت العديد من الأخطاء بسبب نقص الخبرة، ولكنها جعلتني أكثر قوة ومرونة
الاستفادة من الأخطاء
ماذا تمثل لك لحظات النجاح، وكيف تتعاملين مع الأخطاء؟
كانت أهم لحظات النجاح في مسيرتي الرياضية الفوز ببطولة الإمارات عام 2021، وتكريمي من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وخلال مساري الرياضي، ارتكبت العديد من الأخطاء بسبب نقص الخبرة وعدم توافر التوجيه أحياناً، ولكنها جعلتني أكثر قوة ومرونة؛ لأنني تعلمت منها، واستفدت على المدى الطويل، وهذا ما علينا جميعاً أن نستخلصه من أخطائنا. ولهذا أرى أنها كانت شيئاً إيجابياً في النهاية، فقد تعلمت منها لأصبح أفضل مع الوقت.
هل هناك برامج تدريبية ساعدتك في التطور في مسارك الرياضي؟
تمت دعوتي لدراسة مهارات القيادة في الكلية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وهو ما ساهم بشكل هائل في تعزيز مستوى الانضباط والتصميم لديّ، وساعدني بدوره في تحقيق أهدافي الرياضية.
دعم الفارسات
برأيك، ما الذي تحتاج إليه المرأة العربية من تمكين لتصنع تاريخاً في رياضة الفروسية وقفز الحواجز؟
أرى أن علينا تثقيف السيدات في الإمارات، وتعريفهنّ بعالم ركوب الخيل، وتوفير التدريب والدعم والتمويل ليتمكن مجتمع الفارسات من النمو محلياً ودولياً. هناك العديد من السيدات في المجال بالفعل، أو من اللواتي بدأن بممارسة هذه الرياضة للتوّ، ولديهن إمكانات واعدة وكبيرة لتحقيق نتائج رائعة، ولكن الجانب المالي يشكل عقبة كبيرة، فهذه الرياضة تعتمد بشكل أساسي على الدعم المالي، وأشعر بأن التمكين سيسهم في مساعدة المرأة العربية لتصنع التاريخ من خلال توفير برامج الدعم المالي والرعاية. من الممكن عقد الشراكات مع المؤسسات، مثل اتحاد الإمارات للفروسية والسباق، وتطوير البرامج المشتركة.
عندما بدأت رحلتي في عالم ركوب الخيل لم يتوفر لي الدعم المالي اللازم؛ ما جعل إحراز التقدم وتحقيق الأهداف أصعب بكثير.
هل لديك هوايات تجعلك تشعرين بالسعادة والاسترخاء؟
أكثر ما يشعرني بالاسترخاء هو قضاء الوقت مع الأصدقاء والأسرة في الهواء الطلق، أو حول مائدة الطعام؛ حيث أتخلص حينها من التوتر، وأتحرر من القلق.
للأسرة والمجتمع دور بالغ الأهمية في دعم الرياضات والتعليم
برنامج يومي حافل
كيف تتعاملين مع الضغوطات وجدول الالتزامات اليومية في العمل والحياة؟
برنامجي اليومي حافل، ولكنني أفضل أن يكون كذلك. أستيقظ يومياً الساعة الرابعة صباحاً لأصل إلى الإسطبلات، وأبدأ الركوب في الخامسة؛ حيث أتمرن لبضع ساعات قبل التوجه إلى عملي في المجال الهندسي بقطاع النفط والغاز، وأحاول النوم مبكراً بحلول الساعة العاشرة.
لا شك أن الصلاة جزءٌ أساسيٌ من يومي، فهي تساعدني على الانضباط وتصفية الذهن والتركيز على أهدافي الأساسية في الحياة، وهو ما بعد هذه الحياة التي سنغادرها جميعاً. يساعد هذا الإيمان في التغلب على الصعوبات؛ لأننا نتذكر بأن لا شيء يدوم إلى الأبد.
كما أنّ صلاةَ الفجر جزءٌ أساسيٌ من يومي ومصدرٌ لقوتي وطاقاتي العاطفية والبدنية والذهنية.
ما المدينة أو البلد التي تلهمك أو تحلمين بزيارتها؟
أسافر بشكل مستمر، وليست هناك وجهة محددة أفضلها، فأنا أحب أن أعيش تجربة غامرة في كل الثقافات، وأرى أشياء جديدة في كل دولة أزورها. أستلهم الكثير من القادة العظماء، مثل غاندي، وأحب التعمق في ثقافات البلاد التي أسافر إليها، والتعرّف إلى ثقافاتها ورؤية الجانب الإيجابي فيها.
احتفلت سيدتي هذا العام بعيدها الحادي والأربعين، ما الرسالة التي توجهينها إلى قراء سيدتي ومتابعيها من خلال هذا اللقاء؟
أؤمن تماماً بأن العمل الجاد والأخلاقيات القويمة تمكّن المرء من تحقيق أي شيء يتطلع إليه، مهما كان أصلك وقدرك في الحياة.
تابعي المزيد:الدكتورة رنا القاضي: وضع المرأة في السعودية اليوم فاق التوقعات
أعيش تجربة غامرة في كل الثقافات، وأرى أشياء جديدة في كل دولة أزورها