رئيسة مجلس الإدارة والرئيسة التنفيذية لمصنع آل سعيدان لتقنيات البناء الحديثة مشاعل بنت عبدالله بن سعيدان: نسعى إلى رفع جودة المنتج المحلي لينافس عالمياً

لم تكتفِ مشاعل بن سعيدان، رئيسة مجلس الإدارة والرئيسة التنفيذية لمصنع بن سعيدان لتقنيات البناء الحديثة AL SAEDAN BT، بكونها ابنة العقاري الكبير عبدالله بن سعيدان، بل وقطعت وعداً على نفسها أيضاً بأن تجعل للمرأة السعودية مكاناً مهماً ضمن هذا القطاع. سعت إلى جلب أقوى التقنيات للمجال، ثم عملت على توطينها من خلال برامج البحث والابتكار والتدريب، ما خلق منتجاً سعودياً قادراً على المنافسة عالمياً. «سيدتي» التقت مشاعل بن سعيدان، وحاورتها في مسيرتها المهنية، وأسباب نجاحها، وتطلعاتها في القطاع العقاري.

مشاعل بنت عبدالله بن سعيدان

في المرحلة المقبلة، سأركز على أمرين، وهما صناعة الإنسان، وصناعة العقار


كنتِ في الـ 12 من عمرك فقط عند دخولكِ القطاع العقاري، اليوم هل تعدِّين دخول المرأة إليه مهماً جداً، ولماذا؟

لكوني من عائلةٍ عقاريةٍ، كنت ملازمةً لوالدي، رحمه الله، الذي كان يُجري صفقاته في البيت والمزرعة، وغالباً ما كان يوزِّع المكافآت على كل مَن في المكان، وكنت أرى الجميع سعداء بذلك، الأمر الذي جعلني أتعلَّق بالمجال، وأشعر بأن له أثراً جميلاً على جميع الأصعدة. كنت أتساءل بيني وبين نفسي لماذا لا تعمل النساء في هذا القطاع! حتى المستثمرات كن يستثمرن عن طريق الرجال! مع أن للمرأة إضافتها الخاصة، لا سيما في مجال المسكن، وهذا يوفر على الشركات مراحل وتكاليف كثيرة، ويحقق نتائج أفضل، فالمرأة تفصيليةٌ، أما الرجل فإجمالي، لذا رأيها في موضوع المسكن مهمٌّ جداً.

 

 


التسويق في المدارس


حدِّثينا عن أول صفقة عقارية لكِ؟
عندما تخرَّجت في المرحلة الثانوية، سألني والدي: إذا افتتحنا القسم النسائي، فكيف ستديرينه؟ فأجبته: علينا البدء من المدارس فأكثر المستثمرات لدينا من المدرِّسات، وسيستفدن من نظام التقسيط، الذي يعدُّ والدي أول مَن أدخله إلى القطاع العقاري. هكذا بدأنا التسويق في المدارس، وكان هناك اهتمامٌ كبيرٌ من المعلمات بما نقدمه، وقد نفَّذنا أكثر من صفقةٍ، فأخذ والدي قراراً بافتتاح قسمٍ نسائي مستقلٍّ بترخيصٍ، وفي ذلك الوقت، رغبت شركة كولدويل بانكر العالمية، المتخصِّصة في التسويق العقاري وذات السبق في التقنيات الحديثة، دخولَ السوق السعودية، وحقاً استخرجنا الامتياز التجاري الخاص بها، وأدرت العمل معها، وكان هذا الفرع بشهادتهم من أنجح الفروع التي تمَّ افتتاحها في السعودية، بعدها أسَّسنا شركة المسكن الميسَّر، وجعلنا فيها قسماً نسائياً من بداية عملها.

كنت أيضاً من أوائل السعوديات في إدارة صندوقٍ عقاري، كيف حققتِ ذلك؟

بعد المسكن الميسَّر، أصبحت الإسهامات العقارية صناديقَ عقارية، وانتقلت للشركات المالية بدلاً من العقارية تحت إدارة هيئة سوق المال، لذا أطلقنا في شركة بن سعيدان أول صندوقٍ عقاري مع شركة كسب المالية تحت اسم صندوق طيبة، وأطلقت كسب القسم النسائي للمشروع، وعملت في إدارة الصندوق بنظام الإعارة لندرة القيادات النسائية ذات الخبرة العقارية وقتها، وكانت هناك استثماراتٌ مرتفعةٌ للنساء في المشروع.

