وصول المرأة السعودية إلى العالمية، ومشاركتها في مختلف المحافل المهمة، وتصدر اسمها في وسائل الإعلام العربية والعالمية لم يكن محض صدفة، أو ضربة حظ بل هو نتيجة إصرار على النجاح، وتمسك بالحصول على المراتب المتقدمة، وثبات على التفوق والتميز.
وتعد منال الضويان إحدى السعوديات اللاتي حملن على عاتقهنّ تعريف العالم أجمع بالمرأة السعودية، وما تمتلكه من إمكانيات كبيرة ومميزة تؤهلها وبجدارة لأن تكون منافسة قوية في كافة المجالات، حيث نجحت الضويان بأن تكون ممثلة للمملكة العربية السعودية في الدورة الستين لمعرض الفنون الدولي - بينالي البندقية- والذي سيقام في الفترة من 20 أبريل إلى 24 نوفمبر.
نطقت الرمال فتحرك الصوت
يذكر أنّ الجناح السعودي في بينالي فينيسيا الدولي الستين سيقدم العمل الفني التركيبي متعدد الوسائط "نطقت الرمال فتحرك الصوت" لمنال الضويان، والذي تسلط من خلاله الضوء على حيوية مسيرة المرأة السعودية في فترة التطورات الثقافية العميقة الجارية حاليًّا، حيث جمعت الضويان ما بين الظواهر الصوتية والجيولوجية الصحراوية والأصوات النسائية المتآلفة في تعبير جماعي يفنّد المفاهيم الخاطئة عن المرأة السعودية.
ومن خلال النحت والصوت تروي الفنانة قصة تتجاوز الثقافات والجغرافيا، وتؤكد على الاستقلالية والتضامن بين النساء السعوديات والتي ستجد صدى في العالم.
وتركز الضويان على التقاليد القديمة والذكريات الجماعية ومكانة المرأة وتمثيلها.
يشار إلى أنه ولإعداد هذا العمل المخصص للجناح نظمت الفنانة سلسلة من ورش العمل في مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية، في الخُبر وجدة والرياض، وأقامت قنوات التواصل مع أكثر من ألف امرأة وفتاة سعودية، وشكّلت منبرًا لإيصال أصواتهن فرديًّا وجماعيًّا تجاه الصورة التي تروّجها وسائل الإعلام المحلية والعالمية عن المرأة السعودية.
ويتناغم هذا التعبير هنا مع عزيف الرمال الذي تصدره الكثبان في صحراء الربع الخالي عندما تتحرك فيقع الرمل بعضه على بعض. وقد سجّلت الضويان هدير الأرض هذا لتسخيره في إحداث عملية استبدال في عملها حيث صارت الرمال العازفة بمثابة الاستعارة التي ترمز إلى حبيبات الرمل الفردية الصغيرة التي تتفاعل وتندمج مع بعضها البعض لتشكّل هديرًا جماعيًّا.
ويستحوذ عمل "نطقت الرمال فتحرك الصوت" على مساحة الجناح من خلال الأصوات والمجسّمات، من حيث إنه يتّخذ هيكلية أهازيج الحرب كالعَرضة والدحّة التي كان يؤديها الرجال عادة متحلّقين حول "الحاشي" الواقف في وسطهم ليشحذ الهمم ويستنهضها. غير أن أصوات النساء السعوديات اللاتي يعلنّ عن أنفسهن من خلال الرسومات والكتابات والأغاني، هي التي تلعب هنا دور "الحاشي".
والزائر للجناح مدعوّ لشق طريقه عبر متاهة من المجسمات الضخمة المطبوعة بالشاشة الحريرية والشبيهة ببتلات وردة الصحراء، وهي صخور بلورية تتشكّل في الرمال ويمكن العثور عليها في الصحراء بالقرب من مسقط رأس الفنانة في الظهران.
وتعد مشاركة المملكة في بينالي البندقية هي رابع مشاركة للسعودية في بينالي الفنون، وثالث مشاركة فنية نسائية في الجناح.
بينالي البندقية
بينالي البندقية هي مؤسسة فنون إيطالية يقع مركزها في مدينة البندقية في إيطاليا تم تأسيسها في سنة 1895 وهي خاصة بدعم الفنون المعاصرة، حيث تقيم المهرجانات لعرض أعمال الفن المعاصر من الرسم والنقش والتصميم والنحت والموسيقى والرقص.
وفي 17 أبريل 2024 انطلق المعرض الفني الدولي الستين بعنوان Stranieri Ovunque "الأجانب في كل مكان"، ويضم المعرض 331 فنانًا وجماعة عاشوا أو يعيشون في 80 دولة.
منال الضويان ممثلة السعودية في بينالي البندقية
تُعد منال الضويان واحدة من أهم الفنانين المعاصرين السعوديين الذين يعملون على المستوى الدولي وتستخدم مختلف الوسائط الفنية كالتصوير الفوتوغرافي، والتسجيلات الصوتية، والمجسّمات، والتشارك الاجتماعي، وتتناول في أعمالها قضايا التقاليد، والذاكرة الجماعية، ومكانة المرأة، وتمثيلها وتُلقي نظرةً نقديةً على التحولات الثقافية والاجتماعية التي تشهدها المملكة، كما وتجوب في عملها عبر المساحات التي تتداخل فيها الأبعاد الشخصية والمجتمعية، مستكشفةً موضوعات الاختفاء والنسيان المتعمَّد والذاكرة الجماعية.
وتشتهر الضويان بأعمالها التركيبية التشاركية الاجتماعية، مثل عمل "في الهوا سوا" 2011م، وعمل "اسمي" 2012م، التي تُنشِئُها انطلاقاً من ورشات عملٍ تفتح قنوات التواصل بين آلاف النساء في المملكة، وتتناول قضايا العادات الاجتماعية المرتبطة بوضع المرأة في المملكة والمنطقة.
ولقِيَت أعمالُها على مدى مسيرتها الفنية الطويلة صدىً واسعاً لدى الجمهور من جميع أنحاء العالم، وكان لها أثر كبير في تعزيز الترابط والتفاعل والمشاركة.
ورغم أنها درست علوم الحاسوب، وحصلت على شهادة الماجستير بتفوق وعملت في شركة أرامكو، إلا أن شغفها وعشقها للفن جعلها تتفرغ بشكل كامل له، وتشارك في معارض محلية وعالمية مميزة. وقد اختارتها DIOR لتتعاون معها، وبالفعل كانت أول امرأة عربية تصمم حقائب لدار ديور العالمية.
تعرفي أكثر إلى منال الضويان: الفنانة البصريَّة منال الضويان:الفن مساحة تبحث في الأسئلة الصَّعبة