تألّقت الأميرة دعاء بنت محمد في مؤتمر دور القيادات النسائية العربية والإفريقية في نشر ثقافة السلام، الذي انعقد مؤخراً في مراكش، تحت شعار «هي صانعة السلام»، بتنظيم من مؤسسة نور للتضامن مع المرأة القروية؛ بكلمتها حول حضور المرأة السعودية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المملكة العربية السعودية، ولفتت الأنظار بحضورها المميز، وتواصلها، وحرصها على خطاب التسامح ونشر ثقافة الحوار لضمان السلام بين الأمم والانتصار للغة القلب والروح، مبرزة التمكين الكبير الذي تشهده المرأة السعودية لتعزيز دورها وتحفيزها على المشاركة والعطاء المتميز في مختلف مجالات الحياة. الأميرة دعاء، خصت «سيدتي» بهذا الحوار الحصري.
مراكش | سميرة مغداد
تصوير | زليخة أسبدون
كيف تفضل الأميرة تقديم نفسها للآخرين؟
باختصار، أنا إنسانةٌ بسيطةٌ جداً، أحب أن أقترب من الناس كثيراً؛ لأن الناس من حولك هم من يصنعون الجمال في حياتك. تأملت كثيراً في الحياة فوجدت أن الشيء الوحيد الذي يحقق لي السعادة هو أن أراها في عيون الآخرين. مهما حصلت على ممتلكات أو مقتنيات وإمكانات، فهي لن تضاهي ابتسامة في وجه من حولك، وأجمل شعور أن تُسعد الناس.
تابعي المزيد: خلال عام.. سعوديات يتقلدن هذه المناصب القيادية
نشاطاتٌ متعددةٌ
ما مشاريعك المستقبلية في مجال العمل التطوعي الإنساني، أو تمكين المرأة السعودية، خاصة أن أنشطتك في العمل الاجتماعي والإنساني متنوعة؟
فعلاً، على الرغم من نشاطاتي المتعددة والكثيفة، أرى نفسي لم أنجز شيئاً في نقطة البداية. القادم إن شاء الله أجمل طالما الإنسان لديه شغف وعزيمة ورغبة لتقديم عمل جميل، وربنا سبحانه وتعالى يمنحها لك تلقائياً، فما نحن إلا أدوات من الله الذي خلقنا على الأرض لإعمارها، والوصول إلى ما أراده النا.
ما أطمح إليه شخصياً تطوير التعليم بشكل كبير. أما بخصوص تمكين المرأة السعودية، فاليوم، تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حققت الكثير، وفُتحت لها قنوات كثيرة للتعبير عن نفسها لتمكينها وتجويد عملها، لذلك نجدها اليوم في مناصب عليا مختلفة لتأخذ قرارها. المرأة في المملكة اليوم لا ينقصها شيء، فهي متعلمة ومثقفة ومتميزة بدينها وجذورها وثقافتها. وهذا ينطبق في تقديري على المرأة في كل الدول والمناطق من العالم، المرأة هي المرأة لها نفس التوجهات والاحتياجات، فقط يجب منحها الفرص والإمكانات لتبرهن أنها أهل للمسؤولية.
ما الذي ما زال ينقص المرأة السعودية الآن في تقديرك؟
المرأة السعودية حققت كل شيء، وفُتح أمامها كثير من الآفاق والأبواب بفضل قيادتنا الرشيدة، وما شاء الله عليها أبدعت، وأقول دائماً إن الوصول إلى القمة ليس صعباً، الأصعب هو الحفاظ عليها، لذا أقول للمرأة السعودية الآن: «نجحتِ وأنجزتِ ووصلتِ لما كنت تريدين الوصول إليه، يجب أن تكوني أهلاً للثقة التي وضعتها فيك حكومتك وقيادتك الرشيدة، ثابري وواصلي؛ لأن ما تحقق ما هو إلا بدايات».