تجاوز مرحلة التمكين

في رأيكِ هل تستثمر المرأة السعودية اليوم بشكلٍ جيدٍ توجُّهات رؤية 2030 لتمكينها؟

الرؤية أعطت المرأة السعودية المجال لأن تثبت نفسها أكثر، وأطمح إلى أن تحضر بشكلٍ أوسع في المناصب القيادية، وأن أرى مزيداً من السفيرات والوزيرات ورئيسات مجالس الإدارات. أنا مع «الكوتا» حالياً بوصفها مرحلةً انتقاليةً، تثبت فيها المرأة وجودها، لتدخل بعدها بكفاءتها إلى كل مكان، وأقول للمرأة السعودية: نحن تجاوزنا مرحلة التمكين للتفعيل، ويجب أن تؤمني بذاتكِ وقدرتكِ على صناعة الفرق، وألَّا تستسلمي للتحديات والصعوبات، فنحن قادراتٌ، ولدينا كل الممكِّنات، وعندنا رؤيةٌ طموحةٌ، ومسارنا واضحٌ واستراتيجيتنا كذلك، فحدِّدي مكانكِ ومكامن قوتكِ، وانطلقي.

نطمح إلى تصدير منتجاتنا للعالم وبناء قادة المستقبل في القطاع

 

الابتعاث إلى بريطانيا

على الرغم من نجاحكِ المهني إلا أنكِ اتَّخذتِ قراراً صادماً بالسفر لبريطانيا، لماذا؟

كان لدي طموحٌ بأن أثبت نفسي في عملٍ خاصٍّ بي، يعتمد على مهاراتي وقدراتي لا على كوني من عائلةٍ عقاريةٍ معروفة، وأن أكمل تعليمي، وأعزِّز مهاراتٍ معينة، تتعلَّق باللغات الأجنبية، ونقل التجارب العالمية إلى السعودية، لذا سافرت إلى بريطانيا لدراسة الماجستير بعد قبولي في برنامج الابتعاث، ومن إيجابيات الدراسة في الخارج الاختلاطُ بالثقافات الأخرى، واكتساب سلوكياتٍ إيجابيةٍ متنوعة.

لا بدَّ وأنكِ واجهتِ صعوباتٍ خلال سفركِ، ما أبرزها؟

عشت مرحلةً صعبةً جداً من حياتي وقتها، إذ توفي والدي، ولم أستطع حضور المأتم، وبعدها بشهرين، توفيت أختي، رحمهما الله، كذلك لم يتحقَّق حلمي بالالتحاق بجامعة أكسفورد، أو كامبريدج، والتحقت بجامعة شيفيلد بوصفها أقوى جامعةٍ في المنطقة التي أسكن فيها، ولأن أختي أيضاً موجودةٌ هناك حتى أكون مطمئنةً على أولادي.
حدِّثينا عن عودتكِ إلى السعودية؟

بعد تخرُّجي في جامعة شيفيلد، وردني عرضٌ وظيفي مغرٍ جداً من البنك المركزي البريطاني، وفي تلك اللحظة، فكَّرت بأن بلدي استثمر بي، وربما حان الوقت لأردَّ له هذا العطاء. كان يلفتني أن الأبراج التي تبنى بسرعةٍ قياسية، تكون بأيدٍ بريطانية، وسألت نفسي: لماذا لا نصل إلى الأمر نفسه في السعودية؟ لذا عدت إلى وطني، وقرَّرت أن أبدأ العمل على التحوُّل في القطاع العقاري.

تابعي معنا بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة في السعودية.. سيدات الصناعة نجاح مؤثر ولافت في التنمية

تقنيات البناء والتحوُّل الرقمي

مشاعل بنت عبدالله بن سعيدان

أنشأتم مصنعاً لتقنيات البناء، ما طموحاتكِ من المشروع؟

نطمح إلى تصدير منتجاتنا للعالم أجمع، وبناء قادة المستقبل في هذا القطاع من خلال تأهيل وتدريب الكوادر السعودية في اليابان، من ثم استكمال التدريب في مركز التدريب بمصنعنا، كما نتطلَّع إلى إطلاق أكاديميةٍ متطورةٍ للتقنيات، تستقطب السعوديين والعقول العربية والعالمية. سمعتنا نحن آل سعيدان كبيرةٌ جداً في المجال، وأنا الجيل الثالث من هذه المسيرة التي أفتخر بها، وأحاول أن أحافظ عليها، وأن أسهم في تحوُّل القطاع رقمياً وصناعياً.

