نشأت على حب الأزياء والتصميم منذ صغرها، فوالدتها تمتلك مركزاً للخياطة؛ حيث بدأت تعمل في هذا المجال ضمن المحيط العائلي إلى أن توسعت به. استمرت مها الحملي بالبحث عن ذاتها إلى أن دخلت عالم الراليات، استخرجت رخصة القيادة في بداية عام 2019، وفي عام 2022 تلقت جوائز عدة بحصولها على المراكز الأولى ببطولات الراليات.. روح المغامرة والعزيمة ساعدتها على أن تثبت تميزها في جميع المجالات التي استهوتها، والتي تلامس جزءاً من شخصيتها.. «سيدتي» التقتها لنتعرف إليها أكثر في الحوار الآتي.
حوار | ثناء المُحمد Thana Almohammed
تصوير | محمد المانع Mohammed Almana
بدايةً، كيف تحب مها الحملي أن تُعرف عن نفسها؟
مها الحملي أم وسيدة سعودية طموحة، أعمل في القطاع الخاص منذ سنوات، ولدي قصص مشرفة في تمكين المرأة، ومنها العمل في شركة عبد اللطيف جميل للسيارات، تزامناً مع توجيهات قيادتنا الرشيدة للسماح للمرأة بقيادة السيارات، ووجدت أنها فرصة للعمل في مجال السيارات في هذه الفترة، والإسهام في دعم السيدات وتمكينهن في هذا المجال.
وبحكم حرصي الدائم منذ سنوات عملي في دعم المرأة وتمكينها، كانت أول مهمة لي العمل على تأسيس فريق مميز من السيدات في قطاع السيارات والإشراف عليه، بما يتوافق مع سوق العمل، وتطوير ثقافة المرأة بفهم عميق عن السيارات وجاهزيتها بكل احترافية في هذا المجال، وإسهامي أيضاً في العمل في ورش عمل للسيدات، وتجهيزهن للسياقة، تزامناً مع بدء قرار السلامة المرورية ومدارس القيادة في المملكة العربية السعودية، وكانت شركة عبد اللطيف جميل من أول المبادرين في السوق السعودي لذلك.
الرالي إكمال مسيرة
مها الحملي من مصممة أزياء إلى متسابقة رالي، ما القصة خلف هذه النقلة؟
في الحقيقة تميزت منذ صغري بعمر 10 سنين باختيار القطع والألوان والأقمشة والتنفيذ، خاصةً أن والدتي خريجة كلية الاقتصاد المنزلي، وتعشق الخياطة، ولديها مركز خياطة، وكانت تعتمد علي منذ الصغر في شراء الأقمشة والألوان والتنسيق، وكبرت وكبرت موهبتي معي، وأصبحت جزءاً مني ومن حياتي. أما انتقالي إلى الراليات فمن وجهة نظري أرى أنه ليس انتقالاً، وإنما مسيرة وتسلسل أحداث في حياتي، فهوايات التصميم في دمي منذ الصغر، وهي موهبة أمارسها حتى اليوم، ولا أعتقد أن أتخلى عنها يوماً من الأيام.
هل حب الرالي شغف لمها الحملي منذ زمن، أم أنها تجربة نالت إعجابها واستمرت بها؟
لم أكن أتوقع قيادتي للسيارة يوماً ما، ولكن بعد القيادة وجدت فرصة تجربة الراليات؛ كوني شخصية مغامرة وأحب التجارب المختلفة والمتجددة، فوقعت في حب الرالي، ومن وجهة نظري فإنه يصنع داخل الشخص نتائج ومهارات متنوعة ومختلفة، وفي الحقيقة عالم الرالي ممتع ويستحق التجربة.
ما الذي يعكس شخصيتك أكثر: التصميم أم الرالي؟
المجالان يعكسان ويلامسان شخصيتي الداخلية، فعالم الأزياء وتصميمه يتطلب الهدوء، وهو يعكس الجانب الصبور الذي يتحكم فيّ، أما الراليات فتعكس جانب الحماسة وروح المغامرة، وأيضاً القوة والجرأة في اتخاذ القرارات.
تابعي المزيد: الشابة السعودية ميريهان الباز:شغفي بتعديل السيارات سبب احترافي الميكانيك
«كولكشن» مستلهم من البر
هل سنرى مستقبلاً عمل يجمع بين الراليات والتصاميم؟
في كل مرة أذهب إلى البر للتدريب أتأمل تفاصيل مرتفعاتها وكثبان الرمال المتحركة، بألوانها وتداخلها مع منظر السماء، لا سيما تدرج السماء عند وقت الغروب، الذي يكون بمنزلة تأمل واستلهام لتصميم كولكشن مميز من أراضي بلادي، المملكة العربية السعودية، الذي سأنتجه قريباً.
