الشركات والمشروعات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، معرضة لمواجهة فترات من الركود الاقتصادي، تمثل تحدياً أمامها لتثبت قدرتها على الصمود والاستفادة من الفرص الخفية، والشركات الناجحة تبدأ في التخطيط للتعامل مع فترات الركود قبل الوقوع فيه.
يقول الخبراء إن هناك ما يسمى باستراتيجيات مقاومة الركود، ويعدها الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات المصرية، سمة أساسية لنجاح أي مشروع، كما فرق بين الركود الداخلي الذي قد تعاني منه الشركة نفسها والركود الاقتصادي الخارجي المرتبط بعوامل يصعب السيطرة عليها، لكن قدم النصائح للتكيف وتخطي الأزمات.
هل الشركات الصغيرة أكثر عرضة للأزمات؟
يجيب أستاذ الاقتصاد على هذا التساؤل المتكرر من قبل رواد الأعمال بـ نعم، ويقول لـ "سيدتي" "المشروعات الصغيرة أكثر عرضة للهزات الاقتصادية، لأنها عادة ما تقوم على رأس مال محدود، كما أن رائد الأعمال المبتدئ ليس لديه الخبرة الكافية للتعامل مع أزمات السوق".
لكن وفقًا لحديث الخبير الاقتصادي فهناك بعض النصائح تساعد رواد الأعمال على التعامل مع فترات الركود الاقتصادي، وهي طرق تتبعها الشركات الكبرى في مواجهة الأزمات.
استراتيجيات مواجهة الركود الاقتصادي
يقول الدكتور إيهاب الدسوقي إن الاستثمار بشكل عام له مخاطره، لكن تتوقف آثار هذه المخاطر حسب حجم رأس المال والخبرة وكذلك نوع النشاط التجاري نفسه، وأوضح عدة استراتيجيات من شأنها تخطي فترات الركود الاقتصادي، وهي:
خسارة السنوات الأولى
وهنا ينصح الدسوقي بضروة توقع أزمات المرحلة الأولى، ويقول "يقاس نجاح المشروع بالربحية، وهي قاعدة اقتصادية لا حياد عنها، غير أن الخبرة أثبتت أن الأزمات في المرحلة الأولى من المشروع متوقعة ويجب الصمود أمامها بتذليل العقبات وإيجاد الحلول حتى وإن تكبد المشروع بعض الخسائر في المراحل الأولى".
دراسة التعثرات
يشير أستاذ الاقتصاد إلى أن "ثمة شكلين من الركود، أحدهما داخلي، ومقصود به بعض التعثرات الداخلية التي يمكن التحكم فيها مثل خبرة العاملين، توفير بعض الاحتياجات اللوجيستية. أما النوع الثاني من الركود هو ذلك المرتبط بالعوامل الخارجية التي يصعب على رائد الأعمال تطويعها، مثل الركود الاقتصادي العالمي أو المحلي، أو تغير بعض السياسات الاقتصادية في الدولة التي تعيش فيها، مثل قوانين الضرائب أو تغير قيمة العملات".
دراسة الحلول المتاحة
يقول الدسوقي إن جزءاً من تقييم الركود واتخاذ القرارات يبدأ بدراسة الحلول وإمكانية توفيره، ويضرب المثال قائلًا "إذا كانت المواد الخام هي الأزمة مثلًا بسبب بعض تعثرات الاستيراد يجب دراسة البدائل المحلية وتأثيرها على المنتج النهائي". ويضيف "أما إذا كانت الشركة تعاني من نقص في بعض الكفاءات فعلى نفس المنوال يجب توفير العمالة المناسبة ودراسة تأثير ذلك على المصروفات و الربح".
خفض أو تقليل التكاليف غير الأساسية
المرور بفترات ركود وتراجع في الأرباح يتطلب إعادة دراسة المشهد ككل، فأي رائد أعمال في هذا الموقف بحاجة إلى إعادة توزيع الموارد، وهناك حلول مثل تأجير مكان بسعر أقل، أو تخفيض العمالة غير الضرورية، أو خفض أي تكاليف تكنولوجية غير لازمة للعمل.
جذب العملاء
في مراحل الركود يجب ابتكار طرق جديدة لجذب العملاء لأن هذا قد يكون سبيلاً للحل، تواصل مع عملائك الحاليين واسألهم عما يريدونه أو يحتاجونه منك. استمع إليهم ثم قدم لهم خدمة عملاء متميزة.
اتخاذ قرار الإغلاق، متى؟
يقول الدكتور إيهاب الدسوقي إن معيار النجاح لأي مشروع هو الربح، لذلك إذا استمرت الخسائر المادية رغم تجربة جميع الحلول فقد تكونون بحاجة إلى تغيير النشاط، لكن في الوقت عينه يجب عدم التسرع في هذا القرار لأن الركود والخسائر أمر طبيعي ويتطلب الأمر مرونة في إيجاد الحلول.
وشدد الدسوقي على أهمية النشاط الاقتصادي و المشروعات الصغيرة قائلًا: "إطلاق المشروعات الصغيرة يساعد على النمو الاقتصادي للمجتمع و للدول، لأن المشروعات الناجحة تعني تحقيق إيرادات ودفع ضرائب وتشغيل عمالة".
هل يمكن للشركات أن تنجح خلال فترة الركود الاقتصادي؟
وفقًا للخبير فإن الإجابة هي نعم، هناك العديد من الشركات التي بدأت خلال فترة الركود وحققت نمواً لافتاً رغم تراجع الاقتصاد العام، مثال على ذلك شركة ديزني العالمية انطلقت وقت الكساد الأعظم في أواخر عشرينيات القرن العشرين ورغم ذلك باتت واحدة من أهم الشركات على مستوى العالم. ويؤكد الدسوقي أن الأمر يعتمد على الصناعة التي تعمل بها، فهناك بالتأكيد صناعات من المرجح أن تخرج من الركود دون أضرار.
قد يهمكم أيضًا أن تتعرفوا إلى أهم أسرار نجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة