تخيل أنك تسير في سباق لا نهاية له، حيث تتغير القواعد كل يوم وتتضاعف العقبات دون إنذار. في عام 2024، واجه الموظفون تحديات غير مسبوقة وضعتهم أمام اختبارات حقيقية للمرونة والابتكار. كيف نجحوا في قلب الموازين وتحويل الأزمات إلى فرص ذهبية؟ ستجد الإجابة في الأسطر الآتية، بحسب ما أشار إليه الخبير في مجال التنمية البشرية، الصحفي إبراهيم السواحرة.
6 تحديات غيَّرت قواعد اللعبة في عام 2024:
الاستنزاف النفسي
ضغوط متراكمة، ساعات عمل طويلة، وتوقعات مرتفعة جعلت الإرهاق النفسي عنواناً يومياً لحياة كثير من الموظفين. فالشعور بالإجهاد المستمر أدى إلى انخفاض الإنتاجية وتراجع الأداء الوظيفي، إضافة إلى التأثير السلبي على الصحة العامة. لمواجهة هذا التحدي، أصبح من الضروري أن يتعلم الموظفون كيفية التعامل مع الضغوط من خلال تقسيم المهام إلى أهداف صغيرة قابلة للإنجاز، والتوقف عند إنجاز كل هدف للاحتفال ولو بشيء بسيط. الابتعاد عن تعدد المهام المتزامنة ساعد أيضاً في تقليل الشعور بالفوضى، مع أخذ فترات راحة قصيرة خلال اليوم لتصفية الذهن والعودة للعمل بحيوية أكبر.
اكتشف.. العمل مع الأصدقاء: فرصة أم مخاطرة؟ كيف تدير علاقتك في المكتب
التوازن المفقود
تداخل الحياة المهنية والشخصية أدى إلى إرباك كبير في حياة الموظفين، خاصة مع العمل عن بُعد الذي أزال الحدود الفاصلة بين وقت العمل والوقت الشخصي. وجد البعض أنفسهم يعملون لساعات متأخرة من المنزل على حساب حياتهم العائلية، مما زاد من شعورهم بالإجهاد وفقدان السيطرة على حياتهم. فالتغلب على هذا التحدي بدأ من خلال وضع حدود واضحة وصارمة، مثل تخصيص أوقات محددة لبداية العمل ونهايته. كما ساعدت العادات الصغيرة مثل إيقاف إشعارات البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل، وخلق روتين يومي يتيح وقتاً خاصاً للهوايات والراحة، في استعادة شعور التوازن وتحقيق الراحة النفسية المطلوبة.
مقاومة التغيير
إن التطور السريع في بيئات العمل أحدث صدمة لدى البعض، خاصة مع إدخال تقنيات جديدة تتطلب مهارات لم يمتلكها الجميع. الخوف من الفشل، أو الإحساس بعدم القدرة على مواكبة التحديثات، تسبب في إعاقة الكثيرين عن التقدم. تخطي هذا التحدي تطلب تغييراً في العقلية، حيث بدأ الموظفون بالنظر إلى التغيير على أنه فرصة بدلاً من كونه تهديداً. إدراك أن التكيف مهارة يمكن اكتسابها وليس موهبة فطرية ساعدهم في خوض تجربة التعلم المستمر، سواء عبر الاستفادة من الزملاء الأكثر خبرة، أو البحث عن طرق جديدة لاكتساب المعرفة بسرعة ودون ضغط.
غياب التحفيز
الروتين اليومي، والمهام المتكررة، وغياب التقدير كلها عوامل أدت إلى شعور الموظفين بفقدان الدافع نحو العمل. هذا التحدي كان من أصعب ما واجهه الكثيرون، حيث أصبحت فكرة الذهاب إلى العمل عبئاً نفسياً قبل أن يكون عبئاً جسدياً. الحل كان في إعادة اكتشاف الأهداف الحقيقية وراء المهام اليومية، ومحاولة ربط العمل بمفهوم أعمق مثل تحقيق النجاح الشخصي أو التأثير الإيجابي في الفريق أو المؤسسة. فالابتعاد عن المقارنات والتركيز على الإنجازات الصغيرة اليومية ساهم في إعادة إشعال الحماس، إلى جانب الاهتمام بالبحث عن مهام إضافية أو جوانب إبداعية تعيد للموظف شعور التميز والإنجاز.
غموض المستقبل
الأزمات الاقتصادية وتقلبات السوق خلقت حالة من عدم اليقين جعلت الكثيرين يشعرون بعدم الأمان الوظيفي، مع مخاوف من فقدان وظائفهم أو التراجع المهني. هذا الغموض دفع الموظفين إلى مواجهة الواقع بشجاعة من خلال بناء قدراتهم بشكل استباقي، والحرص على تطوير مهاراتهم لتصبح أكثر تنوعاً واستدامة. البعض لجأ إلى توسيع شبكة علاقاته المهنية وبناء روابط قوية توفر له فرصاً جديدة إذا ساءت الظروف، بينما اعتمد آخرون على البحث عن مصادر دخل إضافية لتقليل اعتمادهم الكامل على وظيفة واحدة. هذه التحركات منحتهم شعوراً بالأمان والسيطرة وسط التغيرات العنيفة.
ثقل الملاحظات
أصبحت بيئات العمل أكثر تنافسية من أي وقت مضى، مما أدى إلى زيادة النقد والملاحظات المباشرة على الأداء. هذا الأمر، وإن كان هدفه التحسين، إلا أنه ترك أثراً سلبياً على بعض الموظفين الذين شعروا بالإحباط وفقدان الثقة. تعلم كيفية تقبل الملاحظات دون أخذها بشكل شخصي كان من أبرز الحلول للتغلب على هذا التحدي. تعامل الموظفون مع النقد كفرصة للتطور، عبر التركيز على الجوانب البناءة فيه، وتجاهل ما هو غير واقعي أو مبالغ فيه. تعزيز مهارة الاستماع دون انفعال، والسؤال عن كيفية تحسين الأداء تحديداً، جعل من النقد أداة للتطور بدلاً من كونه عبئاً نفسياً.
انتبه، وتعلّم.. 6 إشارات تخبرك أنك مدير جيد دون أن تسمعها من فريقك
في الختام.. ومع نهاية هذا العام تبرز قصص الموظفين الذين واجهوا أصعب التحديات كدليل حي على أن الإرادة والمرونة تصنعان الفارق دائماً. بين الإرهاق النفسي وغموض المستقبل، أثبتت التجارب أن التحديات ليست سوى فرص متخفية تدعونا للابتكار وإعادة النظر في أولوياتنا. وأنت تستعد لعام جديد، اسأل نفسك: ما هي التحديات التي قد تواجهها؟ وكيف يمكنك تحويلها إلى خطوات نحو النجاح؟ تذكر أن كل عقبة تحمل درساً، وكل أزمة تفتح باباً جديداً، فقط إذا اخترت أن ترى الأمور من زاوية مختلفة. اجعل عامك القادم مساحة للتطور، ولا تخشَ مواجهة المجهول، فهو غالباً بداية لأفضل قصص النجاح.