ما أثر التقنية المستخدمة لديكم في المشروعات المحلية؟

في المشروعات الكبرى هناك ثلاثة عناصر مهمة، وهي الجودة والوقت والتكلفة، لذا ستوفر التقنية التي سنستخدمها مع شركائنا اليابانيين نسبةً كبيرةً من الخرسانة، كما سنوفر الوقت بنحو 50%، بالتالي تخفيض التكاليف الأخرى غير المباشرة، وتوحيد مقاسات البناء، ورفع الطاقة الإنتاجية للمصنع، وتقليل تكلفه المنتج بأكثر من 30% دون التأثير في الجودة. هذه التقنية تعدُّ تجربةً فريدةً من نوعها، وستقود القطاع لمرحلةٍ جديدة، يستطيع من خلالها المواطن طلب منزله حسب رغبته من ناحية التصميم، والحصول عليه في فترةٍ قصيرةٍ، أقل من التقليدي بأكثر من نصف المدة، إلى جانب تغيير آلية البناء عبر توحيد قياساته بطريقةٍ أكثر استدامة، كما سيتمُّ صنعها في المصنع، وتركيبها في الموقع، ما يوفر وظائف إضافية للمواطنين، وفي الوقت نفسه تخفيض عدد العاملين بنسبة 70 %، أيضاً ستجعل الدورة الاقتصادية أقوى من خلال معدل دورانٍ أعلى، فالعائد للمطورين سيكون أسرع، ما يوفر أسعاراً تنافسيةً أقل للوحدات.

أدخلتم أخيراً الطابعة ثلاثية الأبعاد ضمن أدوات عملكم، بماذا تفيدكم تحديداً؟
الطابعة الثلاثية الأبعاد تجربةٌ، قامت بها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، لكنَّ تكلفتها كانت عاليةً، وعندما أردنا تكرار التجربة، حرصنا على توطين المواد.

كان لكم دورٌ في إدخال التحوُّل الرقمي للقطاع العقاري، ما أهمية ذلك؟
الرحلة الرقمية تبدأ من التخطيط والتصميم، وتصل إلى التنفيذ، ومن خلال تقنيات أحد شركائنا في اليابان، شركة SyncWorld، نقوم بخلق نمطٍ متكاملٍ افتراضي من خلال تقنية الـ «ميتافيرس» لتجربة أنماط البناء قبل البدء بتنفيذها من أجل تفادي الأخطاء والمشكلات، وتوفير التكاليف، كذلك إدخال الاستنساخ بالذكاء الاصطناعي للتصنيع فيما يتعلَّق بالقطع الخرسانية، ما يحقق تقليلاً أكثر للتكلفة، وتوحيداً لمقاييس البناء.

وفق أي معايير تقومون ببناء شراكاتكم مع الجهات الخارجية؟

كانت لدينا مرحلة أبحاثٍ ودراسات، وخلال مرحلة التحوُّل، اخترنا اليابان شريكاً استراتيجياً، لأنها دولةٌ متقدمةٌ جداً، ولها سمعةٌ عالميةٌ، وتحرص على الجودة، وتمتلك تقنياتٍ غير موجودة في العالم. كذلك لدينا شراكةٌ مع عُمان في «الدرونز»، ونعمل على تطويرها، أما خط المعدات الذي أنشأناه، فكان تحالفاً بين اليابان وألمانيا وسنغافورة.

النموذج الذي تطبِّقونه في اليابان، هل يصلح للتطبيق في السعودية؟

كلا، لأن العناصر والظروف والمتطلبات تختلف. شكَّل ذلك تحدياً كبيراً حيث قمنا بأبحاثٍ عدة، وصمَّمناه بما يتناسب مع السعودية، وانطلقنا من البناء التقليدي، وسخَّرنا التقنيات المتطوِّرة لخدمة متطلبات الناس. المعادلة دائماً بالنسبة لنا، أن التكنولوجيا موجودة لتجعل حياتنا أسهل، وتحل مشكلاتنا.

هل سجَّلتم أي براءات اختراعٍ حتى اليوم؟

لدينا الآن ثلاث براءات اختراعٍ، نتطلَّع لتسجيلها مع بداية العام المقبل بعد الوصول إلى منتجٍ خاصٍّ بنا، يقتحم السوق.

تابعي المزيد: المستثمرات السعوديات.. انطلاق بثباتٍ نحو مستقبل واعد

 

الغرفة التجارية

من التجارب التي أثارت تفاعلاً كبيراً ترشُّحكِ لعضوية مجلس إدارة غرفة الرياض، كيف تصفين الخطوة؟

عندما ترشَّحتِ لعضوية مجلس إدارة غرفة الرياض، كان وجودُ المرأة فيها معدوماً تقريباً، وفخورةٌ جداً بتمكُّني من إيصال صوتي وبرامجي واقتراحاتي التي تمَّ تبنِّيها وتطبيقها اليوم. منذ عودتي من بريطانيا، وأنا أقول إن العقار صناعة، واليوم الجميع صار يقول ذلك، كما أنني أول مَن استخدم شعار «كلنا مسؤول» خلال ترشُّحي لغرفة الرياض، واليوم الجميع يستخدمه أيضاً، وأصبح شعار الدولة أثناء أزمة كورونا.

