قادها شغفها في مجال التنظيم والضيافة لافتتاح شركة خاصة في مدينة جدة تحت مسمَّى «دبيازة»، واجهت في بداياتها الكثير من التحديات إلا أنها استطاعت أن تتجاوزها وتكسب ثقة العملاء وتحصد الإنجازات، وتفتتح فرع آخر للشركة في مدينة الرياض وتتخصص أكثر في مجال الضيافة الدبلوماسية، الذي يقوم على خلق قصص وتجارب ضيافةٍ تعكس عادات وثقافة السعودية، وتلامس الحواس الخمس من خلال طرق تقديم إبداعية فاخرة ومنها التجربة التي خاضتها بجدارةٍ في استقبال الوفد الفرنسي الذي زار السعودية، للاطلاع على ملفها حول «إكسبو 2030». نوف أحمد مسعود في حوارها مع «سيدتي» ألقت الضوء على مشوارها في مجال الضيافة من نقطة البداية وحتى محطات الشهرة والإنجاز.
كل تجربة ضيافة تبدأ من خلق فكرة خاصة بالحدث قبل أن تتحوّل إلى قصة
كيف بدأتِ مشواركِ في مجال تنظيم وتنسيق الحفلات عبر شركتكِ «دبيازة»؟
أطلقت «دبيازة»، وهي علامةٌ تجاريةٌ مسجلةٌ عام 2013، وقتها لم أكن أملك خلفيةً علميةً، أو عملية عن المجال، فقرَّرت اقتحام عالم المطاعم عبر التموين، وتأسيس مطعم سعودي معاصرٍ، وبدأت رحلتي مع شريكةٍ، تولَّت مسؤولية قسم الإنتاج، بينما أشرفت على قسم التشغيل، وأذكر أننا أقمنا عشاءً خاصاً، ودعونا إليه كل الأصدقاء، ومن هنا بدأ المجتمع يتعرَّف إلينا، وصرنا نتلقى طلباتٍ للإشراف على مناسباتٍ متنوعة، وأصبحت المسؤولة عن التنسيق والتنظيم، واكتشفت شغفي بتنسيق الطاولات والتصميم، وركزت كثيراً على تقديم طعامٍ ذي جودةٍ عالية، ومصنوعٍ بحبٍّ، ومقدَّمٍ مثل لوحةٍ فنية.
بعد ذلك تعمَّقت في مجال تصميم الضيافة، وطوَّرت من عملي بتنسيق طاولات الطعام والبوفيه، وانتقلت إلى تصميم تجارب ضيافةٍ دبلوماسية حسيةٍ، تهدف إلى تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها، وعكس تطورها من خلال قصصٍ تحكى لهم.
لماذا اخترتِ «دبيازة» اسماً لشركتكِ؟
استوحيت الاسم من طبق حلويات، يشتهر في منطقة الحجاز، ويقدَّم على مائدة إفطار العيد، واقترحته عليَّ والدتي، وأعجبني كثيراً، لأنه اسمٌ من منطقتي، ويرمز إلي جذوري، ويعكس «الجمعات العائلية» أيام العيد، والمعنى الحقيقي للضيافة باجتماع الناس مع بعضهم.
ما أول مناسبة قمتم بتنظيمها؟
أول مناسبة كانت في قصر الأميرة جواهر بنت ماجد بجدة ترحيباً بضيوف «عالم الفن». كان مطلوباً منَّا تقديم «بوفيه سعودي»، يعكس ثقافتنا للضيوف وزوَّار المعرض.
فرع الشركة الأول كان في جدة، وبعد عشرة أعوامٍ افتتحتم الثاني في الرياض، ما الاختلاف بينهما؟
في جدة بدأنا بوصفنا شركة تموينٍ، وبعد تحقيقنا النجاح، صرنا نتلقى خدماتٍ تحت مظلة الضيافة، وتتخللها خدمة التموين، مثل تجهيز الضيافة في القصور، ومن أبرز أعمالنا في هذا الجانب تجهيز قصر ملكي لعروسين بالبحر في جدة من أجل قضاء «شهر العسل» فيه خلال «أيام كورونا»، حيث حوَّلنا القصر إلى منتجعٍ بحري مصممٍ لهما، واكتشفت حينها أن قدراتنا تتجاوز التموين، لذا قررت تأسيس فرعٍ في الرياض لتقديم خدماتٍ متنوعةٍ في مجال «فن الضيافة الدبلوماسي».
