عاشت المرأة السعودية، خلال الفترة الماضية، مرحلة تمكينٍ غير مسبوقة، أتاحت أمامها المجال للمشاركة فعلياً في عملية صناعة التحوُّل الذي تشهده بلادها حالياً.ولعل وجودها في القطاعين العسكري والأمني أقوى مثالٍ على الدرجة الكبيرة لهذا التمكين، إذ فتح قرار السماح للمرأة السعودية بالانضمام إلى السلك العسكري، وتحديداً في مارس 2018، الباب أمامها على مصراعيه لخوض العمل في مختلف القطاعات الأمنية، مثل الحرس الملكي، والمرور، وأمن الطرق، والشرطة الإقليمية، وأمن الحج، كذلك أتاحت لها وزارة الدفاع دخول القوات المسلحة بفروعها الأربعة البرية، والجوية، والبحرية، والدفاع الجوي.
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، رصدت "سيدتي" تدريبات مجنَّدات الدفعة الخامسة في مركز تدريب الكادرالنسائي للقوات المسلحة بوزارة الدفاع ، تقديراً لـ "سيدات القطاعات العسكرية والأمنية" في السعودية، اللاتي كسرن القوالب النمطية حول قدرات المرأة وإمكاناتها وطموحاتها.
تنسيق -عتاب نور
الرياض-عبير بوحمدان
تصوير -محمد عثمان
تأهيل الكادر النسائي
وُضِعت شروطٌ عدة، يجب على المجندات استيفاؤها للالتحاق بالقطاعات العسكرية السعودية، وبعد القبول يتمُّ إلتحاقهن بدوراتٍ تأسيسيةٍ شاملةٍ في مركز تدريب الكادر النسائي للقوات المسلحة، تبدأ بدورة الفرد الأساسي، وتمرُّ بمراحل نظرية وعملية عدة، وتنتهي بتخريج المجندات برتبٍ عسكريةٍ مختلفة، هي: جندي، جندي أول، عريف، وكيل رقيب، ورقيب، وتوزيعهن على القطاعات الملائمة.
ويهدف مركز اتدريب الكادر النسائي في القوات المسلحة إلى توفير برامج ومناهج تدريبية متميزة، وبيئةٍ تعليميةٍ مثالية وفقاً لمقاييس عالمية للجودة، تلبي احتياجات القوات المسلحة من الكادر النسائي.
وفي هذا السياق، كان لنا لقاءٌ مع نورة الطريفي،مساعدة مدير مركز التدريب النسائي في القوات المسلحة، التي وجَّهت في بداية حديثها التهنئة لنساء السعودية بمناسبة يوم المرأة العالمي، وقالت: "بمناسبة يوم المرأة العالمي، نعبِّر عن فخرنا بوجود المرأة السعودية في القطاع العسكري، وهو ما يحفزنا على التمسُّك أكثر برؤيتنا حول تحقيق التميُّز في التدريب والوصول إلى مستويات عالية".
وأضافت: "أنشئ مركز تدريب الكادر النسائي للقوات المسلحة من أجل تأهيل الفتيات لدخول القطاع العسكري عبر دورات الفرد الأساسي، ثم التأهيل المتخصِّص من خلال الدورات التأسيسية والمتقدمة في جميع التخصُّصات الفنية التي سيتمُّ تعيين الكادر النسائي عليها"، وتابعت: "تم تخريج 15 دورةً حتى الآن، ونستعدُّ حالياً لتخريج ثلاث دوراتٍ خلال الأسبوع الجاري، منها دورة الفرد الأساسي الخامسة، التي شهدت تدريب المجندات على مواد نظرية وعملية، مثل المشاة والأسلحة الخفيفة والرماية".
في #يوم_المرأة_العالمي نسلِّط الضوء على المرأة #السعودية في أفقٍ جديدٍ من تمكينها غير المسبوق في مجال السلك العسكري عبر الالتقاء بخريجات الدفعة الخامسة في مركز تدريب الكادر النسائي للقوات المسلحة بوزارة الدفاع من مختلف الرتب العسكرية والقطاعات البرية والبحرية والجوية.@modgovksa pic.twitter.com/iXZDa3BPGj
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) March 8, 2023
شؤون الدورات
وبعد حضورنا تدريبات المجندات تحضيراً للعرض العسكري الخاص بالتخرُّج، التقينا بعضهن من رتبٍ ومهامَّ مختلفة، حيث تحدثت كلٌّ منهن عن دورها، ودوافع انضمامها إلى هذا القطاع، ومدى اعتزازها بذلك، كما توجَّهت الطالبات برسائل للمرأة في عيدها، خاصةً المرأة السعودية التي صبرت وطمحت ونالت.
الوكيل الرقيب عبير الخضيري، كشفت لنا في البداية عن عدد المتدربات في الدورات، مبينةً أن "127 طالبةً شاركن في دورات الفرد الأساسي، و32 طالبةً في الدورات التأسيسية، و13 طالبةً في الدورات المتقدمة".
وعن دورها، قالت: "أقوم بدور رئيسة شؤون الدورات، والمسؤولة عن الموظفات في الدورات التدريبية، ونحن مسؤولاتٌ عن الحضور والغياب، والمخالفات والجزاءات العسكرية، وتدريس المواد النظرية، والإشراف على التدريبات في الميدان، مثل المشاة والأسلحة والرياضة". مضيفةً: "مدة دورتنا ثلاثة أشهر، وهناك دوراتٌ أخرى، منها الشرطة العسكرية، والتأسيسية، والمتقدمة".
ممرضات القطاع العسكري
بينما حدَّدت العريف الصحي واختصاصية التمريض داليا فايز الشهري لـ "سيدتي" الفرق بين الوجود في القطاع العسكري والقطاعات المدنية بالقول: "القطاع العسكري مختلفٌ عن القطاعات المدنية من حيث الانضباط، والتدريب على التحمُّل والصبر في الدورات العسكرية". مضيفةً: "قبل هذا كنت في وزارة الصحة لمدة ثلاث سنوات، ولم يكن هناك مجالٌ لدخول القطاع العسكري حينها، ونحن الآن الدفعة الثانية من التمريض العسكري، إذ قدَّمت أوراقي فور فتح أبواب القطاع العسكري أمام النساء، وتمَّ قبولي والحمد لله برتبة عريف".
وعن أهمية وجود المرأة في هذا القطاع، ذكرت: "المرأة سيكون لها دورٌ كبيرٌ في القطاع العسكري، خاصةً نحن الممرضات، إذ إنَّ دورنا مهمٌّ للغاية أثناء الأزمات والحروب بإسعاف الجرحى، والإخلاء الطبي، وغير ذلك من المهام".
وختمت الشهري حديثها بتوجيه التحية للمرأة في يومها العالمي قائلةً: "للمرأة السعودية، أقول كل عام وأنتِ بألف خير، ومع رؤية 2030 سنتقدم أكثر بإذن الله، فقبل سنواتٍ كنا نحلم بدخول هذا القطاع، واليوم أصبح الحلم حقيقة، وسنتطور أكثر لنواكب هذا التمكين من قيادتنا الرشيدة".
فك وتركيب الأسلحة
ولعل التفاصيل التي أطلعتنا عليها الرقيب عهود علي الخليفي حول فك وتركيب سلاح الرشاش الألماني عيار 7.62، وهو من الأسلحة الثقيلة، ويتسع لـ 250 طلقة، تؤكد التوجيه القوي الذي تقدمه هذه الدورات، وتلقِّي المتدربات فيها مستوى عالياً من التدريب والتثقيف والتمكين.
وفي حديثها حول تخصُّصها، قالت الخليفي: "من المهم بدايةً، وقبل كل شيء، التأكُّد من إجراءات السلامة والأمان بعدم وجود طلقاتٍ داخل السلاح، ويكون ذلك عبر جر وسحب الأجزاء، والتأكُّد من عدم وجود الرصاص فيها، ثم سحب السبطانة، والإطلاق لتفريغ السلاح، وفتح صندوق الرشاش، ونزع الأخمص والنابض ومجموعة الترباس، وإعادة القطع بدايةً بآخر قطعةٍ حتى الأول".
وحول الصعوبات التي واجهتها لاكتساب كل هذه المعلومات والتفاصيل، ذكرت: "لم يكن صعباً علينا تعلُّم كل ذلك، لأن الإنسان إذا وضع هدفاً في تفكيره، وتحوَّل هذا الهدف إلى حلمٍ، وبدأ يتحقق، وترافق ذلك مع الحب والشغف بهذا العمل، لن يعاني وقتها من أي شيءٍ، ومتأكدةٌ من أن السعوديات قادرات على تحقيق ذلك وأكثر بإذن الله".
ملهمة وطموحة وقوية
ووجَّهت متدرباتٌ أخرياتٌ رسائل سريعة للمرأة السعودية، فقالت العريف نورة الدوسري: "أقول للمرأة السعودية: في ظل رؤية 2030، وتوجيه ودعم الحكومة الرشيدة، ستصلين إلى القمة بإذن الله".
أما الجندي المها حمد شنان، فقالت: "في يوم المرأة العالمي، أقول للمرأة السعودية: كوني كما أنتِ ملهمة وطموحة وقوية".
وتطرَّقت الجندي رغد ثامر مسعود إلى تجربتها بالقول: "دخلت القوات الجوية الملكية السعودية بسبب شغفي بالعمل العسكري، وكنت من أوائل المتقدمات، وقُبِلت والحمد لله". مضيفةً: "استفدت كثيراً من هذا القطاع، خاصةً في الالتزام، والطاعة، والصبر، ونيل الخبرة في الأسلحة، ويمكنني القول إنه غيَّرني للأفضل". وختمت: "للمرأة السعودية أقول: كل عام وأنتِ الابتسامة والأمل والإرادة".
يذكر أن الدفعة الأولى من الكادر النسائي للقوات المسلحة تمَّ تخريجها في سبتمبر 2019 بعد إتمام الطالبات "دورة الفرد الأساسي" في مركز التدريب، التي استمرت 14 أسبوعاً، لتتوالى بعد ذلك عمليات تخريج المتدربات من دورات مختلفة.