تابعي المزيد: في اليوم الوطني السعودي.. 14 سعودية على غلاف "سيدتي" هنَّ فخراً للوطن
سفيرةٌ للسلام
جدتي رحمها الله صنعت شخصيتي، فقد كانت امرأة مختلفة في جيلها
شاركت في مؤتمر القياديات العربيات لأجل نشر السلام، كيف تكون المرأة سفيرة للسلام؟
المملكة العربية السعودية من أكبر الدول العربية الداعمة للسلام، بدليل أن لدينا مركز السلام للحوار الوطني، وهو من المراكز المهمة جداً؛ لأنه يضمن حوار الأديان والأعراق. وهو أساساً خلق لتقريب وجهات النظر بين الشعوب والثقافات بمختلف مشاربها. وبالمناسبة، يضم المركز كثيراً من النساء السعوديات اللواتي يسهمن في هذا الحوار، إضافة إلى مراكز أخرى متعددة تؤيد هذا التوجه في سبيل خلق تواصل مستمر يروم تدبير الخلاف وتقبل ثقافات أخرى.
من هن اللواتي أثرن فيك، وأسهمن في صنع شخصيتك؟
لنتحدث في المجال العملي، فمن السيدات العظيمات العربيات المسلمات في محيطي هي أولاً السيدة خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها، هي شخصية ملهمة، ومن النساء المؤثرات في تكويني وتنشئتي؛ لأنها نعم القدوة، فقد كانت رائدة وسيدة أعمال لها وجودها ومكانتها وتأثيرها الذي بصم حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتاريخ العرب والمسلمين منذ القديم، وأرى أن نأخذها قدوة لحياتنا المعاصرة. فلماذا نُغيّب المرأة ولنا في خديجة رضي الله عنها نموذجٌ للمرأة الصالحة الرائدة في مجتمعها؟ علينا أن نفخر بها في كل زمان ومكان.
أما في حياتي الشخصية، فكان تأثير جدتي كبيراً، فهي شخصية رائعة جداً في جيلها وعمرها، كانت امرأة مثقفة واعية تقرأ كثيراً، وكانت صاحبة قلب رحيم جداً، تنثر المحبة على من حولها، تعلمت منها الكثير، وقد أجزم أن كل شيء جميل لديّ جاء منها، أسكنها الله الجنة.
ومن الرجال؟
أعظم الشخصيات التي مرت عبر العصور هو نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم؛ إذ أثر في العالم بأسره، هو قدوتي التي تعلمت منها الكثير من الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة، والتعامل الإنساني، ونشر السلام، كثيراً ما استحضره في عدد من المواقف التي نعيشها اليوم، هو سيد المحبة والتسامح. له مواقف لا تعد ولا تحصى، تعلمنا منه فن التعامل والتعايش، وعلينا استحضار شخصيته في حياتنا المعاصرة؛ لنتعلم الكثير من معاني الحياة وقيم المحبة بين بني البشر.
ولعل الشخصية الأخرى، وبلا شك، هو سيدي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - وهو غني عن التعريف؛ إذ استطاع لم شتات الفكر ومختلف التوجهات الفكرية في المجتمع، دائماً أغرد في تدويناتي عبر تويتر أنه قائدي وقدوتي. نسير على خطاه لتطوير حياتنا وانفتاحها على المستقبل بحرية وجدية.
تابعي المزيد: في اليوم الوطني السعودي 92..إضاءة على إنجازات المرأة السعودية في مجال التصميم
الأمير محمد بن سلمان قائدي وقدوتي، وأدعو المرأة السعودية للحفاظ على وصولها إلى القمة
الحفاظُ على السلام
الحب والتسامح لغة الروح والقلب بين بني البشر، ولا خلاف مع الاختلاف إن عززنا ثقافة الحوار والتواصل
في تقديرك، كيف نحافظ على السلام على الرغم من الاختلاف؟
بالتعرف أكثر إلى بعضنا البعض، وتقبل الآخر، ونقل ذلك إلى أبنائنا والأجيال القادمة. يجب أن نربي أبناءنا على الاختلاف وتقبل الآخر، وعلى أننا سواسية في الإنسانية، فما يختلف هو الموقع الجغرافي على الكرة الأرضية، ونحن كقلوب وأرواح متحدون ولا اختلاف بيننا.