ما التحديات التي واجهتكِ في بداياتك؟
واجهت تحدياتٍ كثيرة، منها تحدي الذات، وقد كبرت قبل أواني، وأجبرتني الظروف على العمل من أجل تقديم الأفضل. ونشرف اليوم على مشاريع حكومية تبلغ نسبتها 80 % من أعمالنا، أما المناسبات الخاصة، فتصل إلى 20 %.
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع رائدة أعمال في مجال استشارات حلول الألوان فاطمة الشيراوي: اختيار الألوان يعكس يوميات الإنسان
لضيافة الدبلوماسية
تحدَّثتِ عن «فن الضيافة الدبلوماسي»، ما المقصود به؟
هو مصطلح خلقناه، واستوحيناه من مبدأ «دبلوماسية المأكولات»، وهو مجال حديث، بدأ من تايلاند في بداية الألفية الجديدة، ويُستخدم في حملات العلاقات الدولية التي تقوم بها الحكومات والدول، بالتعاون مع الجهات غير الحكومية لتعزيز مكانة العلامة التجارية للوطن عبر الطعام.. تشتمل على تصميم تجربة الضيف بدءاً من دخوله إلى المكان حتى خروجه منه، مع التركيز على إشباع حواسه الخمس، وهذا ما ولَّد مصطلح «فن الضيافة الدبلوماسي»، الذي يقوم على خلق تجارب ضيافةٍ حسيةٍ.
خلال عملكِ، كيف طوَّرتِ هذا المبدأ الجديد؟
بهدف تقريب الحضارات ذات الثقافات المختلفة، وعكس الصورة الحقيقية لوطننا، والتأثير إيجاباً في ضيوفنا من مختلف دول العالم، عملت على تطوير هذا المفهوم، وتقديم تجربة طعامٍ وضيافةٍ متكاملةٍ من خلال تصميم تجربةٍ فعلية حسية مبنية على رواية قصة معينة عبر عرضِ ضيافةٍ فني، وإدخال مجال التموين فيه، والدمج بينهما، لأننا نتعامل مع الحدث وكأنه لوحة فنية حية، تلامس الحواس الخمس..
ما الآلية التي تعتمدونها في تقديم خدمة الضيافة الدبلوماسية؟
كل تجربة ضيافةٍ، تبدأ من خلق فكرةٍ خاصةٍ بالحدث، قبل أن تتحوَّل إلى قصةٍ، تتمحور حول البعد الدبلوماسي، ويتمُّ تجسيدها عن طريق تصميم تجربة طعامٍ حسيةٍ بالدمج بين الفن المعاصر وأساليب الضيافة الحديثة والعريقة، ومحاكاة جميع ركائز التجربة الحسية. تجربة الطعام الحسية مثل رواية قصةٍ، تحاكي الحواس البشرية كلها، فهي تحاكي البصر بدراسة سيكولوجية الموقع، وتسخيره ليتماشى مع رؤية وهوية القصة، وبعد ذلك يتم توزيع المساحات والتصاميم، وتحاكي التذوُّق بالاهتمام بتصميم الأطباق لتعزيز أهداف القصة، وتحاكي الشم باختيار رائحةٍ مميزةٍ، تساعدنا في تحقيق هدفنا، أما اللمس فيتجسَّد في اختيارنا للمواد التنفيذية من أجل تصميم القصة ودعم الانطباع المراد إيصاله، بينما نستهدف السمع عبر موسيقى، تساعد الضيف في الاستمتاع بهذه القصة. ولا ننسى المشاعر، إذ تعدُّ محصلةً لدمج كل الحواس مع بعضها.
ضيافة وفد إكسبو 2030
ما أبرز الإنجازات التي حققتِها في مجال عملكِ؟
مشروع استقبال الوفد الفرنسي الذي زار الرياض، العاصمة السعودية، للاطلاع على ملف «إكسبو 2030»، حيث تمَّ اختيارنا من قِبل الهيئة الملكية لمدينة الرياض لتصميم كل التجارب الحسية الخاصة باستقبال الوفد. أعدُّ هذا المشروع أكبر تجربةٍ حيةٍ لي في مجال «فن الضيافة الدبلوماسي»، وقامت فكرته على استقطاب ضيوف السعودية لعكس ثقافتنا لهم عبر خلق قصة ضيافةٍ مبدعةٍ، تؤثر إيجاباً فيهم.
