سمراء مفعمة بالشجاعة.. تتقد بالتحدي وتنبض بالطموح، رغم فرارها من ثالوث الأمية والفقر والحرب، غير أنها عرفت كيف تحول معاناتها إلى مسار ساطع مهنياً وعلمياً وسياسياً، واليوم تعد أول صومالية تترشح إلى منصب رئيسة الدولة، إنها الناشطة السياسية الصامدة بشموخ فاطمة قاسم طيب، التي تعلمت الكتابة والقراءة في سن الـ14 ربيعاً، وبعد مغادرة وطنها تلقت تعليمها في أحسن جامعات العالم، حيث تحصلت على عدة شهادات مرموقة في الصحة والإدارة العامة.
جد وتحد
ولدت «فادومو دايب» أو فاطمة طيب كما كانت تلقب منتصف عقد السبعينات بـ«كينيا» وعاشت طفولة صعبة بالصومال، تجرعت مرارة الفقر وعلقم الأمية، وفي خضم العنف المسلح الذي نشب في الصومال في مطلع عشرية التسعينات، فرت رفقة عائلتها من الموت نحو فلندا وعمرها لم يتجاوز الـ14عاماً، فلم تكن تتقن لا القراءة ولا الكتابة.
واليوم تمكنت فاطمة بعد أزيد من ربع قرن من تغيير حياتها بشكل جعلها تتألق كناشطة في العملين الإنساني والسياسي، فهي تعيش في فنلندا مع زوجها وأطفالها الأربعة، وعملت مع الأمم المتحدة في مشاريع موجهة نحو الصومال، وفوق كل ذلك حائزة على شهادة الماجستير في علوم الإدارة من جامعة «يوفاسكولا» الفنلندية وتستعد حالياً للحصول على شهادة الدكتوراه، وبالموازاة مع ذلك تعكف على البحث في قضايا المرأة والأمن والسلام في الصومال.
تتطلع فاطمة كي تصبح أول امرأة تفتك منصب رئيسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2016، ليس في الصومال فقط، بل على مستوى القرن الإفريقي، ورغم صعوبة المهمة والتي تبدو مستحيلة لتسحق منافسيها من المرشحين الرجال، لكنها قررت اقتحام المغامرة، وتعول كثيراً على دعم الأكاديميين والنساء والنشطاء والشباب والطلاب وحتى السياسيين ورجال الدين، كونهم يعلقون عليها آمالاً كبيرة لصومال أفضل، وتوجد المرشحة للرئاسة الصومالية على يقين من أن خطوة الترشح بالنسبة لها تمثل قفزة حقيقية تفتح الباب، لتبوأ المرأة الصومالية مناصب هامة في هرم السلطة ومصدر اتخاذ القرار.
بطولة مؤثرة
والتزمت التركيز في حملتها الانتخابية على تعزيز مكانة المرأة في المجتمع الصومالي، وتنمية الشباب والدفاع عن حقوق الأقليات وتطوير التعليم، يذكر أنها قررت دخول معترك الاستحقاق الرئاسي كمرشحة مستقلة، ببرنامج يخصها، وحتى لا تحسب على التيارات السياسية.
ومن المواقف البطولية المؤثرة التي صنعتها فاطمة خلال عودتها إلى الصومال كموظفة في الأمم المتحدة، قامت بالتخلي عن عملها الذي كان يدر عليها راتباً معتبراً لـ«تنام على الأرض» مع ابنتها الرضيعة كسلوك مقاومة في ولاية «بونتلاند»، لتكون أول مواطن يشرع في بناء مراكز صحية عالية المستوى للتوعية والوقاية وكذا العلاج من داء نقص المناعة.