مع إطلاق استراتيجية الصناعة تحت شعار «وطنٌ يصنع»، وبوصفكِ صناعيةً متى يصبح المنتج الوطني قادراً على المنافسة عالمياً؟

أنا عضوةٌ في لجنة المحتوى المحلي باتحاد الغرف، ونحن نسعى، بالتعاون مع المصانع السعودية، إلى رفع جودة المنتج المحلي، ليصبح منافساً عالمياً، وأن يكون لدينا اعتزازٌ به، وأن نتكامل مع بعضنا لتطوير القطاع. بالنسبة لي، يجب أن يكون الشعار »وطن يصنع بأيادي أبنائه»، فنحن دولةٌ تتميَّز بوجود الأيدي الماهرة، ودعم التقنيات المتطورة، لذا علينا أن نحرص على استقطاب العقول وأصحاب المهارات، ونقل وتوطين المعرفة كأساسٍ في العقود حتى إذا جاءت شركاتٌ أجنبيةٌ للتطوير لدينا، تكاملت معها الشركات السعودية.
ما الدعم الذي تطلبونه من الجهات المعنية لتسريع الخطوات وترجمة أحلامكم لواقعٍ؟

الدولة وضعت رؤيةً واضحةً واستراتيجيةً ضخمةً فيما يخصُّ التقنيات المتقدمة للثورة الصناعية الرابعة والخامسة، لكنَّ الثغرة تكمن في التكامل بين كافة القطاعات، وتطوير التشريعات والقوانين بشكلٍ سريعٍ لتتماشى مع الرؤية في أهدافها، إضافةً إلى تخصيص دعمٍ مادي للأبحاث والدراسات والتدريب من أجل نقل وتوطين المعرفة وتصديرها من السعودية إلى العالم.

اخترنا اليابان شريكاً كونها دولة متقدمة ولديها تقنيات غير موجودة في العالم

 

الزواج المبكر والأمومة

على المستوى الشخصي، كان لك قرارٌ مفاجئ بالزواج المبكر، ما تعليقكِ؟

أنا شخصٌ صنعه الألم، وكانت لدي تحدياتٌ كثيرةٌ في حياتي، إذ توفيت والدتي وأنا في العاشرة من عمري، واختبرت أثر الموت في الأسرة مراتٍ عدة، لذا قرَّرت أن أتزوَّج في سنٍّ صغيرة حتى أعيش أكثر مع أولادي، وأؤثر فيهم وقتاً أطول. الجميع من حولي كان مستغرباً من الخطوة، لأنني كنت أعيش حياةً سعيدةً في نظرهم، لكنني كنت أنظر للأمور من زاويةٍ أخرى، وأهم ما في الزواج، في رأيي، كان اختيار الشخص الصحيح الذي يدعمني، ويشاركني أحلامي بتغيير ورفع جودة الحياة، والإسهام في تطوير الوطن، وخلق أثرٍ في المجتمع، وبالفعل جاءت علاقتنا بهذا الشكل، ونحن نكمل بعضنا بعضاً.

كيف تصفين علاقتكِ بأطفالكِ اليوم؟

قد لا أكون الأم المثالية، وبالتأكيد هناك بعض التقصير من قِبلي نحوهم بسبب انشغالي في العمل، وطموحاتي الكبيرة، لكنني أحاول قدر المستطاع أن أوفِّق بين مسارات حياتي، وأن أغرس في أولادي كل القيم التي اكتسبتها، وأن أعزِّز فيهم الطموح وحب العمل، والاعتماد على النفس، وأن أدعمهم لتحقيق أهدافهم، وأنا اليوم فخورةٌ بهم جميعاً.

ما خطواتكِ المقبلة؟

لدي طموحٌ بأن أتفرَّغ، بعد تحقيق التحول الرقمي الصناعي الذي استثمرت فيه كل ما أملك، للمبادرات التنموية غير الربحية، وخلق كياناتٍ مستدامة، تسهّل أمور الناس، وترفع جودة حياتهم، وتدعم روَّاد الأعمال، لذا في المرحلة المقبلة، سأركز على أمرين، وهما صناعة الإنسان، وصناعة العقار. صناعة الإنسان تكون بتطوير العقول ودعمها لتصبح قويةً، وتتحوَّل من محتاجةٍ إلى معطاءةٍ، فأنا مؤمنةٌ بأن صناعة الإنسان بتطوير الكوادر البشرية أهم أصولٍ يجب الاستثمار بها، أما صناعة العقار فتكون مكملةً لاحتياجاتنا الأساسية في الحياة.

نفترح عليك متابعة نائبة رئيس الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية ..مشاعل الشميمري:حلمي أن أكون رائدة فضاء