حدثينا عن أبرز ملامح تجربتكم في استضافة وفد «إكسبو 2030»؟
في هذه التجربة العظيمة، صمَّمنا برامج للضيافة الحسية، منها «التذوُّق في نيوم»، حيث خلقنا تجربة ضيافةٍ حسية، عكست هوية المكان، وقدَّمنا نكهةً لكل منطقةٍ فيها، وجعلنا الزوار يصنعون مشروبهم الخاص عبر مزج النكهات المختارة، كما صمَّمنا طاولات الطعام بشكلٍ يجسِّد طول وعمق المدينة، واستخدمنا نباتاتٍ ترمز لنيوم، وأبهرنا الوفد بقائمة طعامٍ سعودية محضَّرةٍ بأسلوبٍ معاصر، أما الحلويات فقدمناها على شكل شجرةٍ تأكيداً على أهمية التشجير. وفي التجربة الثانية «الجذور»، اخترنا مزرعةً، ونظَّمنا فيها فعاليةً، حرصنا خلالها على نقل تراثنا الأصيل، وتعاونا فيها مع عائلةٍ سعوديةٍ لتقديم الطعام، وتمحورت فكرتها حول شجرةٍ، يزيد عمرها على 80 عاماً موجودة في الموقع، شكَّلت مصدر قصتنا للضيوف بالرابط بين جذورها الصامدة وتاريخ دولتنا العريقة، وصمَّمنا الطاولة بشكلٍ دائري حولها، ووضعنا عليها مفارشَ وزهوراً، تعكس تعافيها، وحكينا للوفد قصة هذه الشجرة وارتباطها بصمودنا في الماضي، وازدهارها دلالةً على حاضرنا الزاهر ومستقبلنا المشرق، إن شاء الله.
أما التجربة الثالثة فكانت مع الدكتور الفنان أحمد ماطر واخترنا نظرية الانعكاس لتقديمها، وجاءت فكرتها بأن عالمنا الخارجي مرآةٌ لعالمنا الداخلي، وكل ما نراه من تطورٍ في المدينة دلالةٌ على داخلٍ عظيمٍ عماده أبناء الوطن الغالي، وكل ما نختار رؤيته في الآخرين انعكاسٌ لما نحن عليه.
كيف تتمُّ عملية ترتيب وتنسيق المائدة لديكم؟
كل مشروعٍ، تُصمَّم له مائدةٌ خاصةٌ، تعكس فكرته، إضافةً إلى وجود تصاميم ثابتة، منها «تجربة المملكة»، التي تعكس الحضارات السعودية، و«تجربة الأعياد»، و«تجربة المواسم والفصول الأربعة». نحن نعتمد في عملنا على فهم المشروع وأهدافه وإمكاناته، ثم نزور الموقع، وبناءً على ذلك نصمِّم القصة التي نريد أن نحكيها في المناسبة، وبشكل عام نتميَّز بالفخامة المؤثرة.
بالنسبة للأطباق المحضَّرة، هل هي وصفاتٍ مبتكرة أم كلاسيكية؟
أميل للوصفات الكلاسيكية مع تقديمها بشكلٍ معاصرٍ، والمحافظة على تاريخ الطبق، ودمج الثقافات فيه.
كيف تطوِّرون خدمة الضيافة في شركتكم؟
بالنية الصافية، وإتقان عملنا، واستقطاب أفضل الأشخاص للتعاون معهم.
كيف يتم اختيار الموسيقى التي ترافق تنسيقاتكم في المناسبات؟
نعتمد في ذلك على نوع الرسالة المراد إيصالها، فالموسيقى مؤثرٌ مهمٌ في المناسبات.
تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع سيدة الأعمال البحرينية آمال المؤيد: الاستثمار المتنوع يحقق الأمان والاستمرارية
إدارة الأعمال والإعلام
درستِ في أميركا، كيف استفدتِ من تلك الفترة، وماذا تعلَّمتِ منها؟
درست بكالوريوس إدارة الأعمال والتسويق، والتحقت بمرحلة الماجستير في مجال تواصل الشركات والإعلام، لكنني لم أكمل بسبب ظروفٍ خاصة، وعدت وأسَّست شركةً متخصِّصةً في تصميم الهويات التجارية، وركزت فيها على تعزيز مكانة «البراند» المحلي في هذا المجال. واستفدت من خبرتي في مجال الإعلام في أساسيات التعامل مع المشروعات، وتقديم تصاميم مبدعة، غايتها التأثير إيجاباً في العملاء.
ما دور والدكِ، رحمه الله، فيما وصلتِ إليه اليوم؟
والدي رحمه الله أثَّر بي كثيراً، وله فضلٌ كبيرٌ فيما وصلت إليه، بعد الله تعالى. أبي كان رجلاً مؤمناً، وشخصاً ملتزماً في مجال شغفه، وصنع إنجازاتٍ كثيرة، وأمدَّني بالإبداع، وشجَّعني على المخاطرة والمثابرة وعدم الاستسلام، وغرس بي معتقداتٍ، تتمحور حول تطوير الذات.