كيف نترجم هذا على أرض الواقع؟
بتعزيز الحوار والتعلم والمعرفة، نحن مثلاً أتينا من بيئات مختلفة، وثقافات متنوعة، ورصيد مختلف، وتربية مختلفة، لكننا حينما نجلس ونتحاور ونتعرف إلى بعضنا البعض، ونلقي الضوء على ما نحبه في بعضنا البعض، بالتأكيد سنتواءم، وسنتوافق، فالله سبحانه وتعالى خلقنا على هذه الفطرة... «وخلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»؛ أي نكون أشخاصاً اجتماعيين، ونركز على نقاط الالتقاء الفكري والإنساني بيننا، ونطورها، ونفعلها أكثر؛ ليكون لها صدى يفيدنا كلنا نحن وأبناءنا والأجيال المقبلة، كل منا عليه مسؤولية للمستقبل، علينا أن نربي أبناءنا على هذا الفكر؛ أي إننا كلنا سواسية، وعلينا أن نعرف بعضنا أكثر مهما اختلفت ألواننا وأعراقنا وجنسياتنا، لسنا منفردين، العتب علينا نحن، على من لا يعرف إلقاء الضوء على نقاط الالتقاء والتواصل بيننا.
انتظاراتٌ ترينها أولوية من مثل هذه المؤتمرات؟
العمل على تنظيم مثل هذه اللقاءات بشكل دوري، وفي مناطق مختلفة من العالم العربي والأفريقي، على أساس أن يكون هناك ترابط أكثر، وأي شخص يأتي إلى بلد ما لا بد أن تكون رحلة للتعرف إلى حضارات الشعوب وثقافاتها وجمالياتها وجذورها، ونبدأ بالتعرف إلى بعضنا البعض، وإلى الاختلافات؛ لتعزيز التعارف والتواصل.
مشروعك المقبل؟
سيكون في القاهرة مع جامعة الدول العربية، وله علاقة بسياسة الأمن والسلام العالمي، وأتمنى ألا يكون مجرد كلام، بل نترجمه بشكل فعال على أرض الواقع، ويترك أثراً طيباً.
تابعي المزيد: لمناسبة اليوم الوطني السعودي 92 ..سعوديات تألقن على درب النجاح
إضاءات
تشغل الأميرة دعاء بنت محمد عزت العديد من المناصب في المملكة العربية السعودية، من أهمها:
- الرئيس الأعلى لهيئة المرأة العربية، وجميع الروابط والهيئات التابعة لها، في العام الميلادي 2019.
- رئيس أكاديمية «ملتقى الأصدقاء»، ومؤسسة هذه الأكاديمية في المملكة العربية السعودية عام 2013.
- تمتلك شركتين، وهما: شركة «المهرة للاستثمار»، وشركة «المهرة للتعليم».
- رئيسة مستشاري التخطيط والتنمية في جميعة «ساند» الخيرية، التي تختص بعلاج أمراض السرطان عند الأطفال.
- رئيسة مشروع «ريادة»، الذي يقوم بدعم المرأة، ويسهم في تغيير الصورة النمطية لطبيعة عملها.
- مستشارة تحكيم دولي في المركز الدولي، الذي يختص بالتحكيم والملكية الثقافية والفكرية.
- عضوة جمعية «أفتا»، التي تختص بالأطفال المصابين بفرط النشاط والحركة.
تابعي المزيد: تضاعف نسبة المنشآت التي تقودها السعوديات لعام 2022