تُعتبر مرحلة تربية الأبناء من أهم الفترات التي تمرّ بها الأم؛ حيث تمثل كل مرحلة من مراحل حياتهم تجربة خاصة بالنسبة لها. مع مرور السنوات وتطور الحياة، يأتي وقت يغادر فيه الأبناء المنزل، سواء أكان ذلك بسبب الزواج أو السفر لتلقي العلم أو للعمل. هذا الانتقال قد يترك فراغاً كبيراً في حياة الأم؛ مما يؤثّر على صحتها النفسية والعاطفية.
في هذا المقال، سنتناول الأثر النفسي الذي قد يواجه الأم بعد مغادرة أبنائها المنزل، ونسلّط الضوء على الطرق التي تساهم في تحسين حالتها النفسية وتعزيز رفاهيتها، كما توضح الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي والبرمجة اللغوية العصبية والعلاج الإيحائي والعلاج بخط الزمن، أزنيف بولاطيان لـ«سيّدتي» في الآتي:
كيف تتأثر الأم بعد فراغ البيت من الأبناء؟
قد تتعرض الأم بعد فراغ منزلها من الأبناء، للآتي:
- الشعور بالفراغ العاطفي: عندما يغادر الأبناء المنزل، تشعر الأم بفراغ عاطفي كبير. الأبناء غالباً ما يمثلون محور حياتها، ويصبح تواجدهم جزءاً لا يتجزأ من روتينها اليومي. بعد مغادرتهم، قد تشعر الأم بأنها فقدت جزءاً من هويتها الشخصية، وهذا الشعور قد يؤدي إلى الحزن والاكتئاب.
- الشعور بالوحدة: غالباً ما تعاني الأمهات من الشعور بالوحدة بعد مغادرة الأبناء؛ خاصة إذا كانت العلاقة معهم قوية، وكانت تعتمد عليهم في تحقيق التوازن العاطفي. قد يتفاقم هذا الشعور إذا كان الزوج غائباً بسبب العمل أو انشغالات أخرى، أو إذا كانت الأم أرملة أو مطلقة.
- القلق على مستقبل الأبناء: عندما يغادر الأبناء المنزل، تظل الأم قلقة على سلامتهم ومستقبلهم. هل سيتخذون القرارات الصحيحة؟ هل سيواجهون تحديات كبيرة في حياتهم؟ هذا القلق المستمر يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في النوم وزيادة التوتر النفسي.
- الشعور بفقدان الهدف: تربية الأطفال كانت جزءاً كبيراً من حياة الأم، وكانت تشعر بأنها تلعب دوراً أساسياً في حياتهم. بعد مغادرتهم، قد تشعر بفقدان الهدف أو الدور الذي كانت تقوم به. يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور باللاجدوى وفقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية.
- اضطراب الهوية الشخصية: مع مغادرة الأبناء المنزل، قد تواجه الأم صعوبة في تحديد هويتها الشخصية بعيداً عن دور الأمومة. قد تحتاج إلى إعادة اكتشاف نفسها والتكيف مع نمط حياة جديد، وهذا يمكن أن يكون تحدياً نفسياً صعباً.
ما رأيكِ بالتعرّف إلى كيف أن أفكارنا تحدِّد مستقبلنا: علم النفس يشرح أهمية التفكير الإيجابي.
الطرق التي تساهم في تحسين الصحة النفسية للأم
- الاستعداد النفسي المسبق: من المهم أن تبدأ الأم في التحضير لهذه المرحلة قبل أن تحدث. يمكن أن يساعدها ذلك على تقبُّل التغيير بشكل أفضل. يمكن للأم أن تبدأ بتخصيص وقت لنفسها والانخراط في أنشطة جديدة قبل مغادرة الأبناء؛ مما يجعل الانتقال أسهل.
- التواصل المستمر مع الأبناء: رغم أن الأبناء قد يغادرون المنزل، إلا أن التواصل المستمر معهم يمكن أن يخفف من الشعور بالفراغ. يمكن للأم أن تستفيد من التكنولوجيا الحديثة مثل: المكالمات الهاتفية أو الفيديو؛ للبقاء على اتصال مع أبنائها بشكل منتظم.
- البحث عن أنشطة جديدة: من المهم أن تستغل الأم وقتها في ممارسة أنشطة جديدة تساعدها على ملء وقتها والشعور بالإنجاز. يمكن أن تتضمن هذه الأنشطة الهوايات القديمة التي أهملتها، أو الانضمام إلى نوادٍ أو مجموعات اجتماعية. يمكن للأم أيضاً أن تشارك في الأعمال التطوعية أو التعليمية لتشعر بأنها تقدم قيمة لمجتمعها.
- التركيز على الرعاية الذاتية: بعد سنوات من التركيز على الأبناء، يمكن للأم أن تستغل هذه المرحلة للتركيز على صحتها النفسية والجسدية. يمكن أن تبدأ بممارسة الرياضة بانتظام، اتباع نظام غذائي صحي، والانخراط في أنشطة الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل.
- التفكير في استكمال التعليم أو تطوير المهارات: قد تكون هذه الفرصة للأم للتركيز على تطوير ذاتها من خلال استكمال تعليمها أو تطوير مهارات جديدة. يمكن أن يكون التعلم فرصة لتوسيع آفاقها وزيادة ثقتها بنفسها.
- العلاج النفسي والدعم الاجتماعي: إذا كانت الأم تواجه صعوبة في التأقلم مع هذه المرحلة، قد يكون من المفيد اللجوء إلى العلاج النفسي أو الانضمام إلى مجموعات دعم للأمهات اللواتي يعانين من نفس التحديات. يمكن للعلاج النفسي أن يوفر للأم مساحة للتعبير عن مشاعرها، وتعلُّم إستراتيجيات التعامل مع المشاعر السلبية.
- إعادة اكتشاف العلاقة الزوجية: بعد مغادرة الأبناء، يمكن أن تكون هذه المرحلة فرصة للأم لتعزيز علاقتها مع زوجها. يمكنها استغلال الوقت لتجديد الروابط الزوجية والانخراط في أنشطة جديدة معاً؛ مما يعزز العلاقة ويمنحها دعماً عاطفياً إضافياً.
- التحلي بالصبر وتقبُّل التغيير: من المهم أن تدرك الأم أن هذه المرحلة هي جزء طبيعي من الحياة، وأن التغيير ليس دائماً سلبياً. يمكن أن تكون هذه الفترة فرصة للنموّ الشخصي وإعادة اكتشاف الذات. التقبُّل التدريجي لهذه المرحلة يساعد في تقليل التوتر، والشعور بالإيجابية تجاه المستقبل.
الخلاصة
مغادرة الأبناء للمنزل تمثل مرحلة حساسة في حياة الأم، وقد تؤدي إلى مشاعر معقدة تتراوح بين الفرح بنجاح الأبناء، والحزن على فقدان دورها اليومي كأم. من المهم أن تدرك الأم أن هذه المرحلة قد تكون فرصة جديدة لتطوُّرها الشخصي ولإعادة التركيز على ذاتها وصحتها النفسية.
من المفيد جداً متابعة أن السعي إلى الكمال والمثالية له تداعيات نفسية وِفق اختصاصية.
* ملاحظة من «سيّدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.