بمَن تأثرتِ في عشق مجال الضيافة؟
تأثرت بديني الحنيف، فقصص حُسن الضيافة كثيرةٌ فيه، وتؤكد على تكريم الضيف، وهذا ما نجده في حضارتنا العربية الإسلامية، وفي عادات وتقاليد السعوديين، وهذا ما تربَّينا عليه، لكنني عملت على تطوير أساليب الضيافة باستحداث طرقٍ إبداعية.
ما أقوى عبارة تحفيزية وصلت لكم؟
كان عمر «دبيازة» ثلاثة أشهرٍ عندما أقمنا حفل عشاءٍ، حضرته الأميرة صيتة بنت عبد الله، التي أعجبت به، وقالت: «أنتم بدأتم من حيث انتهى الآخرون». هذه كانت أقوى عبارةٍ تحفيزيةٍ لنا، وبعد فترةٍ تواصلت معنا، وطلبت أحد منتجاتنا الشهيرة «تاور الجيلاتي» لتقديمه في حفل زواج ابنتها، وأعدُّ ذلك فرصتنا الذهبية للانتشار.
هل أسهمت هذه الخطوة في تعريف الطبقة المخملية بمنتجاتكم؟
نعم، الخطوة تعدُّ نقلةً نوعيةً، وضعتنا تحت الأضواء، وجعلتنا الشركة الرئيسة لخدمة المجتمعات والمناسبات الملكية. وهو ما جعلنا في حالة بحث دائم عن طرق التقديم المبدعة، وجودة الخدمة في عالم الضيافة.
أهدف إلى التوسع ونقل فكرة مشروعي لدول الخليج العربي والخوض في مجالات أخرى تحت مظلة الضيافة
الفتاة السعودية
هل تشجِّعين الفتاة السعودية على خوض العمل في المجال؟
نعم، وأنصحها بالتحرك فوراً فكل الفرص أصبحت متاحةً أمامها، كما أن المجال جديد ومميز، وتستطيع إثبات نفسها من خلاله...
تطرَّقتِ إلى الفرص، كيف تصفين ما تشهده المرأة السعودية من تمكينٍ حالياً؟
هي فرص كبيرة وكفيلة بتحرير الطاقة الكامنة في نفوس النساء السعوديات، ليسهمن إيجاباً في بناء مستقبل وطنهن..
ما النصيحة التي تقدِّمينها للفتاه السعودية؟
أقول لها: كوني صادقةً مع نفسكِ، وابحثي عن رسالتكِ في الحياة، واخلقي خدمةً نابعةً من شغفكِ وطموحكِ، تبنين بها وطنكِ.
ما الدول التي تأثرتِ بها في تنسيقكِ المناسبات؟
تأثرت كثيراً بالثقافة الأوروبية، خاصةً في الدقة بالتخصُّص، والالتزام بالمعايير، والحفاظ على النمط الكلاسيكي، وهذا ما نجده في المطبخ الفرنسي، الذي يعدُّ من أهم المطابخ لدي، وأحاول الدمج بينه وبين المطبخ السعودي عبر تقديم قائمة طعامٍ مشتركة، تضمُّ أصنافاً فرنسية بنكهاتٍ سعودية، أو عربية.
هل تحبين السفر؟
بل أعشقه، وأنقاد وراء مشاعري عند اختيار مدينةٍ لزيارتها، وتشدُّني الدول التي تمتلك حضارةً عريقةً، مثل الهند، وشرق آسيا، وأوروبا.
ما هواياتكِ الأخرى في الحياة؟
أحبُّ القراءة، وجمع الكتب والمطبوعات، وركوب الخيل، وكنت فارسةً فيما مضى، لكنني ابتعدت بعد دخول مجال عملي الجديد.
ما الألوان المفضَّلة لديكِ؟
الأبيض، الأسود، البيج، والرمادي.
أخيراً، ما مشروعاتكِ المستقبلية؟
أهدف إلى التوسُّع، ونقل فكرة مشروعي لدول الخليج العربي، والخوض في مجالاتٍ أخرى تحت مظلة الضيافة، مثل الفنادق والمطاعم.
تابعي معنا لقاء خاص مع الدكتورة هبة فلاتة الفائزة بأفضل بحث في مؤتمر الاتحاد الأوربي: المرأة السعودية سفيرة في جميع المجالات