ما أول مشاركة لك بسباق الرالي؟
مشاركتي في رالي جميل الملاحي، مارس 2022، وكان رالي مميزاً؛ كونه أول تجربة، وحصلت فيه على المركز الثالث. أما البصمة المطبوعة في الحقيقة فهناك تحديات عدة حصلت لي، والسبب طبيعة حياتنا المرهفة بالتعامل مع السيارات، بمعنى أن هناك أشخاصاً يقومون بإصلاح سياراتنا وتغيير الإطارات، أو على الأغلب نحن السيدات لم نصل إلى هذه المرحلة بعد من الاعتماد على النفس في أمور مثل هذه، خاصةً أننّا ما زلنا حديثين على القيادة وما زلنا نتعلم، ولكن المفاجأة التي حصلت لي في أول يوم من السباق، انثقب أحد الإطارات، وكان هذا الأمر يخيفني منذ لحظة مشاركتي، وأدعو دائماً بألا أتعرض لمثل هذا الموقف، وعندما واجهني هذا الموقف في السباق، ولا أعرف أن هذه مسؤوليتي، وأنني المسؤولة عن تغيير عجلة المركبة في السباق، وبصعوبة تم تغييرها، فأصابني الموقف بإحباط ويأس، وشعرت بأنني سأكون في نهاية القائمة، ولكن حققت نتائج مميزة ومبهرة؛ إذ حصلت على المركز الثالث على الرغم من التأخير في اليوم الأول.
يقال في المثل الشعبي «كل دقة بتعليمة»، وبذلك تعلمت الحرص على الاستعداد المسبق ولا مجال لاستبعاد أي من المفاجآت أثناء السباق.
المراكز الأولى
عرفينا إلى الراليات التي شاركتِ فيها؟ والمراكز التي حصلتِ عليها؟
شاركت في رالي جميل 2022، وحصلت على المركز الأول في فئة سيارات ptr، والمركز الثالث في الترتيب العام، كما شاركت في رالي عسير 2022، وحصلت على المركز الثاني وأفضل فريق نسائي، إضافة إلى مشاركتي في رالي القصيم 2022، وحصلت على المركز الثالث وأفضل فريق نسائي، وأيضاً رالي حائل 2022، وحصلت على المركز الأول، ورالي جدة 2022، وحصلت أيضاً على المركز الأول وأفضل فريق نسائي، والمركز الأول في رالي حائل في جولة السعودية والثاني في جولة الشرق الأوسط 2023 وأفضل فريق نسائي.
وحالياً أستعد لرالي جميل 2023 في نسخته الثانية؛ الرالي الذي أكن له الولاء، والذي أسهم في دخولي إلى عالم الراليات، فأحببت أن أكرر التجربة، وما الذي سأقدمه بعد خوضي سباقات عدة في عالم الراليات، وأخيراً تحضيري لرالي قطر في مارس المقبل، الجولة الثانية من بطولة الشرق الأوسط، التي تعد أول تجربة رالي خارج المملكة العربية السعودية.
حصلتِ على المركز الأول في سباقات عدة، ماذا يعني لك هذا؟
جميع نجاحاتي بتوفيق الله، ثم الاجتهاد والتدريب، وعلى الرغم من تحقيق المراكز الأولى فإني ما زلت في البداية، وفي كل مرة أتعلم أمراً جديداً ومختلفاً، وفي كل مرة أحقق مركزاً أو نتيجة مشرفة أنظر إليها بوصفها تجربة وخطوة للقادم حتى أقدم أفضل، ففي الحقيقة المراكز أشبه بالمسؤولية، كي أستمر في التقدم والنجاح.
على الرغم من تحقيقي المراكز الأولى، فإني ما زلت في البداية، وفي كل مرة أتعلم أمراً جديداً ومختلفاً
حادث منحني الشجاعة
ما الرالي الذي جعل منك بطلة رالي؟
جميع الراليات لها طابع خاص في داخلي، وبعد الانتهاء منها أخرج وأنا سعيدة وفخورة بنفسي، وأتجاوز أمراً ما أو أتعلم شيئاً مختلفاً وجديداً. ولكن قراري إكمال السباق بعد تعرضي لحادث أدى إلى تكسر الزجاج الأمامي وحدوث بعض الأضرار في السيارة، هو الذي صنعني وأعطاني القوة، فعندما وجدت أنني بصحة جيدة، قررت إكمال السباق بكل شجاعة وفخر؛ لأنه موقف صعب وقد ينسحب الكثير من الأشخاص عند تعرضهم لمثل هذا الحادث.
ما المهارات التي اكتسبتها من خلال المشاركات في الرالي؟
الرالي رياضة تقربك من ذاتك أكثر، وتعرفك إلى حقيقتك الداخلية؛ لأنها تعرضك للضغط لمدة طويلة قبل السباق، ووقت الاستعداد والتجهيز، وأيضاً أثناء السباق، كما أنها طورت بداخلي الصبر والتركيز على الهدف مهما كانت التحديات، إضافة إلى تجاوز التفاصيل غير المهمة، وأيضاً تقبلي للمنافسة الشريفة، ودعائي للمتسابقين لسلامتهم، وحرصي على التهنئة للفائزين دائماً؛ لأنني تعلمت أن الفوز ليس مصادفة كما يعتقد الكثيرون، وإنما حصيلة أحداث وخبرات سابقة.
هل من الممكن أن نراك في رياضات أخرى؟ ولماذا؟
عادةً الأشخاص المحبون للسيارات والسرعة تستهويهم رياضة السيارات من كارتنج الفورميلا والراليات والدرفت الأوتوكروس. اخترت، بدايةً، الرالي لوجود المفاجآت والتجدد دائماً في المناطق واختلاف التضاريس، كوني شخصية محبة للمغامرة، ففي كل سباق أواجه تضاريس مختلفة، وأكتشف مناطق جديدة تتناسب مع شخصيتي، ولكن من الممكن أن أخوض تجربة الدرفت في الوقت المناسب.
تابعي المزيد: بطلة الراليات السعودية دانية عقيل:التغيير يحتاج إلى محفزات ولدينا الكثير منها
موقف صعب
من خلال تجاربك، ما أصعب المواقف التي واجهتها وأطرفها؟
الموقف الصعب والطريف في الوقت نفسه قبل بدء سباق رالي عسير، أثناء ركوبي للسيارة وفتح عجلة القيادة على عجل، اصطدم فمي بقوة بها؛ ما أدى إلى شق الشفة ونزفها، واستمرت على هذا الحال لأيام عدة إلى أن التأم الجرح.
ما الرسالة أو الهدف الذي تريدين إيصاله من خلال الرالي؟
أتمنى أن أكون ملهمة للمرأة السعودية المحبة لرياضة السيارات، ويمكن لها أن تصل إلى مرادها، وأن أكون مثالاً يحتذى به، ولا شك أن الصعوبات قد تواجهنا في جميع المجالات، ولكن لا بد من رفع مستوى الثقة من قدراتك وقوتك.
وأتمنى أن أشرف بلدي وأهلي وأفخر بتحقيق مراكز عالمية، ودكار هو البوابة لهذه النجاحات إن شاء الله، فالمرأة السعودية مميزة وقادرة على أن تكون جزءاً مميزاً في هذه المنافسات عالمياً.
العصر الذهبي
ما النصائح التي توجهينها لكل امرأة أو رجل يمتلك شغف التجربة للراليات؟
بدايةً، أحب أن أشير إلى أننّا الآن في الوقت الذهبي لدخول عالم رياضة السيارات، فالاتحاد السعودي للسيارات دائماً مرحب ومهتم بالانضمام إلى هذا النوع من الرياضات. ولا شك أن الشخص عندما يصبح محباً للمجال سيتحمل جميع التحديات والصعوبات، فقيادة الرالي تتطلب التركيز والقوة وضبط الأعصاب، واستخدام مهارات عدة في آنٍ واحد.
خلق فرص للتميز
ختاماً، سجلت المرأة السعودية حضوراً لافتاً في الرياضات المختلفة، كيف ترين ذلك؟
هذا السؤال جعلني أشعر بدموع الفخر في عيني؛ لأن المرأة السعودية مختلفة عن نساء العالم، طبيعة حياتها، وواجباتها تجاه عائلتها وأبنائها، وحرصها على إثبات الذات، على الرغم من بعض التحديات سابقاً، لكنها دائماً مميزة وملهمة، وتسطر قصصاً عظيمة، حتى في زمن أجدادنا، وليس فقط الوقت الحالي، فهي صانعة للمجد في كثير من المجالات، ولكن ما يميز عصرنا هم قادتنا، ملكنا سلمان، وأمير الشباب محمد بن سلمان، اللذان أوجدا لنا فرصاً للنجاح والتميز في
تابعي المزيد: السعودية ريما الجفالي ضمن الأكثر 100 امرأة تأثيرا حول العالم لعام 2022